|
وجه من الماضي .!! بقلم عبدالباقي الظافر
|
03:57 PM Aug, 29 2015 سودانيز اون لاين عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان مكتبتى فى سودانيزاونلاين
انزلقت قدمي وأنا أهم بدخول الكوفير.. تكومت عند مدخل المكان مثل بطة عرجاء ..كان المشهد الدرامي كفيل بلفت أنظار من هم بالداخل..من حسن الحظ أن شقيقتي لبنى كانت بجانبي ..أخذت بيدي حتى انتصبت واقفة.. تحت وطأة الإحساس بالحرج حاولت أن أخرج من باب الدخول وأهرول عائدة من حيث أتيت .. فوجئت بصوت من داخل الكوفير يهتف بفرح "دكتورة هند أهلا وسهلا"..كان ذاك صوت من الماضي ..إنها تغريد زميلتي في كلية الطب.. ارتبكت أكثر.. آه حينما تقابل الشخص الصحيح في المكان الخطأ..حاولت بسرعة تجاوز زميلتي التي قابلتها آخر مرة قبل خمس سنوات في مراسم زواجي من طلال. عاد ذاك الطيف الجميل لمحاصرتي وفتاة جميلة تعبث بشعري وأنا مغمضة العينين ..كانت الفتاة تغازلني شعرك رائع يا عروسة .. فيما كنت منهمكة مع الطيف ..تعرفت على طلال المشاغب في أول أيامي في الجامعة..دخل الشاب الوسيم إلى القاعة التي تواجدنا فيها ونحن ننتظر أول محاضرة من أستاذ الكيمياء الحيوية..توجه طلال مباشرة إلى حيث السبورة ..بدأ محاضرته بلغة إنجليزية رصينة مستعرضاً المقرر ..دون سابق مقدمات وصل إلى حيث أجلس في منتصف القاعة..بدا وكأنه اختارني بعناية.. طلب مني أن أتحدث عن تجربتي ولماذا اخترت هذه المهنة.. في هذه اللحظة وقعت عيني في عينه..شعرت كأن صعقة كهربائية مستني..بعد قليل تماسكت وأنا أقف بجانبه في مقدمة الفصل ..انساب النقاش بيننا كدفعة جديدة..بعد مضي خمس دقائق انسحب من القاعة طالباً مني مواصلة إدارة النقاش إلى حين عودته من المكتب. بعد دقيقة دخل رجل آخر متجهم الوجه أشيب الرأس..خلته في الوهلة الأولى أحد العمال المسؤولين عن نظافة القاعة.. حينما أبدى الزائر اهتماماً بما أقول وجلس في مقدمة القاعة أدركت أن خطأ ما قد وقع..تلعثمت ثم زاد ارتباكي..تقدم الرجل إلى حيث أقف ثم أمرني بطريقة ودودة أن أعود إلى مكاني بجوار صديقتي تغريد..ابتسم الكهل حينما نظر إلى السبورة التي حملت عناوين المقرر ..قدم الرجل نفسه باعتباره بروفيسور عباس الفضل أستاذ الكيمياء الحيوية.. حينما قرأ الدهشة على وجوهنا تحولت ابتسامته إلى ضحكة وهو يقول هذه بعض تقاليد جامعة الخرطوم أن ينتحل أحد الطلاب شخصية أستاذه .. ثم مضى قائلاً "أغلب الظن أن صاحب المقلب هذا هو طلال رأيته يخرج من هنا..طالب نبيه ولكنه مشاغب". من ذلك اليوم تعمقت علاقتي بطلال ..كنا من بئتين مختلفتين..أنا سليلة أسرة مغتربة وهو ابن عائلة ريفية فقيرة.. كنت أكثر تديناً بحكم نشأتي في المملكة السعودية ..بينما بدا هو وكأنه يحتفي بالحياة ولا يخشى الموت..منذ ذلك اليوم بدأنا نرسم المستقبل ..أردت أن أجعله يخطو على درب أبي..يغترب ثم يبني قصراً..لم يختلف معي إلا في تسمية أبنائنا الذين سيولدون..أصر على أن تحمل ابنته الأولى اسم ليلى..رضخت بعد تعنت حينما انهمر الدمع من عينيه .. تحول ذاك المشاغب إلى شخص حزين وهو يذكر حلم أمه في أن تراه طبيباً. حينما أكملت دراستي كان طلال قد بات نائب أخصائي ..عدل من الخطة القديمة وقرر السفر إلى لندن لإكمال تخصصه في طب الأطفال ..باع عربته وأكملنا زواجنا على عجل .. قضيت بين أحضانه أجمل ستة أشهر في حياتي ..ودعته في المطار على أن التحق به بعد أن يرتب أحواله في مدينة الضباب..ذات مساء داهم مدمن مخدرات الشقة الصغيرة التي يسكنها..انتهت حياة طلال بدماء انسكبت حتى وصلت إلى الدرج المؤدي للشقة. في هذه اللحظة بدأت أبكي بجنون..قفزت من المقعد وسط دهشة الحضور..هرولت نحو الشارع وشقيتي تجري من ورائي .. حينما وصلت البيت طلبت من الضيوف الانصراف وقلت لهم لن أتزوج رجلاً بعد طلال..شعرت بالراحة وأمي تحضنني باكية.. شعرت أنها تواسيني في أحلامي التي ماتت بموت حبيبي.. ظن الجميع أنني أصبت بالجنون ولكن في الحقيقة كنت فقط صادقة مع نفسي. http://akhirlahza.info/akhir/index.php/2011-04-07-15-00-26/2012-03-22-12-59-12/53282-2015-08-29-11-12-57.htmlhttp://akhirlahza.info/akhir/index.php/2011-04-07-15-00-26/2012-03-22-12-59-12/53282-2015-08-29-11-12-57.html
أحدث المقالات
- فكرة.. هزمها التنفيذ بقلم عثمان ميرغني 08-29-15, 03:53 PM, عثمان ميرغني
- بالمنطق (كده) !! بقلم صلاح الدين عووضة 08-29-15, 03:50 PM, صلاح الدين عووضة
- جنوب السودان.. الله يكضب الشينة! بقلم الطيب مصطفى 08-29-15, 03:49 PM, الطيب مصطفى
- (خلونا في المهم) بقلم الطاهر ساتي 08-29-15, 03:46 PM, الطاهر ساتي
- أخطاء ومسلمات في تاريخ السودان تتطلب ضرورة المراجعة 4 متى اتحدت مملكتا نوباديا ومقُرة 08-29-15, 07:07 AM, احمد الياس حسين
- نكتة عجيبة (السودانيون يتسابقون لأخذ حصتهم قبل الزيادات)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:49 AM, فيصل الدابي المحامي
- المجلس الوطني الفلسطيني وأضعف الايمان بقلم نقولا ناصر* 08-29-15, 05:47 AM, نقولا ناصر
- الطيور المهاجرة تغزو حديقة الهايد بارك!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 08-29-15, 05:46 AM, فيصل الدابي المحامي
- مجموعة السيسي: تتحمل ضمنيا مسئولية ما جرى بفندق سلام روتانا بقلم آدم خاطر 08-29-15, 02:39 AM, آدم خاطر
- إحدى عشرة رسالة لوالي الخرطوم .. (9) حديقة الحيوانات .. بقلم توفيق عبد الرحيم منصور 08-29-15, 02:36 AM, توفيق عبد الرحيم منصور
- الكذاب و الحريات المدنية بقلم خالد عثمان 08-29-15, 02:31 AM, خالد عثمان
- مع ابن الرومي.. ذلك أفضل جدًا بقلم محمد رفعت الدومي 08-29-15, 02:29 AM, محمد رفعت الدومي
- سياتى الهواء لنظام الخرطوم من جهة ليبيا .. ومن يزرع الريح يحصد العاصفة !! بقلم ابوبكر القاضى 08-29-15, 02:28 AM, ابوبكر القاضى
- بمناسبة تنصيب الوزراء المعارضين..و"جردل" مايو! بقلم صلاح شعيب 08-28-15, 11:14 PM, صلاح شعيب
- إشكالية العقل السوداني و الإبداع بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 08-28-15, 11:13 PM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- من التحديات التربوية في المجتمعات الغربية بقلم نورالدين مدني 08-28-15, 11:12 PM, نور الدين مدني
- وجهان لكل حرف بقلم الحاج خليفة جودة - سنجة 08-28-15, 11:11 PM, الحاج خليفة جودة
- كيف سجل الإتحاد الأفريقي خمسة إصابات في شباك المعارضة ؟الحلقة الخامسة5-7 بقلم ثروت قاسم 08-28-15, 11:09 PM, ثروت قاسم
|
|
|
|
|
|