|
|
 يا نوبة الجبال:هل من اتفاق؟ من اتحاد؟
|
مع اقتراب التوقيع النهائى على اتفاقية السلام السودانية التى تجرى مفاوضاتها الآن فى ضاحية (نيفاشا) الكينية , ذلك السلام الذى نامله جميعا , وياتى بعد حقب عانت فيها جبال النوبة من الظلم والتهميش والتهجير وحرب ابادة لم يوقف اوارها الا اتفاقية جنيف2002م التى قضت بوقف اطلاق النار فى جبال النوبة بين الجيش الحكومى والجيش الشعبى لتحرير السودان ووضع مراقبين لمراقبة هذا الوقف والسماح للمنظمات الدولية بتقديم الغاثات والمساعدات وازالة الالغام وانشاء البنية التحتية فى المنطقة .
ومع تفويض ابناء النوبة للحركة الشعبية لتحرير السودان فى مؤتمر كاودا التاريخى الذى انعقد فى الفترة 2-5 ديسمبر2002تحت مسمى (مؤتمر كل النوبة )الذى جاءت قراراته وتوصياته فى مصب توحيد صفوف ابناء النوبة وكان من اهم نتائجه حل كل من الحزب القومى السودانى الحر والحزب القومى السودانى والحزبالقومى السودانى القيادة الجماعية واتحاد عام جبال النوبة ودمجهم فى كيان باسم ( الحزب القومى السودانى المتحد)برئاسة الاب/ فيليب عباس غبوش ونيابة البروفيسور/ الامين حموده دبيب والاستاذ/ محمد حماد كوه والاستاذ/ يوسف عبد الله جبريل , وقد وجد المؤتمر تاييدا قويا من ابناء جبال النوبة ولكن لم يخلو من تحفظ ومعارضة البعض للتفويض الذى منح للحركة الشعبية , الا ان موقف الحركة الشعبية قد اثبت لابناء النوبة مدى توفيقهم فى مسالة التفويض.
ولكن بعد مؤتمر كاودا بقليل تابعنا بكل قلق واسف مسلسل الانقسامات والانشقاقات داخل الحزب القومى السودانى المتحد وعمليات فصل واقصاء وزاد على ذلك بروز اجسام اخرى تحمل اسم الحزب القومى السودانى ,كل ذلك يحدث فى وقت من المفترض ان يكون الحزب مشاركا بممثلين فى مراحل التفاوض فى كينيا حسب توصيات مؤتمر كاودا .
وبعد كل هذا السرد السريع للاحداث السابقة , ومع توقعات قرب التوقيع على اتفاقية السلام رغم التعثرات والعقباتفى ملف المناطق الثلاثة وخاصة (ابيى) ,قد يفاجا النوبة بالتوقيع على السلام بين لحظة واخرى وبدء العمل فى الفترة الانتقالية وما يتبعها من حكم ذاتى موسع واستفتاء على تقرير المصير وتحديات تكوين مؤسسات الحكم للمنطقة ومشاريع التنمية المختلفة والبنية التحتية والتعليم والصحة ....الخ, يقودنى كل ذلك للتساؤل !!عن ما هو التنظيم الذى يقود العمل السياسى والمدنى خلال الفترة الانتقالية؟ وبفكر ومنهج اى كيان سياسى يحتكم النوبة خلالها؟؟.
يستوجب ذلك التساؤل ان نضع الكيانات السياسية التى تعبر وتناضل باسم جبال النوبة فى ميزان التحليل لمعرفة مدى قدرة اى منهم على قيادة العمل خلال الفترة الانتقالية .
ولنبدا بالحزب القومى السودانى المتحد , والمعروف ان الحزب القومى السودانى الذى تاسس عام 1985مبقيادة الا/ فيليب غبوش وشارك فى انتخابات 1986م فاز فى ثمانى دوائر سبعة منها فى منطقة جبال النوبة وهى دوائر سلارا وكادوقلى وريفى كادوقلى وام دورين وريفى هبيلا ودلامى وريفى البرام والملاحظ ان وقوع هذه الدوائر فى جبال النوبة اعطت الحزب فرصة طيبة لامتلاك الخبرة العملية على ارض الواقع من خلال الممارسة العمليةالا ان سرعان ما دب الانشقاق داخل الحزب فى 1988 اثر خلاف نشا حول تفعيل اداء الحزب نتج عنه انسلاخ سبعة اعضاء برلمانيينومعهم ثلاثة من اعضاء المكتب السياسى للحزب وكونوا فصيل باسم القيادة الجماعية وظل الحال على هذا المنوال حتى تم التوحد فى 1995م بين الحزب القومى السودانى والقيادة الجماعية واتحاد عام جبال النوبة ولكن لامساك نظام الجبهة بمقاليد السلطة فى السودان وحظره للممارسة الحزبية الديموقراطية ووجود الحزب القومى السودانى مع الكيانات الساسية السودانية الاخرى فى خندق المعارضة لم تتح للحزب القومى السودانى الفرصة لممارسة فكره السياسى والادارى على ارض الوافع والمك! سب الوحيد الذى خرج به الحزب فى تلك الفترة هو صياغة ادبياته وتوحيد رؤيته , واتى انضمام الاب/ فيليب غبوش لنظام التوالى السياسى لنظام الجبهة فى 1998م مما زاد من جراح الحزب الذى قدر له منذ نشاته ان لا يهنا باسباب الاستقرار والثبات سواء فى فترة اليموقراطية او ديكتاتورية نظام الجبهة ,وقد اتى الانشطار الاخير الذى اشرنا له فى بداية المقال بعد مؤتمر كاودا نتاجا لسير الحزب المتعرج منذ البداية ,يقودنا هذا السرد لمسيرة الحزب القومى الى نتيجة حقيقة ان الحزب غير مهيا فى الفترة الحالية لهذا المعترك الذى يحتاج لكيان سياسى يملك قدرا كبيرا من الاستقرار والتماسك , وبالتالى يملك برامج معدة ورؤى جاهزة للفترة الانتقالية القادمة , ومع تقديرى لعراقة ونضال الحزب القومى الا ان هزات ابنائه وصراعاتهم جعلته غير قادر على ان يكون اللعب الرئيسى فى الفترة الحالية القريبة القادمة قبل سريان الفترة الانتفالية.
ناتى للفصيل الآخر وهو كوادر ابناء النوبة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان , ذلك الفصيل الذى نسا بعد الدخول التاريخى لايناء النوبة فى الحركة الشعبية بقيادة الشهيد/ يوسف كوه مكى, واحداثهم لتحول جذرى فى مسيرة النضال سواء فى جنوب السودان او فى جبال النوبة , فنجد ان كوادر ابناء جبال النوبة فى الحركة الشعبية قد تملكوا ذخيرة طيبة من الخبرات والتجارب وذلك من خلال ادارة العمل السياسى والادارى المدنى فى المناطق المحررة فى جبال النوبة وتقديم نموذج رائع فى الادارة , لم تتوفر هذه الفرصة لاى لاعب سياسى آخر من تنظيمات جبال النوبة , لذا يحتم ذلك الواقع بان تتوحد كل تنظيمات جبال النوبة مع البرنامج الذى يدار الآن فى منطقة الجبال فلا مجال الآن لسن قوانين ونظم ادارة ولوائح.....الخ, فالستة سنوات الانتقالية قصيرة فى عمر الشعوب مع الوضع فى الاعتبار ان استفتاء تقرير المصير سيكون فى بداية السنة الخامسة اى قبل انتهاء الفترة الانتقالية ولا يغيب عن الاذهان ما يستوجب من اعداد وتنظيم لهذا الاستفتاء, كما ان وجود كوادر ابناء النوبة فى الحركة السعبية كتنظيم مجرب فى الادارة يف! عل ذلك من تجويد التنظيمات السياسية الاخرى لحركتها تجاه الراهن السياسى فى جبال النوبة .
قد يرى البعض ان هذه الرؤية ضربا من الامانى المستحيلة وقد يترفع البعض عن مجرد فكرة التنسيق او الاندماج مع الآخر , ولكن المرحلة القادمة لن تجتاز الا بتوحيد الفكر والجهد ونبذ التطرف وابعاد الضغائن والتطلع الى الهدف الاسمى .
ان كل ما اوردته فى هذا المقال هو كما قال ( فرانسيس دينق) صراع رؤى , وما رؤيتى الا مساهمة متواضعة فى الحراك السياسى الجبال نوبى الدائر ومآلات السلام القائمة وندلوا بدلونا علنا نساهم فى شان تكوين رؤية قد ينجم عنها توحد او اتفاق يثمر فى بناء كيان النوبة العظيم
وحد الله القلوب وجمع الصفوف
محمد داؤد كيجه القاهرة [email protected]
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست