يثير متنفذو النظام غضبنا كلما حاولوا استغفالنا بادعاء الطهارة و النزاهة و الشرف.. بينما نتانة أفعالهم تزكم الأنوف.. و آثامهم تسد المنافذ أمام الطهارة و الشرف.. و يدحض ادعاءاتِهم العديدُ ممن كانوا معهم و انسلخوا منهم هرباً من أن يمسس المنسلخين ضرٌّ العُشرة و المعاشرة ..
لئن حاولتَ تقييم ( الانقاذيين) الممسكين بأهداب النظام حالياً، تجد أن بقاء النظام و استمراره يمدهم بأسباب البقاء في الرفاه و النعيم الدائمين.. و لا يهمهم التاريخ و لا الدين و لا الجغرافيا.. طالما استمرت الحياة و الأموال تتدفق إلى خزائنهم.. و غالبية التجار الذين مع انقاذ اليوم كانوا ضدها بالأمس.. و كان رامبو يشكل هاجساً يومياً لهم..
رامبو الذي دافع عن الانقاذ في أيامها الأولى بعنفوان.. و قفز قفزاته الاكروباتية الشهيرة من الطوافات قبل هبوط الطوافات على الأرض.. و في الذاكرة الشعبية قفزات أخرى له من حاملات الجنود المنطلقة بسرعة 150 ميل/ ساعة أثناء مطاردة الرعاة الهاربين بخرافهم من تعسف ( الانقاذ) في الأسواق و الزرائب..
نعم، كان رامبو يشكل تهديداً و وعيداً حقيقيين للتجار و قد صرخ ذات مرة أن:- " من أراد أن تثكله أمه فليقفل دكانه!".. فعاد التجار إلى متاجرهم فورا.. و من لم يعد فوراً بعث برسالة تطمينية تعد رامبو بفتح المتاجر فور العودة من السفر.. و بعد جس نبض نظام الانقاذ، أولئك رتب التجار أمورهم خير ترتيب و ارتدوا ثوب المؤتمر الوطني المطاط مع الأحجام.. و هم اليوم من يفعلون بنا و بالسودان ما يشاؤون...
يا حليل رامبو الذي أخذ حكاية ( هي لله.. هي لله) مأخذ الجد!
ربما تختلف معه في رؤاه، لكنك لن تستطيع أن تحرمه حقه من اعجاب الشعب به في تلك الأيام لدرجة اسباغ صفة ( رامبو) عليه.. و ما رامبو سوى ذلك البطل الذي يستطيع بمفرده أن يهزم جيش العدو بكامله دون أن يصاب بخدش..
أتى رامبو و الشعب في حالة احباط في المعيشة، يلازمها ( ناس تُلُّب) بلا رادع.. و انتشرت جماعات متخصصة في خطف حقائب السيدات على مرآى من الناس وسط الأسواق دون أن ينبري لهم أحد.. و من المشاهد اليومية المعتادة أن تمسك جيبك عليك.. و أنت تشق السوق في حذر..
كان اللصوص ( صغاراً).. و لم يكن السياسيون يزاحمونهم في صفوف السرقات المميز منها و غير المميز.. فالسياسيون لم تصبهم حالة ( الزلعة) التي أصابت كل من ارتقى كراسي الانقاذ ( الدستورية) هذه الأيام.. جاء رامبو يحمل علَم " هي لله" متقدماً شباب ( الجماعة!) المؤمنين بتحقيق ازدهار الدولة الاسلامية في أرض السودان الخصبة.. و كل ما في السودان من أسباب تقدم و ازدهار يجعل السودان ( يفوق العالم أجمع!)..
لكن التجار و السماسرة هزموه.. عينه النظام أميناً للمجلس الأعلى للرياضة.. جاءه أمين خزينة اتحاد كرة القدم و طلب منه ألا يتم توريد أي أموال إلى الخزينة، لأن أعضاء الاتحاد يتصرفون فيها حسب إرادتهم.. تصرفوا في 13 مليون جنيه بدون مستندات.. و تصرفوا في 10 ألف دولار.. بدون فواتير!! فتح رامبو بلاغاً لدى النائب.. تقرر نقل رامبو والياً لسنار و بقاء الأعضاء الثلاثة في الخرطوم.... و أحد الأعضاء الثلاثة يحتل منصب رئيس ( حوار المجتمع المدني) على مستوى الولاية الآن.. و لم يتم النظر في قضية الأموا ل المختفية حتى ساعة حديث رامبو المتلفز..
" عادي.. عادي.. عادي جدا!"
و مع ذلك ينتقد السيد/ علي عثمان من يستحي من ( الانقاذيين) و يربأ عن الدفاع عن النظام.. و يطالب الجميع بالدفاع عن الانقاذ بكل فخر و اعتزاز.. لأن الانقاذ تتجدد و تتمدد..! و صرحت إحدى عضوات حزب المؤتمر الوطني بأنها تخجل من الانتماء للحزب كون العديد من أعضائه تطاردهم قضايا فساد و انبرى لها البروف/ غندور قائلاً :- " ارفعي رأسك و قولي أنا مؤتمر وطني.. ولم نصل مرحلة أن نخجل من انتمائنا الوطني..!" لسع ما وصلتو المرحلة ديك يا غندور ؟ إذن، على السودان السلام في لادم الأيام!..
و حين أحس النظام بتقلص عضويته عكف يبحث عن وسيلة لاستعادة أمجاده عبر ما أسماه " وحدة الاسلاميين".. لكن الاسلاميين المؤمنين بالفكرة ابتعدوا عن النظام آلاف الفراسخ.. بل و من هؤلاء فئة ( السائحون) الذين يدرجون النظام بأكمله في مدرج المنافقين.. و عن النظام يقول الأستاذ/ راشد عبد القادر في صفحة ( السائحون) الاليكترونية و هي صفحة يتولى أمرها ( إنقاذيون) و تضم معظم الانقاذيين ( المجاهدين).. فلا غرابة في أن نسمع صوت راشد المعبر هنا عن أصواتهم:-
" .....و كل المختلسين و لزكاة و الأوقاف و شركة الأقطان و خط هيثرو و فاسدي التقاوي وووو.. لم يكونوا علمانيين و أعضاء الحزب الشيوعي أو بعثيين و انما رجال المؤتمر الوطني.. و الطيران الذي لم يستثنِ امرأة أو شيخاً أو شجرة في دارفور لم يكن طيران دولة علمانية و إنما كان طيران دولة السودان الاسلامية... و الذين يكنزون الذهب والفضة، لم يكونوا فاروق أبو عيسى و نقد و فاطمة أحمد ابراهيم، و انما البشير و إخوانه و المتعافي و عبد الباسط حمزة و جمال زمقان و كرتي وووو كبار الاسلاميين"...
و يسترسل الاستاذ راشد في عكس صورة اسلام النظام المقلوبة إلى أن يقول:-
" الاسلام الذي نعرف ليس اسلام المؤتمر الوطني الذي يستحل الربا و الدم الحرام، فإسلامنا يعلن أن من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، فلا صلاة له!"
ثم يقول عن الاسلام الذي ينتمي إليه ( السائحون) هو :- " ذلك الاسلام الذي نراه وسط الناس في مايو و الصحافات و الكلاكلات و الثورة و الامبدات و الحاج يوسف.. و في كل قرى السودان و عند عوام الناس.. إسلام هؤلاء هو اسلامنا....."
تساءلت بعد الاستماع إلى يوسف عبدالفتاح ( رامبو) و هو يعدد ما جرى له من حيف.. و ما جرى للفاسدين من تكريم:- ما دام الأمر كذلك، لماذا قبل رامبو الاستمرار، وظيفياً، ( تحت) من كانوا ( تحته) من حرامية اتحاد كرة القدم.. الذين توسع نطاق سرقاتهم ليكون أحدهم المشرف العام على ( الحوار المجتمعي) في كل الولاية..؟!
و أذهب مذهب أخي شوقي البدري، فأقول: محن انقاذية! و هل من محنة في السودان أفجع من محنة انقلاب 30 يونيو1989؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة