نشر موفع الراكوبة ومواقع اخري بتاريخ 15/11/2016 سلسلة من ثلاثة مقالات بقلم الدكتور/ عبدالله علي ابراهيم عن الاضراب السياسي العام وقد قمت بالتعليق علي احداها في باب (تعليقات الراكوبة) وكان اتفاقنا أن الآضراب السياسي العام في تجارب ثورتي اكتوبر 64 التي اقتلعت حكم الفريق عبود وانتفاضة مارس/إبريل 85 التي اقتلعت حكم الطاغية نميري . قد نضح واستوي فعله وناتجه أخذأ سنين عددا من نضالات الشعب السوداني وجسيم تضحياته حتي لحظة الانفجار وكان ذلك بادوات النصف الثاني من القرن العشرين . وها هم شباب الالفية الثالثة يقلبون الطاولة والقاعدة علي هذا النظام الاخرق مستخدمين معجزة الفيتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ومن محصلة نضالات شعبنا طيلة 27 عاما ضد حكم الاسلام السياسي استولدوا عنوة واقتدارا لحظة الانفجار التي تنجب الثورات لعظيمة وعلي تضاد مع فعل الثورة التي تبدأ ملتهبة بمظاهراتها ودمائها وشهدائها انضجوها علي نار هادئة ومسالمة ومخادعة جردوا فيها حكم الطاغية من أهم اسلحته في استخدام العنف والقمع اللا محدود وجعلوه يقف حائرا محتاراً كما وقف حمار الشيخ في العقبة. ودعماً وتأييداً لعصيان 19 ديسمبر. اعيد نشر ذلك التعليق الذي نشر في موقع الراكوية .والذي يعكس بعض تجارب شعبنا في صنع ثوراته .
............
د/عبدالله تحياتي إلى الذين ظلوا يرددون ان ثورة اكتوبر جاءت (صدفة ) وان فكرة الاضراب السياسي كانت وليدة لحظة الانفجار تلك وما دروا ان الحفر ظل متواصلاً منذ اعلانها في2/7/1961 كوسيلة لاسقاط النظاام .يأتي وقتها حين يصبح النظام غير قادر على الحكم وأن يكون الشعب غير قادر علي الاستمرار لحظة اضافية تحت ظل ذلك الحكم. د/عبدالله اليك مقطع من قصتي القصيرة (..وحتى الصغار) التي اشرفت علي نشرها بصحيفة الميدان حين كنت مشرفاً علي صفحتها الثقافية وقد تم النشر في نوفمبر 1965م وإن كانت كتابتها قد تمت في نفس عام الثورة(1964م) وفيها يجدون كيف كان الحفر في تثبيت فكرة الاضراب السياسي العام منذ سنين عددا , حتي لحظة الانفجار .
المقطع :
المدينة هادئة وصامته، وشمسها محرقة، جئت ساعتها من الخارج، هممت بخلع ملابسي، وكان أخي، هو وجماعته -كما تسميهم أمي- يجلسون في الغرفة الأمامية، حينما سمعت طرقات، على الباب. رميت، ما بيدي.. وعلى عجل، أسرعت لفتح الباب، وقبل أن أصله.. الباب ينفتح بعنف.. يندفع إلى الداخل أحدهم، يتبعه آخرون، ما حدث بعد ذلك، يصعب تذكره، قبضوا على أخي وجماعته -كما تسميهم أمي- أخذوا يفتشون المنزل: الأرض وحفروها.. كل شيء وبعثروه.. حتى (التُّكُل).لم يستثنوه.. أدخل أحدهم يده في "خمّارة العجين ".. أذكر يومها أن أمي حملتني إياها، لأسكبها في الشارع.. كل ذلك، ولم يجدوا ما جاءوا يبحثون عنه. رغم ذلك.. قذفوا بأخي، وجماعته -كما تسميهم أمي- داخل كومر الحكومة وذهبوا. بكيت يومها كثيراً، ولكن أمي لم تبكِ، بل أسكتتني بنهرة قوية، ومن خلال بقايا دموعي، رأيتها تحفر في جوف جدار مهجور لم تصله أيديهم، رأيتها تخرج عدة رزم من الأوراق المهترئة، صبّت عليها كمية كبيرة من الجاز، ثم أشعلت فيها النار. تركتها مشتعلة، وغادرت المكان.. يومها دفعني حب الاستطلاع، لكشف سر كل هذا الذي يجري أمامي، وأنا لا أفهمه.. فتسللت خلسة إلى حيث النيران المشتعلة، استطعت أن ألتقط إحدى الأوراق، التي أبعدها الهواء، عن السنة النيران، أزلت ما علق عليها من تراب ورماد.. رأيت عليها كتابة باهتة، التقطت عيناي بصعوبة عبارة لم أفهمها في حينها، تتحدث عن الإضراب السياسي، وحتى أمي لم تتركني أفهم أكثر.. كفاية أخوك الكبير.. هكذا تمتمت، وهي تمزق الورقة، التي كانت في يدي.. ولكني الآن بدأت أستوعب معناها. يرفع رأسه ينادي رفيقه الآخر. بعد أن تأكد له أن رفيقه أعطاه انتباهه، يهمس له: الناس كلهم أضربوا عن العمل.. ليه نحن ما نضرب عن العمل مثلهم. رفيقه الآخر لا يجيب. بل تجذب انتباهه، وقع خطوات، والتي دائماً ما تعني له الكثير، الخطوات تتوقف أمامه، صاحبها يسأل.. عندك ورنيش أحمر؟.. كلمات رفيقه ترنّ في أذنه.. لماذا لا نضرب عن العمل مثلهم.. رد سريعاً على صاحب الخطوات.. عندنا، ولكن نحن أضربنا عن العمل، يتبادل ورفيقه، ضحكات انتصار مرحة عمر الحويج
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة