يواجه السودان عملية تحدى كبرى تعتبر أهم من انقلاب الجبهة القوية واقالة الترابي وتعيين طه الحسين واقالة طه الحسين ، هذا التحدي يرتبط بوجوده كدولة وكيان ، لأن تعيينه واقالته ليس ذات اهمية بالنسبة لأهلنا المطحونين بوباء الكوليرا الذي ضرب مختلف انحاء البلاد حتى عاصمتنا ، وفي نفس الوقت يأتينا المناضل ابو قردة ويتنصل من مسؤوليته ، ويتبعه مامون حميدتي ويرفض استقبال المرضى في مستشفياته الخاصة. سبحان الله ، طيب من المسؤول ، بالاضافة إلى أنه قد تم تغيير اسم الكوليرا إلى اسهال مائي ، ولم نسمع بالاسهال المائي الا عند الجماعة. وتغيير المصطلحات كنا نسمعه عند الباعة المتجولين في سوق امدرمان ،الذين يبيعون لك قماش الدبلان بأنه تيترون واذا لم تتنبه سوف تنطلي عليك ، الجماعة قاموا بتحويل الدبلان تيترون ، يعني الكوليرا تم تغيير اسمها إلى اسهال مائي ، ومهما تغير الاسم فهي كوليرا يا ابو قردة ويا حميدتي.
والكوليرا من اخطر الاوبئة التي تحصد الارواح ، وتهدد الأمة وسريعة الانتشار ، ولايوجد احد بمأمن منها مهما كان ومهما حاول ، ونحن في السودان نجتمع معنا في الافراح والاتراح ولايوجد فوارق بيننا مهما حاولنا ، لذلك يجب علينا ان نتكاتف جميعا لتحمل مسؤوليتنا ، حتى القضاء المرض والعمل على اسعاف المرضى بأسرع وقت ممكن ، لأن ارواحهم تحت مسؤوليتنا جميعا.
ذهب طه وجاء طه ، هذا الامر لايعني لنا شيئا، والذي يهمنا هو اسعاف المرضى وتوفير المحاليل و الاسرة للمرضى وتواضع المسؤولين واعترافهم بالموضوع ، اذا هم لايريدون ان يدفعوا من اموالنا لصحتنا فليناشدوا المجتمع الدولي ، فالكفار اكرم منهم.
وانتشار الكوليرا وغيرها من الامراض لن يأتي بين عشية ضحاها ، بل نتيجة للمنظومة الخاطئة وعدم اهتمام المسؤولين بالمواطن وصحته ، وشراء دبابة واو طائرة حربية للقضاء على الابرياء في جبال النوبة ودارفور والنيل الازرق عندهم اهم ، وقيمة شراء دبابة واحدة يمكن أن يحل مشكلة مدينة كامله فيما يختص بالصرف الصحي والاهتمام بحماية البيئة, لأن الوقاية خير من العلاج.
وحدوث مثل هذه المصيبة يعيدنا مرة أخرى للحديث عن قصة العشوائية التي تحدث في كل شيء وخاصة فيما يتعلق بالخطط الاسكانية وتوفير الخدمات الضرورية للمواطن وبالأخص شبكات الصرف الصحي التي تتوفر في كل بقاع الدنيا ما عدا نحن .
عندما تدخل أي عاصمة أو مدينة سودانية يساورك الشك هل هي فعلا مدينة ام تجمع قرى وفرقان متجاورة, المدن والحواضر السودانية عموما تم تخطيطها ولا نقول تخطيطا بل تم وضعها مثل القرى المتجاورة . وفي الوقت الحالي حتى القرى يتم تخطيطها بصورة علمية بعيدا عن العشوائية والكلفتة والسرعة ، لماذا ؟ لانعرف جميعا.
نظام الاسكان وتوزيع الاراضي في بلادنا يتم بصورة عشوائية ليس بها اي نوع من التخطيط او التنظيم ، على الرغم من أن هذا العمل يتم بواسطة مهندسين مختصين وجهات يفترض أن يكون لديها الاحترافية الكافية للقيام بذلك. لكن مثله مثل غيره من الاعمال تتم عندنا بصورة عشوائية ، يعني لاتفيد الناس كثيرا ، الواحد يمنح قطعة ارض ليس بها اي نوع من انواع الخدمات سواء طرق او كهرباء او مياه او شبكة مجاري او تصريف او محلات تجارية أو قسم شرطة او حتى حلاق. لايوجد بلد في العالم يوزع اراضي بهذه الطريقة العشوائية والمتخلفة , مما ادى لحدوث الامراض الناتجة عن تلوث البيئة او غيره من المشكلات والبلايا التي لاتحصى ولا تعد.
الامطار تنزل خيرا بركة ولكن تكون عندنا كارثة، الكهرباء تقطع والمياه غير موجودة نهائيا ، حتى الاحياء التي تعتبر راقية سواء في الخرطوم أو غيره من المدن السودانية ، تعاني من نفس المشاكل الخدمية التي تعاني منها المناطق النائية .
وقد تم توزيع الاراضي بصورة عشوائية بدون تخطيط او تنظيم من أجل الكسب السريع وتوفير سيولة لجيوش الموظفين غير المنتجين ومعظمهم تم تعيينه بالمحسوبية ويحصلون على رواتب عالية ترهق الدولة بلا فائدة، لأن المؤسسات الحكومية اصبحت تعتمد على الاتاوات والتحصيل غير المشروع والمنضبط من أجل توفير هذه الاموال.
توزيع الاراضي بهذه الطريق هو الذي أدى للاصابة بالامراض سواء الاسهال المائي او التيفويد أو الملاريا او اي مرض آخر، لعدم وجود صرف صحي وعدم وجود دورات مياه صحية ، مما أدى لاختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي. حيث انه في مؤتمر علمي عقد في لندن منذ فترة توصل الحضور إلى أن نظام دورات المياه الحديث يعتبر اهم اختراع توصلت إليه البشرية اكثر من الوصول إلى القمر او الحاسب الالي او الهاتف الناقل. وهذا في السودان غير موجود نهائيا بسبب السياسات العشوائية الذي يتم دائما بصورة بعيدة عن الاحترافية والنظام.
نظام السكن الحالي في السودان لا اجد وصف يمكن أن يطلق عليه حيث أن معظم الامراض التي تتسبب في وفاة الناس لدينا بسبب عدم وجود شبكات مجاري حديثة وعدم حصر الناس في مجمعات سكنية عملاقة ، توفر لهم الصحة والأمن والقرب المكاني ، لأن وجود الناس في بنايات ضخمة تجمع اكبر عدد من الناس بلاشك له فوائد كثيرة لاتحصى ولاتعد ، حتى اذا كان الناس غير معتادين على ذلك لكن ذلك سبب غير مقنع. من أجل بسط الأمن وتوفير الخدمات الضرورية بتكلفة اقل من كهرباء ومياه وغاز وشبكات صرف صحي وتعليم ومواصلات واتصالات وانترنت وغيرها الكثير الكثير. يجب أن يتم توزعي الاراضي بصورة علمية ومحترفة لأن نظام السكن عندنا في السوداني عشوائي باقتدار يتسبب في موت الناس واصابتهم بالأمراض المعدية التي انعدمت في معظم انحاء العالم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة