|
المغترب السودانى وحقوقه المهدرة
|
قبل عدة اسابيع جرت عدة إجتماعات بمقر النادى السودانى بأبوظبى للتفاكر حول أسلم الحلول لتفادى الإجحاف الذى يتعرض له أبناء المغتربين من فرص القبول العام بالجامعات السودانية والذى ظل يتكرر ويتفاقم عاماً تلو الآخر ، وقد إجتمعت الآراء على أن هناك إنتقاصاً لحقوق الأبناء كسودانيين من حيث عدم مساواتهم بأقرانهم داخل الوطن وحرمانهم من مبدأ الفرص المتساوية فى الجامعات وهذا بجانب عدم المساواة فى مصاريف التسجيل والدراسة. وبالرغم من الجهود المقدرة التى ظل يبذلها الأخوة رئيس وأعضاء إدارة الجالية السودانية بأبوظبى عبر السنوات العديدة الماضية وبمؤازرة الأخوة بالسفارة لحل هذه القضية وكذلك المبادرات الفردية للكثير من الزملاء فإن المشكلة ظلت تسير من سئ لأسوأ. وقد تبلور لدى غالبية المجتمعين آنذاك أن الحل الجذرى للموضوع يكمن فى رفع قضية دستورية لإلغاء هذا التمييز غير المبرر . ولعلنا نتفق جميعاً أن هذا التمييز فى تعليم الأبناء ماهو إلا جزء من المشكلة الكبيرة ألتى يعانى منها المغترب وألتى تسلبه أبسط حقوقه كمواطن إضطرته الظروف للبحث عن كسب عيشه خارج الوطن. وتفاصيل مايتعرض له المغترب من إجحاف من قبل وطنه يعلمها ويحس بها كل فرد منا ولكن وبلمحة سريعة نتذكر معاً أن الدولة تفرض علينا : 1- ضرائب تحت مسمى مساهمة وطنية ليس لها مبرر منطقى غير أن الدولة كانت فى وقتها فى حاجة للعملة الصعبة والمغترب وقتها كان يتحاشى التحويل عبر البنوك لتدنى اسعار صرفها مقارنة بالسوق الموازى ولتحفيز المغتربين لدفعها تم تشجيعهم بالعديد من الإمتيازات والإعفاءات ، بينما الآن لايعود عليه أى نفع خدمى منها مثله مثل السودانيين المقيمين بالداخل. وغير ذلك فالضرائب يتم تقديرها على أساس المهنة وليس على الدخول الفعلية دون الأخذ فى الإعتبار التفاوت الكبير بين دخول أفراد كل شريحة (عمال ، موظفون، مهنيون ، اساتذة جامعات ... ألخ) . 2- زكاة على نصاب إفتراضى ليس له وجود فى الواقع . 3- رسوم ومساهمات متعددة وتمويل لخدمات تتبدل مسمياتها من فترة لأخرى . وبالرغم من مبادرات رئيس الجمهورية السابقة للحد من هذه الرسوم إلا أن هناك من يشحذ ذهنه ويأتى برسوم جديدة تثقل كاهل المغترب آخرها كما قرأتم بالصحف المحلية قبل أيام إقتراح بإلزام المغترب بدفع مساهمة لحصر الملاريا بالبلاد. 4- رسوم قنصلية عالية . 5- ربط كل ماسبق بجميع معاملات المغترب وتقييد حرية حركته بها . وبالرغم من هذه المعاناة ألتى يحس بها كل واحد منا إلا أننا ولللأسف ظللنا نتعامل مع هذه القضية بنوع من اللامبالاة المفرطة جعلت من المغترب لقمة سائغة ومصدراً سهلاً للعملة الصعبة دون مراعاة للوض1ع المادى للغالبية العظمى من شريحة المغتربين . وهذه اللامبالاة أيضاً جعلتنا جميعاً رهائن لدى جهاز (تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج؟؟؟). فالجهاز للأسف كل همه هو إبتداع الوسائل لجباية أموال المغتربين لتحقيق الربط المالى . ومن هذه الوسائل حرمان المغترب الذى يعجز فى أى وقت عن عن تسديد ماعليه لظروف ما (وما أكثر هذه الظروف ألتى يندر أن لايتعرض لها أى واحد منا) من الكثير من المعاملات القنصلية ويحرم عليه إستخراج تأشيرة الخروج من السودان ولو أدى ذلك لفقدانه لوظيفته. وعلى عكس ماكان يتمنى المغتربون من ينظم هذا الجهاز ويرعى شؤونهم فهو لايكترث ولايريد أن يكترث بالظروف المحيطة بالمغترب ومن المؤسف أن تتردد مقولة (إن المغترب الذى ليس له مدخرات فالأولى له أن يعود للسودان ومافائدة إغترابه!). وطبعاً هذا الرأى بجانب سخافته فهو ينم عن فهم موغل فى السطحية عن الظروف ألتى تحيط بالمغترب هذا بجانب أن المغترب عندما خرج من السودان لفغتراب لم يكن هدفه أبداً افدخار لتمويل خدمات الدولة وغنما لحاجات شخصية ومسألة إدخاره من عدمه والسؤال عن فائدة إغترابه ... فهذه مسائل شخصية حاله حال أى مواطن سودانى وكل فرد ادرى بتكييف حياته . وكلنا يعلم ان الكثير من زملائنا المغتربين من الدول الأخرى سواء من الدول العربية أو الأجنبية يحظون بمعاملة متساوية مع أقرانهم ببلادهم ولاترهق كواهلهم باعباء ضريبية أو مالية من أى نوع ، وهذه الدول لديها سياسة واضحة المعالم فى تشجيع الإغتراب ورعاية المغتربين لما يمثله ذلك من فوائد مباشرة وغير مباشرة لبلدانهم ، وهذا مايفترض أن ينطبق علينا نحن المغتربين السودانيين . غير أن واقع الحال يقول عكس ذلك تماماً حيث تتم معاملتنا بصورة منفردة ومستفزة برغم الفوائد ألتى تعود للوطن وهى لاتعد ولاتحصى ، ويمكن إيراد بعض الأمثلة منها وكما يلى : أولاً : المغترب يوفر على الدولة عبء توفير فرص العمل له وترك هذه الفرص لغيره ممن لم يحظوا بفرصة للعمل خارج السودان وبطريقة مباشرة يساهم المغترب فى حل ظاهرة البطالة . ثانياً : المغترب يوفر على الدولة عبء توفير الكثير من الخدمات مثل التعليم ، العلاج ، خدمات الماء والكهرباء وغيرها . ثالثاً: تحويلات المغترب البنكية بالعملة الصعبة تصب فى صالح الإقتصاد السودانى . رابعاً : توفير سبل العيش الكريم للعائلة الممتدة بالسودان من خلال الدعم المادى لهم والمشاركة الفعالة فى دعم المشروعات الخدمية بقراهم ومدنهم . خامساًك كل مغترب يمثل فى حد ذاته سفارة من خلال التعريف ببلده وعكس صورته المشرقة ويكون حافزاً لأهل بلاد الإغتراب وزملائه من الدول الخرى للإستثمار فى السودان ، هذا غير التنوير المباشر لهم إما للإستفادة من فرص الإستثمار المتاحة أو لتقديم الدعم لمؤسسات خدمية بالسودان . سادساً: الخبرات والوسائل المهنية المتطورة ألتى تراكمت لدى المغترب يستفيد منها الوطن سواء بطريق رسمى أو من خلال دعم زملائهم العاملين بالمؤسسات المختلفة بالسودان بهذه الخبرات والوسائل وبصورة مجانية توفر على الوطن مبالغ مالية طائلة . وغيرها 000 وغيرها مما يؤكد أن المغترب لم ينسى تأدية واجبه تجاه وطنه ... ولكن رغم ذلك فحقوقه مهدرة وكما سبق أن ورد فى صدر هذه المذكرة. وهذا الأمر يستدعى منا الآن التفاكر والتشاور حول إيجاد طرق تعيد وتثبت للمغترب حقوقه ألتى كفلها له دستور بلاده وذلك مثل إتباع الطرق القانونية لإلغاء كافة أشكال افلتزامات المالية المفروضة على المغترب دون وجه حق . وأرجو أن نفتح باب النقاش الجاد حول هذه المسألة ألتى تؤرقنا جميعاً ونرجو أن نشارك بمختلف شرائحنا خصوصاص زملائنا من القانونيين والفقهاء الأجلاء لبلورة رأى موحد حولها وكيفية معالجتها وأن يكون لدينا افستعداد التام لتقديم كل مايلزم لدفع هذه القضية نحو الحل المنصف . أبومازن أبوظبى
|
|
|
|
|
|