|
كتاب الفن والجمال والسلام والمحبة ..وقراءة منه وتأملا
|
الفاتح الزين حسـب الله كجيقلا
[email protected]
الرياض ـ المملكة العربية السعودية
بتاريخ الأربعاء الموافق 04/08/2004م
تمهيـــد :
منذ أن نشر لي مقالان بهذا الموقع …كان الأول بعنوان(من عجائب الأخبار عن جبال النوبة ومنطقة التماس)حيث أبرزت فيه التباين بين ولايتي شمال كردفان وجنوب كردفان …وكشفت فيه لأول مرة عن سر وجود حرف الكاف بشكل متكرر في مناطق جبال النوبة مثل(كاودا) و(كادوقلي)وفي أسماء مثل (كافي)و(كانيه)وفي رقصة(الكامبلة)وديانة(الكجور) …وكان المقال الثاني قد طاف بنا في رحلة تعريفية داخل مدينة(الدلنج)إحدى مدن جبال النوبة ومسقط رأس صاحب المقال لا أظنها مسبوقة بذلك النحو من التفصيل قبل أن يحكي لنا عن (قصة رؤية صالحة للنبي صلى الله عليه وسلم)دارت أحداثها بالمدينة…منذ ذلك الحين وأنا لا أزال أشعر بأنني مدين بالشكر الجزيل لموقع (سودانيز أونلين) بعد شكري لله …وكذلك للمهندس /بكري أبوبكر للجهد الذي بزله في إبراز هذا الموقع السوداني المميز إلى حيز الوجود .. لأنه لولا هذا الموقع الرائ! ع بعد الله…لما خرجت مقلاتي ليقرأها الناس في شتى أنحاء المعمورة و حيثما وجد الإنترنيت.
أما هذا المقال الذي نقدمه بإذن الله في جزئين …ويمثل إحدى ثمرات جهدنا الفكري عبر السنين…فإننا سنقدمه هكذا دون أن يكون لنا دعمً قانونيً يحمي حقوقنا الأدبية في الزمن الراهن…غير أن هذا لم نكن نعتبره حائلاً دون نشر أفكارنا الجديدة في مثل هذا الوقت الحرج من تاريخ السودان..لأن الأحداث باتت تجري بسرعة فائقة مما أجبرتنا على مجاراتها بالسرعة ذاتها ..لنكون قادرين على إغاثة الوطن الحبيب عند وقت الحاجة وعند ساعة الإستغاثة …وطالما الأمر كذلك فقد توكلنا على الله في هذا …واضعين أفكارنا الجديدة أمانة على عنق كل قارئ أمين …ليكون لنا شاهداً عندما يتطلب الأمر شهوداً ...ومن أراد أن يبدي إستعداده على المستوى الشخصي فليكتب لي رسالة قصيرة بهذا الشأن يرسلها إلى عنواني البريدي الإلكتروني الموضح بأعلى المقال أو إلى عنواني البريدي الثاني المفضل عندي في مثل هذه الحالة وهو [email protected] مع الإنتباه إلى الإختلاف في تهجئة! الإسم… مع العلم أن إفكارنا التي نقدمها ليست بالضرورة أن تكون معبرةً عن رأي أي حزب سياسي …لأن (الفكر الفردي الحر )في نظرنا شيء …و(البيانات الحزبية) التي يتفق علي إعلانها مجموعة من الناس شيء آخر.
وقبل الدخول في موضوع المقال …أعلم أيها القارئ الكريم ..إنه لا فائدة أيضا من مقالنا هذا ولا في إجتهادنا الفكري عبر السنين حتى ولو أعجبك طرحه …إن كنت أنت أحد القادة (السياسيين في بلادي ) أو احد(صناع القرار) فيه ..وقرأت هذا المقال ولكنك لم تحرك ساكنا أو تسعى للعمل من أجل تحقيق هدف من أهدافه …أو كنت أنت شخصاً عادياً مثلي مغلوباً على أمره …ولكنك أكتفيت فقط بقراءته من أجل التسلية كما يفعل الكثيرون في هذا الزمان أمام شاشة الإنترنيت…وفاتك أن تقوم أنت ..أنت .. شخصياً و(في الوقت المناسب)بدعوة أحد القادة السياسيين في الخارج أو شخصا دبلوماسيا مهما من رجالات الدولة أنت تعرفه ..لقراءة هذا المقال ..سواء أن كانت دعوتك له عن طريق هاتفه الجوال أو عن طريق بريده الإلكترون! ي…فمن يدري لعل في إمكان هذا الشخص الفاعل بما وهبه الله من وسائل التأثير والتغيير …أن يحدث تغييراً إيجابياً في مستقبل بلادنا الحبيبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الفن والجمال والسلام والمحبة ..وقراءة منه وتأملات ..من قمة جبل مـرة (الجزء 1 من 2)
في هذا العصر العجيب …الرجلان الأسودان المرموقان يزوران السودان …إنهما (كوفي عنان) الأمين العام للأمم …و(كولن باول) وزير خارجية أقوى دولة في العالم …يزوران(رجل أفريقيا المريض)كما وصف هذا الوطن المثقفون القدامى …ومن يدري ؟ ربما لهذا السبب أصبح السودان في أذهان جميع السودانيين وطناً (مذكرا)ويشعرون بالإمتعاض وبغرابة التعبير في القنوات العربية إذا ذكر السودان مؤنثاً كأغلب دول العالم …إذن إنهما يتفقدان أحوال هذا الرجل المريض ويضعان يديهما على قلبه(الخرطوم)…حيث وجدوا هناك الدم (المؤكسد ـ بحرف الدال)المشبع بثاني أكسيد الكربون يجري منه نهراً وشرياناً إسمه (الأزرق العاتي) …والدم (المؤكسج ـ بحرف الجيم)المشبع بالأكسجين النقي يجري منه كذلك نهراً وشرياناً إسمه(النيل الأبيض) …ثم أمسكوا بيده اليمنى وهي(دارفور)…وهناك تحسسوا النبض الحقيقي للوطن ووجدوا في التو موطن الداء …فخرجت منهما (روشتة) الطبيب المعالج Prescription Medical على عجل مثلما تحدث في حالات الطوارئ في المستشفيات وهي تقول : (إنزعوا أسلحة الجنجويد في دارفورّ! ..إنزعوها بسرعة قبل فوات الأوان! )…هكذا قالوها للنظام الحاكم في الخرطوم …ثم ما هي إلا أياما قليلة بعد ذلك حتى جاءت دعوة " كوفي عنان " إلى قيام (ثورة خضراء) في أفريقيا …واختلطت الدعوة فيما بعد بتلويحات وتهديدات منه ومن دول كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا بفرض عقوبات على السودان …ثم خبر آخر أتى بسرعة مزهلة وهو إنعقاد مجلس الأمن للبت في القرار الأمريكي حول أزمة دارفور..أتى القرار من أروقة مجلس الأمن يقضي بخلوه من فرض عقوبات على السودان ولكن يعطى للحكومة السودانية مهلة قدرها شهرا واحداً ربما إنتهت بحلول الفاتح من سبتمبر المقبل لنزع أسحلة الجانجويد …وفي حالة الإخفاق فإن إحتمال فرض عقوبات على السودان سيصبح أمرا واقعا.
..ماذا جرى ويجري للسودان في عصرنا هذا ؟ …ما الذي سندركه من تلك المشاهد التي عرضت لنا بشتى وسائل الإعلام المقروءة منها والمرئية والمسموعة ؟ هل بدأت نبوءة قائد ثورة الفاتح من سبتمبر تتحقق؟ بعد أن قال في كتابه الأخضر (إن السود سيسودون العالم)؟…وقد علل ذلك فيما معناه ..أن كل الشعوب الأخرى قد نالت حظها من الدعاية الحضارية لذاتها عبر القرون .. ما عدا السود ..وبأن الفقر والجهل وعدم قدرة الأفارقة على إتباع الإساليب المعاصرة في تحديد النسل سوف يلعبان دورا إيجابيا هاما في ولادة حضارتهم مستقبلا!؟… أم أنها نبوءة العالم الأوربي الشهير " آرنولد تويبني " عندما ذهب إلى القول أيام كانت الحرب في الجنوب مازالت في بداياتها : (إن إحلال السلام في جنوب السودان.. لا يعنى إحلال السلام في السودان وحده فحسب ، ولكنه يعنى أيضاً إحلال السلام في العالم أجمع)! جاء قول " توينبي" في كتاب(مشكلة جنوب السودان)للبروفيسور" عمر محمد بشير" رحمه الله …أم أن الأمر لا يعدو كونه مؤامرة خبيثة بدأت تحاك ضد السودان كما أبدى تشككه في ذلك وزير الخارجية السودا! ني؟…هل نحن في آخر الزمان ؟ هل نحن في آخر الزمان الذي يهبط فيه المسيح .. فيضع (الجزية) ويكسر (الصليب)؟ …ثم ويملأ الدنياً (عدلا وسلاما) بعد أن مُلئت (ظلماً وجوراً) ؟هل سيكون هو المسيح بلحمه ودمه كما ذهب إلى تفسير ذلك بعض العلماء ؟ أم سيكون بصورة ثقافة عارمة أشبه بالثقافة أو الحضارة القادمة من الغرب أو ما يسمى اليوم (العولمة Globalization )أو(الأمركة Americanization) كما ذهب البعض الآخر في تفسير ذلك ؟ أم أنها ببساطة حضارة الإنسان على كوكب الأرض قد بدأت اليوم تنتكس؟
ثم هل تفكر أحدكم ملياً وأطلق العنان للتفكير والتأمل؟ …في مغزى تزامن الجهود المبذولة لإحلال السلام في السودان … مع أحداث أخرى غريبة حدثت ولم تزل تحدث في أماكن شتى في العالم من حولنا ؟ أحداث غريبة في بلاد الرافدين …أحداث غريبة في بلاد الحرمين الشريفين …إنفجارات يقدم فيها أصحابها النفس رخيصة حول القدس …ثم طائرة الأباتشى تلتقط الزعماء واحداً تلو آخر تلاه إنشغال الفلسطينيين بأنفسهم بدلا من الإنشغال بالعدو ..ثم ذلك التهديد الغريب والمثير للتفكر بإزالة المسجد الأقصى تماماً من حيز الوجود .. ويا ترى هل وجد (أولوا الألباب) في القرن الحادي والعشرين .. إجابات شافية على أسئلة كانت تحيرتهم ردحاً طويلاً من الزمان ؟ هل وجدوا تلك الإجابات في طريقة معالجة السودانيين لمشكلتهم المزمنة بجلوسهم للمفاوضات بعد حرب طويلة في جنوبه الحبيب …حسبوها فقط من تاريخ ولادة الحركة الشعبية بقيادة/جون قرنق بجنوب السودان عام 1983م فوصفوها بأطول حروب أفريقيا ؟…تلك الحربُ اللعينة التي إذا تفحصناها جيداً من جهة الشمال الحكومي لوجدنا فيها بصمة (القاعدة! ) ولمسة زعيمها(أسامة بن لادن) قبل خروجه من السودان إلى أفغانستان وحيث لاحقته هناك الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر …وهي حرب أيضاً إذا تفحصناها جيداً من جهة الجنوب وحيث الحركة الشعبية لتحرير السودان …فلربما وجدنا فيها بصمة أخرى من البصمات …تعيد إلى الأذهان ذكريات الحروب الصليبية في الماضي من جراء الغموض في تفسير معنى كلمة(حملة Campaign)التي أطلقها الرئيس الأمريكي " جورج بوش" بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
ثم أننا قد سمعنا مراراً وتكراراً عن (حوار الحضارات ) …سمعنا عنه في أماكن شتى من العالم …سمعنا عنه في خطاب الرئيس الإيراني (خاتمي) لما زار لبنان أيام كانت القنابل العنقودية لم تزل تسقط على (بغداد) …وأيام كان البعض يهمس في آذان بعضهم في الشرق الأوسط قائلين : (سوريا) هي التالية…سمعنا عنه وعن ندواتها الشهيرة في بريطانيا وغيرها …وحيث رأينا فيها (علماء الغرب) يجلسون جنباً إلى جنب مع (علماء الشرق) …كما رأينا(الفقيه)العالم يبتسم في وجه (القسيس)المسالم …وسمعنا …وسمعنا …وسمعنا ! …بل أننا سمعنا أيضاً بالأمس القريب وشهدنا بأم أعيننا على الشاشة الفضائية السودانية مؤتمراً جامعاً ضم علماء من شتى الدول العربية والإسلامية إسمه (الإسلام والغرب )وإتخذ الخرطوم مكاناً لإنعقاده …ولكن أين ياترى النتيجة الملموسة من وراء كل هذه الندوات والمحاضرات والمؤتمرات ؟ أين هي الإنجازات الملموسة والمؤثرة على العالمين الغربي والشرقي ؟هل يريدون فعلاً تقديم شيء جديد للعالم أم ماذا يريدون ؟ هل يذكر أحد منا إنجازات ملموسة من هذا القبيل ؟ الكثيرون قد يقولون لك لا شيء …لأنه لم يحدث في الحقيقة أي تغيير لا في الغرب ولا في الشرق …التغيير الوحيد هو حدوث الهرج والموت الكثير في كل مكان من الأرض…غير أن الذي لم نسمعه ويبغي أن نسمعه…هو أن حوار الحضارات الحقيقي في (العالم أجمع)من وجهة نظرنا نحن… هو حوار الحضارات الذي تم بنحو جاد بين (الحركة الشعبية لتحرير السودان)بزعامة العقيد الدكتور/جون قرنق … وبين(حكومة الإنقاذ الوطني)التي ترأس وفدها للمفاوضات الأستاذ/على عثمان محمد طه…وكانت النتائج ملموسة وبارزة للعيان …والدليل على ذلك أن هذا الحوار قد خرج فعلاً بإتفاقيات مكتوبة على الأوراق وممهورة على صفحات التاريخ السوداني المرتقب … تلك الإنجازات قد تمثلت في التوصل إلى سلسلة من الإتفاقيات هي الإتفاقية الأمنية الإطارية الأولى بين الحكومة والحركة) …(إلإتفاقية الخاصة بقسمة الثروة) …(الإتفاق حول وضع العاصمة القومية الخرطوم بإعتبارها عاصمة قومية تضم المسلمين وغير المسلمين)وهناك أيضاً(بروتوكولات نيفاشا الستة لقسمة السلطة في مناطق جبال النوبة والأنقسنا).
ورغم وجود أقوال التشاؤم بين بعض الناس حول ما جرى في ميشاكوس ونيفاشا من إتفاقيات …إلا أنني لا أزال أعتبر نفسي أحد المتفائلين بشأنها … وهو التفاؤل الذي قادني إلى كتابة مثل هذا المقال الذي أضعه بين أيديكم لعلي أسهم به في مجال رسم أجزاء هامة من ملامح (السودان الجديد)…فمن مسودة كتابنا (سنن تزاوج الأشياء في الطبيعة والكون) وهي المسودة التي نتوق ونحلم بأن يوفقنا الله في تقديمها في أقرب وقت ممكن إلى وزارة الثقافة والإعلام السودانية للحصول لطباعته ونشره في وطن عرف شعبه بحب القراءة .
فمن هذا الكتاب نقتبس هذا الطرح الفكري الجديد الذي تجدونه هنا لأول مرة ونخصصه للإسهام في حل قضية(دارفور) الذي هو في الحقيقة واحدة من القضايا العديدة التي يناقشها الكتاب …منها قضية (التعليم) في ظل السودان الجديد وكذلك(قضية المرأة) .. فإلى الجزء الذي يهمنا الآن.
حكمة قرآنية شـاملة ..كليـّة القدرة :
أعلم أيها القارئ الكريم …أن الله تعالى قد خلق (الأشياء جميعا)في هذه الدنيا والكون من حولنا …على هيئة (زوجين أثنين) …لكل زوج من الزوجين خصائصه التي تميزه عن الآخر .. نعم! سواء أن كانت هذه الأشياء أحياء أو جمادات …سواء أن كانت هذه الأشياء ملموسة بأيدينا أو غير ملموسة …بل سواء أن كانت هذه الأشياء أيضاً معلومة لدينا أو غير معلومة …فهي في كل الأحوال مخلوقة على هيئة زوجين (أثنين)وكذلك(متباينين) …الفرق بينهما كالفرق بين (آدم) و(حواء) …كالفرق بين (الليل) و(النهار).. وكالفرق أيضاً بين (الثور الهائج) و(البقرة الذلول)!
أما برهاننا على ذلك فنأخذه من (القرآن الكريم) ومن (السنة المحمدية الشريفة) حيث قال تعالى في سورة الذاريات: [ ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذّكرون] [ الآية 49]. وقال تعالى أيضاً في سورة يس [ سُبحان الذي خلق الأزواج كُلّها مما تُنبتُ الأرضُ ومن أنفسهم وممّا لا يعلمون] [الآية 36]
ولا أظن أن إقحامي للقرآن الكريم والسنة في حديثي هذا يحتاج منى إلى تقديم شهادات رفيعة المستوى في علوم الفقه والتفسير .. أو أرسل ضمن هذا المقال صورة فوتوغرافية حديثة أطلق فيها لحيتي وأضع فوق رأسي عمامة رغم ما في هذا من خير …لأن من الفقهاء المسلمين القدامى من قام بتفسير تلك الآيات أحسن تفسير …فكان من هؤلاء العالم العلامة "ابن كثير القرشي الدمشقي" في مجلده "تفسير القرآن العظيم" حيث قال في تفسير معنى [ وممّا لا يعلمون ] الآية : أي من مخلوقات كثيرة شتى لا يعرفونها ، واستدل على هذا المعنى بقوله تعالى : [ ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذّكرون ] [ الذاريات الآية 49]…ثم ضرب لنا "ابن كثير " أمثلة عديدة لشرح لتوضيح المعنى أكثر فأكثر قائلاً: ( أي جميع المخلوقات أزواج : سماءٌ وأرضٌ ، وليلٌ و نهارٌ ، وشمسٌ وقمرٌ ، وبرّ و بحرٌ ، وضياءٌ وظلامٌ ، وإيمان و كُفر ، و موتٌ وحياةُ ، وشقاءٌ و سعادةُ ، وجنّةٌ ونارٌ ، حتى الحيواناتُ والنباتات ) – والقول مازال لإبن كثير – ولهذا قال: [ لعلّكم تذ! كّرون ] أي: لتعلموا أن الخالق واحد لا شريك له.
ولكن هل اقتصرت مخلوقات الله عند هذا الحد ؟ …كلا بالطبع .. لقد تفكرت أنا على الصعيد الشخصي في معنى هاتين الآيتين أكثر من (عشرين سنة) من الزمان …ولكأني قد عثرت بعدها على كنز من الحكمة …حكمة كونية عظيمة تكاد تحكي عن تفاصيلها تلك الأمثلة التي أوردها فيما يلي:
فصل(الصيف)الحار …وفصل(الشتاء) البارد.
معدن(الذهب)النفيس…ومعدن(الفضة).
(القرية) الهادئة التي يهتدي أهلها بضوء القمر …و(المدينة) الصاخبة التي تضاء طرقاتها بالأنوار الكهربائية.
السلك الكهربائي (الموجب)المغطى بالمطاط الأسود …والسلك الكهربائي (السالب)المغطى بالمطاط الأحمر.
فريقا(الهلال) و(المريخ)الرياضيان لكرة القدم في السودان …وكذلك فريقا(الأهلي) و(الزمالك)الرياضيان في جمهورية مصر العربية.
(الحزب الجمهوري)في الولايات المتحدة الأمريكية …و(الحزب الديمقراطي).
الحزبان السياسيان الكبيران الأقدمان في السودان …(حزب الأمة)السوداني … و(الحزب الإتحادي الديموقراطي)كأول حزبين ظهرا مباشرة وفي وقت واحد بعد إستقلال السودان.
حزب (العمال)في بريطانيا …وحزب (المحافظين).
النظام الإقتصادي(الإشتراكي)في الصين الشعبية أوالإتحاد السوفيتي سابقاً …والنظام(الرأسمالي) في الولايات المتحدة الأمريكية.
طبقة العمال الكادحين(البروليتاريا)في فكر "لينين"و"كارل ماركس"…والطبقة(البرجوازية).
(الديموقراطية)الغربية..ونظام(الشورى)الإسلامي.
حلف(وارسو)…وحلف(الناتو).
(الجيش)و(الشرطة).
التعليم (الفني)المهني في المعاهد العليا …والتعليم (النظري)في الجامعات.
وقود(البنزين) …و(الجازولين) …عند محطات التزود للسيارات.
السيارات (الحديثة) …والسيارات(الكلاسيكية)الباهظة الثمن.
الكواكب التي تعكس ضوء الشمس(كالقمر) … والنجوم ذاتية الضياء(كالشمس).
(العرض) و(الطلب) في علم الإقتصاد.
(المبيعات)..و(المشتروات)في عالم التجارة.
(الدائن)Creditor …و(المدين) Debtor في علم المحاسبة.
الأفارقة (السود) …والأوربيين (البيض).
(اللغة العربية) التي تكتب من اليمين إلى اليسار …و(اللغة الإنجليزية الأعجمية)التي تكتب من اليسار إلى اليمين.
الصحيحان الشهيران(البخاري)…و(مسـلم) في الحديث النبوي الشريف.
ينقسم الكتاب المقدس عند اليهود إلى قسمين هما(التوراة) و(التلمود)الذي يقال أن اليهود كتبوه بأيديهم.
ينقسم الكتاب المقدس (The Bible) عند المسيحيين إلى قسمين هما(العهد قديم )وهو كتاب التوراة نفسه…ثم(العهد الجديد) وهو الإنجيل.
كما ينقسم القرآن الكريم أيضاً إلى قسمين هما (القرآن المكي) الذي نزلت آياته في مكة المكرمة…و(القرآن المدني) الذي نزلت آياته في المدينة المنورة.
(القطب الشمالي) في الكرة الأرضية …و(القطب الجنوبي) اللذان تعرف إتجاههما آلة البوصلة!.
(عالم الشمال) المتقدم …و(عالم الجنوب) المتأخر .
أفريقيا (الصحراء) …وأفريقيا (الأدغال) .
شمال (السودان) الآمن نسبيا …وجنوب (السودان) حيث كانت أطول حروب أفريقيا.
شمال السودان حيث أشجار النخيل العربية … وجنوب السودان حيث الأشجار الاستوائية.
شمال السودان حيث (الشعر الناعم) و(البشرة القمحية)من ناحية …وجنوب السودان حيث (الشعر " القرقدي " الخشن) مثل شعري و(البشرة السوداء كالأبنوس)من الناحية الأخرى …وحري بنا أن نذكر …أن الذي قدمناه من مثال …إنما نقدمه من أجل التفاكر والتفكر في آيات الله لقوله تعالى : ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين [الروم الآية 22] وقد جاءت كلمة (للعالمين)هذه بكسر اللام …خاصة وأنه قلما نجد من يتناول موضوعا كهذا دون أن تظهر في كلماته وبين السطور التي يكتبها شيئاً من (العنصرية) البغيضة التي يعاني منها الكثيرون في العالم …ليدسها دس السم في الطعام …والناس(عند الله) سواسية.
(حكومة الإنقاذ والوطني) في الشمال ..و(الحركة الشعبية لتحرير السودان) في الجنوب.
الرعاة(الجانجويد)في (اصحراء) دارفور شمال جبل مرة…والمزارعون(الفور)الأفارقة في (السافنا)الغنية جنوب جبل مرة .
بعض (القبائل العربية في شمال وغرب ولاية كردفان ) التي أتهمت في عهد " برمة ناصر " في حقبة الثمانينات بالتسلح الشبيه بتسلح(الجانجويد)الآن في دارفور …كان البعض يرى أن ما حدث في كردفان كان من أجل الدفاع عن النفس من هجمات المتمردين …والبعض الآخر لا يرى في ذلك إلا خطة خبيثة لإحداث تطهير عرقي لقبائل (جبال النوبة في ولاية جنوب كردفان).
(وفي كتابنا ـ سنن تزاوج الأشياء ـ المزيد من الأمثلة)،،،
إن الفرق بين مصطلح(الثنائية)المتعارف عليه في السابق ومصطلح(التزاوج)الذي نأتي به هنا لأول مرة هو أن المصطلح الأول جامد ومجرّد من الحياة والحركة و يعنى فقط (عددا)عند أكثر المفكرين وجود شيئين من أصل واحد كوجود لغتين مثلاً عندما يتعلق الأمر باللغة …أما مصطلح (التزاوج) فهو تعبير (قرآني) أكثر حكمة وأكثر دراية بأسرار المخلوقات في الطبيعة والكون …لذلك تجدونا في كتابنا (سنن تزاوج الأشياء في الطبيعة والكون)قد أتينا بتفاصيل أوفي ومصطلحات أخرى جديدة ولكن مؤيدة بالآيات القرآنية ..ولكن لا يسعنا المجال لشرحها هنا جميعا …غير أن منها (التنافر)و(التجاذب)و(التوالد)و(النسبية)و(هرمونات الجلال والجمال)وغيرها … فمصطلح (التزاوج) يعطى معناً آخراً أكثر عمقاً نرى من خلاله الأشياء (تتحرك) و(تتعانق) و(تتزاوج) وكذلك(تتوالد)مثلها ومثل أي مخلوق حي من مخلوقات الله في الأرض …هذا على الرغم ما ي! بدو علي العنصرين في بعض الأحيان من تناقض وتنافر ظاهرين يصعب على الكثيرين تصور قيام محبة بينهما …ومثال ذلك الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في الزمن الراهن ضد ما أسمته (الإرهاب) …فإننا نراها حربا تحمل داخلها بذور (المحبة)والسلام بقدر ما تحملها من بذور الكراهية وروح الإنتقام …وما الأحداث المرعبة وكثرة الإقتتال التي نشهدها كل يوم في بغداد والقدس …إلا وسيلة من الوسائل الجادة للتعارف بين الحضارتين الشرقية والغربية …والأمر أشبه بأول شجار يحدث بين عروسين حديثي الزواج بعد إنقضاء شهر العسل…وقلما يخلو بيت من الشجار وسوء التفاهم بين الزوجين …غير أن هذا الشجار إذا نظرنا إليه نظرة عقلانية لوجدناه يلعب دوراً طبيعيا في تعريف الزوجين تعريفا حقيقيا ببعضهما البعض بعيدا عن العواطف ..فيبدأ كل منهما التعرف على مزاج الطرف الآخر وعلى طبائع الطرف الآخر مما يؤدي إلى إستقرار الحياة الزوجية …إلا من أبى من الأزواج وفضل الطلاق …وأبغض الحلال إلى الله.
وهكذا أيضاً الحرب العالمية الرابعة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في الزمن الراهن …والتي وصفها الرئيس الأمريكي " بوش " بأنها "الحرب الحضارية " و بأنها " حرب الشعوب الحرة المتحضرة " ضد ما نستنتجه ضمنيا(الشعوب المقيدة والمتخلفة) …غير أن هنالك دوما خيط رفيع بين معنى كلمة أن يكون الشخص(متخلفا) وأن يكون (محافظا)…وبين أن يكون (فاجراً)أو(متحررا)…وكذلك بين أن يكون الرجل(جبانا)أو يكون(عاقلا)غير متهور,
إن الدينمو المحرك لهذه الحرب في نظرنا هو جهل الطرفين ببعضها البعض ..وربما كذلك عدم وجود الإحترام المتبادل بينهما …فنحن في الشرق نجهل و نكاد لا نقيم وزنا وإحتراما مناسبا للقدرة العلمية التي وهبها الله للولايات المتحدة الأمريكية .. فمشى من جرائها الإنسان مشياً بقدميه على(سطح القمر) …وعملت حواسيبها الفائقة السرعة والقادرة على إجراء مليون عملية حسابية معقدة في الثانية الواحدة …بلا توقف شهرا تلو شهر فتمكنت من إكتشاف أمر عظيم عظمة صعود الإنسان إلى القمر وهو إكتشاف (الخارطة الجينية )للإنسان …فأصبح علماؤها قاب قوسين أو أدنى من القول بأنهم تمكنوا بالعلم …ثم بالعلم ..ثم بالعلم بعد مشيئة الله…من معرفة الكيفية التي يصورنا الله بها في الأرحام!
وكذلك الغرب الذي نجده أيضاً يجهل (الحضارة العربية الإسلامية) ويكاد لا يقيم وزنا أو يكن إحتراما مناسبا لمعنى أن يكون القرآن الكريم هو كلام الله …وأن محمدا عبد الله ورسوله وليس عبقريا فاق العباقرة ذكاءا وفطنة ..كما إعتبرته فئة في الولايات المتحدة الأمريكية فنصبت له تمثالاً كتمثال لينين.
لقد أدى سوء التفاهم بين الطرفين إلى أن يسعى كل طرف بما لديه من قوة وإمكانات قد تصل إلى حد إمكانية إستخدام أسلحة الدمار الشامل …لتدمير الطرف الآخر تدميرا تاما وإذالته من حيز الوجود إذا أمكن ذلك…غير أن هذا الذي يحدث هو مجرد وهم يتوهمه الطرفان في نظرنا…لأنه لن يكون هناك نصر دائم ولا هزيمة دائمة لأي من الطرفين إلى يوم الدين…طالما أن أحدهما ظل يمثل حضارة (العلم)على أكمل وجه .. والآخر يمثل حضارة(الدين)على أكمل وجه …وإن لم تصدقوني في هذا… فهل رأيتهم في هذه الدنيا (شمسا)ً بلا (قمر) ؟ …و(ليلا) بلا (نهار) ؟ …و(رجالا)ً أسوياء يعيشون العمر كله سعداء بلا(نساء)؟
إذن فكلتاهما(الحضارة الغربية) و(الحضارة الشرقية) هما من وجهة نظرنا الفكرية …زوجان من الأزواج العديدة التي أوجدها الله في الطبيعة …وعنصران مهمان لا بد من بقائهما معاً جنباً إلى جنب وإلى أن يرث الله الأرض وقيام الساعة كما ذكرنا…غير أن الذي يهمنا أكثر في هذا الجزء الأول من المقال والذي سيقودنا لاحقا إلى تقديم حل فكري للمشكلة القائمة وهي مشكلة دارفور والسودان كله…هو التمهيد للكشف عن عنصر(ثالث)آخر أوجده الله تعالى في الطبيعة أيضاً…وهو في الحقيقة عنصر مثير للجدل في الرسالة التي يقوم بها في الطبيعة وكذلك في أوساط المفكرين والباحثين خاصة في الوطن العربي والإسلامي حيث نجد إختلاف العلماء في تفسيرهم أو فهمهم له وقد أطلقنا على هذا في كتابنا مصطلح (العنصر الحيادي الثالث).
أن مصطلح (الوسطية الإسلامية) ما هو في نظرنا إلا محاولة من قبل فقهاء الإسلام للوصول إلى فهم لهذا (العنصر الحيادي الثالث) الموجود أصلا في الطبيعة …غير أننا لا نرى أن أحداً قد أفلح في التوصل إلى حقيقة هذا العنصر الغامض …لأنهم إذا أفلحوا في ذلك لكانوا قد إستطاعوا التوصل إلى حل لكل قضاياهم الحضارية المعاصرة …بل أنهم بهذا الفهم القاصر للعنصر الحيادي الثالث …جعلوا الفكر الإسلامي يبدو عاجزا عن حل قضايا ذات طابع عالمي خارج حدود بلاد المسلمين…وإن كنت سوف أستهشد بشيء في حكمي هذا …فإنني سأستشهد بإختلاف الرأي بين مناضلين من أبناء جلدتي في جبال النوبة حول مفهوم (الوسطية)هما (نور)و(منير).
أما " نور " فهي المناضلة " نور تاور كافي " التي لا أعرفها من قبل ولا تعرفني معرفة شخصية …سوى أنني قد تعرفت عليها من خلال مقالاتها الساخنة الثائرة التي تكتبها في الصحف منذ أمد بعيد …وهي المقالات التي جعلتني أشعر بأن لها إيمان قوي بقضيتها …كما بدت في نظري كأنها (صوت المرأة ) في نضال تقل فيه أصوات النساء.
كتبت الأستاذة " نور تاور" رئيسة "منظمة جبال النوبة العالمية (نوب) فرعية أوتوا بكندا …في مقال لها نشر بذات الصفحة بتاريخ 10/6 /2004م بعنوان " إتق الله يا منير شيخ الدين " تناولت فيه موضوع (الوسطية) نقتطف منه هذه الفقرة المهمة حيث قالت فيه : وبدون مقدمات أعلن " منير شيخ الدين " فصل الحزب القومي السوداني من التجمع الوطني الديمقراطي وإنضمامه إلى برنامج الوسطية الإٍسلامية بالمملكة العربية السعودية ، وفي هذا الشأن بالذات أقامت كوادره في القاهرة الندوات والمحاضرات لشرح الوسطية الإسلامية حيث كان سؤالنا كأبناء جبال النوبة هو : ما هي علاقة الوسطية الإسلامية بقضية جبال النوبة؟؟؟
في الحقيقة لقد ذكرتني هذه الفقرة من مقالها الثائر…بتلك الأيام التي تعارفنا فيها لأول مرة مع الأخ /منير شيخ الدين معرفة شخصية فأصبح يناديني بإسمي وأناديه بإسمه..وكان ذلك بالمملكة العربية السعودية عندما حل ضيفاً عابراً بالحي الذي نسكنه ولدى أحد كوادر الحزب القومي السوداني النشطين بالمملكة ويدعى "هاشم طيار خرطوم"…وذكرتني الفقرة أيضاً بتلك الندوة ذاتها التي تحدثت عنها نور والتي دعانا لها الأخ (منير)حيث كان معه مجموعة من كوادر (الوسطية الإسلامية)والمتحدثين بحماس حول المسألة منهم بروفيسور سوداني من جامعة الملك سعود … وقد تبين لي من الأسئلة التي طرحناها بعد فتح باب النقاش والإجابات التي قد حصلنا عليها …أنه لا أحد منهم وقتها كان لديه تصوراً كاملا وواضحاً حول تلك الوسطية الإسلامية …بل كانت الندوة بمثابة دعوة عامة للمثقفين والمفكرين للإجتهاد من أجل التوصل إلى نتيجة فكرية واضحة في هذا الأمر …وقد بدى لي أيضا أن لدى الجميع إحساس عميق بأن في (الوسطية) سر غامض لم يكتشفه المفكرون بعد …يكمن خلفه الحل الشامل والدائم للمشكلة السودانية ..وأذكر! أن أحدهم وأظنه البروفيسور على حد ما أذكر…قد ذكر ردا على سؤال أحدهم : أن الأفكار في عمومها وعلى مدار التاريخ تولد هكذا بدون تفاصيل واضحة في البداية …ومن ثمّ تتطور وتتبلور لتصبح بمرور الزمن مشروعا فكريا أو فلسفياً متكاملا.
ولا أعرف أنا شخصيا حتى هذه اللحظة ما إذا كانت هناك جهة رسمية معينة أو تنظيم سياسي أو ديني يقف وراء تلك الفكرة التي تبناه الأخ (منير شيخ الدين) والذي أصبح كما يبدو مقيما حاليا في لندن ومبتعدا بشكل دائم عن المملكة العربية السعودية…غير أنني والحق يقال …كنت قد بدأت أصالة عن نفسي وقبل تلك الندوات والمحاضرات بالتفكير حول مشروع كهذا قبل حضوري إلى المملكة العربية سنة 1990م …ولكنني فضلت عدم الكشف عن النتيجة التي توصلت إليها إلا عن طريق كتاب أقوم بتأليفه وقد بدأت تجربتي الأولى بكتاب تم طباعته في مصر سنة 1995م ثم أخيراً هذا الكتاب الذي نحن بصدده الآن "سنن تزاوج الأشياء ". ولكن للأسف قد بدى لي أن المصطلح التقليدي السائد وهو مصطلح (الوسطية الإسلامية)رغم أن هذا المصطلح صحيح في وصف الوسطية …قد بدى لي إنه قد سيقود الكثيرين لما ألفوه من تفسير القدماء (للوسطية) بشكلها المحدود…إلى تحجيم دور الفكر الإسلامي في أذهان الكثيرين وجعله قاصرا فقط على حل قضايا ذات طابع بيئي إسلامي وعربي محدود…وعدم قدرته على نقاش قضايا من بيئة أخرى مثل قضية (جبال النوبة) .لذلك إعتمدنا في كتابنا الجديد مصطلحا آخرا هو مصطلح (العنصر الحيادي الثالث) وربما أيضا مرادفات أخرى لها هي (الوسطية الحقة)و(الوسطية العامة) …وأعتقد أن سبب الخلاف الذي بيننا والآخرين في تفسير (الوسطية الإسلامية) يعود في المقام الأول …إلى أن غيرنا كان مقيدا بالنظر فقط إلى الوسطية الإسلامية من منظور الإسلام(الخاص) … بينما نظرنا إليها نحن من منظور الإسلام(العام)…وكلاهما (صحيح)ولكن بدرجات والله أعلم !!؟
وقد جاء ذكر الإسلام(العام) والإسلام (الخاص) في فكر " محمود محمد طه" مؤسس الفكر الجمهوري في السودان …في كتابه(الرسالة الثانية)على حد ما أذكر…فوجدنا أنفسنا هكذا نتفق من حيث ندري ولا ندري مع الفكر الجمهوري السوداني في هذا والله أعلم …أما لماذا ينقسم الإسلام إلى إسلامين ..إسلام (عام) وإسلام(خاص) ؟ فالإجابة تأتي على لساننا نحن هذه المرة وليس على لسان محمود …ومن المعادلة التالية…وهي أن الإسلام "شيء" وطالما هو (شيء) فلا بد أن يخضع هذا الشيء لقانون الله العام في الطبيعة والكون …وكذلك لقول الله تعالى الذي إذا قال للشيء كن فيكون …وقد قال تعالى في سورة الذاريات ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)…ولهذا فإن الإسلام سينقسم أيضاً إلى (زوجين) أثنين …أحدهما هو الإسلام الخاص الذي يتخذ الطابع الخصوصي والإقليمي …والآخر هو الإسلام العام الذي يتخذ الطابع العالمي الذي يتخطى الحدود الجغرافية والسياسية لأوطاننا العربية والإسلامية …والله أعلم بالتفاصيل.
إن مصطلح (العنصر الحيادي الثالث )الذي سوف نخصص له بإذن الله الجزء الثاني من المقال لشرحه وتفصيله …سيكون هو المصطلح الذي تجدونه قادراً بمشيئة الله …ليس على إستعياب قضية (جبال النوبة) فحسب …بل تجدونه قادراً أيضا على إيجاد حل فكري جيد ومناسب لقضية دارفور الساخنة المتأججة التي نذكر أن المفاوضات بشأنها قد بدأت متعثرة لدى أول لقاء بين الحكومة وقادة الحركة في دارفور برعاية الإتحاد الأفريقي بأديس أبابا يوم الخميس الموافق 15/7/2004م
وفي ختام هذا الجزء من المقال ..وحتى لا يكون مقالي بلا فائدة كما ذكرت في المقدمة …فإنني سوف أبدأ بنفسي قبل غيري لأجعله مفيدا ولو على نطاق محدود..بدعوتي الصريحة للأخوين المناضلين من أبناء جلدتي (نور)و(منير) لقراءة هذا المقال ومتابعته …وأن يكتبا لي وبلا حرج إلا من أبى …عبر بريدي الإلكتروني المبين أعلى أو أدنى المقال من أجل التواصل والتفاكر والتناصح في شأن الوطن العزيز …وحتى أعلم ببرهان مراسلتهم لي فعلا أنهما قد قراه…وأن يحذو حذونا من شاء من القراء الآخرين في وطننا الكبير الممتد من جوبا إلى حلفا …ومن جبال الشرق في الأنقسنا … إلى جبل الحب والجمال في دارفور …وحيث كاد كل زوج بهيج في طبيعته الخلابة …يبكي حزنا على الكارثة …وما الحل إلا بالمحبة …والمحبة أن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا.
(ونواصل بمشيئة الله )
الفاتح الزين حســـب الله كجقلا
الرياض ـ المملكة العربية السعودية
[email protected]
|
|
|
|
|
|