|
مع خطرفات الحداثي محمد أبي جودة محمد وقيع الله
|
كتب الكويتب الحداثي اليساري، الملحق بصحيفة (الرأي العام)، والقيادي السابق المستقيل من حزب حركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق)، والمسؤول الإعلامي السابق بمركز الخاتم عدلان للاستنارة، المدعو محمد أبو جـودة يقول: " قرأتُ بالأمس مقالك في (الصحافة) تجمع في عنوانه بين الخاتم عدلان، الإلحاد والثائر المارتنيكي فرانز كافكا، صاحب "مُعذّبو الأرض"، في مَركبٍ واحد.!". هذا ما كتبه المحرر اليساري في صدر ما كتب حيث أخذ علي مقارنتي للخاتم عدلان بفرزانز كافكا. بيد أني لم أقارن بين الخاتم عدلان وفرانز كافكا! حيث لا توجد صلة بين الخاتم عدلان وهذا الأديب الروائي اليهودي التشيكي (وليس المارتينيكي!) تبرر هذه المقارنة. فذاك أديب انطوائي متشائم ولم يك من أرباب النضال السياسي. ولم يكتب فرانز كافكا، كتاب (معذبو الأرض) كما زعم هذا الكويتب الذي سمع بلا شك باسم كافكا عند زملائه من اليساريين الحداثيين الذين يكثرون من مضغ اسمه واللهج به. وقلَّ من تجد منهم من يعرف شيئا عن فرانز فانون الذي كنت أقارن بينه وبين الخاتم عدلان. ولهذا الكويتب تقدير هائل لنفسه يصل إلى درجة التحكم المغرور. فهو في نظر نفسه يملك الحق ليأذن لي أو لغيري لكي نكتب في هذا الموضوع أو ذاك. ومن يملك الحق لينهاني أو ينهى غيري من الناس أن نكتب في هذا الموضوع أو ذاك. فهو الآمر الناهي بقوله:" وعلى الرغم من مشروعية وموضوعية تصديك، لمشروع الباقر العفيف في إقامة دعامة فكرية تسند تفاكيره (تفاكيره: هي جمع مؤنث حداثي لكلمة تفكير!) الهزيلة في مصادرها ومواردها؛ إلا أنني أراك قد تغــولت، وكثيرا، على حق المرحوم الخاتم عدلان، الأخ السوداني، الكاتب الصحفي، الناشط السياسي، الأديب الأريب إلخ". فلأن لهذا الكويتب خلافا تنظيميا مع الباقر العفيف فقد أجاز لي أن أنتقد (تفاكيره). ولأنه من أحباب الخاتم عدلان فقد صدني عن نقد (تفاكيره). وقد انتقد للحداثي الماركسي أبو جودة انتقادي للخاتم عدلان من حيث قلت إنني أقف مع شيخي مالك بن نبي في قوله إن الشخص الملحد، حتى ولو لم يكن حريصا على إعلان إلحاده، ولم يكن حريصا على نشر الإلحاد في البلاد، فإنه لا يصلح أن يكون زعيما للثورة وسط الشعوب الإسلامية. ومن حيث قلت إن الخاتم عدلان زاد على ذلك بأن بقي مصرا على إعلان إلحاده والمجاهرة به. ومن حيث قلت إنه رفض – بشهادة حبيبه الباقر العفيف – أن يتخلى عن إلحاده حتى عند آخر لحظات حياته. وقد حلا للحداثي الماركسي أبي جودة أن يشهر في وجهي عندئذ حديثا منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فوبخني به قائلا:" فأين أنتَ من: واذكروا محاسِنَ موتاكم؟". وأقول له ردا على ذلك إن حديث:" اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم " إنما هو حديث غريب ضعيف. لأن الإمام البخاري ذكر أن من رواته عمران بن أنس المكي. وهو شخص منكر الحديث. وقد حكم الإمام الألباني على هذا الحديث بالضعف. وربما لو كان لهذا الحداثي (أو الحداثوي) المدعو جودة إجادة لعلوم الحديث الشريف لكان قد ذكر حديثا آخر يستدل به على قصده. وهو الحديث المروي في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا ". ولكن شرَّاح الحديث النبوي الشريف لم يتركوا هذا الحديث على إطلاقه، فيسهل استثماره من قبل المدعو عودة وأشباهه من الحداثيين المشبوهين. وقاموا منهجيا بتخصيص هذا الحديث الشريف وضبط دلالته بحديث صحيح شريف آخر من رواية سيدنا حديث أنس رضي تعالى الله عنه قال: " مرُّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت. ثم مرُّوا بأخرى فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت. فقال عمر رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: هذا أثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة. وهذا أثنيتم عليه شرا فوجبت له النار . أنتم شهداء الله في الأرض ". وفي الاستنتاج العام من هذا الحديث ذكر الإمام القرطبي، رضي تعالى الله عنه، أن الحديث يحتمل أن الميت الأول الذي كان يحدث عنه بالشر، كان مستظهرا به، فيكون من باب لا غيبة لفاسق. وقال ابن بطَال: سب الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير، وقد تكون منه الفلتة، فالاغتياب له ممنوع. وإن كان فاسقا معلنا فلا غيبة له. وأصح ما قيل من العلماء في هذا الشأن إن أموات الكفار والفساق يجوز ذكر مساويهم للتحذير منهم والتنفير عنهم. وذكروا أنه لا حرج في إغفال ذكر حسنات الكفار والمنافقين. وبعد أن أشهر الحداثي الماركسي المدعو أبو جودة في وجهي ذلك الحديث الضعيف الذي أعجبته دلالته، عاد وأشهر في وجهي آية من التنزيل العزيز فقال: " أين أنتَ من " ومن شاء فليؤمن ومَنْ شاء فليكفُر" . ويلاحظ أن الحداثي الضال قد أورد نص الآية خطأ وجاء بما أورده منها مبتورا من سياقه الذي بكماله تكتمل الدلالة وتتضح. ونص الآية الشريفة يقول: (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا). فهل في هذا النص القرآني الشريف تخيير بين الإيمان والكفر كما ظن الحداثي المفتون المدعو جودة؟ أم إن بهذا النص القرآني الشريف تحذير أي تحذير من الكفر؟ وإنذار أي إنذار من عقوبته التي هي النار الحطمة الموقدة المحدقة والمحيطة بسرادقها والمطوقة لكبار الكفار وصغارهم من السابقين والمحدثين؟! إن بهذا النص تحذير من الكفر وإنذار من عاقبته وليس به أدنى تخيير. وليس به أي مساواة بين الكفر والإيمان. فهيهات أن تتساوى قيم الكفر والإيمان، كما يرى الحداثيون، الذين يؤمنون بالقيم النسبية، ونسبية القيم. فإن الله تعالى يقول: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ). وقد شرح معنى هاتين الآيتين الشريفتين الإمام ابن جزي المالكي فقال: الهمزة للإنكار. أي كيف يُسوِّي الله بين المسلمين والمجرمين؟ بل يجازي كل أحد بعمله. والمراد بالمجرمين هنا الكفار!
|
|
|
|
|
|