|
الصراع بين الوالى و الشيخ .. بقلم : اسماعيل عبد الله
|
الصراع بين الوالى و الشيخ ..
جبل عامر منجم الذهب هو السبب الرئيسى فى اندلاع الشد و الجذب بين الشيخ و الوالى , لم يكن هذا التنافس مرئي للناس الا بعد خروج الكنز من هذا الجبل الثروة , تبين للناس ان الصراع حول الثروة هو أس داء شئون الحكم فى السودان , قد يأتى شخص و يقول لنا أن حجر الزاوية فى الصراع هو السلطة , نحن نقول لمثل هذا الشخص ان السعى للوصول الى السلطة فى بلادنا ما هو الا وسيلة للوصول الى الغاية الكبرى الا وهى اكتناز الثروات , لو لم يكن جبل عامر لما طفح سيل المناكافات و المجادلات بين الشيخ و الوالى , هذا الخلاف يبين لنا تركيبة هذه المنظومة القابضة على مجريات الامور فى بلادنا , أذ ان المال يمثل المبدأ الاحق بالتضحية و التفانى و لا شئ سواه , الحروب يقتل فيها مئات الناس الابرياء و يظل هَم القائمين على امرنا هو كم ربحنا و كم خسرنا وكم اشترينا من الفلل و العقارات فى دبى و ماليزيا و لندن , الشعارات التى ترفع من قبل ساستنا هى كروت استعطاف للمواطن حتى يبارك لهم الجلوس على كتفيه ليقوموا بممارسة هوايتهم الشيقة و الممتعة فى التغول على مال الشعب , الساسة فى بلادنا يتأففون من اتساخ شوارع الخرطوم فيخرجون ليسوحوا فى بلاد العالم الحافلة بالنظافة و الترتيب الجميل و يتناسون انهم هم المسئولون عن جعل بلادنا كتلك البلاد التى يهرعون اليها و يصرفون مالنا فيها فى سبيل متعتهم الشخصية , الساسة فى السودان بشقيهم الحاكم منهم و المعارض لا أمان لهم و لا ثقة فيهم لذلك سكن المواطن ولم يحرك سكونه هذا اكبر كارثتين مرتا على البلاد السيول و الحرب , المواطن فقد الثقة فى من ينطقون بتحقيق الرفاهية له , لقد جرّبهم من شمال وجنوب و شرق و غرب ووسط السودان بجعليهم و زغاويهم وشايقيهم و نوباويهم و هدندويهم , كلهم اثبتوا له بما لا يدع مجال للشك انهم يستهلكون دمه و ماله و عرضه فى سبيل ان يظلوا هم فى اشخاصهم و اسرهم فى رفاهية مستمرة و يسعون الى ان تظل هذه الرفاهية فى استمرار ولا يقبلون بالتنازل عنها فى سبيل المصلحة العامة مثل الرضيع الذى لا يستوعب ما هى الفطامة مهما قدمت له من مبررات. الانسان فى دارفور كما هو الانسان فى عموم السودان مُستَغَل من قبل القائمين على امره , الشيخ هلال زعيم المحاميد افاد و استفاد من حكومة المركز هو وعشيرته الاقربين , و كذلك الوالى محمد عثمان كبر افاد من عطايا المركز و أسس لامبراطورية ضخمة من الانتهازيين و حارقى البخور و الارزقية , من زاوية وجهة نظرى الخاصة لا أرى فوارق كبيرة بين الاثنين بل اجدهم فى ذات المركب ولا عزاء للمواطن المسكين الذى ينطبق على حاله المثل القائل : عندما تتصارع الافيال تموت الحشائش , نجد كل من الشيخ و الوالى قد (لهطوا) من فتات مائدة السلطان حد التخمة و عندما تعارضت مصالحهم جائو ليستفتوا أبكر و أسحق و حماد , هكذا دائما الساسة اذا لم يتحكم بهم نظام ديمقراطى حقيقى يحدد مدة بقائهم فى السلطة و يحاسبهم على جدول عمل مفصل عبر لجان ومفوضيات شفافة و مستقلة لاصبحوا عصاة و جبابرة يستبيحون جماجم المساكين و دمائهم , يعجبنى كثيرا القول الحكيم الذى ادلى به احد فلاسفة الغرب وهو أن الساسة مثل حفاظات الاطفال (البامبرز) يجب تغيرهم بصفة دائمة ومستمرة , لقد عاشت ولاية شمال دارفور فترة من الاستقرار النسبى فى السنوات الماضية و لم نسمع بتحركات جيوش الحركات المسلحة و صداماتها مع المليشيات وقوات الحكومة فى هذه الولاية لزمان طويل و ذلك يرجع الى ان التناغم بين زعيم المحاميد و عثمان كبر ممثل الجكومة الرسمى كان فى أوجه الى ان جاء أغراء جبل عامر فتلاقى الخطان المتوازيان و حدثت الشرارة. الحل فى هذه الازمة وكل الازمات المتكررة من الصدامات بين القبائل و القيادات الاهلية و الحكومية هو أحد أمرين : زوال هذا النظام الاستغلالى و المستهتر و الساعى الى تفتيت السودان مستجيبا لابتذاذ الامبريالية العالمية له نسبة لنقاط ضعف كثيرة جعلت ظهره منحنى على الدوام و منفذ لكل الاجندات الخارجية دونما أعارة أدنى اعتبار لماء الوجه أن كان هنالك ماء للوجه من أصله , حلول نظام فدرالى حقيقى يعيد تنظيم الخارطة السياسية للسودان معطياً كل ذى حق حقه و واضعاً هيكلا اداريا علميا لا سبهللياً كما الحال الان مع تحديد خط فاصل بين الادارة الاهلية و الادارة الرسمية للحكومة بحيث يوكل الى النظام الاهلى كل صلاحياته السابقة و فى ذات الوقت يقوم الجانب الحكومى بدوره الخدمى المؤسس على الشفافية المبرئة من البيروقراطية و المحسوبية و العشائرية و الطائفية , أما الحل الثانى فيكمن فى انفصال الاقليم فى حال فشلنا نحن السودانيون تحت راية السودان فى ان نجد بديلاً مجدياً لهذا النظام , وفى هذه الحال انا على ثقة لا يساورها ادنى شك من ان مجتمع دارفور على اتم التاهيل لتأسيس دولة مدنية حديثة قوية سوف يكون لها تأثيرها القوى فى أفريقيا بحكم موقعها و دورها التاريخى وهويتها الافريقية و الاسلامية والعربية.
اسماعيل عبد الله [email protected]
|
|
|
|
|
|