|
اتفاق باريس .. الماء الساخن تحت اقدام "الامام"!!/تيسير محمدعلي
|
تيسير محمد علي (اعرف ان هذا الامر من شأنه ان يؤلب علي المعارضة في السودان وقد يغضب مني النظام الحاكم) بهذه العبارة اختتم الصادق المهدي زعيم حزب الامة المعارض مباحثاته مع الجبهة الثورية بالعاصمة الفرنسية اديس ابابا. وعبارة المهدي يبدو انها لم ترق للكثير من الدوائر الاقليمية المهتمة بالشأن السوداني وأبزها الاتحاد الافريقي الذي يرعى المفاوضات بين الحكومة السودانية و الجبهة الثورية فيما يعرف بمفاوضات المنطقتين حسب موجهات قرار مجلس الامن الذي الزم اطراف النزاع بالوصول الى اتفاق ينهي الحرب في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان. وكشفت مصادر داخل حزب القومي ان مفاوضات المهدي مع الجبهة الثورية لم يطلع ترتيباتها الاتصالات التي دعمت قيامها ووسطائها لمؤسسات الحزب التي تفاجأت بتوقيع زعيم الحزب علي اعلان سلام طالعته عبر وسائل الاعلام الشيء الذي يشير بان القرارات داخل الحزب تحتكرها فئة ضيقة من الاسرة المهدوية فقط وقد ظهر ذلك جليا في التصريحات التي ادلي بها المهدي لإذاعة راديو دبنقا مؤخرا والتي نعى من خلالها الحوار الوطني الذي أكد قبل قيامه أنه من الاهمية بمكان. وأكدت المعلومات ان المهدي بهذا الاتفاق يحاول احراج اللجنة المعنية بالحوار والتي قام بتشكيلها المهدي نفسه من قيادات ورموز بعينها من حزب الامة بعد ان ابلغ بعض الرافضين للحوار من داخل حزبه ان هذه اللجنة ماضية في طريقها لانجاز المهمة الوطنية وقد اقتنعت بالكثير الذي طرحته لجنة (7+7) التي قطعت شوطا مقدرا في الاتفاق علي محاور سياسية سيتم طرحها علي طاولة الحوار في اشارة الي انشقاق وشيك سيقع داخل حزب الامة بسبب الحوار الذي دعا له الرئيس عمر البشير للأحزاب كافة. وثاني الرسائل التي يريد اتفاق باريس ايصالها للحكومة هو التأثير المباشر علي الحوار المجتمعي الذي دعا له البشير مؤخرا والذي انطلقت فعالياته بقاعة الصداقة مما دفع مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي للرد المباشر وإبطال مفعول القنبلة بقوله : انطلاق الحوار المجتمعي خطوة متقدمة لبلورة رؤى وأفكار من مختلف الفعاليات ،وتوطئة لتحديد دور الحكومة ومؤسساتها تجاهها ،قائلاً إن الحوار الوطني إنطلق ولا شيء سيوقفه ،بعد إعلان الحوار المجتمعي وتوقيع خارطة الطريق لآلية (7+7)". وقال نجل المهدي إن الحكومة تبحث عن إتفاق وصيغة للتراضي الوطني متفق عليها من الجميع، لتنطلق منها الدعوة للجميع للمشاركة في الحوار الوطني داعياً جميع أبناء الوطن للمشاركة في قضايا الوطن بمسؤولية وإلتزام، قائلاً إن الدخول في مواجهات أدى إلى مزيد من العنف وهو ما يدعو إلى تقديم المصلحة الوطنية. وتفيد مؤشرات عديدة ان اتفاق باريس لم يجد القبول من احزاب المعارضة او بمعني ادق الاحزاب الرافضة للحوار باعتبار ان الصادق المهدي غير مؤهل سياسيا لتوقيع اي اتفاق ينوب عنها وقد عبر عن هذا الاتجاه رئيس قوي الاجماع الوطني فاروق ابوعيسي في ندوة بالعاصمة البريطانية لندن عندما قال :" لا اثق في اي اتفاق يقوم المهدي بالتوقيع عليه". وعبارة ابوعيسي تعكس الي حد كبير ما بين الرجلين من مرارات وأزمة ثقة عبرت عنها العديد من المواقف السياسية ولعل ابرزها كان الذي اخرجه ابو عيسي من (عنف لفظي) ابان قضية السودانيين المعتصمين بميدان " العتبة " بالعاصمة المصرية القاهرة في العام 2007م حيث اتهم المهدي ابوعيسي بتحريض السودانيين علي الاعتصام بالميدان الشيء الذي نفاه مفوض اللاجئين بالحكومة السودانية في ذلك الوقت وعندها قال ابو عيسي:"تبرئة الحكومة لي تؤكد ان المهدي اكبر كاذب سياسي بالسودان" . وأكثر ما يوضح ان اتفاق باريس غير مرضي عنه داخل القاعدة الانصارية باعتباره قدم محاور تمس العقيدة مباشرة ممثلة في قضايا " الدين والدولة " هي تلك النبرة الغاضبة التي تحدث بها التيار العام لحزب الأمة القومي ورئيسه ادم موسي مادبو الذي وجه انتقادات شديدة لمواقف رئيس الحزب الإمام الصادق المهدي ووصفه بالمتناقض معتبراً قيامه بتوقيع اتفاق مع الجبهة الثورية بباريس إهانة للحزب ومؤسساته. وشكك مادبو القيادي أن يكون الغرض من لقاءات المهدي مع الجبهة الثورية إقناعها بالإنضمام إلى عملية الحوار الوطني قائلاً إن "علي المهدي أن يقنع نفسه أولاً بالحوار قبل أن يدعو الآخرين بالدخول فيه ". وأكد مادبو إلى أن الموضوع برمته فيه تناقض كبير وإلا فإن على المهدي أن ينقل للحكومة وجهة نظر الحركات المتمردة لأنها المعنية بالحوار الوطني، مضيفاً إذا كان الغرض من لقاء باريس أي عمل مناقض، على الحكومة إتخاذ ما تراه مناسباً. وأبدى مادبو اندهاشه من الطريقة التي يتعامل بها رئيس حزب الأمة مع قيادات الحزب ،مبيناً أن المهدي غادر إلى باريس للقاء الجبهة الثورية دون إخطار نواب الحزب بالزيارة أو الغرض منه وهو ما يشير إلى تكريس الدكتاتورية في الوقت الذي يطرح الحزب نفسه كشخص ديمقراطي إضافة إلى عدم إشراك مؤسسات الحزب فيما يتعلق بالسياسات العامة لحزب الأمة. واكدت مصادر مطلعة ان الاتصالات التي اجراها المهدي مع قادة الاحزاب السياسية اراد من خلالها الرجل ان يعرف اين يقف الرأي العام السوداني من الاتفاق وعندما وجد ان ردود الفعل قد سارت عكس ما يتمني سارع الرجل الي اعلان نعيه للحوار السياسي لطرح اتفاق اديس كبديل يحفظ ماء وجه المسعى التفاوضي الذي دلق ماء ساخنا تحت اقدام رئيس حزب الامة القومي وإمام الانصار جعل الاجماع ينفض من حوله حتى داخل حزبه بعد ان اصبح اداة طائعة وبوصلة يحركها قادة الجبهة الثورية كيفما يشاءون.
|
|
|
|
|
|