بخفة بيبي نسر امريكي تعلم الطيران لتوه، كنت امس الارض بقامة مفرودة مساً ورئتان تستنشقان بسعادة هواء صباح هذا البلد المنعش استنشاقا، فيما عيناي تفيضان محبة، وكيف لا وقلبي ملئ بالطمانينة والسكينة، فاليوم من ايام عام 2007/ قد تم نشر عمودي ذاك بصحيفة «السوداني» الغراء الذي اوضحت فيه انتباهة كيف ان رائحة عصبية القبلية المنتنة قد بدأت تتلاشى، وان تلك الحواجز العنصرية التي بين السودانيين قد بدأت تنهار، حتى اذا ما دلفت لتلك الركشة التي يقودها «يا يُمه» شاب في مقتبل العمر شاربه الذي في طور النمو يدل على انه من ناس سنة تامنة ابتدائي الصغار، اللي اتخرجوا من الجامعة! ومن ثم شممت رائحة السجائر التي ضايقت انفاسي، لاجدني اسأله اثر ذلك باستغراب: - انت بتشرب سجائر؟!! وقبل رده علي عاجلته بشفقة وأمومة قائلة: - يا ولدي انت ماك صغير على تدخين السجائر، انت ما عارف مخاطر التدخين على الصحة شنو؟! عليك الله إن ما وقفت من التدخين .. وهو انت في الاول اسمك منو؟ ليرد علي بصوت خجل ومحبط: - «الشاذلي» اسمي، وانا والله السجاير ذاتها ما بحبها لكن بادخنها عشان افرق بيها همومي. لأرد عليه: هموم شنو ليك يا «الشاذلي» وانت صغير قدر ده؟! ليجيبني فضفضةً بانه بالرغم من تخرجه من تلك الجامعة العلمية المرموقة قبل اكثر من سنة، الا انه لم يجد عملاً، مضيفاً انو اصلو الشغل في البلد دي بقى بالواسطة، فإذا ما اضاف بسخط قائلا: - ده حتى انا حسع لو داير اشتغل عامل نظافة مع عمال النظافة الاجانب الا اشتغل بواسطة..!! لأجيبه بهدوء: - اصبر، وعندك انا كمثال حيث انني صبرت وصبرت وصبرت، لاجدني ودونما واسطة اتوسط صدر صحيفة السوداني محجوب عروة. ليرد علي «الشاذلي» قائلا: - ده حتى انا سواقة الركشة دي ما اشتغلتها إلا مضطر..!! حتى اذا ما اجبته: - ومالا سواقة الركشة ما شغلانية شريفة، ناس كتيرة فاتحة بيها بيوت، وبالنسبة ليك اعتبرها مرحلة في حياتك وبتعدي. لأشعر بتسلل شيبة الى شعري اثر سماعي له باستعلاء ما بعده استعلاء قائلا: - بكل صراحة انا بكره سواقة الركشة لاني بضطر فيها اركب فيها واحد «...»!! حتى اذا ما اوضحت لكم لكم كيف ان هذه الكلمة التي استعضت عنها بوضع 3 نقاط بين قوسين تنضح بالعنصرية الكريهة النتنة، لادركتم من هو ذا الذي يشمئز «الشاذلي» من مجرد ركوبه معه.. ليترنح قلبي إثر ذلك ترنح طائر جريح لاسند ذقني بصدمة ويأس الى شنطة اللابتوب، حتى اذا ما استوعبت ان «الشاذلي» ان كان من بيض امريكا العنصريين لم يكن ليكتفي ليكون من عداد الرافضين لدخول اوباما سليل المستعبد ظلما وانتهاكا للانسانية للبيت الابيض، لا بل لكان للواء جمعية الكوكلاس كلان العنصرية رافعا، حتى اذا ما استوعبت ذلك الا وهببت بوجه «الشاذلي» هبة عصار المفازة قائلة: - حسع الكلام ده ما عيب منك، انك تتعامل مع الناس حسب ألوانها وقبائلها ولسانها..!! انت ما سمعت قوله سبحانه وتعالى: «انا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم» واللا ما سمعت حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن:«لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى»!! انت عارفني انا الليلة كاتبة شنو، انا كاتبة في عمودي ما معناه دعوها فإنها منتنة، وانت ود شاب ومتعلم عليك الله ما بتخجل تتكلم بالاستعلاء ده، وانو دواخلك تكون مشبعة بهذا القدر من العنصرية و.. و.. حتى اذا ما رد عليَّ «الشاذلي» عن نفسه مدافعا: - أهلنا ربونا على كده. الا وافحمته قائلة: - ولو أهلنا ربونا على الغلط والعنصرية والاستعلاء، نحنا بديننا وانسانيتنا وتعليمنا شن بيجبرنا على الاستمرار فيه والخوض للركب في مستنقعه الآسن..!! لأجدني وبعد أكثر من نصف ساعة انزل من ركشة «الشاذلي» بضهر شابه شيء من الانحناء وروح قد سُممت بينما انا الوم نفسي وانقنق بأن: غلطانة انا الانهيت عزلتي الاختيارية تلك، وحنثت بقسمي المضري بعيد تلك القرصنة الفكرية التي تعرضت لها عام 1999م بأني ما حييت لن اجر لي حرف بك يا بلد، هو انا مالي ومال الكتابة ومال البلد دي ومشاكلها وامراضها العنصرية..!! بعدين أنا ذاتي يعلم الله قلبي ما هو حمل اوجاع كل هذه العنصرية دي.. انا اخير لي ارجع للتقوقع داخل محارتي المخملية تلك، حيث كان اقصى همومي داخلها هي اني دايره لي سماعة مسجل صافية حينما اضعها على اذناي وتتخلل وتسري مقطوعات ياني وأغاني كل من كيني روجرز، انريكي اجلسياس، بوب مارلي، سيلين ديون، ليونيل ريتشي والعزيز العزيز الراحل مايكل جاكسون في جسدي من قمة رأسي لاخمص قدماي، اشعر لكأني امشي تارة في الهواء واخرى على الماء..!! اخير لي ارجع للتقوقع داخل محارتي المخملية تلك، حيث كان اقصى همومي داخلها اني لازم اشتري ذاك البيانو المعروض للبيع، والذي حينما ذهبت لمديري الاستثنائي واخوي الغالي «عوض الطيب عوض» لاطلب منه سلفية لشراء ذاك البيانو، قال:«لي رندا ما في مشكلة لكن كدي انتي في الاول اتعلمي العزف عليه، وبعد داك ح تقدري تعرفي مواصفات البيانو الدايره تشتريهو». اخير لي ارجع للتقوقع داخل محارتي المخملية تلك، لاتأمل بحنان دبي اللعبة هذا الذي يراه ناس البيت باعتباره هدية كبيرة الحجم اهدوني اياها في عيد ميلادي، فيما انا اراه بعين الامومة بحجم بيبي دعاية زيت جونسون اند جونسون..!! اخير لي ارجع للتقوقع داخل محارتي المخملية تلك، حيث اسارع بغبطة بتبشير وإخبار شلة الزمن الجميل بالمكتبة انو مسلسل دالاس سيعاد تمثيله من جديد، وإنو العسل الوسيم جون ترافولتا مرشح لتأدية دور الغتيت جي آر. حتى اذا ما وصلت مقر جريدة «السوداني» فيما انا غارقة في نقتي اعلاه، توجهت صوب الصديق العزيز عمو عيسى ابراهيم المصحح والكاتب، ليجدني واقفة فوق رأسه وبصوت يائس ومحبط له قائلة: - أنا دايره أسيب الكتابة. حتى اذا ما سألني بانزعاج!: - ليه .. مالك؟!! رويت له ما حدث مع «الشاذلي»، قال لي بحكمة: - اصبري .. التغيير الاجتماعي صعب أسهل منو تكسير الجبل. لاستمر إثر ذلك في الكتابة، حيث باتت النصال على ظهري تتكسر على النصال، لما يتكشف لي من سريان الاستعلاء العنصري بجسد الوطن سريان النار في الهشيم من رأسو لساسو، ودونكم في ذلك السوداني الطاعن في السن الذي ياما احترمته لكتاباته ولمكانته الاجتماعية، والذي فيما مجلس يجمعنا مع ثلة من صفوة ممن ينتمون للفكر والكتابة، والذي حينما بوغتنا به باستعلاء ما بعده استعلاء، وبكل اريحية يصف سودانيا وصفا جهويا عنصريا يسمم الروح ويصيبها بالغثيان.. الا وجدتني اسارع بالخروج لاستنشق هواء نظيفا، حتى اذا ما كنت اتمشى على كوبري ام درمان القديم وجرت الانهار تحت قدماي وانتبهت لأن ذاك النسر ما انفك يحلق عاليا فوق رأسي، تحسست شنطة اللابتوب المدروعة بكتفي، فإذا ما اطمأننت لأنها وكما العادة تحوي دفتر شيكاتي وبطاقات الصراف الآلي وجميع اوراقي الثبوتية، تمتمت لنفسي بعد ذا: - او آن اوآن هجرتي للشمال؟! حتى اذا ما كان يوم من منتصف عام 2008م بظهر مثخن وقلب دامٍ قررت فيه الانسحاب دونما رجعة من مجال الكتابة في الصحف، لاجدني فيه وحوالي الساعة التاسعة مساء فيما انا جاية راجعة من سارة اختي من مناوبتها بقامة شابها بعض الانحناء من هموم ما اكتب، الا وفوجئت بالارض تنشق بغتة عن ركشة تقف بجانبي، فيما من يقودها يهتف بسعادة بي قائلاً: - اتفضلي يا أستاذة انتي مش ماشة البيت. وعند قولة ماشة البيت دي ادركت ان من يتحدث معي ده زول بيعرفني. فإذا ما دلفت لداخل الركشة الا وفاجأني سائقها بقوله: ما عرفتيني يا استاذة، والذي ما ان تفرست في ملامحه تحت ضوء الشارع، ساءلته: - الدسوقي و لا «الشاذلي»؟! قال لي أنا .. الشاذلي. ليعاجلني ودونما مقدمات قائلا بصوت ينضح بالاعتذار: - انا اتغيرت .. من بعد كلامك الحار داك.. انا اتغيرت وبقيت أقرأ ليك. انا وناس البيت بقينا نتابع ونقرأ ل رندا عطية، وحسع انا الحمد لله اشتريت لي كورولا وعملتها تاكسي. حتى اذا ما قاطعتموني قائلين: - منو اللي اتغير «الشاذلي»! قصدك «الشاذلي» الحدثتينا عنه فوق، والخلاك تشعري بتسلل شيبة الى شعرك إثر سماعك له باستعلاء ما بعده استعلاء قائلا: بكل صراحة انا بكره سواقة الركشة لأني بضطر اركب فيها واحد «...»..!! لاجيبك يا بلد بتأثر بالغ قارب حد البكاء سعادة وتفاؤلا هاتفة: - بأن نعم من تغير من تغير هو .. الشاذلي .. الشاذلي هو من تغير. فإذا ما انزلني بالقرب من المواصلات، وجدتني لكأني نسر امريكي اشتد ساعده وارتفع عن الارض رويدا رويدا، لامشي في الهواء بطاقة لا ادري ما كنهها بقامة مفرودة لكأنها قاربت ان تبلغ الجبال طولا، حتى اذا ما انتبهت لحقيقة أن مقصد «الشاذلي» بقوله لي بأنه تغير ما هو الا وحسب قول مبتدر حركة الاعتراف والاعتذار والمعافاة، ما هو الا عبارة «عن اعتراف واعتذار من «الشاذلي» عن استعلائه الثقافي والعنصري والديني على أبناء القوميات السودانية المهمشة» الا وجدتني اهتف منبهة «مبتدر دعوة حركة الاعتراف والاعتذار والمعافاة» ذا الضمير الانساني الحي الوحدوي أستاذي وأخي المحترم الحاج وراق قائلة: يا الحاج وراق.. الجبل الشاذلي الجبل. علما انني حال تأملي لحقيقة ان «الشاذلي» قد اصبح ملتحي الذقن فيما مسبحة تلتف حول معصمه، وادركت على ضوء ذلك انه قد سلك الطريقة، لقيتني فيما انا احلق في فضاء البلد من حلايب لنمولي عاليا كنسر امريكي اقسم لنفسي قائلة: والله وتالله لاكتبن لك يا بلد لآخر نفس يخرج من صدري، ولاحدثنك يا بلد بصراحة ما بعدها صراحة، ولن أداري عن هذا العنصري السوداني الذي كادت الأرضة أن تأتي على مقبض منساته، وعن ذاك العنصري السوداني الذي أمسكت العزيزة الزميلة أمل هباني يوماً بتلابيبه بعمودها «أشياء صغيرة» المقروء. ولأحدثنك في نفس الوقت يا بلد عن التفاؤل وعن الامل، وعن تلك الشواهد والمواقف التي حينما انتبهت اليها وادركت ان امكانية تعافيك من امراض العنصرية المحافظة على الوحدة لا زالت قائمة، الا وجدتني وبنفس مفتوحة استأنف سعي لتعلم العزف وشراء ذاك البيانو. ولاكتبن لك يا بلد لآخر نفس يخرج من صدري عن همومك ومشاكلك، وعن ذاك الآخر الذي وراء الذي وراء دحلان الغارق في مستنقع العمالة لأذنيه، وعن ماساة دارفور القرآن والمحمل، وعن مشاكل وهموم ابنائك وبناتك الشيبتنا قبيل الأوان وعن وعن .... وعن الموية. ولأحدثنك في نفس الوقت يا بلد بتفاؤل عن الحب والاسرار الانثوية، فيما انا اتأمل بحنان بالغ دبي اللعبة هذا الذي يراه ناس بيتنا باعتباره هدية كبيرة الحجم اهدوني إياها في عيد ميلادي، فيما انا اراه بعين الامومة بحجم بيبي دعاية جونسون اند جونسون..!! ولأحدثنك يا بلد عن كيفية تذوقك للحياة والإقبال عليها، ودونك في ذلك هذه التهانئ القلبية التي اتقدم بها لكل من الإخوة الكرام: الاستاذ عوض الطيب عوض وزوجته السيدة سوسن محرم، بمناسبة التفوق الباهر لنجلهما «أحمد» في امتحانات شهادة الاساس. الزميل والأخ العزيز الفنان والمصمم الصحافي خالد عوض، بمناسبة إقامته معرضه التشكيلي الذي كان باسم عيون دارفور، بصالة قاليري بلادي بالطائف.. والتهنئة كمان موصولة من.. دلالية الصين. الأستاذ الزميل محمد آدم عربي بمناسبة زواج كريمته. الأستاذ الزميل قمر دلمان وأسرته الكريمة بمناسبة احتفالهم بعيد ميلاد ابنه «بعانخي» وبلوغه العامين. وأخيراً اتقدم بالتهانئ القلبية لكل وليداتنا وبناتنا الناجحات والناجحين بامتحانات شهادة مرحلة الاساس والذين أناشد من بين ايديهم كل الامهات والآباء بأن يربوا صغارهم تربية تجعل دواخلهم كدواخل صغيرنا شاذلي منتصف عام 2008م.. لا دواخل صغيرنا شاذلي 2007م. ٭ جرم واي جرم هو تربيتهم لك يا صغيري لتصبح دواخلك مشبعة بالعنصرية. *** سر حبات الكمون! بمناسبة قدوم عيد الأضحى، وبطبيعة الحال أيام التأنق بـ.. جلابية يابا البيضاء ومكوية! أهدي عمود:«يا الحاج وراق.. الجبل الشاذلي الجبل..!!» للـ«السودانيين» محل ما قبلوا، وأدعوك اللهم ببركة موسم الحج المبارك أن تحفظهم حيثما كانوا من كل شر وأن تفك كربتهم وأن تقيل عثرتهم وأن تجنبهم مزالق الدنيا وشرور ناسها وأن وتوفقهم وتعليهم ما تدليهم، وأسألك اللهم ببركة موسم الحج المبارك أن يعم السلام على السودان الوطن الماهل اللي طال الزمن أم قصر لا محالة ح يشيلنا من نمولي لـ حلايب وأبو رماد وشلاتين.. و.. و.. ولأنو نحنا ما ناقصين فما تنسوا يا السودانيين وإنتو ماشين لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك ما تنسوا تختو شوية حبات كمون في جيب جلابية يابا البيضاء والمكوية.. وكل عام وإنتو بخير مقدماً. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة