(1) تعال انت برلين دي وين يا اخوي؟ وعشان شنو الجماعة ديل ماشين برلين المرّة دي؟ وقبل كده مش فاتوا كوكادام واديس ابابا ومشوا اسمرا الحددوا فيها مصيرنا ديك؟ وما تنسى كمان نيفاشا وأبوجا ولندن وجنيف والدوحة (كم مرة) وباريس وأديس (مرة تانية) وكمبالا وجوبا والقاهرة وهسى برلين كمان، دايرين يحددوا شنو أصلو؟؟ وكل المساسكة دي ما جابت نتيجة في السابق ليه؟ هذا سؤال قد يبدو هازلا لكنه جدٌ لا هزلَ فيه. بل هو جدُّ الجد لكونه لسان حال رجل الشارع السوداني اليوم (man on the street) سيد الجلد والراس. فما هي الاجابة يا قادة العمل المعارض؟ علما بأن السائل والذي لا يصلكم صوته بفعل التهميش وفساد الحُكام يمثل غالبية أهل هذا البلد الطيب الذي تتوقون لتمثيله في الحكم. وليس هناك دولة في عالم اليوم، على حد علمي، تم التجوال بقضايا الحكم فيها الى كل هذا العدد المهول من عواصم ومدن العالم. فماذا هناك.
(2) (نداء السودان) هو أشمل وثيقة للعمل المعارض في تاريخ اكتر من تلاتين سنة من الحُوامة بين عواصم العالم ومنتجعاته. لأول مرة تضع المعارضة حصانها امام العربة كما ينبغي له أن يكون. ولأول مرة يتوحد حامل السلاح مع حامل القلم والشيوعي مع الرأسمالي والمستقل والانصاري وغيره في شبه اجماع تام ضد اقلية تُحسب نسبتها المئوية من مجموع اهل السودان في اصابع اليد الواحدة؛ أقلية ضئيلة سرقت وطنا كاملا في وضح النهار على عينك يا تاجر وعاست فيه فسادا و قالت للجميع الما عاجبه يلحس كوعه!
(3) عالج (نداء السودان) في بنود رئيسية أولا القضايا الإنسانية وقضايا الحروب والنزاعات وثانيا القضايا المعيشية وقضايا الراهن السياسي (الازمة الاقتصادية، سيادة حكم القانون، واستقلال القضاء والانتخابات) وثالثا قضايا الحوار والحل السياسي (وقف الحرب ومعالجة المآسي الانسانية، اطلاق سراح المعتقلين سياسيا والأسرى، إلغاء القوانين المقيدة للحريات، تشكيل حكومة انتقالية لإدارة البلاد، وتكوين ادارة متفق عليها لعملية حوار تفضي لتحقيق السلام الشامل والتحول الديمقراطي) ورابعا الانتقال نحو الديمقراطية وآليات العمل. وتكمن قوة النداء ليس في شموله فحسب بقدر ما تكمن في قبوله كمسودة عمل متفق عليها من غالبية القوى السياسية التي تمثل غالب أهل السودان. وتنتظر فقط تفعيلها. (4) كل هذا ومن من وقعوا على نداء السودان إنابةً عنكم الآن معتقلون الآن في شهرهم الثالث. صادروا حرياتهم حال رجوعهم من توقيع النداء إياه. شيخان في نهاية العقد التامن من العمر يعانيا من متاعب صحيه ادخلتهما المشفى عدة مرات. الاستاذ فاروق أبوعيسى رئيس قوى الاجماع الوطني و د. أمين مكي مدني رئيس كونفدرالية منظمات المجتمع المدني. أستتركونهم وراءكم وتذهبوا لبرلين؟ كيف يكون هذا الفعل مقبولا اخلاقيا وسياسيا؟ لماذا لم تقولوا لمن دعاكم ارسلوا الدعوة لقيادتنا أولا فلا يمكن ان نفاوض بدونهم؟ وحتى اذا اخترنا أن نفاوض بدونهم فلا يمكن أن نجلس للتفاوض مع من يصادر حريتهم بهذه الطريقة المتعسفة المهينة. حتى لو رُفض طلبكم ألا سيكون مثل هذا الفعل مدعاةً لاحترامكم ومتمما لمصداقية طرحكم؟ خاصة وبينما انتم تحزمون الحقائب للسفر سيقف أبوعيسى ود. مدني شامخان أمام محكمة ضمير في محاكمة ستكون هي الاخرى مهزلة وستلحق بمثيلاتها في التاريخ من محاكم هذا العهد الغيهب. ثم أليس من الحكمة أن تنظروا في تجارب الماضي أولا وتحللوها لتقفوا على مكامن الخلل في هذه الاستراتيجية التي تتبعونها والتي ثبت فشلها تماما. (5) أما اذا نويتم السفر وعقدتم العزم عليه فنتمنى لكم عودا حميدا وربما قررتم الوقوف على هذا الدرس القصير أدناه عن تاريخ برلين الحديث عسى ولعل، ففى التاريخ دائما دروسٌ وعِبر لأولي الألباب. بتاريخ التاسع من نوفمبر 1989 بعد أكثر من ثمانية وعشرين عاما على بناء حائط برلين الشهير الذي شُيد في أصيل الحرب الباردة تقسيما للمدينة وتقسيما للشعب الالماني نفسه أعلن غونتر شابوفسكي الناطق الرسمي وسكرتير اللجنة المركزية وعضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الألماني للصحافة ووسائل الإعلام أن قيود التنقل بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية قد رُفعت. حدث هذا أثناء حوار إعلامي عن طريق الخطأ، ممّا تسبب في زحفٍ بشري غفير أمام نقاط العبور في الحائط. توجهت أعدادٌ غفيرة من الألمان الشرقيين شيبا وشبابا عبر الحدود المفتوحة إلى برلين الغربية مما أدي لسقوط الحائط وتوحيد الشعب الالماني الي اليوم. نعم سقط جدار برلين هكذا وبهذه السهولة وعن طريق الخطأ إن شئت. وعادت المانيا موحدة. واليوم تشغل الدكتورة انجلا ميركل اعلى منصب في الدولة الألمانية وهي من أصول شرقية وتتربع في عرش دولة هُزمت وقسمت في الحرب العالمية الاخيرة ولكنها خرجت بعزيمة أهلها موحدة ومنتصرة بمقاييس اليوم. هذا حدثٌ تاريخي هام ربما استحق وقفة متأملة في هذه الزيارة؛ وقفة متأملة على جدار برلين عسى ولعل أن يتغير حالنا البائس. حقا كيفما يكون القوم يولى عليهم. قال تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11] .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة