|
إستقلال السودان والجنود المجهولون سليمان صالح ضرار ـ لندن
|
إستقلال السودان والجنود المجهولون
سليمان صالح ضرار ـ لندن الصاغ محمود أبوبكر شاعر صه يا كنار بداية نهنيء الشعب السوداني بحلول عيد الاستقلال المجيد، ونغتنم هذه المناسبة لنسلط الضوء على جنود مجهولين كان لهم دور أساسي واسهام واضح في نيل السودان لاستقلاله. فعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية أعلن الحلفاء ومن ضمنهم بريطانيا التي كان السودان تابعاً لها )تحت رعاية وزارة الخارجية البريطانية(، أعلنت هذه الدول أن الشعوب التي تشارك معها في القتال ضد هتلر وموسليني واليابان )دول المحور( سوف ت مُنح حق تقرير المصير. وكانت هذه فرصة لفصيل مناضل من الشباب السوداني الذى كان يتحين الفرص لتعلم السلاح والإنتظام فى العمل العسكري، فإذا أوفت بريطانيا وغادرت البلاد فهذا هو المطلوب وإذا لم توف بوعدها تكون تلك الجماعة المسلحة قد تدربت وحملت السلاح وبعد ذلك تنحو إلى أخذ الاستقلال عن طريق العمل العسكري. فانخرط عدد من أبناء السودان متطوعين للذهاب للحرب حتى ينال السودان حق تقرير المصير ومن ثَم الاستقلال. ومن أوائل الذين تطوعوا للذهاب إلى الحرب، الشاعر الصاغ محمود أبوبكر الملقب بالنسر، وكان وقتها يعمل سكرتيراً لمدير عام السكة الحديد البريطاني في عطبره، فاستقال للتطوع من وظيفته التي كانت وظيفة كبيرة آنذاك، وقد التقى الشاعر بعد تطوعه للذهاب إلى الحرب بصديقه نقيب المحامين الأسبق الأستاذ عقيل أحمد عقيل وأخبره بقصة تطوعه، فما كان من عقيل إلا أن داعب الشاعر محمود أبوبكر بقصيدة مقللاً من صدقية الإنجليز في الوفاء بوعدهم، ومطلع القصيدة: يا نسر دع عنك أوهاماً تجئ بها فإنها محض إغراء وتكذيب وهنا جادت قريحة الشاعر محمود أبوبكر بقصيدة )صه يا كنار( الشهيرة رداً على صديقه عقيل والتي أصبحت رمزاً وشعاراً لاستقلال السودان وأصبحت }مارسييز{ الحركة الوطنية، وصادف أن التقى الشاعر في القطار المسافر إلى حلفا، بالموسيقار اسماعيل عبدالمعين الذي كان مسافراً إلى مصر فقام بتلحين القصيدة التي مطلعها: صهَ يا كنار وضع يمينك في يدي ودعِ المزاح لذي الطلاقة والدد صه غير مأمورٍ وهات هواتناً د يِ مَاً تهش على أَصِيد الأغيد لقد حارب محمود أبوبكر من أجل السودان بسيفه وقلمه، وهناك عدد من الضباط والجنود الذين تطوعوا لقتال الطليان والألمان ونذكر من الذين حاربوا في كرن اللواء محمد نصر عثمان واللواء أحمد أبوبكر الذي كان قائداً للقوات الخاصة المكونة من قبائل البجا ثم قائدا للقيادة الشرقية في القضارف. وهو والد طارق أحمد أبوبكر، ومن الجنود الذين تطوعوا في الشرق تكونت الفرقة الشرقية التي كان قوامها من قبيلتي البني عامر والحباب والذين جعلوا الشوتال )السكين المعقوفة( شعاراً لفرقتهم، وقد أبلوا بلاءً حسناً في المعارك التي خاضوها ضد الطليان خاصة معركة كرن حتى أشادت بهم الفنانة عائشة الفلاتية وغنت لهم أغنية )يجوا عائدين(. إن الاستقلال لم يأت به الساسة الذين أعلنوه من داخل البرلمان ولكنه جاء بجهود ودماء جنود مجهولين هؤلاء بعض منهم. من مجلة سنار وهذا عنوان موقعها www.sinnar.net/agm قصيدة صَهْ يا كنارُ صَهْ يا كنارُ وضعْ يمينكَ في يـدي ودعِ المزاحَ لذي الطلاقـةِ والددِ صه غيرَ مأمـورٍ وهـاتِ هـواتناً دِيَماً تهشّ علـى أَصِـيد الأغـيد فإذا صغـرتَ فكـنْ وضـيئاً نَيّراً مثلَ اليراعـةِ في الظـلام الأسود فإذا وجـدتَ من الفكـاك بوادراً فابذلْ حياتَـكَ غـيرَ مغلـولِ اليد فإذا ادّخـرتَ إلى الصباح بسالـةً فاعلمْ بأن اليومَ أنسبُ من غـد واسـبقْ رفاقَكَ للقيـود فـإنني آمـنتُ أنْ لا حـرَّ غيرُ مُقيَّد وأمـلأْ فـؤادَكَ بالـرجاء فإنها «بلقيسُ» جاء بها ذهـابُ الهدهـد فإذا تبدّد شـملُ قومكَ فاجْمَعنْ فإذا أبَوْا فاضربْ بعزمـة مُفـرَد فالبندقيـةُ في بـدادِ بيوتـهـا طلعـتْ بمجـدٍ ليس بالمتبـدّد صه يا كنارُ فما فـؤادي في يدي طـوراً أضـلُّ وتارةً قد أهتدي وأرى العواذلَ حين يملكني الظما فأمـوت من ظـمأٍ أمامَ المـورد وأرود أرجـاءَ البـيانِ دواجـياً فأضـيق مـن آنائـه بالشُّرَّد أنا يا كنارُ مع الكواكـبِ ساهدٌ أسـري بخفـق وميضها المتعدّد وعرفتُ أخلاقَ النجـومِ، فكوكبٌ يهبُ البيانَ وكوكبٌ لا يهتدي وكويكبٌ جمُّ الحياءِ وكوكـبٌ يعصـي الصـباحَ بضوئه المتمرّد إن كنتَ تستهدي النجومَ فتهتدي فانشدْ رضايَ كما نشدتَ وجَدِّد أو كنتَ لستَ تطيق لومـةَ لائمٍ فأنا الملـومُ على عـتاب الفرقد صه يا كنارُ، وبعضُ صمتِكَ موجِعٌ قـلبي ومُـوردِيَ الردى ومخلّدي أرأيتَ لولا أنْ شـدوتَ لما سرتْ بي سارياتُكَ والسُّرى لم يُحمَد حـتى يُثوِّبَ للكمـاة مُـثَوِّبٌ ليذيبَ تاموري ويحصب موقدي أنا لا أخاف مـن المنون وريبِها مـا دام عزمي يا كنارُ مُهنَّـدي سـأذود عن وطني وأهلك دونَهُ في الهالكـين فيا ملائكةُ اشهدي
|
|
|
|
|
|