|
|
 الكلمة الفلفية التي تحرق الحناجر ( النوبة )
|
الكلمة الفلفية التي تحرق الحناجر ( النوبة )
منذ أن بدأت وسائل الاعلام السودانية في بث برامجها المقرؤة والمرئية على مستوى
كافة الاجهزة الحكومية والخاصة كأنها لا تسمح بأن تلفظ كلمة نوبة أو منطقة جبال
النوبة على وسائلها بطريقة واضحة وصريحة وذلك شي متعمد قصد منه طمس لفظ هذا
الاسم العريق لما له من دلالات عميقة تنبض بهوية أهله وترمز إلى معناه التاريخي
العتيق .
الكثير من الناس عندما يتحدثون عن قضايا السودان عبر وسائل الاعلام ويمر من
خلال عباراته ما يشير إلى اسم النوبة أو ما يستدعي وجوبا نطق كلمة نوبة أو
جبال النوبة نراه يحاول جاهداً تجاوز لفظ كلمة نوبة ويفضل أن يستعيض عنها بكلمة
جنوب كردفان أوكردفان مثلا تفاديا لتلك الكلمة المشطشطة التي تلهب الحناجر وظنا
منه بذلك يكون قد أخفي وأضاع حضارة وتاريخ وشعب النوبة ولو كان اسم النوبة لم
يكن مضاف بالجبال لنطق كلمة جبال بدون نوبة عجبي على قوم يظنون أن الشعوب التي
قدر الله لها أن تحيا يمكن نفيهم من الوجود بطمس هويتهم وتجاهل إعطائهم حقوقهم
الأدبية والإعلامية وبعدم ذكر اسمهم.
فأن الشعوب الحرة لا تفنيها حروب الإبادة ولا مؤامرات أجهزة الإعلام الموجهة
ضدهم بل تنهض الشعوب وتنتفض كلما استفزها الحدث وتبقي في تصاعد المقاومة بحثا
عن ذاتها وكيانه ومكتسباتها التاريخية.
وكردفان كانت في عهد الحكم الثنائي ( الانجليزي المصري عام 1899م ) مديرية
وعاصمتها الإبيض يحدها من الشمال خط يمتد م جبرة إلى وادي الملح بالقرب من عين
حامد ومن الجنوب بحر الغزال وبحر العرب ومن الشرق مديريتا الجزيرة وفاشودة ومن
الغرب دارفور واشتهرت كردفان منذ زمن بحيازة الصمغ الذي اطلق عليه زوراً اسم (
الصمغ العربي ) بيد أنه يجمع من غابات منطقة جبال النوبة الغنية بأشجار الطلح
والهشاب والبان ( التركترك ) وكثير من شجيرات الصمغ
وكردفان اسم نوبي مركبة وأصله كردو أو كادو التي منها أسم كادوقلي وكردو أو
كادو معناها بالعربي ناس أو رجال وفان بوضع ثلاثة نقاط على حرف الفا أو تشديدها
في النطق بشد الشفة السفلى لامسة مقدمة الاسنان العلية على طريقة لفظ حرف V
باللغة الانجليزية معناها في بعض لغة النوبة الأثرياء أو أقوياء .
بقي أن نعرف من هم الرجال الاقوياء او الناس الاثرياء الذين اول من سكن تلك
الارض فاصبحوا السبب في تسميتها ؟
من هنا نتناول تاريخ كردفان بسرد مؤجز وبدون تفاصيل حتى لا نغوص في متاهات
التاريخ.
عندما انهارت مملكة سوبا على يد تحالف عمار دنقس امير الفونج وعبد الله جماع
أمير عرب القواسمة وقامت مملكة سنار 1505م ( السطنة الزرقاء ) انهارت أخر مملكة
كبرى للنوبة على هذا الجزء من السودان وعز على وجهاء النوبة العيش تحت سيطرة
الغزاة حيث ينكل بهم ونالهم عذاب المتسلطون ولا سيما كان معظم شعوب النوبة على
الدين المسيحي أنذاك وابت النفوس الكريمة أن ترى شعبها يهان على يد الغزاة
فنزح امراء النوبة بمعية وزرائهم وبعض العوام غرباء إلى حيث كردفان حالية.
ولكن بعد أن استوطن النوبة في كردفان وعرفت المنطقة بذات الأسم لم تكن كردفان
موطن استقرارا بالنسبة لهم لأن الغزاة استمروا في مطاردة النوبة من أجل سلب
ممتلكاتهم من خيول ومواشي وخطف اطفالهم وسبي نسائهم وأن قادة مملكة سنار من
العرب استطاعوا الاستفادة من أنهيار ممالك النوبة على أرض السودان وإعادوا
بناء جيش قوي من أبناء النوبة الذين أصبحوا طرائق قددا عقب الظروف التي المت
بهم وبقوا داخل حرم مملكة سنار ولم يذهبوا مع أمرأئهم فتكون منهم جيش جرار قوي
هو الذي كان يستخدمه العرب في غزواتهم ضد النوبة انفسهم ( كما هو معلوم الإخلاص
في العمل والأمانة صفة اصيلة لدي شعب النوبة ) ولقد اتعبت هجمات الغزاة النوبة
الذين استوطنوا في كردفان ومرة أخرى تفرق النوبة من كردفان ونزح جزء نحو الجنوب
إلى منطقة جبال النوبة الموطن الاصلي للنوبة فيما تفرق الجزء الثاني إلى فرق
متناثرة في بلدات صغيرة نحو الغرب مرور بجبل الميدوب حتى دار فور حيث سكنوا
ايضاء في الجبال وبقي جزء منهم في كردفان ذاتها.
وكانت كردفان مزكر تجاري هام في وسط السودان يربط اتجاهات السودان الاربعة
تجاريا حيث اشتهر بها الطريق الأقرب إلى الشمالية وهو طريق الاربعين الذي يربط
كردفان بدنقلة وأزدهرت منطقة كردفان في عهد سلطنة دارفور على يد المقدوم مسلم.
وفي عام 1821م جاء الفتح المصري وحملات الفتح الذي كان يقودها محمد بيك
الدفتردار صهر محمد علي باشا ويضع منطقة كردفان في نقلة تاريخية أخرى حيث ينتهي
منها سيطرة سلطة الفور ويبتدي فيها عصر جديد على يد سلطة غزاة من خارج القطر
ولقد بسطوا نفوذهم بالقوة الجبرية واتسعت المنطقة إلى جميع الحهات وظلت منطقة
كردفان نشطة إلى أن سقطت بيد المهدي عام 1883م وخربها كما جاء في التاريخ ثم
اعاد الفتح المصري كرته مرة اخرى بمعاونة الانجليز ( الحكم الثنائي 1899م )
منطقة كردفان إالى الحدود الجغرافية بعيد استقلال السودان 1956م .
ومع مرور الزمن اصبحت كردفان بحجم دولة تتوسط السودان الكبير بها العديد من
المدن التاريخية الأبيض ، الرهد، بارا، السميح ، هيبان ، لقاوا ، النهود ، جبل
الداير ، جبل كدرو، جبال تقلي ، جبل قدير ، سلاا ، كادقلي ، الدلنج ، كاكا ،
اب يي ، كيلك ، دميك ، الدقاق ، الفيض ، أم روابة ، الضعين ، والعديد من المدن
التي قيم فيها خليط من البشر كما اصبحت كردفان بمثابة وعاء يحتوي كافة اجناس
السودان ومن بينهم الشوام والهنود والاوربيين والحجازيين والمصريين في تعايش
ووئام.
ننفذ إلى عهد الحكومات الوطنية والتي احدثت في منطقة كردفان الكثير من التغيرات
بداية من احداث مديريات اسمية غير مؤهلة تفتقر إلى ابسط المقومات الأساسية مما
جعل المنطقة في تأخر.
واستمر العبث في كردفان حيث تم تقسيم منطقة كردفان لأغراض سياسية تقسيم جغرافي
إلى جزين هما شمال كردفان ويضم الأبيض وتابعاتها وجنوب كردفان ويعم منطقة جبال
النوبة التي تمتد جنوبا وشرقاً إلى النيل الأبيض ( اب يي و كاكا ) التي اصبحت
مفصولة عن منطقة جبال النوبة فيما بعد وغربا إلى دارفور
أما اسم منطقة جبال النوبة فهو الأسم التاريخي لسكان المنطقة لما فيه من دلالات
عن تواجد النوبة فيه منذ زمن بعيد ولقد لوحظ على اوراق البرتكولات التي وقعت في
نيفاشا 25 مايو 2004م كتابة الاسم التوصيفي ( الجغرافي ) جنوب كردفان قبل الاسم
الأصلي التاريخي فشرطة ( جبال النوبة ) الاسم المشطشط الذي تتحرق منه الحناجر
وهذا يعد خطاء فادح وشنيع ومحاولة حقيقية لطمس حق النوبة التاريخي إذ أن الاسم
جبال النوبة يمثل حق تاريخي وأدبي لشعب منطقة جبال النوبة وإذا كان النوبة قد
ناضلوا زمن طويل وضحوا كثيراً من أجل الحصول على حقوقهم المشروعة والحفاظ على
كيانهم كشعب عريق يحق له العيش على أرضه بعزة وكرامة في ظل السودان الجديد هذا
ابسط الحقوق يجب الحفاظ عليه من باب أولى التمسك بالجذور التاريخية للمنطقة ولا
يجوز التفريط فيها ( جبال النوبة ).
ولا شك أن هناك مغرضين أرادو تمييع هذا الحق حتى ينسى إلى حين ويكون بذرة شر
تنمو في رحم التاريخ وما أن نبتت تبث سمومها في المنطقة ويبدأ التناحر من جديد
وعلى ذلك ننبه جميع أبناء المنطقة توخي الحذر فيما يحاك وما قد يحاك ضد مصالح
المنطقة وابنائها وما قد يسعى إليه زراع الفتن والجراثيم التي تعيش على جثث
الموتى وتطرب على مناحة المكلومين والحزانة فعلى جميع أبناء المنطقة التعامل مع
الأمور بتروي وإمعان حتى ينهضوا بالمنطقة إلى مصاف المدن الراقية المتقدمة
وخلاصة الكلام نريد إعلاما نزيها ينادي الاشياء بأسمائها ونريد أن ينطق الاسم
جبال النوبة بدون ترميز أو فواصل .
محمود جودات – الرياض [email protected]
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست