أخي جون قرنق لماذا تلوث تاريخك بمشاركة علي عثمان توقيع شهادة وفاة للسودان

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 05:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-04-2004, 01:56 AM

حمد إحمد العماس


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أخي جون قرنق لماذا تلوث تاريخك بمشاركة علي عثمان توقيع شهادة وفاة للسودان

    أخي جون قرنق لماذا تلوث تاريخك بمشاركة علي عثمان توقيع شهادة وفاة للسودان وصك غفران للكيزان



    حمد إحمد العماس

    [email protected]



    لقد كان لشعار الحرب من اجل سودان جديد الذي رفعته الحركة الشعبية منذ ميلادها الاول في بداية الثمانينيات وقعاً رائعاً في نفوس عدد لابأس به من المثقفين في شمال السودان لانه ولاول مرة تتحول الحرب الدائرة في جنوب السودان منذ منتصف الخمسينيات من حرب عنصرية ضد جميع "المندكورو " ومن اجل انفصال الجنوب وتقسيم الوطن الواحد؛ الى حرب ضد العدو المشترك و من اجل العدالة والمساواة والإخاء. من اجل سودان جديد. وطن واحد قائم على المساواة بين مواطنين يجمعهم الإخاء والمواطنة والاحترام المتبادل. ورغم ان الكثيرين حتى قبل ظهور الإنقاذ ! قد شككوا في نوايا الحركة الشعبية وفي صدق شعاراتها الا ان البعض قد تقبل هذه الشعارات الجديدة بحسبانها نقلة نوعية متوقعة وحتمية. كان لابد منها لاخراج حرب الجنوب من محيط القبلية والعنصرية الضيقة التي اتسمت بها الحرب الاولى ؛ حرب (الانجا نجا) في الستينات؛ الى محيط قومي و إجتماعي اوسع . و لقد كان الاختلاف بين هذين الحربين؛ حرب الانجانجا وحرب الحركة الشعبية؛ بيِناً من وجوه عديدة اهمها ِوجهة الحرب واهداف العمليات العسكرية. فبينما كانت الحرب الأولى موجهة ضد كل شمالي حتي ولو كان مدنياً مقيماً في الجنوب، فقد اصبحت الحرب الثانية موجهة اساساً ضد السلطة وقواتها العسكرية. وحتي في هذا المجال فقد برهن افراد الحركة الشعبية وقادتها انهم اكثر انسانية في تعاملهم مع الطرف الآخر من اعدائهم. و يكفي ان نذكر ان الحركة الشعبية قد احتفظت بآلاف الاسرى من افراد القوات الحكومية لعدد من السنين رعتهم و عاملتهم معاملة انسانية طيبة ثم اطلقت سراحهم و اعادتهم الى زويهم بعد توق! يع الاتفاقية الاخيرة. وبعضهم قد رفض العودة الى الشمال وانضم الى الحركة الشعبية طائعاً مختاراً. اما الحكومة فلم تجد في يدها اسيراً واحداً تعيده الى الحركة الشعبية في المقابل. لماذا ؟ هل كان مقاتلي الحركة الشعبية انتحاريين يفجرون انفسهم قبل ان يتم اسرهم . كلا . بل الجيش الحكومي هو الذي لم يكن يحتفظ بالأسري لأن الجرحى كان يتم التخلص منهم في ميدان المعركة اعداماً وبدم بارد مما يؤكد أن السلطة و عسكرها، وليس الحركة الشعبية، هم الاقرب في تصرفاتهم وتوجهاتهم الى عنصرية الانجانجا.

    هذه الاختلافات في الدوافع و الأهداف و الوجهة والتوجهات بين كل من حرب الانجانجا وحرب الحركة الشعبية يرجعها البعض الي إختلاف المنابع لكل من الحربين. فالحرب الأولى حرب الأنجانجا إنطلقت من الإستوائية وكانت القيادة فيها لأبناء قبائل تلك المنطقة وهي قبائل معظمها ذات إمتدادات في دول افريقيا الإستوائية المجاورة، وهي لذلك ذات إرتباط إثني وثقافي بسكان تلك الدول اكثر من إرتباطها بأهل النيل. أما الحرب الثانية، حرب الحركة الشعبية، فقد انطلقت من مناطق القبائل النيلية في اعالي النيل وبحر الغزال وبقيادة اكبر هذه القبائل بل اكبر قبائل افريقيا كلها عدداً؛ قبيلة الدينكا. و هذه القبائل النيلية في جنوب السودان هي اكثر إرتباطاً بالنيل وبأهله شمالاً وجنوباً منها بأفريقيا الإستوائية. أما قبيلة الدينكا اكبر هذه القبائل عدداً و أكثرها ثراءً فأفرادها ذوي إعتداد بالذات! وثقة بالنفس الى الحد الذي لا يجعلهم يفكروا في حل مشكلة إضطهادهم بالهروب من وجه مضطهديهم بالإنفصال عنهم. بل إيمانهم الراسخ بأنهم ليسوا اقل قيمة من أحد يجعلهم يطلبوا من مضطهديهم ان يكونوا اكثر واقعية وينظروا امامهم بعين العقل ليروا ان من يقف في وجههم ليس اقل منهم قيمة إن لم يكن اكبر. وهم لذلك اميل الى طلب اصلاح الخطأ المتوارث هذا بتطبيق العدالة والمساواة على الجميع وللجميع على اساس المواطنة في نطاق الوطن الواحد. وهم ابعد ما يكونوا من غيرهم عن التفكير في الهروب من المشكلة بالابتعاد عن وجه منافسيهم بفصل الجنوب من الشمال والاختفاء خلف حدوده. والذي يحصنهم من هذا التفكير الهروبي هو اعتدادهم الزائد بالذات وكونهم اكثر انتماءً للوطن الواحد منهم لأحد اجزائه. و لهم الحق كل الحق في ذلك لأن النيليون هم الاصل الحقيقي لأهل وادي النيل كله وليس فقط لأعاليه. انهم بناة الاهرام عند مصبه وفي اواسطة . وهم يعلمون ذلك او على الأقل يستشعرونه مما رسخ في الذهن من حكاوي الأجداد من "ميثيلوجيا" هذه القبائل التي ترسخ الاعتداد بالذات و الإيمان بأنهم ليسوا اقل ق! دراً إ ن لم يكونوا أعظم قدراً من جلابة الشمال. بل هم الاصل الحقيقي الذ ي حافظ على عنصره نقياً و لم يختلط بالغزاة كما فعل اهل هؤلاء الجلابة. و برهاناً على امتداد الجذور ووحدة العنصر وصدق الانتماء فإن مجموعة كبيرة منهم تسمي نفسها بدينكا عالياب .... و رغم ان المعنى هنا يختلف قليلاً عنه عند اهل العالياب الشمالية إلاّ أن الأصل واحد. فعالياب بلغة الدينكا تعني البرق . وهي كذلك في الفرعونية القديمة التي إنتقلت منها الى العربية شأنها شأن الكثير من مفردات اللغات السودانية القديمة التي إنتقلت الى العربية. مثل ( آمون ) التي اصبحت آمين و ( بركل ) التي صارت بركة وغيرها الكثير مما تحور معناه او تحور لفظه بالإنتقال من لغة الى أخرى. أما ( عالياب) البرق فقد ظل لفظها كما هو عالياب وتحور معناها قليلاً ليعني " ذوي الرفعة والعلو " و "الرفعة" واحدة من صفات البرق.

    المهم هو ان هذه القبائل النيلية التي كونت البنية الاساسية للحركة الشعبية هي قبائل ذات إنتماء قوي واصيل للسودان الواحد الموحد. ولقد سجلت هذه القبائل مواقف تاريخية رائعة في مجال هذا الحرص على وحدة السودان. ويكفي ان نذكر الضربة القاضية التي سددها سلاطين هذه القبائل لمحاولات الإستعمار البريطاني لفصل الجنوب عندما رفضوا هذه الفكرة واعلنوا تأييدهم لخيار السودان الموحد في مؤتمر جوبا عام 1947 . ولقد استطاعت هذه القبائل بحسها الوطني هذا ان تتجاوز آثار الحرب الاولى وجرائم الحرق والقتل التي مارسها ضدهم عسكر حسن بشير نصر ومن بعده النميري . تلك الجرائم التي الهبت الحس الوطني في الشمال لتشعل إنتفاضتين شعبيتين حطمت تلك النظم الدكتاتورية الظالمة. ولقد ظلت هذه الروح الوحدوية الكامنة لدى تلك القبائل تفعل فعلها في الخفاء حتي دمرت الأنجانجا و انجبت الحركة الشعبية و جيشها الشعبي لتبدأ حرب الجنوب الثانية هذي تحت ش! عار سودان جديد تسوده العدالة والمساواة بين جميع قومياته وأعراقه و بانتماءاته الثقافية والدينية المختلفة. و لقد ظل اعلام الجبهة الشعبية في ايامه الاولى يفخر بان اول رصاصة اطلقوها كانت على الانفصاليين من قادة حركتهم و ان بنادقهم لم تتوجه الى جيش السلطة المركزية الا بعد تصفية تلك العناصر الانفصالية. و لقد كان هذا التأكيد على وحدويتهم هاماً عندما كان المركز لا يزال يتمتع بشيء من قوة الجذب قبل إقتصاب الإسلاميين للسلطة في 30 يونيو 89 . لقد كان المركز جاذبا عندما كانت الحكومة المركزية تضطلع بالمسؤليات الاساسية التي تبرر وجودها. عندما كانت تقدم الخدمات الاساسية مجاناً ً في مجال التعليم والصحة والتوظيف وشيء من التنمية والتطوير في مجال الزراعة والمواصلات والتصنيع . امَّا الآن فماذا تقدم الحكومة المركزية للأقاليم غير القنابل والصواريخ من طائرات الانتينوف.

    في ذاك الزمن ؛ قبل تجربة الإنقاذ الطاردة هذي؛ كانت الدعاوى الانفصالية اصواتاً نشاذاً حتى لو انطلقت من داخل حركة مسلحة في أعماق الجنوب. فعندما بدأت الحركة الشعبية كان هدفها الأوحد وبحق هو خلق سودان جديد موحد عادل وديمقراطي. لذلك عندما توفرت لجون قرنق اول فرصة لتحقيق هذا الهدف الوطني الرائع لم يتردد مطلقاً ان يغتنمها ويعقد اتفاقاً مع واحد من فصائل المعارضة الشمالية يؤسس فيه لعقد مؤتمر دستوري لمناقشة مشكلة الجنوب وحلها بأيادي سودانية لا دول ايقاد ولا اصدقاء ايقاد ؛ وفي نطاق الوطن الواحد لا تقرير مصير ولا كنفدرالية.

    تلك الاتفاقية (اتفاقية قرنق- الميرغني) التي رأى فيها الجميع بارقة امل مشرق لنهاية حرب محرقة ، و طلائع حل عادل لمشاكلنا القومية ، واستجابة كاملة لتطلعات اخوتنا في الجنوب ؛ إستشعرت فيها جماعات الإسلام السياسي نهايتها الحتمية . لأن أي سودان موحد يجمع في داخله هذا التنوع الديني والعرقي والثقافي الرائع الذي يذخر به السودان يلغي نهائياً أي مصداقية لدعوتهم التي تعتمد اساساً علي التمييز بين الناس على اساس الدين والعرق. فمن اسلم واستعرب فهو منهم ومن ليس منهم فلا مكان له في دولتهم. لقد رأوا ان تطبيق تلك الاتفاقية سيعني وقف الحرب وتقوية الوحدة وتعزيز الديمقراطية وعودة جون قرنق ومناضليه الى الداخل مما يعني تعزيز مسار العلمانية وبالتالي دحر الجهلانية التي تعتمد عليها دعوتهم. وحتي لا تندحر تلك الجهلانية التي إستاطعوا ان يبتزوا بشريعتها حزب الأغلبية التقليدية ويضمنوه الى جانبهم أسرعوا بإحاكة مؤ مرة إنقلابهم الذي كان بداية الكارثة التي احاقت بالوطن ودمرت إقتصاده وأزلت شعبه وقهرته وشوهت اخلاقه ومثله وتقاليده وهي في طريقها الآن الى تحطيم الوطن وتفتيته دويلات. بعد ان اكملوا إحاكة مؤمرتهم تلك ارسلوا على عثمان الى الجنوب ليلتقي بعمر البشير وجماعته هناك ويبلغهم التعليمات. ومن ثم انطلق عمر البشير من الجنوب في مهمة سرية الى الخرطوم لينفذ ذاك الانقلاب الكارثة وبواسطة قوات معظمها من ماليشيات الجبهة الاسلامية من خارج الجيش.

    إذاً فواحدة من الأهداف الاساسية وربما المقدسة للجبهة الاسلامية هي ان لا تتوقف الحرب في الجنوب " إلا بعد هزيمة هؤلاء المتمردين الكفرة وفتح بلادهم وضمها لدولة الاسلام " او فصل الشمال عن الجنوب. خيارين لا ثالث لهما إما هزيمة الحركة الشعبية وفتح الجنوب واسلمته او فصله. اما بلد متعدد الديانات فهذا ما لاتقبله السلطة الاسلامية. لأن السودان الموحد ذو الديانات المتعددة لا يمكن حكمه الا بدستور و قوانين علمانية. والعلمانية تعني نهاية الجهلانية التي ترتكز عليها دولتهم. ومن هنا تبدت لهم بشائر الوحدة والسلام التي اطلقتها اتفاقية قرنق – الميرغني تلك كنذر النهاية لدعوتهم وحركتهم. فكان اول ما فعلوه بعد استيلائهم على السلطة ان اججوا نيران الحرب المشتعلة في الجنوب وحولوها الى حرب دينية " جهاد في سبيل الله ضد اعداء ا! لله الكفرة المارقين". وعندما تعذر عليهم من خلال تلك الحرب تحقيق الخيار الاول، هزيمة الحركة الشعبية في ميدان المعركة لجأوا الى الخيار الثاني: فصل الجنوب عن الشمال. و لتحقيق مبتقاهم هذا تخيروا عدد من قيادات قرنق ذات النزعة الإنفصالية وعرضوا عليها (( حق تقرير المصير)). و استضافوهم لديهم عدد من السنين راحوا ينشروا خلالها هذه الدعوة الانفصالية بحسبانها نصر حققته هذه المجموعة.. . وعندها تبنت الحركة الشعبية حق تقرير المصير ..- لست أدري مجبرة ام مختارة -.. ليس هذا فحسب بل استطاع جون قرنق بحنكته البراقماتية و بمساعدة المعتقدات المثالية السازجة لبعض القيادات اليسارية بالتجمع ان ينتزع من تجمع المعارضة الشمالية الموافقة على تقرير المصير هذا.

    و لست ادري كيف غاب على قانونيي التجمع المخضرمين ان حق تقرير المصير حسب القانون الدولي لا ينطبق على الحالة السودانية. حق تقرير المصير حسب القانون الدولي لا يُعطى الا لقومية او دولة متنازع عليها من قبل دولتين مختلفتين. كقبرص المتنازع عليها من قبل تركيا واليونان. وقد يقول قائل ان السودان نفسه قد نال استقلاله بعد ان اعطي حق تقرير المصير بواسطة الحكومة المصرية. ولكن السودان اساساً لم يكن جزءاً من مصر، كما ان الحكومة المصرية لم تكن تطالب بانضمام السودان اليها رغم انها لم تكن تمانع لو حدث. اما شعارات " وحدة وادي النيل" و "السودان للسودانيين" في ذاك الزمن فلم تكن اكثر من ملاسنات سياسية بين احزاب متصارعة على السلطة. وان ماتم حينئذ تحت مسمي تقرير المصير كان اعلان لاستقلال دولة من قوة اجنبية مستعمرة. ولا علا! قة له بتقرير المصير الذي نتحدث عنه الآن . كما ان ماتم حينئذ قد تم بالتراضي وليس بإنفاذ القانون الدولي.

    و على أي حال فان حق تقرير المصيرقانوناً لا ينطبق على حالة الصراع بين جنوب السودان وشماله. لان الصراعات الإقليمية في الوطن الواحد لا تحل عن طريق تقرير المصير. ولو طبق حق تقرير المصير على كل حالات الصراع القبلي والاقليمي لما بقي قطر واحد على وجه الارض موحداً. فلا يكاد قطر واحد من اقطار الارض يخلو من هذه الصراعات القومية والاقليمية والملاسنات بين قومياته المختلفة. ففي مصر مثلا نجد البحارنة والصعايدة، وفي كينيا نجد اهل الوسط وعرب ممبسا، وفي بريطانيا نجد ( الاسكوتش والانجليز) و ( الانجليز والولش) ، وفي امريكا لانجد فقط الصراع بين البيض والسود او البيض والهنود الحمر وانما ايضا بين البيض انفسهم نجد الملاسنات بين ( اليانكيز) و ( الرد نيكز) كما يسمي اهل الجنوب والشمال بعضهم ازدراءً . وهذه كلها او جلها صرا عات بي! ن قوميات ذات اصول مختلفة وتاريخ مختلف ولدي البعض منها لغات واديان مختلفة بل لقد كان بين بعضها كاليانكيز والردنيكز في امريكا حروب ولكن كل ذلك لم يؤدي الى تقسيم أيٍ من تلك الأوطان. او حتى مجرد التفكير في ذلك بل بقيت تلك الصراعات كلها في حدود القذف بالنكات والملاسنات المتبادلة.

    اما الصراع الدائر بين جنوب السودان وشماله - اذا صح التعبير- فهو ليس صراعاً بين قوميتين مختلفتين لأننا شعب واحد ذو اصل واحد. صحيح ان اهل الشمال قد إختلطوا بالغزاة والمهاجرين مما خلق شيئاً من الاختلاف في السحنة واللون بينهم وبين اخوتهم في الجنوب و لكن يظل الاصل واحد. أمًّا هذه الاوهام العروبية التي دخلت مع الغزاة وجعلت الكثير من اهل السواد مِـن مَـنْ هم على شاكلة الترابي والبشير و علي عثمان وغيرهم يدعون العروبه فما هي الا اوهام ساذجة و مرضية ولا تثير عند العرب الأصليين من اهل الجزيرة العربية الا السخرية والتندر العنصريين على هؤلاء السودانيين بحسبانهم اهل سواد لا ينبغي ان "يتطاولوا" ويدعوا الانتماء للعنصر العربي.

    و على أي حال فإن هذه الاوهام العروبية المرضية الساذجة قد زالت مسبباتها من بلادنا. وقد اصبح المصابين بها قلة ولم يعد امر زوالها الكلي الا مسألة وقت. لذلك فأنا ارجوا من اخوتنا في الجنوب ألاَّ يتعاملوا معها الا كحالات مرضية ينبغي الاقتراب منها وعلاجها لا الهروب منها وتركها تفسد حياة اخوتهم في الشمال.

    هذه التجربة القاسية التي عاشها شعبنا شمالاً وجنوباً تحت قهر دولة الهوس الديني و مشروعها الدماري قوت الروابط بين شماله وجنوبه اكثر و اكثر و جعلتنا في الشمال اكثر تعاطفا مع اخوتنا في الجنوب واحساسا بمعاناتهم وتقبلا لهم بعد ان شربنا مثلهم من علقم الفقر و الجوع والمرض و السجن والحرب والتقتيل. اما من قذفت بهم الإنقاذ منا الي المنافي فقد التجأ معظمهم الى الجزيرة العربية التي توفرت لهم فيها تجارب غنية جعلتهم اكثر ارتباطاً بسودانيتهم وبأفـريقـيتهم. و علمتهم الا معناً للسعي الى الإنتماء الى اصول لا تقبلهم و لا تستوعبهم. كما توفرت لهم الفرصة للمقارنة بين انسان النيل جنوبه وشماله وبين انسان الصحراء فتبين لهم أن الصحراء ليس لديها قدرة النيل على غسل الضمـائر وتنق! ية السرائر وتنمية العـقول. لذلك فقد عادوا اكثر سودانية و اقل استعراباً مما كانوا عليه قبل خروجهم من السودان- و هذه واحدة من حسنات الإنقاذ لو ان لها من ذلك شيء- و لكن لسوء الحظ هذه الفرصة للمقارنة بين انسان النيل وغيره من البشر لم تتوفر لمن هم اكثر حاجة من غيرهم اليها؛ جماعات الهوس الديني و الاوهام العروبية . اولئك الذين طردوا غيرهم و بقوا هم في السودان ليشوهوا صورته الى الحد الذي جعل كل مضمر نزعة انفصالية يعلنها بلا حياء.

    أخي العزيز جون قرنق

    هذا هو الوضع في السودان شعب ذو اصل واحد شـمالاً وجـنوباً. ما يجمعه اكثر مما يفرقه. و سلطة مركزية قمعية فاسدة تفرق ولا تجمع. بل تفرق عن قصد لتنفرد بواحد دون الآخر. فلماذا يا أخي وفي ظل هذه الظروف التي لا اظنها غائبة عنكم توقعون مثل هذا الاتفاق – اتفاق نيفاشا – مع مثل هذه السلطة.

    هذا الاتفاق الخطير الذي يغيب الغالبية العظمي من اهل السودان و يقرر من وراء ظهرهم الآتي :-

    1- تقاسم السودان بين حركتكم و بين الإنقاذ بأن يكون لكم الجنوب تحكمونه علمانياً ولهم الشمال يحكمونه جهلانياً كما يشاءون.

    2- أن يستبقوا جيشهم وتستبقون جيشكم ويستبقوا قوات امنهم وتستبقون قوات امنكم في الحفظ والصون.

    3- الا محاسبة على قتل او سلب او نهب او تعذيب او تشريد. وان ننسى كلما فعلته الانقاذ بوطننا وبشعبنا خلال السنوات الماضية.. وعفا الله عما سلف.

    4- أن يظل البشير على رأس السلطة في الخرطوم و تظل انت على رأس السلطة في الجنوب او ( السودان الجديد). و ان يفتح الباب لصبية الاحزاب الشمالية الضعيفة غير المسلحة هذي لكي تنشغل بلعبة الانتخابات و الصراعات البرلمانية عما يدور تحت السطح خلال الثلاثة سنوات الاخيرة من عمر السودان.

    5- أن تتوج الستة سنوات الاخيرة هذي من عمر السودان باستفتاء للجنوبيين ؛ والجنوبيين فقط؛ على تقرير مصير السودان بأكمله . و من ثم يولد "السودان الجديد" .

    هذه بإختصار هي الاتفاقية التي وقعتموها مع علي عثمان والتي رحتم تسوقونها بحسبانها انتصار عظيم قد تحقق. حقاً هي انتصار عظيم . ولكن انتصار لمن وضد من؟ لا تقل لي يكفي انها اوقفت الحرب لاني عندئذٍ سأسألك :- و لماذا كانت الحرب اصلاً؟ لماذا كل تلك التضحيات ؟ لماذا بدأتموها اصلاً إذا كان وقفها ؛ وبأي ثمن؛ يعد إنتصارا ؟ هل كانت الحرب من اجل القضاء على الوضع القائم وبناء سودان جديد ام من اجل تثبيت الوضع القائم وفصل الجنوب وجبال النوبة والانقسنا وتقسيم الوطن الواحد وتفتيته دويلات ؟ إذا كان الاخير هو مبتقاكم الحقيقي – تثبيت الوضع القائم و تفتيت السودان- فقد تحقق واهنئكم ! على انتصاركم الرهيب هذا.

    نعم لقد طال امد الحرب وسببت الكثير من المعاناة لاهلنا في الجنوب و لشبابنا في الشمال ولكن يؤسفني ان اقول لكم انتم من يتحمل المسؤلية الاساسية في اطالة امد الحرب الى هذا الحد. لانكم اشعلتم الحرب في اقاصي الجنوب بعيدا عن مركز السلطة. و جعلتم من اهلكم و مواطنهم اهدافاً لقصف الطائرات و رجم الراجمات. و عندما تردون لا تصيب طلقاتكم الا مجموعة شباب قذفت بهم السلطة الى هذه المحرقة و امرهم لا يعنيها في شيء.

    الحرب التي اطلقتوها في الجنوب هي حرب عصابات تقليدية . حرب شعبية كما سماها الماويون. والحرب الشعبية تكون ذات اثر و فعالية عندما يكون العدو نظام إجتماعي متجذر في الريف ينبغي اقتلاعه من جذوره. ولكن عندما يكون النظام معزولا حتي في المدينة التي يتمركز فيها ، في المركز الذي يحكم منه، فماذا يعنيه من امر الجنوب او حتي الريف كله لو اشتعل ناراً. نظام من هذا النوع لا يمكن حربه انطلاقاً من الريف. لذلك فان استمرار الحرب لعشرين عام وكلما سببته لاهلنا في الجنوب من معاناة كان بسبب اصراركم على البقاء بينهم وعدم محاولتكم نقل الحرب الى مواقع تكون المعارك فيها اكثر تأثيرا على النظام ومصالحه واتباعه . و كان من الممكن ان تستمر حربكم وتستمر معاناة شعبنا سنين اخر لولا الضغوط العالمي! ة التي اجبرت النظام على التنازل والتفاوض معكم. ولكن لسؤ الحظ لم تحسنوا استقلال هذه الظروف التي اجبرت النظام على التنازل . بل بالعكس استقبلتم تنازلا ته بتنا زلات اكبر منها. و وقعتم معه اتفاق يصب كله في مصلحة النظام ويحقق تطلعاته بالكامل.

    وإلا فماذا تقول عن اتفاقكم مع البشير ان تحكم انت الجنوب ويحكم هو الشمال للستة سنوات القادمة؛ جرت انتخابات او لم تجرى . الا يعني ذلك تقديمكم وثيقة ضمان للإنقاذ بانها ستبقي على الاقل لستة سنوات قادمة؛ وانكم ستضمنون بقاءها للستة سنوات القادمة حتي يتم الاستفتاء والانفصال ؟ و كما ترى هنا قد اشتركتم مع الانقاذ في المصلحة فكلاكما يرفض أي تغيير لسلطة الإنقاذ هذي لأن أي سلطة شرعية جديدة تأتي قد ترفض اتفاقكم هذا بإعتباره اتفاق بين مؤسستين بلا شرعية قانونية.. و عليه فبموافقتكم على هذا البند من بنود الاتفاق....اخي العزيز.. قد جعلتم من حركتكم حارسا امينا للسلط! ة و عدواً أساسيا لكل معارضٍ لها.

    النقطة الاخرى في هذا البند موافقتكم ان يُحكم الشمال بالشريعة السلفية على ان تحكم انت الجنوب بقوانين علمانية.. اولاً من قال لك ان شعب الشمال يريد ان يحكم بشريعة الغاب هذي – آسف .. شريعة الصحراء هذي . شريعة الغاب اكثر عدلاً. فأهل الغاب لا يقطعوا يد السارق ويجردوه من العضو الوحيد الذي يحتاج اليه ليشفي من مرض اللصوصية بل يطعموه اذا كان جائعا ويوجهوه الى الطريق السوي و لكن من اين لاهل الصحراء ان يفعلوا مثل ذلك .. المهم هل هو خيار اهل الشمال ان يُحكموا بقوانين الهوس الديني هذي !؟ .. إذا كنت لا تعلم فاستفتهم في الامر . اتركهم يختاروا القوانين التي تحكمهم.. اذا كنت س! تجعل الجنوبيين يغرروا مصير الوطن بأكمله فلماذا لا تترك الشماليين على الأقل يغرروا مصير انفسهم. و اذا كنتم حقا تسعون لجعل خيار الوحدة جاذبا لابناء الجنوب حتي يختاروها طواعية هل تعتقد ان حكم الشمال بمثل هذه الشرائع التي تقرر ان (اهل الجنوب كفرة مصيرهم نار جهنم خالدين فيها ابدا) سيجعل اهل الجنوب يختاروا الوحدة معهم !؟

    ان موافقتكم على مثل هذا البند الذي يجعل خيار الوحدة مستحيلا قد جعل الكثيرين ممن هم واثقون من ذكائكم ودهائكم السياسي يستبعدون ان تكون موافقتكم قد تمت عن طريق الخطأ مما جعلهم يشكون في صدق توجهاتكم الوحدوية .- ارجو صادقا ان يكونوا مخطئين -. والا يكون تصرفكم هذا متعمدا بل يكون احد الاخطاء التي ستدعوكم الى إعادة النظر فيما تفعلون.

    قد يكون ردكم ان هذا كله سينتهي بعد الثلاث سنوات الاولى لانها ستعقبها انتخابات حرة وديمقراطية ستأتي بالحكومة التي يختارها اهل الشمال. واذا كانوا لايريدون دستورا دينيا فيمكنهم ان يصيفوا دستورا علمانيا.

    نعم ربما ستكزن هناك إنتخابات بعد الثلاثة سنوات الاولى. و لكن ما معنى هذه الانتخابات اذا كان رئيس الجمهورية سيظل قبل الانتخابات وبعدها في موقعه الحالي وبكامل صلاحياته الحالية. وسيكون في يده جيشه وامنه العقائديين يوجههما حيث يشاء و ضد من يشاء. ليس هذا فحسب بل سيظل عصب الاقتصاد وكل ثروات البلاد في يد من نهبوها بدعوى ((التمكين)) و بمسوغ (( اولى لك فأولى ثم اولى لك فأولى)).. وكما تعلم فإن من يتحكم في الاقتصاد يتحكم في نتائج صناديق الاقتراع.. و عليه فإنه في ظل الظروف التي اسس لها هذا الاتفاق لن تكون هناك إنتخابات حرة ونزيهة. و حتى لو جاءت هذه الانتخابات بالتجمع الى السلطة فستكون سلطته محدودة وتحت نظر وفي متناول يد القوة العسكرية لرئيس الجمهورية. أما بخصوص الدستور فما دام رئيس الجمهورية سيظل في موقعه وبصلاحياته الحالية فإنه لن يوقع على دستور علماني. وعليه لن يكون هناك أي تغيير للدستور الحالي. أي ان هذا الدستور الجهلاني والشرائع السلفية التابعة له و الوضع السياسي الذي تكون فيه السلطة الحقيقية في يد الاسلاميين سيظل كما هو خلال الستة سنوات الاخيرة هذه من عمر السودان. و الوضع الاقتصادي الاستقطابي الحالي هذا الذي تحول فيه المجتمع كله الى طبقتين ؛ رأسمالية طفيلية مستهلكة غير منتجة و شعب كله تحت خط الفقر؛ سيظل ايضاً كما هو. و لاسيما ان اتفاقكم يشكل صك قفران لكل هؤلاء اللصوص الذين سرقوا اموال الشعب وحولوا ثروات الوطن الي خزائنهم وحساباتهم المصرفية في الداخل والخارج، بل الاخطر من ذلك هو ان اتفاقكم أيضاً يعفوا عن كل جرائم القتل والتعذيب و النفي والطرد من الخدمة والتشريد وقصف قرى السكان الآمنين و استرقاق المواطنين وتبادلهم كسلع وغيرها من الجرائم التي اقترفت ضد ال! نسان السوداني وضد الانسانية جمعاء.

    و هل لي ان اسأل من الذي اعطى الحركة الشعبية الحق ان تتحدث باسم الشعب وتقدم صك القفران هذا نيابةً عنه! ان الشعب السوداني قد عفى كثيرا وقد ادرك الآن ان طيبته الذائدة هذه و عفوه المتواصل هذا قد اطمع المجرمين السياسيين فيه لذلك فهو لن يعفو عن سياسي مجرم مهما كان بعد الآن.

    في ظل هذا الاتفاق والعفو الذي يقدمه تظل السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية في الشمال في يد من نهبوها. وتظل توابع هذا الوضع المتردي الاجتماعية والاخلاقية المنهارة قائمة كما هي عليه الآن. وبالتالي يظل المركز طارداً للأقاليم كما كان دائماً خلال العشرين سنة الماضية التي هي العمر الحقيقي لسلطة الاسلام السياسي في السودان. ثم تأتي اتفاقيتكم لتضمن لهذا الوضع الطارد المنهار البقاء لستة سنوات قادمة؛ ما كان يحلم بها.

    وفي ظل هذا الوضع الذي لو اعطيت فيه الخرطوم حق تقرير المصير لاختارت الانفصال ، تعطون الجنوب حق تقرير المصير وتدعون انه حق الوحدة الطوعية وليس حق الانفصال. الا تعتقد ان هذا خداع للذات ان لم يكن خداع للآخرين. الا تعتقد ان تقرير المصير في هذا الوضع الذي تثبته اتفاقيتكم هو جريمة في حق الوطن و مواطنيه. هو شهادة وفاة للسودان.

    الا ترى ان هذا كله يصب في اطار تحقيق رغبات وتطلعات الاسلاميين الذين بدأوا يجهرون بالمطالبة بفصل الشمال عن الجنوب؟

    جماعات الاسلام السياسي ذات مصلحة حقيقية في فصل الجنوب عن الشمال. اذ انهم بفصل الجنوب يستطيعون الانفراد بالشمال الذي من الممكن ابتزازه بإسم الاسلام. كما انهم بفصل الجنوب يقللوا من احتمال تدخل القوى الاجنبية في شؤن دولتهم السلفية. ولكنهم ليسوا وحدهم ذوي المصلحة في فصل الجنوب عن الشمال. فمن المؤكد ان جل الصف الثاني من قيادات الحركة الشعبية و ربما بعض افراد الصف الاول ايضاً يتطلعون الى فصل الجنوب تحقيقاً لمآرب شخصية. اذ ان فصل الجنوب بالنسبة لهم يعني ان تكون لهم دولتهم الخاصة بوظائفها السياسية وحقائبها الدبلوماسية. بوزاراتها و سفاراتها و ولاياتها المقصورة عليهم وحدهم لا ينافسهم عليها احد. و في سبيل ذلك فليتقسم السودان او يتفكك دويلات لا يهم. و من الممكن ان نتفهم ان تكون لهم مثل تلك التطلعا! ت الفردية التي حرمتهم الاوضاع السائدة من تحقيقها و لكن ان يكون ثمن تحقيق تطلعاتهم الفردية هذه هو تقسيم وطن باكمله وتجزئة امة واحدة الى اجزاء هو ما لا يمكن قبوله. كما انهم لو يدركون فان تحقيق مثل هذه الأهداف في ظل سودان موحد يعد انتصارا اكبر بكثير من ابتداع كيان جديد لتحقيقها.

    ألأخ العزيز جون قرنق

    لقد كنت دائما واثقا كل الثقة من صدق توجهاتكم الوحدوية ولكن اخيراً تجمعت لدي جملة قرائن اشارت الى عكس ذلك تماما. ارجو صادقا ان تكون تلك الاشارات كاذبة.

    من هذه الاشارات المخيبة للآمال : انه في لقاء جماهيري موثق ومسجل تم في داخل المناطق المحررة في الجنوب سألك احدهم عن خطتك لتوحيد السودان فكان ردك : (ان ما ستقوم به الآن هو تفكيك السودان. ثم بعد ذلك ستعيد تجميعه وتركيبه كما تشاء.)

    هذا يعني اننا حتى لو استبعدنا انك ستعيد تركيبه بحيث لا يشمل الاثنيات الافريقية المخلوطة بالعرب في الشمال؛ إلاّ انك على أي حال انت الآن حسب ما جاء على لسانك في مرحلة تفكيك السودان و لست في مرحلة توحيده. أي ان مسعاك الآن من استفتاء الجنوب حول تقرير المصير هو الانفصال وليس الوحدة لانك كما قلت لا تزال في مرحلة التفكيك و التقسيم اما التوحيد فمشروع آخر لم يبدأ بعد. و لكن هل لابد من التفكيك والتفتيت لتتم الوحدة. ان هذا لايمكن ان يكون شرطا للوحدة الا اذا كنا نود ان نلغي ببعض اجزاء السودان بعيدا عنه ثم نخلق سودان مختلف جغرافيا عما هو عليه الآن. هل هذه هي خطتكم ؟ هل هذا هو السودان الجديد الذي تحلم به. ارجو الا يكون هذا هو مبتغاك وان اكون مخطئاً في فهمي لما كنت تعنيه من ذاك الرد. ولكن لسوء الحظ جاءت منكم اشارات اخرى تؤكد صحة فهمي لنواياكم.

    من الاشارات الاخرى المخيبة للآمال ايضاً انك خلال جولتك الاخيرة في جبال النوبة الواقعة الآن تحت الحماية الاجنبية؛ وفي لقاء جماهيري ايضاً قلت: ( انك لوكنت تريد الانفصال بالجنوب وحده لنلته منذ زمن مضى و لكنك لن تنسى جبال النوبة و جنوب النيل الازرق هذه المناطق المهمشة التي ناضلت معك). وكما جاء في تحديدك فإنه ليس في الذاكرة عندكم مع جنوب السودان غير جبال النوبة و الانقسنا. هل يعني ذلك انك تسعى للانفصال ولكن ليس بالجنوب وحده وانما بعد مد حدوده ليشمل جبال النوبة وجنوب النيل الازرق. و أن هذا هو ماتعنيه بالسودان الجديد ؟!

    الإشارة الاخيرة من هذه الاشارات المخيبة للآمال جاءت في الحوار الذي اجرته معك صحيفة الشرق الاوسط ونشرته يوم الجمعة 16/7/2004 . قلت وانت تشير الى المؤتمر الذي عقدته الحركة الشعبية مع سلاطين القبائل الجنوبية خلال الشهر الماضي. قلت :- " نحن بدأنا بالسلاطين في السودان الجديد وعقدنا مؤتمرا لهم استمر لمدة اسبوعين ". السلاطين في السودان الجديد. وليس السلاطين في جنوب السودان او حتي جنوب السودان الجديد. و كما تري فانك تشير بعفوية الى جنوب السودان باسم السودان الجديد. الا يعني ذلك ان ما تعنيه بالسودان الجديد هو جنوب السودان الحالي وفقط جنوب السودان وليس السودان كله؟ على اية حال هذا ما استنتجته انا من كلماتك تلك. ولان تسميتك لجنوب السودان بالسودان الجديد قد جاءت بعفوية عبر حديث مطول فقد حملتها انا ما تستحقه ! التعابير العفوية من الصدق والاهمية

    من هذا كله إستنتجت – وارجو ان اكون مخطئاً – أن جون قرنق لا يختلف في شيء عن رياك مشار و ابيل الير وجوزيف لاقو . وان كلهم انما يسعى لتنفيذ برنامج الاستعمار الانجليزي و من بعده الإنقاذ الرامي لفصل الجنوب عن الشمال وتكوين كيان جديد. واختلاف جون قرنق الوحيد عنهم هو انه قد سمي هذا الكيان الجديد بالسودان الجديد.

    ولكني احذر كل من تسول له نفسه ان يتآمر على وحدة هذا الوطن الواحد الذي يضم هذا الشعب الواحد الموحد ان شعبنا لن يرحمه. و ان شبابنا الذي وقف آباؤهم وأجدادهم شمالا وجنوبا في وجه الاستعمار يصيحون :-

    No Federation for One Nation Down Down Colinisation "

    لن يقفوا هم عند حد الصياح بل سيشهروا السلاح في وجه كل متآمر على وحدة بلادهم وعندئذ ستبدأ حرب جديدة اعنف واشرف من كل سابقاتها.































                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de