|
عمر البشير: رسول السلام بجنوب السودان يعترف بدعم معارضة ضد دول مجاورة د. قندول إبراهيم
|
عمر البشير: رسول السلام بجنوب السودان يعترف بدعم معارضة ضد دول مجاورة
د. قندول إبراهيم [email protected]
لقد فاجأ الرئيس "المشير" عمر البشير العالم بقرار الذهاب الى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان للتوسط بين الفرقاء الجنوبيين وتلقينهم دروساً خصوصية في حتمية ووجوب السلام والأمن وسيادتهما في بلدهم. بالطبع لم ولن نندهش بمثل هذا التصرف من البشير أستاذ "فن البقاء" كما وصفه تلميذه السابق د. غازي "العتباني"، إلا أننا قد أصابنا الهول حينما سمعنا وهو يقول " إن السلام والامن يجب ان يسودا في جنوب السودان". هنا لا بد أن نؤكد للأخوة في جنوب السودان أننا نطمح في أن يتحقق السلام والأمن في جنوب السودان اليوم قبل الغد. ولكن ما دفعنا دفعاً لكتابة هذه السطور إستفزازات الرئيس "المشير" البشير لعقول الناس عامة والجنوبيين خاصة بعباراته ك "يجب" وكأنهم لا يزالون تحت سلطته. يذكِّر المشير بأهمية السلام والأمن في جمهورية جنوب السودان وهو يتناسى أن الحرب التي تأججها قواته ومليشياته وبأمر مباشر منه، تأكل بني وطنه كالنار في الهشيم وفي جميع جبهات "القتال" في جبال النوبة، النيل الأزرق ودارفور، إذ تقوم هذه القوات بحرب الأرض المحرقة التي تقضي على الأخضر واليابس دون تمييز بين العدو والصديق، الصغير والشيخ الكهل، النساء والررجال، وحتى الحيوان لم تسلم من هذه الحرب الرعناء. يأمر بالقتل والدمار بل والقضاء على مواطنيه الذين "تجب" عليه حمايتهم لأنهم رفضوا ويرفضون الظلم. نعم إنهم لم يغترف ذنباً غير أنهم يطالبون بحقوقهم السياسية الدتسورية، وفوق كل ذلك يناهضون إستخدام الدين لتمرير أجندة ومصالح طبقة طفيلية خاصة لا يهمها غير بقاءها الذي أصبح فناً. أولم يكن د. غازي "العتباني" صادقاً هذه المرة – فقط - فيما ذهب إليه من نعت المشير؟ بلى! لنا من الحجج والشواهد التي تدحض جدية مساعي "المشير" البشير كرسول سلام في جمهورية جنوب السودان. هنا نستشهد باقواله التي ما خلت أبداً من عنصر جنوب السودان وكل هذه الأحاديث المرتجلة جاءت بعد إتفاقية السلام الشامل التي نعم أهل السودان بعدها بأمن وسلام لبعض الوقت، وبعد إنفصال الجنوب. نذكر القارئ الكريم بهذه الأقوال حتى يستبين مغزى الزيارة التي أتت والناس في غفلة لعل الذكرى تنفع المؤمنين. فلقد ذكر الرئيس "المشير" البشير، راعي "المشروع الحضاري" الإسلاموعروبي، حديث "الدغمسة" في القضارف الذي ألغي فيه التعددية العرقية والثقافية والدينية لأهل السودان – وإن كانت الاغلبية تدين بالإسلام - إنتقاماً لهم إذا إنفصل الجنوب وكأنهم هم السبب المباشر لهذا الطلاق الأبدي! بالفعل تحقق حلم المشير في أن إنفصل الجنوب. وبدلاً من يقوم بإصلاح الحال فيما تبقى من سودانه بعقد إجتماعي سليم لكي ينعم السودانيون الإسلاموعروبي بالسلام الذي من أجله "اعطى الجنوبيين أو سمح لهم بالإنفصال " كما يدعي ، وهاج وماج بإعلان حرب على النوبة والأنقسانا فضلاً عن الحرب الدائرة في دارفور. زيد على الأمر قلياً أو كثيراً، فقد كان أول من إعترف بأحدث دولة تولد الى الوجود من أحشاء وطنه! وهو الذات "الزول" وراء تعبير المقولة المضحكة والتي تبرأ منها كعادته: "الحشرة الشعبية" عندما شمَّر أنيابه ورقص؛ وكمان هو "الراجل ذاتو" الذي ألف الكلام النتن: "الناس ديل ما بنفع معاهم إلا العصاية" وهو يقصد أن لا يمكن ترويض الجنوبيين إلا بالعصا على نمط المقولة الفاسدة: لا تشتري العبد إلا والعصا معه....". وكذلك "ياهو المشير البشير ذاتو" يستخف بالمواثيق ويغلظ القسم: "لن يمر بترول الجنوب عبر أراضى السودان الطاهرة حتى لو قبلوا يعطونا نصفه مجاناً". إن من يقول مثل هذا لا يمكن أن يكون رسولاً للسلام كما يدعي بقوله: "ان الهدف من زيارتنا هو حمل السلام الى جنوب السودان والى اشقائنا وشقيقاتنا الجنوب سودانيين"، وكما لا يمكن أن يكون ذي مصداقية بل ضدها فالرجل تالله ليس لديه أية قناعة إلا التي يلوكها لسانه للإستهلاك المحلي كقوله "وقناعتنا الآن هي أن العمل المسلح لا يحل قضية، ولابد من الجلوس علي طاولة الحوار والوصول لاتفاق". لماذا الآن؟ ألم تقل أنك قبلت بتقرير المصير وبالإنفصال ثم الإعتراف بالإستقلال الكامل للجنوب من أجل السلام وكان كل ذلك "قبل الآن؟". أليس بإمكانك ايها "المشير" وضع هذه القناعات لو كانت لديك مثلها على أرض الواقع وتوقف الموت في ربوع بلدك حتى لا يؤتم مولود، ولا "ترمل" إمراة ولا تثكل أم بموت فلذ كبدها؟ وتوفر مال الإنفاق على الالحرب لتتنمية؟ أجل! خلاصة الأمر أن رحلة الريئس "المشير" ما هي إلا "فناً للبقاء": قد توقف إنتاج وتتدفق البترول أو كاد أن يتوقف عبر أراضي السودان الطاهرة ما يهدد إنهيار الإقتصاد السوداني قبل أوانه مما سترتب عليه تقليل فرصة "بقاء" "المشير". يسعى البشير للتضييق على المعارضة إما بالضغط على حكومة الجنوب بعدم إيواء النازحين من النوبة داخل معسكرات اللاجئين في دولة جنوب السودان وإجبارهم على العودة لديار الحرب والعذاب ليوجهوا الإبادة الجماعية من نيران قواته ومليشياته وطائراته، وإلا سيدعم المعارضة المسلحة ضد حكومة جنوب السودان. إن ما نشاهده أن أنياب "المشير" بائنة وبارزة فحذارى ولنأخذ العبرة من قول: إذا رأيت أنياب الليث بارزة فلا تظن أن الليث يبتسم. فبقاء البشير الذي يستشعره من زوال دولة الجنوب هو الذي دفعه للزيارة، لن يستفيد من هذا البقاء إلا هو. وعلى الأخوة في حكومة جنوب السودان وعلى وجه الخصوص الأخ الرئيس سلفاكير مد يد التصالح والمصالحة مع الفرقاء من أجل بناء الدولة التي دفعوا من أجلها الغالي والنفيس. بناء على أسس الديمقراطية السليمة والمحبة. فقد حاربتم سوياً عدواً مشتركاً لكم من أجل هدف واحد ثم إفترقتم وقاتلتم بعضاً ثم جمعتكم كلمة سواء إلى الى تحقق مرادكم. فاليوم أنتم أقدر من أي وقتٍ مضى في لم شملكم، فأقيموا الصلاة وتصالحوا. نقول هذا ليس لأننا وصي عليكم فأنتم أدرى بما نقوله، ولكن من أجل تفويت الفرصة للمتربصين بمصالح الجنوب الوطنية والذين يتمنون عدم إستقرار بل زوال هذه الدولة الواعدة إتحدوا.
|
|
|
|
|
|