08:47 PM Apr, 27 2015 سودانيز اون لاين كامل سيد احمد-لنكلن-المملكة المتحدة مكتبتى فى سودانيزاونلاين
وفاة شاعر أفريقيا: محمد مفتاح رجب الفيتوري: أخيراً وبعد حياة حافلة، بدأت قبل ما يقالب الخمسٍ والثمانون عاماً في الجنينة في غرب السودان، مروراً بمصر الشقيقة، فليبيا وبينهما دول أخري وعواصم، أسلم الفيتوري الروح بعد صراع طويل مع المرض، وودع دنيانا وهو في البلد الذي إختار إن يقترن بإحدي نسائه، ويموت في حضنها، ويدفن فيه، المغرب الذي منحه جواز سفر بعد إن ضن عليه به وطنه تحت حكم الطاغية الهالك النميري، وضنت عليه به ليبيا الطاغية الهالك العقيد.. مات الفيتورى، فقف أيها الزمن وتوقفي يا عقارب الساعات وأبكي أيها الارض ولتصدح طيورك لوداع عاشق إفريقيا الذى بذر لها بذور النضال . رحل قبل بزوغ الصباح الجديد بعد إن كان غني للصبح الذي أطاح بحكم العسكر ثم جاء عسكر جدد، أسوأ وأضلّ . رحل الفيتوري وترك الحصاد الأفريقى/العربي يحصده الزائفون، الذين توهموا أنهم أبطالاً ... ماذا فعلوا بنا وبه يقول عنهم: قتلوني... وأنكرني قاتلي وهو يلتف بردان في كفني... وأنا من ؟ سوى رجل واقف خارج الزمن... كلما زيَّفوا بطلا قلت : قلبي على وطني. رحل عنا الفيتورى المناضل السودانى والرمز الإفريقى والضمير الإنسانى. رحل وأوصانا قائلا لنا: لاتحفروا لي قبراً سأرقد في كل شبر من الأرض أرقد كالماء في جسد النيل أرقد كالشمس فوق حقول بلادي مثلي أنا ليس يسكن قبرا رحل عنا الفيتورى بعدما غرس فينا بذور الشجاعة وقتل فينا الخوف قائلاً: لا خائفاً إن صوتي مشنقة للطغاة جميعا ولا نادماً إن روحي مثقلة بالغضب كل طاغية صنم دمية من خشب رحل عنا قبل سطوع فجر الحرية وشروق شمسها فى صبح بهيج، رحل ولحق بعمر الدوش، ومحجوب شريف، وحميد، ومصطفي سيد أحمد ووردي بعد إن تعب من الانتظار كما تعبوا من الانتظار، وبعضهم من الترحال والاعتقال، رحل وترك لنا الراية، تركها بيضاء تنتظر أن تخضبها دماء الشهداء، تركها ومعها وصية بإن لا يتوقف النضال حتي نزيح دكتاتورية المتأسلمين: أصبح الصبح.. وها نحن على النور التقينا.. التقى جيل البطولات.. بجيل التضحيات. التقى كل شهيد قهر الظلم ومات ،،، بشهيد لم يزل يبذر في الإرض،،، بذور التضحيات،،، أبداً ما هُنت يا سوداننا يوماً علينا. فهل نكون عند حسن ظن الفقيد الكبير، شهداء لا نزل نبذر في الارض بذور التضحيات، ولا يهون السودان علينا كما هان علي الكثيرين
يدفن الفيتوري في المغرب،وولنتذكر هذه الكلمات:
يقول في قصيدة: لاتحفروا لي قبراً سأرقد في كل شبر من الأرض أرقد كالماء في جسد النيل أرقد كالشمس فوق حقول بلادي مثلي أنا ليس يسكن قبرا لقد وقفوا ووقفتَ لماذا يظن الطغاة الصغار وتشحب ألوانهم ان موت المناضل موت القضية؟ أعلم سر احتكام الطغاة الى البندقية لا خائفاً ان صوتي مشنقة للطغاة جميعا ولا نادماً ان روحي مثقلة بالغضب كل طاغية صنم دمية من خشب وتبسمت كل الطغاة دُمىً ربما حسب الصنم الدمية المستبد وهو يعلق أوسمة الموت فوق صدور الرجال انه بطلاً ما يزال وخطوت على القيد لا تحفروا لي قبرا سأصعد مشنقتي وسأغلق نافذة العصر خلفي وأغسل بالدم رأسي وأقطع كفي وأطبعها نجمة فوق واجهة العصر فوق حوائط تاريخه المائله وسأبذر قمحي للطير والسابله قتلوني وأنكرني قاتلي وهو يلتف بردان في كفني وأنا من ؟ سوى رجل واقف خارج الزمن كلما زيَّفوا بطلا قلت : قلبي على وطني
وفي قصيدة أُخري يقول: رفقاً بالخيول المتعبة أيها السائق رفقاً بالخيول المتعبه قف فقد أدمى حديد السرج لحم الرقبه قف فإِن الدرب في ناظرة الخيل اشتبه هكذا كان يغني الموت حول العربه وهي تهوي تحت أمطار الدجى مضطربه غير أن السائق الأسود ذا الوجه النحيل جذب المعطف في يأس على الوجه العليل ورمى الدرب بما يشبه أنوار الأفول ثم غنى سوطه الباكي على ظهر الخيول فتلوت وتهاوت ثم سارت في ذهول
وفي ثالثة يقول:أمس جئت غريباً وَسِّدْ الآنَ رَأْسَكَ فَوْقَ التُّرَابِ المقدَّس وَاركَعْ طويلاً لَدَى حَافَةِ النَّهْرِ ثَمَّةَ من سَكَنَتْ رُوحُهُ شَجَرَ النِّيلِ أَوْدَخَلتْ في الدُّجَى الأَبنوسيّ أَوْخَبَّأَتْ ذَاتَها في نُقُوشِ التَّضَارِيس ثَمَّةَ مَن لَامَسَتْ شَفَتَاهُ القرابِينَ قَبْلَكْ مَمْلكةُ الزُّرْقَةِ الوثنيِة قَبْلكَ عاصِفَةُ اللَّحَظاتِ البطيئِة قَبْلكْ يا أيُّها الطيْفُ مُنْفلِتاً مِنْ عُصُورِ الرَّتَابِةِ والمسْخِ مَاذا وراءك في كتب الرمل؟ ماذا أمامك؟ في كتب الغيم إلاّ الشموس التي هبطت في المحيطات والكائنات التى انحدرت في الظّلام وامتلاُؤك بالدَّمْع حتَّى تراكمت تحت تُراب الكلام وسد الآن راسك متعبة ’’ هذه الرأس مُتعبة’’ مثلما اضطربت نجمة في مداراتها أمس قد مَرّ طاغية من هنا نافخاً بُوقه تَحت أَقواسها وانتهى حيثُ مَرّ كان سقف رَصَاصٍ ثقيلاً تهالك فوق المدينة والنّاس كان الدّمامة في الكون والجوع في الأرض والقهر في الناس قد مرّ طاغيةُ من هُنا ذات ليل أَتى فوق دبّابةٍ وتسلَّق مجداً وحاصر شعباً غاص في جسمه ثم هام بعيداً ونصَّب من نفسه للفجيعة رَبَّا وسد الآن رأسك غيم الحقيقة دَربُ ضيائك رجعُ التَّرانيم نَبعُ بُكائك يا جرس الصَّدفاتِ البعيدة في حفلة النَّوْء يشتاقك الحرس الواقفون بأسيافهم وبيارقهم فوق سور المدينة والقبة المستديرة في ساحة الشَّمس والغيمةُ الذَّهبيَّةُ سابحة في الشِّتَاءِ الرمادي والأفق الأرجوانى والارصفة ورؤوس ملوك مرصعة بالأساطير والشعر والعاصفة أمس جئت غريباً وأمس مضيت غريباً وها أنْتَ ذا حيثما أنت تأتي غريباً وتمضي غريباً تُحدَّق فيك وجوه الدُّخَانِ وتدنو قليلاً وتنأى قليلا وتهوى البروق عليك وتجمد في فجوات القناع يداك وتسأل طاحونةُ الرِّيح عَنك كأنك لم تكُ يوماً هناك كأن لم تكُنْ قطُّ يوماً هنالك وَسِّد الآن راسك في البدء كان السُكُونُ الجليل وفي الغد كان اشتعالُك وسد الآن رأسك كان احتجابُك كان غيابُك كان اكتمالك وسد الآن راسك هذا هو النهر تغزلهُ مرتين وتنقضه مرتين وهذا العذاب جمالُك فعليك رحمات من الله ورضوان، وليتغمدك الله برضاه ويسبغ عليك نعماءه بقدر ما قدمت لوطنك ولامتك ولقارتك، وليجعل منومعاناتك في مرضك كفارة لك، والسلام عليك يوم ولدت، ويم توفاك الله ويوم يبعثك حيا كامل سيد احمد،،، طبيب نفساني،،، لنكلن
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة