|
من وحيّّ قمة " حلف صنعاء "من الطائش ومن المتهور فى القرن الأفريقي ؟ !
|
تم تكوين حلف صنعاء من ثلاث دول هي اليمن واثيوبيا والسودان تقليداً لمجلس التعاون الخليجي ‘ "الذى يعتبر بحق مجلس تعاون الأغنياء". وقد أعلن زعماء هذه الدول منذ البداية أن الحلف يستهدف اريتريا وتغيير النظام فيها حسب ما أعلنه وزير الخارجية السودانى الدكتور مصطفى إسماعيل فى ختام القمة الأولى للحــــــلف فى صنعاء ‘ " والذى يعتبر مجلس التعاون للفقراء " مقارنة . وقوله انهم يهدفون الى تغيير النظام فى اريتريا . وردد زعماء الحلف فى قمتهم الأخيرة فى اديس ابابا هذا الحديث وذهبوا الى أبعد من ذلك بإتهام الرئيس الاريتري اسياس أفورقي بأنه متهور وطائش رغم أن هذا الحديث لا يجب أن يصدر من زعماء دول هكذا علانية فى صحف عالمية ( أفورقي متهور وطائش فى جريدة الشرق الأوسط العدد رقم 9163 فى يوم 30/12/2003 وأيضاً فى العدد رقم 9165 فى 1/1/2003 ) في الوقت الذى يرددون ‘ أو ظلوا يرددون ‘ عن حرصهمالأكيد على سياسات حسن الجوار وحل المشاكل الأقليمية سلماً وحواراً . والسؤال هو من النظام المشاكس الحقيقى فى المنطقة ؟ .. وماهي أهمية هذا الحلف بدون دولة اريتريا التي تنتمى الى القرن الأفريقى جغرافياً ؟ وللإجابة عليه نورد ما يلي :
أولاً : بالنسبة للسودان وللخلافات الموجودة بين النظامين الأريتري والسوداني فالجميع يعرف أن نظام الإنقاذ الوطنى سعى منذ قيامه فى عام 1989 بتدريب عناصر اريترية أسماهم بالجهاد الإسلامى فى اريتريا بفرض أسلمة اريتريا وتصدير المشروع "الحضارى" الإسلامي الذى يتبناه نظام الإنقاذ الى الدولة الناشئة. وقام الدكتور الترابى الذى كان على رأس النظام بتدريب الاصوليين الإريتريين فى معسكرات من اجل هذا الهدف بل نشر عشرات الدبلوماسيين كجواسيس فى اريتريا. حتى ضاقت الحكومة الاريترية بذلك وأمرت بإغـــــــلاق السفارة وإيقاف " هذه الفوضى " وعلماً بأن هذه الدولة الحديثة لديها قوميات ذات أديان مختلفة فمنها المسلم ومنها المسيحي . فمن هنا بدأت الخلافات السودانية الاريترية . وكان على النظام السودانى ‘ الذى ترعرع فى داخله معظم القياديين الاريتريين إبان حرب التحرير ‘ أن يمد يد التعاون إلى النظام الجديد بدلاً من أن يستل خنجراً ويطعنه من الخلف وتخويفه بالمحاصرة الإقتصادية وإقامة تحالف مع اليمن وأثيوبيا للضغط على الشعب الإريتري وحكومته .. وأيضاً حسب قول وزير خارجبة السودان فى الصحف من فترة لأخري يدعى فيها أن الحكومة الأريترية سجنت سياسيين وبرلمانيين وصحفيين وهرب منها عشرات من الدبلوماسيين . وينكر فى نفس الوقت بأن حكومة الإنقاذ لم تسجن أحداً ! ‘ والمعروف أنها الحكومة الوحيدة فى السودان الملطخة أيديها بدماء الشرفاء من السودانيين ‘ وهل ننسى عقول السودان التى هربت الى خارج البلاد ‘ والبقية محاصرة داخل الوطن . والعالم يعلم أن حكومة الإنقاذ هي الذى أتت بالإنقلاب العسكرى ‘ وهذا لا يخفى على المتابعين لأوضاع السودان من الخلافات التى نشبت مع الدول العربية ونذكرمنها تأييدها لغزو صدام حسين لدولة الكويت . ولا ننسى خلفية عملية إغتيال الرئيس المصري فى اديس ابابا وما جلبته هذه العملية من جر السودان الى اتهامه فى قضية الارهاب . ودخلت حكومة الإنقاذ أبواب المشاكسة مع دول أفريقية كثيرة منها أثيوبيا الحليفة الآن . وكثيراً ما أدعت الخرطوم على أن اريتريا أن ترفع يديها من تدخلها فى حرب الفصائل السودانية المتنازعة تارة فى شرق السودان وتارة أخرى فى غرب السودان أى ما يسمى بالمناطق المهمشة . وفى نفس الوقت يقول وزير خارجية السودان بأن " فاقد الشيئ لا يعطيه ! " أى أن إريتريا لن تحل مشاكلها الخاصة حتى تتمكن من المساهمة فى حل مشاكل السودان عبر منظمة إيقاد. وأخيراً فى جريدة الشرق الأوسط العدد رقم 9170 فى 6/1/2004 وجه د.مصطفى إسماعيل رسالة الى كوفى عنان والى رئيس مجلس الأمن يشكو إريتريا بتهمة التحريض وتقديم الدعم لمقاتلي دارفور فى غرب السودان . ما هذا التناقض فى التصريحات من وزير خارجية السودان وهذا الحقد الشخصى ضد حكومة إريتريا وشعبها الذى يكن للسودان كل خيروأن يعيش فى سلام دائم .
ثانياً :
بالنسبة لأثيوبيا .. فقد كانت اطماعها واضحة فى كثير من المناطق الاريترية الساحلية منها والاستراتيجية منها ‘ ومنها عصب وبادمي وغيرها .. وحاولت منذ استقلال اريتريا عنها الاستيلاء على هذه المناطق بالقوة .. فكانت الحرب ‘ وبعد أن أحتكم الطرفان الى القاضى الدولي رأت محكمة لاهاي صدق الرؤية الاريترية ‘ وقامت باعادة هذه المناطق الى اريتريا بقرار واضح ‘ ولكن الجانب الأثيوبي لم يرضخ للقرار الدولي وظل يشاكس ويناكف حتى الآن فى اعادة هذه المناطق الى اريتريا. وأثناء شن اثيوبيا حرب على اريتريا عام 1998‘ فتح السودان حدوده للجانب الأثيوبى ليكسب الحرب ويحتل مدينة تسني المجاورة .
ثالثا :
أما بالنسبة لقضية " حنيش " مع اليمن فقد حاولت صنعاء ضم هذه المنطقة الى اراضيها بعد ولادة الدولة الإريترية رغم وجود هذه المنطقة تاريخيا تحت السيادة الأثيوبية ‘ ولم تفتح اليمن فمها لإستعادتها ! ‘ وبعد حرب قصيرة استمرت ساعات رأى الجانبان أن يحتكما الى القانون الدولي الذى أصدرحكمه لصالح اليمن ‘ ولكنه بعد أن رأى الوثائق الإريترية تراجع وسمح فى قرار آخر بالصيد فى هذه المناطق مما يعنى إعترافه بأحقية هذه المناطق للجانب الإريتري . والواضح من كل هذا أن دول التحالف الثلاث يتآمر على دولة اريتريا منذ ولادتها بحيث يقطع كل من اليمن واثيوبيا والسودان قطعة من السيادة الاريترية ‘ وتخويفها أمام المجتمع بالتصريحات الصحفية المجحفة فى الصحف العربية الدولية بأن دولة اريتريا متهورة ومشكاسة ! وكان من الصواب أن تطاب اليمن بأحقية جزيرة حنيش والجزر المجاورة من أثيوبيا قبل خمسين عاماً .
للذين يقولون أن اريتريا دولة مشاكسة بإعتبار الخلافات التى نشبت‘ والمذكورة سابقاً عليهم أن يعيدوا النظر فى هذا الموضوع .. فإذا كانت هناك دول مشاكسة وقصيرة النظر سياسياً فهي دول المحور والتحالف بإعتبار انها هي التي صنعت هذه القلاقل فى المنطقة وتسعى لإقناع العالم بصدقيتها رغم كذبها الصراح . وبقي أن نسأل وزير خارجية السودان هل اريتريا التي " تساعد غرب السودان في التمرد " هى نفس الـ " اريتريا " التي " لا تقدر على شيئ وإن حاولت " ؟! وبكل صراحة نقول له إن مشكلة دارفور ‘ كما يعرف كل المجتمع الدولي الآن ‘ سببها سياسات حكومته حين سلحت قبائل بعينها ضد الفور وأهل الغرب وحاربت الى جانبهم وفرقت بين أناس عاشوا دائما فى سلام . هل اريتريا مسؤولة عن تخلف غرب السودان " سبب الانتفاضة المسلحة " ؟! هل القبائل العربية الموالية لكم ما يضطهدون به الفور والزغاوة والمساليت ؟! اريتريا يا سيادة الوزير بلد يعيش فيه المسلم والمسيحي سيان لا فرق بينهما . ولا يؤثر على ذلك أكان الحاكم من هذا الدين أو ذلك . ودارفور التي تقللون من قدر انتفاضتها نعلم نحن الاريتريين تمام العلم لماذا ثاروا . لأننا جربنا ذلك من قبـل حين أريد لنا أن نكون مضطهدين . لكننا أنتصرنا . وأخيراً لنا سؤال ‘ مهم ومعروف ‘ يتمثل في أن الجيوش عندما لا تحقق ما تريد في حروبها تتجه نحو حروب أخرى .. تماما مثل ما كان يفعل صدام . فهل السودان يتجه لضرب غربه واخضاعه دون وجه حق أو عدل مثلما حاول مع جنوبه زمنا ولكنه رضخ في النهاية لواقع السلام . دارفور يا سادتي ستكون ضحية رجوع جيش السودان الى ثكناته !!
محمود ملاّك - لندن
|
|
|
|
|
|