كان الرئيس جورج بوش يتلقى نحو الساعة الثامنة ونصف مساءً مكالمة من رجل المهام الصعبة (عنوانها أرجوك أعذرني).. بيرناند كيرك خدم رئيساً لشرطة مدينة نيويورك في أيام تفجيرات سبتمبر ٢٠١١.. بعد التقاعد بات مقرباً من الرئيس بوش، والذي ابتعثه للعراق لإعادة بناء قوات الشرطة هنالك.. دفع بوش الصغير بالسيد كيرك لشغل منصب وزير الأمن القومي..شاغل الوظيفة يحتاج أن يجتاز اختبار مجلس الشيوخ..شرع الرجل في وضع خطة طرح نفسه.. لكن الصحافة الأمريكية وجدت أن الرجل سبق أن وظَّفَ خادمة منزلية دون أن تكون مقيمة شرعية في أمريكا ..على إثر ذلك فضل الرجل السلامة وتجنب الإحراج فاعتذر عن تولي المنصب العام. أمس الأول وصل الوزير الجديد إلى مباني القصر الجمهوري لأداء مراسم القسم..في تلك اللحظة كانت الهواتف تنقب عن السجل الأكاديمي للرجل المعني بإحدى المؤسسات العدلية..جدل كثيف حول شهادة الدكتوراه التي حملها الرجل بين عدد من المؤسسات داخل وخارج السودان..موظف كبير في القصر همس في أذن الوزير المرتقب طالباً منه مرافقته إلى قاعة جانبية..في النهاية لم يؤد الوزير القسم..بالطبع لا تشكل الدرجة العلمية واحدة من متطلبات الوظيفة، لكن انتحال درجة علمية إن ثبت ذلك سيكون جريمة لا تغتفر. قبل أيام طالب العقيد فتح الرحمن الجعلي الناطق الأسبق باسم القوات المسلحة من مساعد رئيس الجمهورية اللواء عبدالرحمن المهدي عدم استخدام لقب الركن إن لم يكن قد نال درجة الماجستير في العلوم العسكرية..لم تعلق المؤسسات المعنية في رئاسة الجمهورية أو في قيادة الجيش أو حتى مكتب اللواء على استفسار الجعلي ..لكن لفت نظري أن وزير رئاسة الجمهورية ذكر اسم اللواء مجرداً من درجة الركن حينما تلى مراسيم التعيين الصادرة من رئيس الجمهورية..ربما تكون المناسبة سانحة لنجدد نداء الدكتور الجعلي لكبار المسؤولين من الذين يقبلون أن تقرن أسماؤهم بألقاب غير حقيقية على شاكلة بروفيسور أو دكتور أو حتى مهندس وما أكثرهم. لم تكن هذه المرة الأولى أن تقع كارثة وزير ليوم واحد.. قبل سنوات تم تعيين مدير لديوان الضرائب ..ما زال المدير يستقبل وفود المهنئين حتى جاء إعفاؤه دون ذكر أيّ مبررات..في واحدة من المرات تم تعيين معتمد ولم يكن المعني بالمراد الحكومي ..المعتمد (الخفيف ولفيف) سمع اسمه من الإذاعة ودلل لمراسم أداء القسم.. المهم أن الحظ الحسن ساعد ذاك المعتمد والذي جاء بالصدفة وتطابق الأسماء فبات من نجوم مجتمع الخرطوم.. لكن السؤال يمضي عن الأجهزة التي يفترض أن تقوم بمهام الجرح والتعديل والتدقيق كيف مررت المعلومة الخطأ ..بل هل هذا الوزير هو الوحيد الذي يشكك الناس في مؤهلاته. في تقديري من المهم أن يخضع أيّ مرشح لشغل منصب عام لعملية إجازة من إحدى غرف البرلمان.. الإجازة يجب أن تكون فردية وعلى الهواء مباشرة..عبر هذه الآلية نضمن تقوية دور أجهزة الإعلام في (نبش) الماضي المستور لكل طامح في خدمة الناس..كما أن هذه الآلية تجعل من بهم ثغرات يبتعدون عن المناصب العامة خوفاً من آليات الشفافية..كما أن هذا الدور التفتيشي المسبق يزيد من القيمة الإضافية لأجهزة البرلمان ولجانه المتخصصة . بصراحة..أجد نفسي في كامل الاستغراب عندما يتحدث مسؤول رفيع مؤكداً أنه لم يشاور بعض الوزراء قبل تعيينهم..وتكتمل فصول الدهشة حينما يصرح وزير الفجاءة أنه سعيد بالتكليف..لكن على قول عادل إمام: (لا أحد يعرف أحسن من الحكومة) ولو أتت بوزير (كيري). assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة