|
يسالونك عن الخدمة المدنية/محمد طاهر بشير حامد
|
بسم الله الرحمن الرحيم يسالونك عن الخدمة المدنية اعلن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية و رئيس المؤتمر الوطنى يوم الاحد 29/12/2013م اثناء حديثه فى حفل تكريم البروف غندور مساعد رئيس الجمهورية من قبل اتحاد عمال السودان حيث اعلن سيادته ان عهد التمكين و التسييس و المحسوبية فى الخدمة المدنية قد ولى الى غير رجعة و وعد سيادته باعادة الخدمة المدنية الى سيرتها الاولى و اعطاء استقلاليتها و حياديتها جميل جدا ان يعترف السيد رئيس الجمهورية بان الخدمة المدنية قد حادت عن مسارها الصحيح فى عهد الانقاذ رغم ان هذا الاعتراف جاء بعد ربع قرن من الزمان فى حكم الانقاذ و لكن ان ياتى الاعتراف لهذا الخلل خير من عدمه لان هذا الاعتراف يعتبر هو البداية الصحيحة للاصلاح و ان اعتراف الرئيس بالخطاء خيرا من التمادى فيه و ذلك تأسيا برسولنا الكريم حيث يقول ( كل ابن ادم خطاء و خير الخطائين التوابون ) و بسلفنا الصالح حيث اعترف الفاروق عمر بخطئه عند ما قرر تحديد المهور و عارضتها امرأ حينها قال قولته المشهورة ( اصابت امرأ و اخطاء عمر ) و تخلى عن تحديد المهور و عند ما نرجع لموضوع الخدمة المدنية يمكن القول بان الانجليز كانوا يتفاخرون بانهم قد تركوا نظم الخدمة المدنية باحسن ما يكون فى السودان على اسس موضوعية و قانونية واضحة لا لبس فيها بدء من اسس التعين و الترقى و قوانين العمل حتى نهاية الخدمة و استمرت الخدمة المدنية على هذا المنوال طوال عهود الحكم الوطنى مع اختلاف انظمتها و حكوماتها الا من اخطاء بسيطة يمكن تصنيفها بانها اخطاء فردية غير ممنهجة او مقننة حتى جاءت الانقاذ الى السلطة فانحرفت الخدمة المدنية مثل غيرها من المؤسسات وذلك وفقا لسياسة التمكين و التسييس و اعتماد الولاء للنظام بدلا من الكفاء و المهنية و عندما انحرفت الخدمة المدنية احدثت شرخا كبيرا فى جميع نظم واسس الخدمة بدء من التعين و الترقى و المحاسبة حتى الحقوق المالية للعاملين اذن ما هى الاثار السالبة التى تركتها هذه السياسة على الخدمة المدنية ؟ 1.عدم احترام مواعيد العمل المحددة جيئة و انصرافا و لتأكيد ما ذهب اليه اذهب الى اية مؤسسة او مصلحة حكومية باكرا حسب مواعيد العمل فجأة لترى العجب سوف تجد ان نسبة الحضور للعمل حسب المواعيد لا تجاوز 40% فى احسن التقدير 2.عدم احترام لقيمة العمل و جودته و التسيب اصبح السمة الغالبة وسط العاملين بالخدمة المدنية رغم ان ديننا الحنيف يدعونا الى الاهتمام بالعمل و اجادته حيث يقول الرسول (ص) ( من اخذ الاجر حاسبه الله بالعمل ) اذن اين نحن من هذا الحديث ؟ 3.عدم الاهتمام بمصالح المواطنين و الا بماذا نفسر ما نشاهده من عدم حضور غالبية العملين فى المواعيد المحددة و خروجهم باكرا قبل انتهاء مواعيد العمل اذا كان الامر كذلك كيف ومتى يتم قضاء حوائج المواطنين ؟ 4.عدم احترام قوانين العمل و لوائحه و اذا تم تطبيق هذه القوانين يطبق وفق مصالحهم الذاتية 5.ظهور الشلليات و مراكز نفوذ لبعض المسؤلين القيادين حيث يقال هذه شلة فلان و هؤلاء يصعب الاقتراب منهم و يعملون لمخططاتهم بسرية واحكام و هم على استعداد سحق اى شخص يقف فى طريقهم او طريق زعيمهم حتى لو كان خصمهم يستند على القانون و اذا سالنا انفسنا لماذا كل هذه السلبيات فى مؤسسات الدولة ؟ فى تقديرى ان هناك عدة اسباب نذكر منها : أ.سياسة التمكين : هذه السياسة التى اتى بها حزب المؤتمر الوطنى فى بدايات عهده بغرض التغلغل باعضاءه او مناصريه فى جميع مؤسسات الدولة ليتمكنوا من تنفيذ مشروعهم الحضارى و سؤال( من يزكيك )عند التقدم لطلب للعمل يدعم رأينا هذا و كان الاخوان المسلمون فى مصر سائرون لتطبيق هذه السياسة الا ان الكيانات الاخرى انتبهت لذلك و استعانت بفريق السيسى و اتغدوا بالاخوان قبل ان يتعشى بهم ب.سياسة تسييس القبائل و ادخالها فى التوظيف :حيث يمنع بعض الناس من حقهم فى التوظيف و العمل فى المؤسسات العامة بسبب انتمائهم القبلى او فصلهم من العمل لنفس السبب و الا بماذا نفسر بسؤال الذى يطلب من المتقدمين للعمل ذكر قبائلهم .و وجود مثل هذا السؤال فى طلب التوظيف يعنى احتمالين فقط لا ثالث له اما ابعاد قبيلة او قبائل معينة من العمل والتوظيف فى المؤسسات العامة او اعطاء افضلية الععمل لقبائل معينة وما يقال فى احاديث المدينة ان بعض وزارات و مؤسسات التوظيف فيها مقفول لقبائل معينة وما مقولة (يا فلان شلخ الوزارة دا ) ليس بعيد عن الاذهان بسبب هذه السياسات اعتقد كثير من العاملين بالدولة و خاصة القيادين منهم بانهم مبرؤن من المحاسبة عند تقصيرهم فى اداء واجباتهم و بالتلى ليس من اولوياتهم اداء اعمالهم او تجويدها بل اصبح همهم الاكبر هو ارضاء رؤساءهم و حشد اكبر عدد ممكن من الناس عند زيارة المسؤلين الكبار و بهذه الطريقة دخلت الخدمة المدنية الى نفق مظلم و انخفض اداء العمل الى ما يقارب 40% مع قلة الجودة فى نوعية العمل المؤدى و بالتالى حدث تدهور فى الانتاج العام اذن ما المخرج من هذا النفق المظلم؟ فى تقديرى ان المخرج يكمن فى قرارات السيد رئيس الجمهورية الاخيرة و يقيننا ان الرئيس صادق فى مبتغاه لاصلاح الخدمة المدنية و اذكر انه قد اصدر نفس القرارات فى فبراير عام 2011م و اذا وجد الجدية و التنفيذ لهذه القرارت منذ ذلك التاريخ لخرج الخدمة المدنية من نفقها المظلم و انصلح امرها و لكن ان السيد الرئيس لا يمكن ان يكون المنفذ المباشر لهذه التوجهات و ان المسؤلين اللذين عليهم تنفيذ هذه السياسات لا يقومون بتنفيذها على الوجه الاكمل حيث نجد ان بعض المسؤلين اللذين يوكلون اليهم انزال قرارات الرئيس الى ارض الواقع يستخفون بها و يفعلون ما تسول لهم انفسهم و مصالحهم الذاتية (ما حدث من وزير الزراعة السابق مع مدير وقاية النباتات خضر جبؤيل ) يدعم ما ذهبنا اليه اذن ان المشكلة فى الخدمة المدنية ليست فى القوانين ولا فى القرارات التى يصدرها السيد الرئيس انما الخلل يكمن فى اليات التنفيذ هذه القرارات و السياسات و اذا اردنا حل هذه المشكلة بصورة جذرية لا يكون فى اصدار قرارات لا تنفذ على ارض الواقع ولا بسياسات الترقيع انما يكون الحل فى هيكلة الخدمة المدنية بصورة جذرية و بحث جميع اوجه الخلل و توكيل امر تنفيذ هذه السياسات الى من يستحقونها و ينفذونها حينها نستطيع ان نقول ان عهد التمكين و التسييس و الفصل لصالح العام قد ولى و ان معيار التوظيف و الترقى فى هياكل الوظيفة هو الكفاءة و الامانة و الخبرة لا الولاء للحزب او القبيلة هناك سؤال ملح يطرح نفسه ألا وهو هل توجيهات و قرارات السيد الرئيس الاخيرة بخصوص العمل و التوظيف فى الدولة محصورة فى الخدمة المدنية فقط ؟ ولا يشمل بقية مؤسسات الدولة الاخرى مثل الجيش و الشرطة و جهاز الامن ؟ ام ان هذه القرارات تشمل ضمنيا هذه المؤسسات ؟ فى اعتقادى يجب ان تدخل هذه المؤسسات فى منظومة قرارات السيد الرئيس مع الاحتفاظ بقونينها الخاصة نسية لطبيعة اعمالها هذا لا يخرجها ان تكون التوظيف فيها لعامة السودانين بغض النظر الانتماء الحزبى او القبلى و خاصة فى وظائف الضباط لانها فى نهاية الامر انها مؤسسات حكومية و المقولة التى يتداولها ظرفاء المدينة بان احدى هذه المؤسسات لا يدخلها الااذا كان المتقدم لها من مناطق الاحجار الكريمة يجب ان ينتهى هذه المقولة الى غير رجعة لان كلام السيد الرئيس واضح لا لبس فيه حين قال ان العمل و التوظيف فى السودان يجب ان يكون للمواطنة و الكفاءة و الخبرة و المهنية محمد طاهر بشير حامد
|
|
|
|
|
|