لا مجال في نظري لفصل قضية المواطن عن ماهية الوطن ، كثيرون يطيلون الحديث و يُمعِنون في الشرح بغية إقناعنا و من معنا من ( المارقين ) ، أن الوطن كي يعيش و يبقى و يعُم فيه الأمن و الأمان ، وجب أن يرضى إنسانه بالضيم ثم الجوع و المرض الذي لا يمكن علاجه لضيق ذات اليد ، إذاً ما معنى و ما فائدة وجود الوطن ، و لمن تُصنع الوطان و تًصان و تُعمَّر لغير الإنسان ، ربما للحيوان و لإنسان آخر هو صفيُّ و مُنتقى لأنه من ذات الفئة التي تحكم السودان ومن فصيلتها أو من رهطهم المُقرّبون أو من سائر النفعيين و المطبلين خلفهم فقط من أجل إلتقاط الفتات ، هل يبقون على الوطن فقط لأنفسهم ليستزيدوا ثراءاً و تخمة و فجورا ، أم يعتبرون ( الخارجين ) عن الصف البغيض من أمثالنا مجرد ضيوف في هذا الوطن ، لا يحق لهم أن يبذلوا طاقاتهم و عطاءهم من أجله ، هذا الوطن الذي أصبحت أكبر جراحاته النازفه إقحام إسمه في كل كبيرة و صغيرة تضمنتها مخططات طغيانهم ، لماذا لا ينظر ولاة أمورنا أو يشعروننا مجرد الشعور بأنهم ينظرون إلى مآسي البسطاء الماثلة أمام أعين صاحب كل ضمير مستيقظ كمثول الشمس أوان شروقها ، لماذا يضَّحون بإسم سياسة البقاء في كنف الدعة من العيش و التشبث بما هم ليسوا قادرين على إتيان حقه ، بما تبقى من شرفاء هذه البلاد ، عبر إذلالهم باللهث اللا منقطع وراء لقيمات لا تغني و لا تُثمن من جوع طيلة ساعات يومٍ بأكمله ، ثم عثراته الأساسية التي باتت تزداد تعقيداً في مجالات حيوية لا تتحمل التسويف و لا المجاملة كتعليم الأبناء و الحصول على الدواء بيسر و سرعة في حال تعرضت حياتهم للخطر ، هل يُعقل أن هؤلاء ينظرون إلى كافة الناس سواسيه و في مقام واحد ، معظم الذين يجأرون بالشكوى من الفقر و غول الغلاء المستشري هم من عامة البسطاء الذين لا يجدون وقتاً أصلاً للإنتظام حول عمل سياسي مناهض أو معارض جراء اللهث المضني و اليومي وراء لقمة العيش ، لقد خاف الناس يا ولاة الأمر كونكم رميتموهم بتحمُل أخطاءكم السياسية و التخطيطية بالقدر الذي جعل كل مؤسسات الدولة ووزاراتها و هيئاتها تتنصل من مهامها و واجباتها الأساسية و الطبيعية ، منذ متى لم يكن العلاج الأولي في المستشفيات و المراكز الصحية مجانياً ، منذ متى أصبح من المستساغ أن ترفع الدولة يدها كلياً عن التعليم بحيث يصبح ولوج مدارسها المتهالكة نوعاً من التهديد للمستقبل و ضياعاً للآمال ، كيف لا تتدخل الدولة بدعوى سيادة مبدأ الإقتصاد الحُر في تحديد و مراقبة أسعار الضروريات في بلد يقع جل قاطنية تصنيفاً تحت خط الفقر بحسب المعايير الدولية ، و بأيي منطق و حالة الفقر العام كما هي علية تًعالج الدولة مشكلاتها المتعلقة بالموارد عبر الجبايات المنطقية و اللا منطقية و عبر رفع الدعم عن الوقود و غاز الطعام ليكون قوت الناس و سِر بقائهم بعيد المنال و مستحيلاً جاثماً على الصدور ، نحن لسنا ضيوفاً في هذه البلاد و معنا غيرنا من الحادبين على ( بقاء هذا الوطن ) ، و نرى أن أهم مبررات بقائه أن يعيش إنسانه حُراً غير جائع و متنَّعماً بالعلم و الصحة و العافية ، و في ذاك نوافذ شتى تُفسح المجال لتحقيق الآمال الحقيقية و الواقعية للحصول على تنمية مستدامة نعلم نحن و تعلمون أيضاً أنها لن تستقيم إلا بسواعد إنسان هذا الوطن .. اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة