ذلك هو رجل المرور في أي مكان في العالم .. مهامه الأساسية الحفاظ على أرواح الناس من مخاطر السير والسيارات .. يجتهد بالإشارات والإرشادات .. ذلك المبجل المحترم الذي يعني القمة والقامة .. وهو في معظم دول العالم اليوم يماثل ذلك الطبيب في معاني الخدمة الإنسانية .. فجل حرصه الاهتمام بسلامة الناس وتسهيل السير في الطرقات والشوارع .. وتوفير المرونة والانسيابية في حركة المرور .. وتوجيه الناس بإجراءات السلامة .. وهو ذلك المحبوب الذي يعامل الناس بمنتهى اللطافة والبشاشة والاحترام .. ويتصف بالرقة وبالذوق الرفيع عند المعاملة .. يقدم التحية للسائق أو الراكب قبل أن يبدأ الحوار .. وحين يبدأ الحوار يظهر تلك الإيماءة الصغيرة التي تدل عن الذوق في التعامل .. وآخر شي يفكر فيه رجل المرور في العالم المتحضر هو تعقب المخالفات .. وعندما يفعل ذلك يفعل على مضض وهو يتأسف على المآل .. ثم يتخذ تلك الإجراءات بوسيلة مهذبة للغاية .. فتلك ورقة المخالفة الصغيرة التي تسلم في اليد بأدب واحترام .. أو توضع في الواجهة الأمامية للسيارة .. وهي تعني أن المعني عليه أن يذهب لجهة الدفع ويسدد قيمة المخالفة .. وفي معظم انحناء العالم فإن رجل المرور لا يستلم رسوم المخالفة في يده إطلاقاَ ,, ويجد ذلك إهانة ومنقصة لمكانته الإنسانية .
ولكن هنا في السودان حدث ولا حرج حين تكون السيرة عن رجال المرور .. فالمعنى يختلف كلياَ عن تلك المظاهر المتحضرة والمعاني الجميلة في العالم المتقدم .. والصورة تأخذ شكلاَ آخراَ يتسم بالقمع ويتسم بمظاهر مقيتة كريهة .. حيث تلك المجموعات من رجال المرور الذين يتربصون ويترصدون السيارات في الطرقات .. وهم يمارس القمع والتخويف وتلك دفاتر الجبايات في الأيدي .. والهدف معلوم ومفهوم للجميع ولا يتعلق بحرصهم على سلامة الناس بقدر حرصهم على سلامة الخزينة .. والناس تعلم جيداَ أن حملات القمع تلك المقصود منها إشباع خزينة الدولة الفارغة .. ولكن إشباع خزينة الدولة بذلك الأسلوب الهابط يهبط من مقام رجال المرور في السودان .. وكان الأحرى بهؤلاء أن يبتعدوا بأنفسهم عن المهانة والمذلة حين ينشغلون بالجباية تاركين الرسالة المنوطة بهم .. ولو ألتزم أمر الجباية فلتقم بها جهة أخرى غير رجال المرور .. وتلك الصور الغير حضارية أوجدت بين الناس الشكوى كما أوجدت مساحات من التأليف والنكات على رجال المرور .. وتلك النكات قد تكون مجرد تأليف وإرهاصات واجتهادات من نفوس تشتكي من الهموم والغموم .
ومن تلك النكات يقال : أن صاحب لوري غلبان توقف عن السير حين أشار إليه رجال المرور بالتوقف جانباَ .. وكان الشارع ضيقاَ حرجاَ .. فتوقف السائق وأجتهد أن يفسح الطريق للآخرين .. ولكن مساحة الشارع الباقي كان يزعج القادم والرائح حين يريدون العبور بالجوار .. أما رجال المرور فقد تحروا عن الأوراق الثبوتية فوجدوا كل الأوراق سليمة .. ( رخصة السيارة ورخصة السائق ) .. ولكنهم تمادوا حين أصروا أن يوجدوا شيئاَ يبرر المخالفة ثم أخيراَ اهتدوا بأن هنالك شقاَ صغيرَ لا يكاد يرى في الزجاج الأمامي .. فطالبوا من السائق أن يدفع المخالفة المالية على تلك المخالفة .. وبدأ السائق يمانع ويحاجج .. في الوقت الذي فيه بدأت السيارات تتضايق من السير في تلك المنطقة الضيقة .. وعندما اقترب أحدهم بسيارته مجازياَ للوري قال لسائق اللوري : ( يا اخي أنت ما تفهمهم !! ) .. وهنا قال أحد رجال المرور لسائق اللوري : ( أنت ما تفهم إلا يجـي الناس يكلموك ؟؟ ) !!. فضحك المارة . .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة