|
وزير الاستثمار السوداني هل خانته الذاكرة؟ بقلم خالد الاعيسر
|
01:55 AM Apr, 27 2015 سودانيز اون لاين خالد الأعيسر- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
خالد الاعيسر ٭ APRIL 26, 2015
نشرت إحدى الصحف في ربيع الأول 1430هـ/ مارس 2009 نقلاً عن الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني «وقتها» وأثناء مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم، رداً على سؤال حول طريقة تعامل بلاده مع الأزمة الناجمة عن صدور مذكرة اتهام في حق الرئيس السوداني عمر البشير، من قبل المحكمة الجنائية الدولية قوله: «لو كنا نتعامل بالعنتريات لما كان حال السودان اليوم، مقارنة مع ما كان حاله من قبل، هذه الحكومة عندما جاءت إلى السلطة، الشعب السوداني كان مثل الشحاتين، يقوم من صلاة الصبح يقف في الصفوف عشان يتحصل على جالون بنزين، أو يقف في الصف عشان ما يلقى رغيفتين عيش يقدر يعمل بيها ساندويتش لأولاده».
وقد تبعت تلك التصريحات المستفزة عاصفة من السجال والامتعاض الشعبي والتبرير الحكومي.
تذكرت ذلك تزامنا مع تصريح جديد منسوب للدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الاستثمار السوداني حاليًا، خلال مشاركته الأسبوع الماضي في ملتقى الاستثمار، الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في العاصمة السويسرية جنيف.
أشار فيه إلى أن بلاده تسعى للانفتاح على الخارج، وفقاً لرؤية اقتصادية واستثمارية هدفها كسب المزيد من الثقة والضمانات لدى المستثمرين، باعتبار أن السودان أصبح قبلة أنظار العالم، نظراً للكم الهائل من الموارد الطبيعية التي يتمتع بها، خاصة في مجالات الأمن الغذائي، الأمر الذي يتطلب تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة، وإزالة المشاكل والمعوقات، ووضع السياسات والخطط التي من شأنها المساعدة في تحقيق هذه الأهداف.
أيضا، سبق ذلك بيومين تصريح آخر للدكتور مصطفى عثمان أكد فيه استعداد السودان لاستقبال الاستثمارات السعودية والخليجيــــة، ودعوته القطاع الخــــاص للمشاركة.
هذا التسلسل في التصريحات والإصرار الذي ميز حركة الوزير السوداني، وإلحاحه الشديد في طلب المستثمرين، يقــــود للتـــساؤل، هل الإنقاذ وبعد أن حكمت السودان لخمسة وعشرين عاماً لا تزال تستجدي الاستثمار والمســـتثمرين، مع كل هذه الإمكانيات التي ذكرها الوزير؟ ولماذا لم تبلغ الحكومة مرحـــلة يعيـــش فيها الشـــعب السوداني في ثراء عميم؟
أظن أنه من الأوفق للحكومة السودانية وقبل أن تبدأ في استجداء المستثمرين، اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة لتغير الواقع الاقتصادي والاستثماري المنفر، وعلى رأس ذلك اتخاذ قرارات جادّة لمحاربة الفساد والمفسدين، باعتـــبارهما من أكبر أدوات ظلم المستثمرين وإهدار حقوقهم، الأمر الذي حدث للآلاف من المستثمرين القادمين من دول الخليج العربي.
الوزير كان محقا عام 2009 عندما قال: إن «القضية ليست عنتريات»، ولكن ألم تكن العنتريات هي ذاتها من صميم الفعل الذي كاد أن يودي بأهم الاستثمارات الخليجية في السودان، ممثلة في مصنع سكر كنانة الممول من دولتي الكويت والمملكة العربية السعودية، وذلك عندما قرر وزير الصناعة السوداني العام الماضي، إقالة العضو المنتدب من دون أي سند قانوني، ومن دون حتى الرجوع إلى مجلس الإدارة أو النـــظام الأســـاسي، الذي يؤسس للشركة منذ عام 1972.
أسئلة كثيرة موجهة للوزير للإجابة عليها هذه الأيام، وعلى رأسها، كم كانت ديون السودان عندما جاءت حكومة الإنقاذ، وكم هي اليوم؟.. وبالتّالي من يبدو أكثر تأهيلا لوصفه بالقول «مثل الشحاتين»، الشعب السوداني عام 1989 أم حكومة الوزير الحاليّة التي يستجدي باسمها في حله وترحاله؟
واضح أن وزير الاستثمار السوداني خانته الذاكرة، على الرغم من أن ما قاله لا يزال عالقــــا في أذهان الكثــــيرين. وتلك مهزلة، لأنه وبعد كل هذه الأعوام التي قضتها حكومة الإنقاذ في الحكم، ها هي صفوف الخبر تعود من جديد لتتصدر عناوين صحف الخرطوم، كما حدث طوال الأيام القليلة الماضية.
السؤال الأخير، هل الشعب الذي كان «مثل الشحاتين قبل خمسة عشرين عاما»، بحاجة لحكومة فشلت طوال هذه الأعوام في درء هذه الشبهة وتغيير المشهد الاقتصادي المنهار الى واقع مثالي لجذب الاستثمارات من دون تصريحات جوفاء.
٭ كاتب سوداني
صحيفة القدس العربي
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- السودان… الشعب يعلم البشير الديمقراطية بقلم خالد الاعيسر 04-18-15, 00:21 AM, خالد الأعيسر
- انتخابات السودان… ثم ماذا؟ بقلم خالد الاعيسر* 04-13-15, 02:55 PM, خالد الأعيسر
- ومتى سيفرح البشير شعبه؟ بقلم خالد الاعيسر٭ 03-30-15, 00:37 AM, خالد الأعيسر
- برلمان السودان… انتكاسة التشريع بقلم خالد الاعيسر* 01-14-15, 01:11 AM, خالد الأعيسر
- وهم التفوق لدى رأس الدبلوماسية السودانية بقلم خالد الاعيسر 01-03-15, 00:18 AM, خالد الأعيسر
- السودان.. دولة مختزلة في جهاز الأمن والمخابرات بقلم خالد الاعيسر and#1645; 12-23-14, 01:23 AM, خالد الأعيسر
- السودان.. آخر محطات التمايز بين الثورة الشعبية أو الانتحار؟ بقلم خالد الاعيسر and#1645; 12-16-14, 00:49 AM, خالد الأعيسر
- السودان.. عندما يتذكر الرئيس البشير أن التاريخ لن يرحم بقلم خالد الاعيسر 12-02-14, 03:32 AM, خالد الأعيسر
- السودان يحتاج «ماجنا كارتا» سودانية بقلم خالد الأعيسر 11-28-14, 03:46 AM, خالد الأعيسر
- السودان.. المعنى الخفي لإعلان باريس بقلم خالد الاعيسر 11-18-14, 00:13 AM, خالد الأعيسر
- علاقة السودان بإيران.. التوازن المُختل خالد الاعيسر 09-23-14, 01:06 AM, خالد الأعيسر
|
|
|
|
|
|