|
مملكة البشير ... تنتظر المبايعة بقلم حيدر الشيخ هلال
|
ضحكت ملء مراراتي وأنا استمع لخبر يقول ان السفارات السعودية بالخارج ستفتح أبوابها للطلبة السعوديين للحضور ومبايعة الملك الجديد الملك سلمان بعد يومين او ثلاثة من تتويجه . ضحكت لهذه المهذلة الانسانية ، وتأسفت لحال المسلمين وتعجبت من شطارة المسلمين في تفريغ الاشياء من معانيا والتمسك بقشور المسميات . فكلمة البيعة التي يتمسك بها النظام الملكي السعودي المورث تحوير سافر واستلاب جائر لحقيقة هذا الفعل الاسلامي السامي وحاش البيعة من هذا الخذي ، لم يبايع الصحابة سلطان فرض عليهم رغماً عن انوفهم . حتى ان بعض الصحابة أبو ان يبايعو ابو بكر رضى الله عنه في قصة سقيفة بني ساعدة المشهورة . ولكن سقيفة بني سعود التي يؤمها الملوك ورؤساء الدول مهنئين في الملك الجديد شئ والله من مساخر الاقدار وفضائح الاذلال . والشعب السعودي المغيب لا ناقة له ولا رأي في ما يجري حوله وتأتي قصة المبايعة هذه امعاناً في الاذلال إذ ان على كل سعودي ان يبايع أبى أم رضى بعد ان فُرض عليه الملك فرضاً . في فلسفة جديدة في فنون الاسترقاق والانحطاط الانساني وسرق الحريات والاذلال النفسي للشعوب تُفصِل هذه الملوك دكتاتورياتها كل حسب نفسيته المريضة الا يكفي الشعب اذلالا ان يورث اب عن جد لتأتي وتفرض عليه عين المبايعة في نخاسة جديدة من الدكتاتورية المتعفنة والتغول على حريات الشعوب والانكأ والامر الاستناد على فتاوى واسانيد فقهية باطلة . أي إذلال هذا وأي تحقير الذي ترتضيه هذه الشعوب لنفسها وهي تبايع كتحصيل حاصل . وللاسف الشديد هذه الشعوب التي استمرأت الذل كابر عن كابر ورزحت تحت قفاطين ملوكها منذ الآف السنين تشوه وجدانها ونفسيتها للحد الذي تحورت معه النظرية الانسانية ( يولد الانسان حراً) فساقت نفسها قطعاناً في مرعى الذئاب وتنازلت طوعاً عن استحقاقها الادمي فأستحقت هذه المهانة التاريخية البشعة. الغرب الذي ذبحته هذه الممالك في مأذنها وعبر حلاقيم دعاتها المأجورين ورمته باقزع الالقاب التكفيرية يمنحها دروساً كل يوم في كيفية ممارسة الحياة ويعلمها كيف يكون تقسيم الموارد الانسانية والمواريث العدلية بين الشعوب وهو ينصب لها في كل مناسبة اسس العدل ودروس الديموقراطية . ان ممارسة الحكم بما انه شأن أنساني يتفاهم عليه الناس في ما بينهم تركه الرسول صلى الله عليه وسلم مشرعاً يتفاهم عليه كل حسب رقعته الثقافية وحراكه المجتمعي وحوجته الانسانية ولكنه غرس لنا المفاهيم العدلية واسس الرحمة الربانية في حقيقة الاختلافات التي يكون منشأها هذا الحراك المجتمعي وعنى بأمر الشورى في ما يخص مشاركة الجموع في أبداء الرأي في بعض الاقتباسات من سيرته العطرة عندما ترك بعض امور الدنيا لصحابته الكرام يشاركونه في صنع القرار كحادثة الخندق ، وفي إشارة واضحة لبمدأ التربية الشجاعة في تصحيح القائد حتى ولو كان رسولاً يوحى اليه ، يقول له احد الصحابة في بدر أرأيت هذا لمنزل انزلكه الله ليس لنا أن نتقدم ولا نتاخر عنه ام هو الحرب والمكيدة فيقول صلى الله عليه وسلم ( بل هو الحرب والمكيدة ) فيرتأى هذا الصحابي رأي يرجحه صلى الله عليه وسلم وينزل عنده ، وتتبدأ لنا هنا نوعية التربية التي ارادها الله لنا خلال رسالته المحمدية .أن يكون المسلم شجاعاً عواناً على الحق لا مجرد بوق متملق يهتف للسطان يلون له الحقائق ويعينه على سوء تدبيره ، فعندما مات صلى الله عليه وسلم ترك مبادئ في العقول وتربية في النفوس. ومن هذه التربية انتج لنا الصحابة الكرام مفاهيم البيعة بواقع حالهم ذلك وحسب مفهومهم لأسس الدولة المستمد من موروثهم الثقافي الاجتماعي والعقلية البدائية لمفاهيم الحكم والخلافة في ذلك الزمان ، مما تعتبر طفرة انسانية حقيقية في تلك الرقعة الجغرافية البدائية وظاهرة تاريخية استحقت ان تدرس ويشاد بها . ولكن ما نستغربه أن ينادى بعض السلفيين لوقتنا هذا لممارسة هذا الحرية بنفس شكلها البدائي ذلك في تغييب تام لتطور الظرف الزماني والمكاني والتوسع والتمدد في الدولة الاسلامية وتطور المفاهيم الانسانية نفسها . وبما ان الامر هنا دنيا نحن اعرف بامورها كما قال لنا رسولنا الكريم فما عيب علينا ان نستفيد من تجارب أمم سبقتنا في أمور دنيانا هذه والتي اقعدناها بفتاوينا الخانقة فسبقتنا الامم ونحن مكانك سر . والعجز الواضح في خلق صيغة للحاكمية هذه نابع من نظرتنا الضيقة للدين نفسه واقحام النصوص في كثيرا من الامور التي ماتنزلت فيها مما يفعله بعض المتأولين ففصّلوا الدين وفق عباءة سلاطينهم وارهبوا العامة بنصوص الخروج على السلطان وارغموهم بحاكمية السلطان فاقعدوا العقول عن الاجتهاد وصوروا لهم تبادل الخبرات مع الامم كنظريات شيطانية يجب محاربتها فخرج علينا دعاة ينتقدون الفعل الديموقراطي بل حتى يحاربو اللفظة في عينها وكأن اللغة العربية لم تأخذ من اللغات الاخرى شئ مما يوضح تقوقع هؤلاء القوم في كهوفهم ومخافة الخروج منها . في احدى قنواتنا الفضائية المحلية استمعت لاحد الشيوخ وهو يذم الديموقراطية ويقول أنها خيار الجموع والجموع بفهمه قد تأتي بالطالح والطالح عنده مأدلج بطبيعة الحال وفق فلسلته الضيقة بقيم الغرب فهو يرمي الديموقراطية بالنجاسة بأعتبارها فعل الكفار ولا ياتي من الكافر الا نجس، ويحدد لنا الشورى كخيار لفظي وفعلي لا يفعله الا الاخيار وهو بطبيعة الحال مستند الى ارثه المعرفي المنمط على الخيرة الزمانية ولكننا نتسأل هنا في ماهية الشورى التي يريدنا ان نمارسها هنا ؟ومن يشاور من؟ وهل تنفع شورى الرسول صلى الله عليه وسلم في زمانها ذلك لأخيار الناس مع محدودية دولته في ذلك الزمان ، برغم من انها لم تسلم من روح القبيلة حيث كان يتزعم الرأي عن بعض القبائل زعمائها التاريخين كالسعدين ابن معاذ وبن عبادة ، هذا مع نورانية تلك الحقبة ونقاءها الروحاني حيث لم تعلى ثقافة القبيلة الا من خلال بعض النزر اليسيرة من الاحداث زجرهم فيها الرسول صلى عليه وسلم بأن أتركوها فأنها منتنة. وتمثلت حكمته صلى الله عليه وسلم في ترك الامور تأخذ مجاريها في تسيد هؤلاء الزعماء ولم يأتى القطع بمنعها لمعرفته صلىى الله عليه وسلم بقلوب رجاله وعقليتهم المورثة ، ولكن لو جئنا لنسقط لفظ ( الشورى) المرتكز على الثقافة التاريخية هذه على واقعنا هذا سنواجه معضلات جمة ، فمن الواضح ان دولة الرسول صلى الله عليه وسلم او دولة المدينة الصغيرة لم تأخذ مفهوم الدولة المتكاملة والمتشعبة وتألفت في أساسها على مفهوم ديني لمجتمع غاية في الصغر لم تكن تشغل باله نفس هذه التحديات التي تواجهنا الآن بل تشرب كل واحد منهم الأسس العدلية من نموزج قيادي تمثل في الرسول صلى الله عليه وسلم ومن مرجعية تمثلت في كتاب منزل من عند الله تعالى .فأسقط نفس هذه المصطلحات التي تقشعرون منها مثل الحريات الشخصية وحدودها على سلوكه الشخصى من غير أن يجتهد في المسميات او يحرق طاقة في التعريفات المفروق منها ، لهذا استحقت دولتهم هذه ان نطلق عليها دولة الحريات فعلاً لا شعارات واقوال فارغة ، فلهذا لو تحررنا من قوقعتنا هذه قليلاً وتصالحنا مع الالفاظ وعرضنا كل تجربة وافدة علينا على غربال الممكن لخرجنا من هذه التجارب الانسانية التي سبقتنا بصيغة تناسب واقعنا ، ولكن من الصعوبة بمكان ان نعيد نفس تجربة الشورى تلك بتفاصيلها المنطقية في زمانها ذلك لنمارسها هنا ، فمن اين ستأتي برجال الشورى هذه في هذا الزمان ؟ وماهي الصيغة المناسبة التى سنتعارف عليها وانت ترفض صناديق الاقتراع لكونها وعاء الديموقراطية النجسة ؟ هل ستأتي برجال القبائل للبرلمانات عوضاً عن الاقتراع الحر ؟ أم ستعبئ قبة الشورى هذه برجال السلطان طويلى اللحى قصيري النظر. لا ينفع يا اخى وخير لنا ان نترك هذه الامور لمختصيها يشرعون لنا كيف يمكن ان نتعايش فكما غاية فقهكم التشريع فأن غاية علوم هؤلاء التشريع ايضاً والخبز للخباز . والشعب عمره لن يختار من هو طالح فليتكم تتحللون من شيطنة الناس هذه وتعقلنوا تفقهكم هذا قليلاً. حتى لا تؤدي بنا هذه العقلية المتحجرة الى النكوص عن مكتسباتنا والتقهقر حتى يصبح أمر هذا الملوك التي نسمع عنها واقعا يمشي بيننا . بين فتاوى هؤلاء وتخرصات بله الغائب وأماني عمر البشير في حكم مستدام وانبطاح احزاب المعارضة ، هل يمر بلدنا بكارثة تاريخية؟ نساق معها لمذابح الكرامة نبذل معها رقابنا عند كل ملك ، ويأبى علينا الزمان مكتسبنا الانساني هذا فلا يكتفى بفرض الملوك علينا ولكن يجبرنا على مبايعتهم قسراً عن ارادتنا . وهل هذه الدكتاتورية الطويلة التي اقحمتها الانقاذ في عصب الانساني السوداني ماهي الا عملية إحماء لأتى قبيح ؟ الصمت الذي صار يميز الشارع السوداني والخزي الذي تمارسه احزاب المعارضة في حق هذا الشعب في توطين واضح المداليل لفقه الدهنسة ولحس نعال السلطان مما نراه يمارس من قبل بعض القيادات الحزبية الفاشلة في الفترة الاخيرة كلها ارهاصات بأن دولة الملك عمر البشير قد بان أفقها.
حيدر الشيخ هلال الدوحة – قطر
مكتبة فيصل الدابي المحامي
|
|
|
|
|
|