جنوب كردفان: القوميات العربية عبر الزمان والمكان وتداعيات الحرب الأهلية (7)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-14-2024, 10:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-14-2004, 01:01 AM

بريمة محمد أدم/ واشنطن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جنوب كردفان: القوميات العربية عبر الزمان والمكان وتداعيات الحرب الأهلية (7)

    جنوب كردفان: القوميات العربية عبر الزمان والمكان
    وتداعيات الحرب الأهلية (7)
    بريمة محمد أدم/ واشنطن
    [email protected]

    القبائل العربية في مناطق الهامش على مفترق طرق
    هل من مجيب
    1. خلاصة:

    في هذا المقال سوف أتناول التخلف التنموى، التنصير، والهجمة الثقافية من قبل التمرد كعوامل تعيق مسيرة تقدم القبائل العربية والمحافظة على هويتها، تراثها ومستقل كينونتها. كما أتحدث عن الأخطاء التأريخية في النهج التنموى في مناطق هذه القبائل وعدم ملائمتة لواقعها المتنقل وما الحل المرتجى، وسوف أتطرق لموقف القبائل العربية الحساس في أرض الهامش على أنها مرابطة في ثلاث ثغور من ثغور الوطن: ثغر الوحدة، ثغر التراث الثقافي العربى وثغر الدين.

    2. التنمية في وادى وواقع القبائل في وادى أخر

    سألت الهداى الحريف هل أنتم شعب متخلف؟ فأجاب الرجل كلا نحن شعب متحضر؛ نكرم الضيف، ونهدى القريب والبعيد، نساعد الضعيف، نعز الفالح ونهجو الضالح، ثم أضاف نحن شعب نحب الحياة والطرب والطبيعة ونقدر محاسنها ونستمتع بمناظرها. قلت له إنى إختلف معك في تعريفك للحضارة، ربما تقصد إنكم شعب ذو تراث؟ قال نعم نحن التراث، الحضارة، ركوب الخيل، الفروسية .. أستوقفته. فقد وصف المورخ شوانفورث قبل 230 عاماً شعب البقارة فقال إنهم من أجمل القبائل الرعوية، حيث يمتاز الرجال بقوام جميل وتناسق في هيئة الجسم والأطراف (أظنه يقصد النساء)، لديهم قليل من الصفات السامية ويخلون من الصفات الزنجية، يمتازون بسعة أفق ويتفوقون على السكان المستوطنون في قوة الزكاء والدهاء، يحبون الأزياء الجميلة والزينة، يلبسون السلاسل والعقود ومصنوعات من العاج. إن مسيرة قرنين من الزمان ليس بالأمر اليسير، ففي خلال هذه الحقبة الزمنية نشأت حضارات عامرة؛ دويلات رعاة البقر الأمريكيين المتناحرة أصبحت القوة القاهرة والنموزج الديمقراطى المثالى، وفي صلب هذه الحقبة الزمنية تحولت الشعوب الرعوية في جزيرة العرب إلي كتل إقتصادية تؤثر في الأقتصاد العالمى بأسرة؛ وتحول رعاة الريندير (حيوان ذو قرون متشعبة) في بريطانيا والجزر الإيرلندية إلي كتل عسكرية. لماذا ظلت الشعوب العربية التى أتت إلي أفريقيا ترواح مكانها لا تستطع فكاكاً من قيود التخلف؟ ولماذا ظل شعب البقارة بالذات متخلفاً، علماً أن ما وصفه به شوانفورث منذ قرنين وربع ونيف يدل على وجود مقومات تحول حضارى؟ إن أول وأهم أسباب ركود هذا الشعب على نفس الحال والمنوال هو النظام البيئي (Ecosystem) المحيط به والذى أجبر شعب البقارة ليتحرك في دورة موسيمية ميكانيكية تحكمها عوامل وظروف بيئية خارج إرادة وتحكم البشر، مما جعل من المستحيل بناء نظام إجتماعى مستقر. إن الإندماج في النظام البيئي أدى إلى تطور تراث ونمط حياة معاشى وثقافي وإجتماعى يرتبط إرتباطاً وثيقاً بهذا بالبيئية. ففي المجتمعات المتحضرة يقل دور التأثير البيئي في حياة ومعيشة الأنسان، مثلا سكان الخرطوم لا يتأثرون بالأمطار إلا عندما تكون هناك فيضانات تدمر المساكن والطرق، أما في بوادى الرعاة يحسبون شهور الصيف عددا، ومنازل الثريا ظهوراً وغيابا، فمع ظهورها من المشرق قد حان إنقطاع نزول المطر وجفاف الضرع مما يعنى البحث عن موارد المياة ومصادر للرزق غير مصدر اللين وغيرها. نتيجة لتحكم تلك الظروف البيئية في معاشة، فشل شعب البقارة في إيجاد صيغة للإستقرار. لكن لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة في أيجاد حل لعوامل تخلف هذا الشعب؟ إن فشل الحكومات في تنمية شعب البقارة هو في حقيقتة نتاج لفشل سياسة محاولة إستقرار هذا الشعب. الإستقرار بمعناه المادى المجرد بمعنى الثبات في مكان واحد هو نقيض التجوال، وبالتالى كلمة الإستقرار كلمة منفرة مخيفة عند الأعراب، ترتبط تلك الكلمة أرتباطاً وثيقاً بالفقر، غازورات القرى، أمراض سوء التغذية، إنطماس صورة الفارس الذى يمتطى صهوة حصانة، والعدول عن الهيئة السلطانية (ركبة البئير أو الحمار ذو الفرش الوثير). إن واقع الحال يشيرإلى أن التنمية هى العامل الأهم من عوامل الأستقرار التي يفتقدها الرعاة، بل شعب جنوب كردفان والسودان منذ فجر الأستقلال. وفي حقيقة الأمر يفتقد شعب البقارة ليس التنمية فحسب بل كيفية تنزيلها على واقعة المتنقل غير المستقر، وهنا تكمن الصعوبة. إن التنمية بالنسبة للموارد البشرية والبنى التحتية هى الأقل حظاً، بل تنعدم تماماً في منطاق البقارة. يعتبر عهد الفريق عبود بداية دخول التعليم، وبداية التنوير. إزدادت وتيرة التنمية في عهد الرئيس جعفر نميري وعلى يد المحافظ محمود حسيب، حيث زادت المدارس في قرى الرعاة، وأنشئت المؤسسات العلاجية والأرشادية، وتحسنت الخدمات في المدن وتحسن قطاع الخدمة المدينية بصورة عامة، مع ذلك، ظلت التنمية البشرية في مناطق الرعاة في مجال التعليم، التأهيل، التدريب، الأرشاد، برامج محو الأمية دون الحد الأدنى لرفع الوعى الأجتماعى والسياسى. يعود السبب في فشل التنمية إلي فشل التخطيط التنموى الذى بُنى ليواكب نظم حياة مستقرة وبالتالى لم تؤد البرامج التنموية ما يرجى منها وفشل تماماً ما خطط له بها. إن فشل أستقرار الرعاة، فشل البرامج التنموية، وأنسداد حيلة خبراء التخطيط التنموى في إيجاد وصفة تنموية تنقل الرعاة إلي حالة الإيمان بجدوى الأستقرار، أدى إلى جعل دور الحكومات المتعاقبة في تعاملها مع الرعاة ينبى على إستغلال الرعاة عن طريق جمع الضرائب وتحقيق أكبر فائدة لخزينة الدولة دون إستشراق أي مستقبل لهم. قطاع التعليم يأتى على قمة التخلف والتدنى التنموي، أن عدد المدراس الثانوية لا يتعدي أصابع اليدين ويوجد فقط في محيط المدن، كادقلى، الدلنج، تلودي وهيبان، ليس للرعاة حظ في ذلك إلاّ ما ندر. وأن التعليم الأولى وهو الذي يوجد في مناطق الرعاة، لم يجد حظه من التنمية. تعتبر نسبة الأمية بين الرعاة من أكبر نسب الامية في القطر قاطبة، حيث يندر أن يدخل صغار الرعاة المدراس نسبة لحياة التجوال (وفي الماضى يعتبرون المدارس تخرج مواليين للإستعمار، وملحديين، ومنحرفين عن نمط عيش الأجداد، متعلمين للفسوق والتميع الأخلاقى). هل فكرت الحكومات المتعاقبة في أيجاد نظم تعليمية متنقلة أو وحدات علاجية متنقلة. هناك نظم متنقلة ناجة؛ الإدارة الأهلية نظام حكم متنقل قد ساعد كثيراَ في التحكم في شؤون الرعاة؛ الوحدات البيطيرية المتنقلة، على قلتها، تجربة ناجحة بكل المقاييس؛ تعليم الدين بواسطة الفقهاء (الفكياء في بلاد البقارة ومفردها فكى محرفة من كلمة فقيه) الذين يرحلون مع الرعاة للدعوة تجربة متفردة في التعليم. إن فشل برامج توطين العرب الرحل أو تنمية القطاع الرعوى إقتصاديا يعزى لخطأ التصور التنموى وعدم إستنباط فلسفة تنموية مغايرة لواقع الشعوب المستقرة وملائمة لحياة التجوال. لم ينكسر هاجس الخوف من الأستقرار حتى عند الطبقة المتعلمة من أبناء الرعاة إلا بعد تخطى مرحلة الأساس، حيث تنشأ في الفرد قوة دفع ذاتية ووعى يتخطى التصور الرعوى للحياة ويؤدى إلي الأيمان بحتمية وجدوى الأستقرار. إن بناء نظم تعليمية تواكب سلوك وحياة الرعاة المتنقلة وتجتهد في تعليمهم حتى تخطى مرحلة الأساس سوف تغير حياة هذا الشعب وتصبح حجر الزاوية في إستقرارة.

    3. القبائل العربية والهجمة التنصيرية

    في أوقات السلم لم يكن التخلف، عدم الأستقرار، إنعدام التنمية ذات خطر محدق بحياة الرعاة فى عيشهم ودينهم ومستقبل وجودهم. لكن تحت ظروف الحرب في المنطقة ونتجية للأمية والجهل الطاغى لم يدرك الرعاة ما يحاك ضدهم. فقد دأبت المنظمات الصليبية التى تعمل في المنطقة والتى تقدم العون بيد والصليب باليد الأخرى علي محاولة تنصير شعب البقارة. هناك مواقع في شبكات الإنترنت في الغرب إنشئت خصيصاً لجلب الدعم بإثارة الضمير الإنسانى الصليبى للأنتباه لمعناة شعب البقارة في السودان الذي أغتالته الحكومات بالجهل والتخلف التنموى على مر العصور والأن زجت به وقوداً للحرب، مما جعل واجب المنظمات الصليبية (حسب رؤيتها الأنسانية!) مد يد الرحمة القديسة لهم. وما نريد أن ننبه له أن هذه المنظمات الكنسية لها أطماع قديمة في المنطقة، فقد بدأت تلك الأطماع بالقس كمبونى الذى يعتبر رأئد التنصير في المنطقة. إن محاولة أستقطاب إبناء الرعاة بواسطة هذه المنظمات لتعليمهم وتدريبهم في الغرب على أسس التنصير ثم العودة بهم لاحقاً ليكونوا مبشرين بين أهليهم هى من ضمن أهداف تنصير المنطقة بما فيها شعب البقارة المسلم. فإن ظروف الحرب، الجوع، المرض، الأمية، وفقدان الأمن هى ظروف قاهرة من شأنها أن تقهر إرادة هذا الشعب الصابر، لكن الأمر في حقيقته ليس قهراً فقط نتجة للحروب، بل هناك خداع ماكر تحت ستار الرأفة، التعليم، ومستقل زاهر، مستغلين جهل هذا الشعب وقلة حيلتة ليجعلوا منه فريسة أو سلعة أخرى للمتاجرة بعد أن أكتملت المتاجرة بالجنوب السودانى وشعب النوبة في جنوب كردفان والأن أصبحت دار فور هى محط أنظار هذه المنظمات التى تبحث عن الغنى في ضعف الأخرين وبإثارة الفتن تجد هذه المنظمات المناخ الملائم لتسويق نفسها للمنظمات المانحة ليطول بقائها. اليوم حجتها الشعوب الافريقية أقليات مستضعفة، وفي الغد تأتى نفس المنظمات بعد أن يتمزق السودان إرباً، لتقف مع القبائل العربية بأنها أقليات مستضعفة وهكذا تضمن أسباب بقاءها. إن محاولة تنصير شعب البقارة هى محاولة غادرة لإدخاله في مأزق أخر غير مآزق الجوع، المرض، التهميش والجهل.

    4. الهجمة الثقافية من قبل التمرد

    لم يكن التخلف التنموى أو المنظمات التنصرية وحدهما يحددان ويهددان مصير ومستقبل شعب البقارة. إن التمرد الذى أستغل وعورة المنطقة وضعف شبكة الطرق بها، ليتغلغل في جبالها أدي إلي تهديد وجود البقارة وبقائهم، فقد أنتهك التمرد حرمت أرواحهم وممتلكاتهم وقام بهدم مواردهم الأقتصادية والتعليمية وبناهم التحتية. إن البنى التحتية – كالطرق، متخلفة أصلاً في جنوب كردفان عامة ما عدا طريق الأبيض-الدلنج-كادقلى الذي أنشأ في عام 1976 بمناسبة أعياد الأستقلال. هذا الخط الذى شاخ وتآكلت أوصاله، يلبى حاجة 5-10% من سكان جنوب كردفان، بينما تظل الخطوط الداخلية للمنطقة موسمية وبمجرد هطول الأمطار تغلق نهائياً، مما يشكل توقفاً تاماً لحركة المسافرين والبضائع وقوات الجيش السودانى في المنطقة. تحت هذه الظروف القاهرة، يقوم التمرد بأختطاف التجار، الأستاذة، والقيادات المحلية للقبائل ويدخل مع القبائل العربية في حروب ضارية يرمى من ورائها إلي تصفية الوجود العربى في المنطقة. لم تكن خطة التمرد بعد السلام بأحسن حالاً من ختطته التدميرية في أثناء الحرب. بحلول السلام يواجة البقارة والشعوب العربية في ريف جنوب كردفان واقع جديد أو قل هجمة أخرى – الهجمة الثقافية التعليمية – التى تتمثل في الزج بأبناءهم في مدارس التمرد التى تنتهج الأنجليزية أسلوباً للتدريس وبالتالى إضعاف هويتهم وثقافتهم العربية وإضعاف تمسكهم الدينى

    5. التخلف التنموى

    إن أبناء القبائل العربية في مناطق الهامش في خطر، تحاصرهم ظروف قاسية، ينحشهم الجهل، تقتلهم أمراض سببها عدم التوعية الصحية، تنعدم لديهم الموراد العلاجية، التعليمية والإرشادية، تعتبر الموراد المائية الصحية معدومة تماماً في مناطق الرحل، يشرب الرعاة الماء العكر من البرك والخيران حيث تكثر البلهارسيا، الملاريا وتنتشر الأمراض المعدية. بعد تهجيرهم وأستقرارهم في مناطق جافة أنقرضت حيواناتهم وإنعدمت منتجات الألبان لديهم مما أدى إلي ظهور أمراض غريبة كالعمى الليلى الذى أصبح ظاهرة معتادة في قرى البقارة النازحين. وفي فترات الصيف يشربون مياة الآبار الجوفية والدوانكى، التى هى ذات نسبة أملاح عالية مما أدي بدوره إلى أرتفاع الوفيات بأمراض الكلى، وإزدياد الفشل الكلوى ظاهرة جديدة عند المستقرين من الرعاة. تزداد نسبة الوفيات، أيضاً، بسبب الملاريا، اليرقان وعسر الولادة. كل هذه الأمراض تعنى أن العرب يعانون من نقص التوعية الصحية والعلاجية والأرشادية. إعتماد إقتصاد البقارة على حرفة الرعى، جعلهم عرضة للكوارث التى تؤثر في تلك الحرفة. ففى الغالب، يوجد شخصين أو ثلاثة في الأسرة الرعوية كمنتجين، بينما غالب أفراد الأسرة التى يكون متوسط أفرادها من 7-9 غيرمنتجين. وعادةً المنتجون هم الأطفال وصغار الشباب من الذكور الذين يقومون بالرعى، بينما يعتبر رب الأسرة، كبار السن والنساء عاطلين تماماً عن العمل. هناك بعض الأعمال البسيطة التى تقوم بها النساء كحليب اللبن، إستخراج السمن، تسويق منتجات الألبان في الاسواق في فترة الخريف. لم تقتصر ضآلة التنمية على الرحل، بل المستقرين منهم أسوأ حظاً. يرجع السبب إلي أنعدام منتجات الألبان في فترات الخريف بعد رحيل البهائم إلي شمال كردفان. كثرة الغازورات، المياة الراكدة حول القري في فترة الخريف سبب مباشر في أرتفاع الملاريا، البلهارسيا، التيفويد والأمراض المعدية. إن الرعاية الصحية أيضاً متخلفة، برامج الأسرة في مجال الحمل، الولادة، الرضاعة وتغذية الأطفال معدومة. كثرة زواج الأقارب، الزواج المبكر، الخفاض، ممارسة العادات الضارة كالشلوخ، الوشم، شك الشفاة وغيرها عوامل تخلف أخري.
    نتيجة للظروف القاتمة بسبب الحروب ظهرت هجرات جماعية لأبناء الرعاة نحو المدن وبلاد المهجر بحثاً عن الرزق. نسبة لقلة التعليم والوعى بالحياة المدنية، يعتبر أبناء الرعاة فصيل هامشى عندما يذهبون إلى المدينة بحثاً عن الرزق. بالأضافة إلي قلة التعليم، فأن أبناء الرعاة يمتازون بروح أبية، مما يضطرهم إلي اللجوء إلي إعمال الشدة كالجيش، الذى لايتطلب تعليماً في الماَضى، مما جعل عصب الجيش السودانى من الرعاة في غرب السودان. من خصائص الجندي من أبناء الرعاة، الفروسية وقوة الشكيمة في الشدة وسهولة القيادة والأنضباط. لكن أخيراً، نسبة لدخول مهارات فنية في الجيش تتطلب قدراً كافياً من التعليم، لم يجد العرب أمامهم سوى الأنزواء أو العمل في تشييد المبانى، الطرق والكباري. أهم أسباب هجرة الرعاة إلى المدن هي موت قطعانهم التى يرعونها، نتيجة للحروب الدائرة، أو نتيجة للأهمال البيطري – كالكارثة التى حدثت في منطقة خور أبوحبل عام 1989 بعد هجرة العرب الرحل من أواسط جنوب كردفان، حيث المراعى الخصبة، وأستيطانهم في شمال كردفان الجافة مما أدى إلى ظهور أمراض غريبة على الرعاة وهلاك ألاف القطعان، وتحول الرعاة إلى سكان قرى أو لاجئين ينتظرون الأغاثة. وفوق كل ذلك تنعدم سلطة الدولة في مناطق الرعاة، حيث لاتوجد أجهزة أعلام كالتلفاز والصحف والاذاعة، ولم تكن هناك وسائل رفاه كالسينما الكهرباء، المواصلات!، وغيرها. فأيّ مستقبل يرجى لهذا الشعب، وأيّ مصير ينتظرة .

    6. القبائل العربية في أرض الهامش مرابطة على ثغور الوطن

    إن مشكلة التنمية هى أُم مشاكل السودان وهى سبب حروبه وربما سوف تكون سبب تقطيع أوصاله، لكن مشكلة البقارة أعقد من كونها مشكلة تنمية، هى مشكلة وحدة تراب السودان، مشكلة التراث الثقافي العربى، هى مشكلة دين أمة. لكى أدلل على هذا التعقيد، فقد تراجعت اللكتلة الأفريقية في جنوب السودان ومناطق الهامش الثلاثة عن وحدة تراب الوطن مطالبة بحق تقرير المصير، أصبح شعب البقارة ذو الأقلية السكانية العربية هو الوحيد الذى يدافع عن وحدة الوطن في مناطق الهامش، وهو الشعب الوحيد الذى يدافع عن التراث والثقافة العربية للأمة في مناطق الهامش، وهو الشعب الوحيد الذى يتمسك بمدأ الحاكمية لله بعد أن نادت الكتل الأفريقية بالعلمانية. إن إخراج شعب البقارة من ظلامية الجهل، التخلف التنموى، درء المنظمات التنصيرية عنه، ودعمه في ضعفه ضد آليات التمرد التى حصدت أرواحه ومازالت تتربص به يتطلب جهد شعبى، محلى وقومى وإستنفار لهمم أبناءه في داخل السودان وخارجه حتى ينطلق شعب البقارة ويقدم الدور المرجو منه. إن تراجع مبدأ القومية نتيجة للهمجة الأقليمية (الجنوب ودارفور وأبناء الشرق) والأثنية كالنوبة وأبناء البجة، أصبح هنالك واقع جديد ينبى على الأقليمية والإثنية والإعتراف بهما وأيجاد سبل لتعايش وحداتهما وإبراز خصوصياتهما، وبهذا المنظور يبدأ بناء السودان من وحداته الإثنية الصغرى، ونرجو لشعب البقارة أن يجد نفسه وسط زحمة الأحداث. والله من وراء القصد يهدى السبيل والله غالب علي أمره.

    نواصل.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de