مثل سوداني قديم يقول : ( الكلب ينبح والجمل ماشي ) .. صورة نمطية مبهمة تعرفها أجيال البادية .. وتلك اللوحة التصويرية الرائعة نجدها في كتاب ( ذكرياتي في بادية الكبابيش ) للأستاذ حسن نجيلة .. ولكن السيرة هنا لا تتعلق بالقوافل والكلاب بالمعني الحقيقي .. إنما تتعلق بتلك القوافل التي مرت على الأمة السودانية في سنوات ما بعد الاستقلال .. بافتراض أن هنالك في الساحة السودانية أطراف كانت تمثل ذلك الجانب الذي ينبح .. وأطراف كانت تمثل تلك القوافل التي لا تعبأ ولا تسمع !! .. ومن العجب العجيب أن الأمور أخذت كفايتها من تلك الدائرة السوداء التي أحاطت بالأجيال تلو الأجيال .. وأن الأطراف الآن فقدت شهية الاستمرار بنفس المنوال .. وقد خمدت الطموحات ووصلت خانة الأصفار .. والأمة قد نالها اليأس والقنوط .. وقد كلت وملت من الأخذ والرد .. وكلت وملت من كثرة الأفعال وردود الأفعال .. وتلك القوافل التي تمثل الزمام أصبحت لا تبالي ولا تهمها مجريات الأحوال مهما تأزمت الأحوال .. كما أن تلك الكلاب التي تعودت النباح أصبحت عاجزة لا تقدر على النباح إلا إذا أسندت أصلابها في الحوائط .. سطوة قوي لا يبالي ومحنة ضعيف لا يملك الحيلة ولا يملك الخلاص .. والبلاد تقف حائرة بائسة عند مفترق الطرق .. وتلك خناجر الخلافات تنحرها عند عنق الزجاج .. والصورة برمتها كالحة مظلمة تحتاج من الجميع إلى وقفة الرجال .. تلك الوقفة التي تعني إنكار الذات وهجر النوازع والأطماع .. ونبذ الخلافات والمشاحنات .. ثم العودة لمقتضيات العقل التي تعني المصلحة العليا للبلاد .. ولا تكون تلك الوقفة إلا حين تكون في الساحات أصحاب العقول الكبيرة الواعية التي تعمل محايدة ونصب أعينها في ذلك الوطن الجريح .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة