|
الملهاة السودانية أوالتاريخ فى بنيته المغلقة.
|
الملهاة السودانية أوالتاريخ فى بنيته المغلقة.
أحمد محمود\كاليفورنيا الأخبار التى تناقلتها بعض المصادر أن بعض أقطاب المعارضة وفى سياق انسجامى مع عناصر النظام قد تلاقت حول أطروحة التفاوض فى مدينة القاهرة وذلك بوضع مسودة اجرائية تسبق المرشّح من لقاءات لتدجين الواقع السودانى نهائيا عبر الخطة الجهنمية الى تقودها الجبهة الأسلامية القومية. الطريف فى الأمر أن هذه اللقاءات التدشينية توجّت بمسحة فنية عبر ولوج الوفدين سينما بالمنيل لمشاهدة فيلم للفنان عادل أمام وكنت أتمنى أن يكون الفيلم المشاهد هو الأرهاب والكباب فيما تعكسه هاتان المفردتان من واقع سياسى مرير فى المشهد السودانى. وكما يعبّر محتوى الفيلم فأن الذين احتجزوا بعض الرهائن وجدوا فى نهاية الأمر أن لا قضية لهم سوى ان يطلبوا بعض الكباب وهى النهاية المشابهة للواقع السياسى السودانى، فبعد نضال طويل لدى بعض قادتنا تضيع معالم قضيتهم ضمن هذه المرحلة فيما هم مساقون اليه ، أنها الصورة الأكثر درامية عن مشاهد فيلم الأرهاب والكباب. فى الجانب المقابل ذكر الأستاذ المناضل فاروق أبو عيسى أنه ولج السفارة السودانية مفتقدا الزغرودة السودانية كتتويج لهذه الحالة وكأنها لحظة انتصار تاريخى، أفهى الزغرودة التى تنتزع من أفواه الأمهات غصبا عندما ينقل اليهن خبر موت أبنائهن عبر الدجالين من عناصر الجبهة أم هى زغرودة عرس( الشهيد). والأستاذ أبو عيسى هو الذى وعد الكثيرين بالعودة المنتصرة بعد ستة شهور بعد تسلم نظام الجبهة للسلطة وهو الذى كان رافضا لأتفاقيات نيفاشا الى زمن قريب. والذى يستعجب اليه الأنسان من اين يستمد قادتنا هذه الروح المتلونة دون الأحساس بجرح الضمير ناهيك عن الأحساس بالجماهير التى أدّعوا الدفاع عنها. والثنائيات الضدية؛ الغضب والأنتشاء، الحزن والفرح، البكاء والضحك، الخصام والتسامح لا يمكن أن ينتقل اليها الأنسان دونما أسباب حقيقية تلعب فى الجانب السيكولجى حتى يحدث التوازن السوى. لكن هذه الحالة لا تتصل ببعض قادتنا، فالأنتقالات تتم دون هذه المقدمات الضرورية. فنافع، الرجل الذى التقته بعض قوى المعارضة هو الذى أقام السجون وبيوت الأشباح وهو من العناصر الأمنية المهمة فى نظام الجبهة. وفى مقالى السابق تحدثت عن الذاكرة المثقوبة كتوصيف لبعض أفعال البعض وسط القوى السياسية، ولكن هذا الثقب يبدو أنه متناهى. فكيف سمحت لهم هذه النفس الأمارة بالسوء الجلوس مع الأسوأ أطلاقا دون أن يتذكروا مرارات تلك الأيام عندما( وطأت) الجبهة بأحذيتها غالبية المعارضين عبر ايدولوجية نافع التعذيبية.ألم يسمع بعض معارضينا أن هنالك منظمة سودانية أسمها ضحايا التعذيب قد أحصت العديد من حالات الأغتصاب والقتل وغيرها من أفانين التعذيب التى أبتكرها نافع على نافع. أليست هنالك اللحظة الفارقة والتى يكون فيها الأنسان منسجما مع ذاته أو خارجا عنها وهنا يمكن توصيفها بحالة الجنون هل وصلت هذه الحالة بالبعض الى هذا الحد. اذن والسؤال المعضلة، لماذا خرج المعارضون من السودان، ولماذا أقاموا المعسكرات التى تحمس لها الشباب وراح البعض ضحية لذلك تحت شعارات التحرير ولماذا ساهموا فى تهجيرنا بدعاوى أن المنفى أفضل من نظام الجبهة. أقول كل هذا وأنا أعلم أن السياسة تتطلب بعض المتغيرات الضرورية مع الذى لا يتناقض مع المبادىء ومع امكانية الوصول للأهداف المعلنة. لكن ما يحدث فى السودان عصى على التفسير. فالجبهة ما زالت هى المسيطرة وهى التى تتعامل مع قضايا الصراع فى السودان بذات الروح التى حكمت بها القطرمنذ عام 1989.والمتغير الوحيد أن الجبهة تبحث عن مخرج من أزمتها عبر دعاوى المصالحة دون أن تسآئل عن تدميرها لوطن بأكمله. وبعض قوانا السياسية يفهم أن ما يقومون به هو تكتيك من اجل تفكيك الجبهة. فهل هم أكثر ذكاءا من الجبهة التى أقتلعت منهم السلطة وهم نيام. أننا نعلم أن هذا النظام يمكن أن يحكم طويلا نتيجة لأسباب عديدة لكنه سيسقط يوما ومعه ستسقط فكرة المنهج الدينى بطبيعته المتحجرة. وهذا سيفتح الباب واسعا لتأسيس رؤى جديدة خارج المطروح الدينى وهذا يتصل بتجاوز مراحل استغلال الدين نحو مفاهيم متقدمة نحو الحلول الصحيحة المستندة لرؤى علمية حسب الأمكانية والتصورات. ولكن بهذه التداخلات التى تقيمها بعض القوى السياسية فأن ذلك صعب الحدوث. أقصد أن الحل الجذرى قد أعترضته القوى السياسية عبر اختلالاتها ومداركها القاصرة. أذن،أذا سلمنا أن الجبهة قد أرتضت الجلوس مع القوى السياسية لقناعة أو لتكتيك وبالتالى ستكون جزءا أصيلا فى السلطة عبر المرحلة القادمة فمن سيحاسب الجبهة على ما أرتكبته من جرائم فى حق الشعب السودانى. فيمكن أن تنوب بعض القوى السياسية عن الجماهير بتوقيع بعض الأتفاقيات،لكنها ليس من حقها أن تصادر مبدأ المحاسبة. فالأرامل لهن حق والأمهات اللائى فقدن أبنائهن فى حرب النظام لهن حق والذين شردوا وعذبوا لهم حق والنساء اللائى جلدن فى قارعة الطريق لهن حق والشعب السودانى وكل حسب حالته له حق القصاص. وفى المجمل النهائى أن الشعب السودانى يتطلع لمحاسبة هذا النظام،وليست المحاسبة بمفهومها القانونى فحسب بل المحاسبة السياسية التى تقطع مشيمة الجبهة الأسلامية وتفتح آفاقا جديدة لديمقراطية لا تهددها الأنقلابات ولا طلاب السلطة. والمؤسف أن التجمع الوطنى الديمقراطى يتهاون فى هذا الأتجاه او لنكن أكثر دقة فمبدأ المحاسبة يفرضه القوى والمنتصر والتجمع ليس كذلك. ولهذا ليس بمستغرب ان يقول التجمع الآتى(التجمع اكد أن مبدا المحاسبة ادرج ضمنيا فى أجندة المفاوضات المزمعة مع الحكومة وأن الوفد الحكومى المفاوض قاوم ذكره علنا ولكنه أنتهى الأمر الى أدراجه تحت شعار رفع المظالم). والسؤال هنا اية مظالم يرمى اليها التوضيح البائس من التجمع الوطنى، أفهى المظالم التى مضت أم التى ستأتى. ومن الذى سيرفع هذه المظالم الجبهة أم التجمع الوطنى. ان الأزمة التى دخل فيها السودان راهنا تعد من أسوأ الأزمات اطلاقا. فالتاريخ ليس حلقة دائرية تمارس العودة لنقطة البدء، أنما حلقة متطورة بحكم دور الفاعلين فيه.ولكنه فى حالتنا السودانية هو فعل البنى المغلقة التى لا تنفتح على حلقات التطور وهنيئا لنا بهكذا وطن، وطن لا يقرأ بعض ابناءه التاريخ وأن قرأوا جزءا منه قرأوا تاريخ النكسة لاعادة انتاجها وجسدوا معالمها ولكن مع هذا فأن التاريخ لا يرحم ولو الى حين.
|
|
|
|
|
|