|
وفد الحركة الشعبية للنوايا الحسنة ..وتحريك مياه البركة السياسية السودانية
|
تشهد الساحة السياسية السودانية حراكا كثيفا منذ وصول وفد الحركة الشعبية إلى العاصمة الخرطوم لأول مرة منذ عشرين عاما قضتها قيادات الحركة في المنافي. وصول الوفد في حد ذاته وفي ظل الظروف الراهنة أظهر قدرا كبيرا من الحنكة السياسية وبعد النظر وأضاف إلى الساحة السياسية السودانية حراكا جديداً لم يكن متوقعا على الأقل في هذا التوقيت مما أربك حسابات كثير من المهتمين بمجريات الأحداث السياسية في السودان .
وصول الوفد في هذا التوقيت وقبل انتهاء المفاوضات أدى إلى كسر الحاجز النفسي الضخم بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية وأضاف إلى رصيد الحركة الشعبية – المغيبة سياسيا في الداخل - الكثير ، كما أضفى على القوى السياسية الموجودة بالساحة مرونة غير معتادة سيما وأن وفد الحركة حرص على إرضاء الجميع يمينا ويسارا مرورا بالوسط والتقى بقيادات الأحزاب الموجودة بالداخل في مقارها ورأى الجميع خلال أجهزة الإعلام الارتياح الواضح الذي قابلت به قيادات المعارضة السودانية وفد الحركة والتصريحات التي أدلت بها عقب تلك اللقاءات .وهنا نتساءل :
هل نجحت الحركة الشعبية فيما فشل في تحقيقه الآخرون حكومةً ومعارضة ؟ أم أن ذلك الترحيب الواضح لا يعدو كونه ترحيبا بعودة الحركة نفسها إلى الساحة السياسية السودانية واختيارها خيار السلام بعد أن حملت السلاح في وجه الحكومات السودانية المتعاقبة .
شخصيا أرى أن سبب نجاح الحركة في كسب ود فسيفساء الحركة السياسية السودانية – حتى الآن - هو طرحها المتناغم مع طرح جميع تلك التنظيمات وهو ببساطة المطالبة بالديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان . وهذا بالضبط سبب خلاف تلك التنظيمات مع الحكومة وقد استثمرت الحركة ذلك الخلاف بذكاء وحنكة سياسية تحسد عليها ، فالحركة لا تملك في هذه المرحلة على الأقل ، إلا أن تكسب ود الجميع في سعيها نحو خلق قاعدة جماهيرية كبيرة بعد أن وصلت مع الحكومة إلى اتفاق ثنائي يمهد لها الطريق إلى كراسي السلطة رغم اعتراض كثير من التنظيمات على هذا الاتفاق الثنائي . الحركة الشعبية الآن تدخل معركة وجود فإما أن تثبت على الساحة السياسية السودانية عمليا ما ظلت تنادي به طوال فترة معارضتها وذلك بكيفية تعاطيها مع مستجدات الواقع السياسي السوداني المتقلب دوما ، وإما أن تدخل في الدائرة الملعونة ضاربة بوعودها السابقة عرض الحائط ، وتتحول إلى رقم جديد يضاف إلى قائمة الطيف السياسي السوداني خاصة وأن الاتفاق بينها والحكومة سينتهي بخوض انتخابات عامة تتمتع بالحرية والنزاهة وتحت رقابة دولية ومتاحة للجميع ، خصوصاً وأن باقان أموم رئيس وفدها إلى الخرطوم صرح يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2003م بأن الحركة ترفض الشراكة في السلطة مع المؤتمر الوطني الحاكم لأن هذه الشراكة ستعزلها عن الآخرين وتعزز النظام الحاكم وتصادر حقوق الأحزاب الأخرى .
|
|
|
|
|
|