لا يكاد يوجد فى هذه البسيطة شعب كشعبنا السودانى البطل، المتفرد فى حاجياته وقصصه وويلاته ومحنه ، هذه الاشياء الخاصة بنا. دون شك يعلمها علم اليقين كل من به ذرة سواد وطني، بل نعلمها اكثر من جوع بطوننا، وقد كُتب عنها وتناولها الالاف باختلاف ازمانها واهميتها ، وبطبيعة الحال سيتواصل هشها باستمرارية توالدها، عليه ليس هناك من داعى لتكرار المكرور واجترار المجرور ، ولكن سر سخرية المتعة يكمن احياناً فى جديد هذه الابداعات الحصرية علينا نحن بنو السودان. تناقلت الاخبار امس واليوم خبر تجميد النشاط الرياضى لكرة القدم فى وطننا المغلوب الملعوب. وبالتأكيد سينال الحدث حقه من الكتابة والتعليق والحسرة والشتم والمدح والقدح ..ولكن دعونا نهرب الى بعض ما قد يرشح من هذا الخبر المتوقع حدوثة منذ ان اطلت المشكلة برأسها. هذا الواقع المحزن الذي فرض نفسه فى عالم شماراتنا ومجالسنا ووسائط تواصلنا .. وعطفاً عليه تناقلت بعض الانباء خروج الالاف من مناصري فريق المريخ فى تظاهرات متفرقة بامدرمان تنديداً لهذا القرار الفيفاوي، وحسب ظن هؤلاء المناصير انهم به قد اُفقدوا كاس ابطال افريقيا والذي ربما كان ظنهم واملهم بانهم محرزوه لا محالة . خرجوا وحرقوا الاطارات بقلوب محروقة وبدأوا فى سد الطرقات على الماره .. وهنا تصدق مقولة حبيبنا الخبير الكروي المقيم ببروكسل جابر الله جابو (ان كرة القدم لديها من الاولوية والقدسية عند محبيها من السودانين ما لا تحتله اى قضية اخرى، سواء كانت سياسية او دينية او دولية او اجتماعية ).. فهؤلاء الذين خرجوا تعبيراً عن حنقهم ضد المتسببين في قرار الفيفا الذي يعتبر اخطر من احداث زيادات الاسعار اومن فواقع وجبروت السلطان، ويقال ان هناك مدمنين لكرة القدم يفضلونها على امهاتهم و ابنائهم وازواجهم ..فيا عجبي وشفقتي على هؤلاء .. بعض المثقافتية والمناضلين تزعجهم مثل هذه الانباء ان يخرج الالاف الى الشوارع من اجل لعبة تُصنف من الرفاهيات عديمة الاولويات. لا سيما وان هؤلاء لا تحرك فيهم ساكناً عظيم المدلهمات، شاكلة موت الالاف فى حروب دارفور، او فساد المركز في الخرطوم ونهب وسرقة المليارات .. فهؤلاء اذاً يا صاحب تصدق فيهم ان كل بما لديهم فرحين. واذاً فليهنأ محبى الكرة بكرتهم وليخوض السياسين فى ماهم خائضين، ولنعلم جميعاً ان الاهتمامات تتنوع والخيارات تتوزع وان الحكم على الكل بتحقير وتقليل اهتماماتهم . تنم عن ضيق افق وتسوق لكتم الحريات وتقييد الناس وما يعشقون. عليه فليتظاهر محبى الرياضة من اجل حبهم وليخوض اهل الساسة فى سياستهم مع تشابهة وسائل التعبير احتجاجاً وغضباً بالخروج الى الشارع تظاهراً، املاً ان لا يتكرر حدوثها. واذا تمعنا فى مثل هذه المصائب التى تنهال على وطنناوالتى لا تنقطع ويتنوع معينها الذي لا ينضب، لتشمل كافة مناحي الحياة .مثل فساد الحكام او كوارث الامطار او الكوليرا التي تبرطع فى قلب اوطاننا، هذا غير السخانه و الكتاحة الربانية والكهرباء المقطوعة الى غيره من الاثافي المتشبسة بناوالمتكررة فينا بين الفينة والاخرى . واخيراً تصيب المأسي معشوقة الملايين ، ولكن بنظرة خاصة لخبر تجميد النشاط الرياضى من زاوية غير منظور بها .. للخسائر التى اصابتنا جراء تعنت وجهل وعدم بصيرة من يقودون العمل العام فى حياتنا، لعل اهمها الضرر المادي الذي سيصيب بعض الشرائح اقتصادياً جراء هذه الكارثة، ولنبدأ ببائعات الشاى والدخل الذي سيفقدّنه وكذلك عمال وموظفي الاتحادات الكروية وسائقى الرقشات وسائقى المركبات العامة وبائعي التسالي والقصب الذين كانوا يستفيدون من مثل هذا الحراك الرياضى. سقنا الامثلة اعلاه عساها ان تحرك قلوب من تسبب فيها ان كانت لهم.قلوب يمكن ان تُستَعطف طالما ان العقول ثبت غيابها حتى من الحس الوطني، هذا فقط ان اردنا ان نتواضع وننظر الى من هم دون الاهتمامات فى مثل هكذا صراعات، فعلا هذا جزء من انعكاسات الخسارة التى لا يعيرها المتسببين فيها ادنى اهتمام .. !! هؤلاء البسطاء هم الضائعين فيها ولايتذكرهم احداً من المتحاربين على المناصب والمكاسب .. هذا غير الخسائر الكبرى التى اصابت انديتنا مادياً، حيث ان الهلال سيفقد 500 الف دولار، وكذلك المريخ، ومبلغ آخر قريب من هذا سيخسرة هلال الابيض المنتفض بقوة هذا العام . تقريباً ستخسر انديتناما يقارب المليون دولار نتيجة لسياسات غير حكيمة من قيادات لا تهتم الا باعتباراتها ومصالحها الشخصية . هذا الذي يحدث لا يخرج عن ازمتنا السودانية الكبرى كشعب وامه حركته الى الخلف اسرع من انتقالها وتطورها الى الامام .. ياترى من المسؤل عن كل هذا ؟ ومن الذي يجب ان يُسأل عن الضرر الذي اصاب البلاد ؟ ومن يعترف بالخطأ ؟ومن يستقيل ؟ ومن يتحمل توالد فواجعنا ؟ ام ان مصائبنا كلها تاتى من غير متسببين ..!! ام يجب علينا ان ننظر اليها بانها من اقدار الله التى يجب السكوت والرضى بها دون جدال !! ام ستمر الفاجعة كغيرها دون معرفة من تسبب فيها ..!! او من سيتحمل وزرها؟ اضعف امانينا فى زمن الوهن والضيم ان لم ينل مجرمي هذه الكوارث العقاب الرادع، فعلى اقله ان يغادروا حياتنا العامة دون رجعة غير مأسوف عليهم .. واخر سلوانا .. الله يأذي الاذانا ..حسبنا الله ونعم الوكيل
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة