|
الصادق المهدي ...زوابع الفناجين د.ابراهيم مخير
|
لندن 21 مايو 2014
الحقيقة تظل أن إعتقال السيد الصادق المهدي هو أمر صغير لا أصل له ولا قضية ، يشبه في حاله أمر من يقودون هذه البلاد المغلوبة علي أمرها الذين ألبسوا الرجل – والحق يقال - ثوباً علي قدر همّه.
فإن كان الصادق المهدي قد إختار ان يجرجر نفسه في ######## الامور وأن يترك الفيل ولا يطاعنه حتي في ظله ، ليلاعب الجراء فالذي " يلعب مع الجريوات ...." يصير الي ما صار اليه لابد ، ويتصدي له العامة من ذوي الخبلّ ، بعد أن أصبح تغرّه المكافاءت والوشائح ولا يأبه بالفوز العظيم لذا إنقلبت عليه القبائل التي كانت تناصره وتنصر جده - و"حميتي" هذا من الرزيقات - أصحاب الخيول المسرجات ، من مريدي الشيخ مادبو بن علي ، أول من أوقد النار في دارفور في وجه الإضطهاد ، وبايع الامام في "قديً" علي النصرة الي يوم الدين ، ما دام علي الحق لا يأبهون - إلا ان إمام آخر الزمان إختار الحوار مع صاحب الصولجان علي القتال ، ومال الي السلطان بدلاً من الضعيف من العربان ، ونصّر عليهم أولئك وانحاز في جهتهم مع اكثرهم علي أقلهم ......مدعياً ميله الي حقن الدماء ومنادياً الي الركون والاستسلام .
ولما لم يكن الصادق ابداً من الذين يحقنون الدماء.... خاصة دماء الأنصار....بل هو معين عليهم كاسر لشوكتهم سرعان ما يذكره الحكام عند ضيقهم ليخفف عنهم ويدعو لهم فقد تكشف للناس أمره ، فإستهزؤا برأيه إذ إستبان أنه ليس برجل حرب فيصمد علي قتال ويدعو له من غير فرار..بل المشهور عنه شدّ الرحال الي أرضي الأحباش والأقباط ..اذا ما إشتد ا########س ومال الناس الي الجهاد ، ولا هو كذا من المحنك من السياسيين فيدعو الي السّلم ويجنح له ، وإنما يفعل ذلك إلا مضطراً ضعيفاً أو مهزوما ...وهذا الأمر معروف ليس من كاتب المقال بل هو رأي العالمين والعارفين ببواطن الأمور لا المخدوعين بظواهرها ...و يذكر أنه قد حرضّ الانصار علي القتال علي جهات ليبيا يوم كان له الكثير من الرجال ، وتخاذل عنهم في غير حال ، وتلك صفات المتعلقين بالاسباب لا المتعلقين بصاحب الأسباب ، وعندما صار للحكم بعزيمة الأنصار ، وتصدر الكرسي بلا عظيم إقتدار ، لم يعضدّ أمرهم ولم يقوي شوكتهم ولم يعطهم قدّر وزنهم لينتظروه عند المحكّ وليذكروه عند اللمم ، فلم يرمم مساجدهم ولا خلاويهم ولا واسي مريضهم ولا علم جاهلهم بل وتنكر لهم ووبخهم ومنع حقهم وتولي عنهم و" قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىand#1648; عِلْمٍ عِنْدِي" .
ولم يكن الصادق كذا من أهل الموعظة ...أذ لم يكن يحبها ولم يتقبلها ابداً ...بشهادة الكثيرين ..من الامراء والسادة الأعلياء .....وهكذا افتي في أمر المهدية نفسها وذكر أن أمرها إهترء ، ولابد لها من تجديد !! ولم يصادف ابداً أن ذكر في الخاصة أو علي الملأ إن المهدي عليه السلام هو مهدي آخر الزمان ، بل قال في ما قال : لولا الزمان ، لصار المهدي عليه السلام أعز اصدقاء غردون الجيفة !! فانظر الي أي منحدر إنحدر والي أي درك قد وصّل ، وتبعه في أمره ذلك المضللين الآخرين والطامعين فما اغتنموا منه أو من ورائه شيئ ، ذلك ينقصه مالا وهذا جاه ، فلم يورثهم الله الدنيا بل ورثوا السجن والتحقير ، فمن لم تفنه الفتنة ودخل في الحرام أفناه المرض والفقر والعوز ، فمن لم يتوكل علي الله فليس له أن يفزّ خاصة وقد أدخل الرجل بكثير أمله الوهنّ في القلوب الضعيفة وصرفّ عنه الاقوياء وأحاط نفسه بالمواهيم والدهماء واستمع للنساء وولاهم علي أمر الرجال ، فصار معاركه كلام وحديثه أوهام بل أفتري علي زعامة الانصار ونازع الامامة عمه المنصور الإمام أحمد المهدي نزاع المجانين الأشرار ، وتشبث بها تشبس المحتاجين من الآملين في الدنيا ، فتشتت الانصار مأسوفاً عليهم وتفرقوا بعدما أدخل الدين في الدولة ...وضمّ العقيدة للسياسة ...كما يفعل الظلمة علي سدة الحكم اليوم ، الذين عادوا الانصار وحقدوا عليهم أشد الحقد وهم في ذلك لابد الله منتصر عليهم في السودان أو أي مكان ، أم كيف من قد إتعظ بهم وتبع أمرهم وأهتم لنصحهم وركض خلف وعدهم وقربهم إليه منذ صغره وفتوته الي شيخوخته وكهولته فصار المرء لا يدري أهو من الاحباب ام صار الي لهم من "الاخوان" .
ولقد خلط الصادق أمر الانصارية بأمر السلطة وذخرفها دون إستحياء...وجعلها متسلق للحكم علي رقاب الأنصار ورفض الشوري وهدّ منازلا ما كان لها ان تنهدّ ، منازل الخلفاء والامراء وأهدر مراكزهم وقلل من شأنهم وأضاع في ذلك وقت ثمين وجهد عظيم في ما لا ينفع.... إذ صار في أخر الأمر ما اراد له بناءاً خراباً ، فضاع حكمه وتسرب جمعه ما بين الاصابع كالتراب بعد أن انقسم حزب الامة وصار الي النزاع والشقاق...اما أمر الانصار فحدث ولا حرج بعد ما اصبحوا أقل عدداً وعدة ... مذلون مهانون ....حتي صار ال######## من الناس يسخر منهم بعد ما خرج أبنائهم من طوعهم ، بعدما رؤا الامر في نسل قائدهم أن فارق "الإبن" أباه لحضن الحاكم الظالم الهالك ، هذا وقد أصبح الغثّ يستقلّ بهم ويستحقر سيرتهم وتاريخهم ونضالهم والرجرجة الدهماء لا يتورعون أن يشتمون الصادق علي الملاء ويسخرون منه غير آبهين وهو صامت لا يحير ببنة شفة ولا ينطق بحرف ....فانظر أين وضع السيد نفسه وجرّ معه الخلقّ ، وأنظر كيف كان الانصار وكيف كان شبابهم وحكمائهم منذ عهد الامام المهدي عليه السلام مروراً بزمان السيد عبد الرحمن والي ماذا صاروا ...فتفهم........فذلك ما ادخره لك الصادق ...فهلا تستيقظ ؟
قال المنتنبي : على قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ" " وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها" " وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
|
|

|
|
|
|