|
المبدعون السودانيون فى الغربة شموعا تتلألأ ضياءا بقلم عثمان الطاهر المجمر طه
|
بسم الله الرحمن الرحيم المبدعون السودانيون فى الغربة شموعا تتلألأ ضياءا وألقا وشعاعا لتنير وجه السودان فى العالم بنور عبقرى وفى صمت كالفراشات يحترقون وأهل الإنقاذ يتفرجون! والكاتب أحمد الأمين واحد منهم ! بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى عثمان الطاهر المجمر طه / باريس { ربى أشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى } . { ربى زدنى علما } . أسافر بعيدا زادى فرشاتى وألوانى تظلل لوحاتى ألما ودما يجسد مأساة أحزانى هكذا هو لسان حال كثير من المبدعين السودانيين صحفيين وإعلاميين ومفكرين وأطباء ومهندسين مثقفين وفنانين تشكيليين غادروا السودان مكرهين بعد أن حرموا مضطهدين وحيل بينهم وبين أدوات إبداعهم وإنتاجهم وصودرت حريتهم لهذا هاجر الطبيب المبدع عمر عبود و شيخ كنيش وزكى على سبيل المثال وليس الحصر أما الصحفيين والإعلاميين تطول القائمة دون أن نستطيع حصرهم وكذا المهندسين والمفكرين والمثقفين أما الشعراء والفنانيين التشكيليين حسبنا الملهاة التراجيديه التى كان بطلها الحبيب بهنس الذى غيبه الموت فى أرض الكنانة بعيدا عن أرض الوطن بعيدا عن الأهل والصحاب والأحباب من أهل الهوى الذين رحلوا وما تركوا أثر رحل بهنس دون أن يكمل لوحته الأخيرة ودون أن يختم آخر قصائده وداعا أيها العبقرى المبدع وكأنى بك تعاتبنا قائلا : فى شوارع القاهرة كنت سارحا هائما على وجهى فى عوالم بنات أفكارى أقتات من فتات موائد خيالى أتلمس طريقى للدفء فى سماوات رجائى أداعب متحسسا أحاسيس أوتارى أدندن بآخر أغنية من أنغام مشاعرى وأشعارى تحكى قصة موتى وإحتضارى وكالعادة أزلام النظام المتمثلون فى سفارة القاهرة جاءوا بألف مبرر ومبرر لقد باغتهم موت بهنس وهم يتفرجون لو كانوا صادقين لذهب إليه السفير بنفسه وأصطحبه معه لمكتبه بطريقة إنسانية حضارية تختفى فيها الألقاب والمناصب بل بتواضع السودانيين وطيبتهم وحنيتهم كان يمكن للسفير أن يحتويه ويحاوره ليعيد إليه توازنه النفسى والأدبى والإنسانى حتى يحس بأن له وجود أدمى وأن وطنه يهتم به ويكرمه ويقدره ويحترمه كمبدع عبقرى ومغترب مثقف لكن الوزير السفير شغله الشاغل عشيرته من المصريين الذين أضاعوا فرصة عمرهم فهاهم اليوم يقاتلون بشراسة لإستردادها بعد أن فرطوا فيها أكرمهم الشعب وتنكروا له وإندمجوا فى التمكين للعشيرة كما فعل نظام الإنقاذ الذى مكن نفسه أكثر من ربع قرن على حساب العباد والبلاد وبالتالى المصريون قالوا لماذا لا نتمكن كما تمكن إخوتنا فى السودان ؟ وهكذا خسروا السلطة وخسروا الشعب لهذا سفير السودان فى مصر لا يهمه أن يموت فنان تشكيلى أو أن يحتضر أو أن يفارق الحياة فى شوارع القاهرة مثله ومثل أى حيوان قضى نحبه حتى ولو كان هذا الحيوان حيوانا ناطقا ومبدعا ما مهم لسبب بسيط هو ليس من جماعة تمكنا لا صلة له بنافع ولا بكرى حسين صالح لو كان بكرى حسين صالح خاله لأرسلوا له فورا طائرة وشيكا على بياض وهكذا تموت الأسود فى الغابات جوعا ولحم الضأن يأكله الكلاب. قد لا تصدق عزيزى القارئ أن هذا العنوان كتبته قبل وفاة بهنس بأسبوعين وكان هو أصلا مخصص للزميل الأديب الكاتب الصحفى القدير أحمد الأمين الذى تخرج فى جامعة الخرطوم بدرجة الشرف فى قسم اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية فى 1988م ثم عملا فى إحدى الإصدارات الإنجليزية فى الدوحة ومن قبلها نشرت له صحف السودان وعلى رأسها صحيفة الخرطوم أروع المقالات عن المبدعين السودانيين وأشهرهم الطيب صالح وكانت أروع مقالاته عن الأديب السودانى الشهير على المك ثم الشعراء المجيدين جماعة الغابة والصحراء عثمان النور أبكر ودكتور محمد عبد الحى أستاذه فى الجامعة الذى درسه الأدب الأنجليزى وللأستاذ أحمد الأمين كتب تحت الطبع إلتقيته مصادفة فى إحدى مكتبات لندن وقدمت إليه نفسى ففاجأنى يا عثمان أنت صحفى كتاب وأنا أقرأ مقالاتك بإنتظام وتوطدت العلاقة بيننا ثم قام بترجمة إطروحة الدكتوراة الخاصة بى للغة الإنجليزية بترجمة رائعة وزودنى بنصائح قيمة وحاولت كتابة هذا المقال عنه ونصحنى أن لا أفعل كنت حزينا فقد علمت أن دفعت الأستاذ أحمد الأمين صاروا سفراء وهم عاطلون عن الإبداع كل مؤهلاتهم هم من جماعة تمكنا المحظوظين المرضى عنهم أجلت المقال بناءا على طلبه ولكن بعد موت المبدع العبقرى الشاعر التشكيلى بهنس أجد نفسى فى حل عن إلتزامى بالعهد حرام أمثال الكاتب الصحفى المبدع أحمد الأمين أن تستفيد لندن من خبراتهم ووجودهم فيها بينما السودان هو الأولى بعطائهم وإبداعهم ولكن ماذا نقول ؟ مع نظام لا يعترف إلا بالجهوية والقبلية والحزبية الطائفية وحتى فى الحزبية إذا كنت لاتلتزم بحرق البخور ودق الطبول وتريد أن تكون من الناصحين تأدبا بأدب الدين يكون مصيرك مصير جماعة غازى صلاح الدين العتبانى . لابد أن تكون من أهل اللغف حتى السقف وعندما يسألوك تكون إجابتك حاضرة مثل إجابة أمين حسن عمر أنا ما حرامى أسألوا خالى ويابخته من كان خاله خال رئاسى مثل بكرى حسين صالح يا خال رئاسى يا بلاش ! هذا هو حال السودان الذى نطمع فى أن يستمتع بالحريه والديمقراطيه ويحارب الديكتاتوريه والإستيطانات العسكريه التى تفرخ الفساد والإفساد والإستبداد وإنسداد الإنعتاق فتظل البلاد والعباد فى نفق مظلم ! للأسف نظام الإنقاذ الذى قال عنه أسطورة الأدب العالمى الطيب صالح من أين جاء هؤلاء ؟ فحاربوه إلى أن مات هذا النظام الإسلاموى الإخطبوطى الزئبقى الحربائى عدو المبدعين السودانيين يحاربهم أينما كانوا وحيثما كانوا وفى ذات الوقت يحتضن أنصاف المثقفين الإنتهازيين المتسلقين وطلاب الشهرة المستعجلين المتلهفين للأضواء المهم الرضاعة من ثدى البقرة حتى ولو كانت بقرة صفراء عجفاء ! هذه هى محنة مأساة المبدعين فى السودان ! بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى عثمان الطاهر المجمر طه / باريس
|
|
|
|
|
|