لم يكن السكوت من أجل الرضا .. بل كان خوفاَ من تلويحات العصا .. فتلك زمـرة طاغية أعمى لا تريد أن تسمع ولا ترى .. والجموع تواصل الخضوع مهما كانت زلازل الردى .. تتلقى موجعات القهر فوق الجباه والقفـا .. ثم تكتم الآهات في الصدور رغم مرارات الأذى .. لا يحق لها أن تنال خيارات المسار في الخطـى .. كما لا يحق لها أن تذرف الدموع حين يؤلمها الضنى .. بل تبقى جامدة في خاناتها كأحجار الشطرنج والدمى .. تنتظر فوق حمم البراكين ولا تجد الحيلة حتى تحركها أنامل الطغاة كيفما شاءت بأمزجة الهوى .. تصبر وتشرب كؤوس الهموم بطعم الحنظل حتى مشارف الردى .. ومع ذلك نرى الطغاة يتفاخرون كذباَ بفجر النعيم والضحى .. والناس تعايش ليلاَ في سواد الدجى .. أحلام الطغاة تتعالى رغم صيحات الجياع والعطشى .. وأحلام الجياع تداس بالأقدام تحت الثرى .. والمياه لا تجري بإنسيات ومشورة ولكن القول ما يقوله جحا .. فتلك الأيام تمر حزينة بموجعات تملأ الأعين بالقذى .. ومن سخرية الأحوال أننا نمدح الطغاة ونحن نبكي ثم نكيل المدح بالتمجيد حتى يقول الممدوح كفى .. فكل شيء وارد في خيمة العم جحا .. خيمة في ظاهرها علامات الصلاح والتقى .. وفي باطنها تدار الكؤوس بأيد الفتى .. مهزلة حين يزمجر الطغـاة بصيحات ( أنا ) .. وبهـدلة حين تجتاح المخاوف قلوب الورى .. أعين تنام في ظلال النعيم والهناء وأعين تشتكي من قلة الكرى .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة