|
الدينكا بين الأمل المعقود عليها والخذلان
|
الدينكا بين الأمل المعقود عليها والخذلان ــ من واقع إتفاقية السلام السوداني ــ
الدينكا قبيلة ٌ أفريقية ٌ عريقة لا تختلف في العادات والتقاليد عن القبائل الأفريقية الآخري مثل : الماساي في كينيا ، والبانتو في جنوب أفريقيا ، فهي مثلهم قبيلة محاربة . إستوطنوا منذ آلاف السنين ضفتي النيل الأبيض في جنوب السودان ، ولكن هذا الإستيطان لا يمنع وجود قبائل تختلف عنهم ثقافة ولغة تشاركهم الجوار ومنها : الشلك القبيلة الثانية من حيث الكثافة السكانية بعد الدينكا والنوير واللاتوكا والباري والداجو ....الخ ويتحدث الدينكا لغة أفريقية تنتمي إلي فصيلة اللغات النيلية ــ الصحراوية Nilo-Saharan Family ولعله من محاسن الصدف التي تعزز من أواصر الوحدة الوطنية في السودان التشابه اللغوي الذي يجمع بين اللغات النيلية واللغات النوبية ولغات جبال النوبة التي منجما ً للغات السودانية The Mine of the Sudanese languages ، وهذا التشابه اللغوي ليس وليد الصدفة وإنما لحكمة لا يعلمها إلا هو ، ومثل هذا التشابه سماه نعوم تشومسكي بالرابط العالمي للغات أي هناك سمات عامة تجمع اللغات العالمية ، وتنتمي لغة الدينكا إلي فرع من فروع اللغات النيلية Nioltics يسمي تشاري ـ نايل ، وتنتشر هذه الفصيلة اللغوية في جنوب السودان وأفريقيا الوسطي وجنوب تشاد وأجزاء من كينيا ويوغندا. ويقوم الدينكا برعي الماشية والأغنام والخراف لمعيشتهم فهم في الأساس قبيلة رعوية وليست زراعية ويدفعون مهر نسائهم أبقارا ً ويقود النظام الإجتماعي للدينكا زعماء دينيين ، ومن خلالهم يؤدي الدينكا شعائرهم الدينية تجاه إلههم " إله المطر The God of Rain الذي يسمي " ناهيلك " هذه الكلمة التي لو قمت بدراستها إيتمولوجيا ً لأوصلتك إلي كلمة نايل ـ النيل عصب الحياة ـ ، وهذا الإله الذي تعبده الدينكا يشابه الإله الذي يعبده جيرانهم النوير فعند النوير يسمي كويث بمعني " الروح" لذلك تكثر عندهم تسمية دينق كويث بمعني إبن الروح . ويتحدث زعماء الدينكا الدينيين عبر أرواح تسيطر على الأفراد ، ويقوم الدينكا بنحر الأبقار كقرابين للإله " ناهيلك " ، أما شعب الدينكا فيدعو زعمائه الدينيين بــ " سادة الحراب " Leaders of Spears ، فقبيلة الدينكا قبيلة محاربة لا ترضي الظلم ولا الهوان وشكلت نسبتها حوالي ثلثي الحركة الشعبية وهي من أكثر القبائل كثافة سكانية في الجنوب الذي به أكثر من 53 قبيلة ، و53 لغة ، وإذا ما تناولنا إتفاقية نيفاشا نجدها تحدثت بموضعية عن الوضع اللغوي في جنوب السودان " إن جميع اللغات المحلية Vernacular Languages هي لغات وطنية واسعة الإنتشار في السودان واللغة العربية اللغة المهيمنة على المستوي القومي واللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية Official Language في الدواوين الحكومية والتعليم " لكن كان لا بد من الإشارة إلي إيجاد آلية لتطوير اللغات المحلية في جنوب السودان وفي جبال النوبة ويا حبذا لو كانت هذه الآلية تحت رعاية د/ جون قرنق شخصيا ً لأن هناك كثير من اللغات السودانية معرضة للإنقراض بسبب هيمنة اللغة العربية وسيطرت اللغة الإنجليزية على مناهج التعليم. إذن يمكن لقبيلة الدينكا أن تساهم بشكل كبير في جهود التنمية والإعمار في الجنوب خلال الفترة الإنتقالية، خاصة ً وأن د/ جون قرنق ينتمي إلي هذه القبيلة ويجب عليها أيضا ً أن تمد جسور التواصل بينها وبين القبائل الجنوبية وخاصة النوير والشلك والزاندي في ظل موسم العودة إلي الجنوب . د/عادل فرح
طبيب بيطري / المنطقة الجنوبية / الباحة / السعودية
|
|
|
|
|
|