هناك إتفاق شبه كامل بأن أحزاب الترويسة الورقية التي يقارب عددها المائة التي تكالبت ، على دعوة الحوار ، لن يحلوا عقدة واحدة من عقد الأزمة السياسية في البلاد ، رؤساء مائة حزب لا نعرف لأي منهم مهنة ، ناهيك عن الذين سجلوا أسماؤهم في عضوية هذه الكيانات ذات الأسماء المتشابهة ، فإذا كتبت قائمة بهذه الأسماء فستجدها تنحصر في عدد محدود من الكلمات تقدم هنا وتؤخر هناك ليتكون منها إسم ، أما المقر فهو شنطة رئيس الحزب ، ومرجعيتنا في إسقاط مصطلح الأحزاب عنها ، هو الأمين السياسي بالمؤتمر الشعبي المستقيل والعائد وعضو السابق في لجنتها ( 7 + 7 ) الأستاذ كمال عمر الذي قال أنها لا ينطبق عليها مسمى أحزاب . أما الحركات المسلحة المنقسمة ، فعلى الأقل أنهم كانوا لهم قضية وحملوا السلاح من أجلها ، وهم في هذه الحالة أفضل درجة من القاعدين الذين أتخذوا من السمسرة السياسية مهنة لهم . هناك وظيفة في الإنتاج السينيمائي نراها تظهر في تتر الأفلام تسمى ( ريجيسير ) وهو الشخص الذين يطلب منه المخرج توفير الكومبارس الذين يحتاجهم الفلم والمجاميع الكبيرة من الأفراد للمشاهد التي تحتاج لمثل هذه الجموع ، هؤلاء يطلق عليهم شعبياً ( مقاولو الأنفار ) . فعندما يطلب منهم توفير الكومبارس يذهبون للمقاهي وأشخاص مسجلين في دفاترهم ومن يعرفونهم في الحي وبعض أقاربهم ويأتون بهم للإستديو أو مكان التصوير ، ثم يقبض كل منهم يوميته ويذهب في حال سبيله . الذين كونوا أحزابأً دخلوا بها الحوار سجلوا عضوية أحزابهم بهذه الطريقة ، والمشكلة أن هولاء المقاولين ليس لهم صلة بالسياسة من قبل فهم ليسوا مثل السياسيين الذين أحترفوا السياسة إنطلاقا من مباديء وأيديولوجيات تمثل مرجعية يحكموا بموجبها ، وكانت لهم صولات وجولات في الساحة السياسية أيام كان الناشط السياسي يصرف على نفسه من جيبه لا كما هو الحال الآن حيث يسعى الجدد الذين دخلوا عالم السياسة في عهد العجايب ، إلي الغنى والرفاه من مال الشعب ، أولئك ناضلوا ودخلوا السجون وتشردوا من وظائفهم وحتى من أوطانهم لقاء التمسك بالمبادئ التي آمنوا بها ، أما هؤلاء فمعظمهم لا رصيد نضالي أو خبرة سياسية أو فكر لهم ، أما الكيانات التي كونوها فهي مجرد لافتات أو أوراق مروسة تحمل أسماء ، فلا نظام أساسي ، ولا هياكل تنظيمية لها ، فقط كشوفات بأسماء بعضها وهمي . يقول المثل إذا لم تستح فافعل ما شئت ، هؤلاء المتبطلين لم يمنعهم الحياء من أن يطالبوا بالوزارات ورئاسة لجان المجالس التشريعية ولائية ومركزية وعضويتها ، وأكثرهم يريد الوزارة دفعة واحدة ، رغم أنه من قبل لم يك شيئا ، بعضهم أصابه الإحباط عندما ورد إسمه في كشوفات أعضاء المجالس التشريعية رغم أن أكثرهم لا يعرف أن يقول بضع كلمات في إجتماع صغير ،دع عنك التحدث في برلمان ، إن غالبية هؤلاء المتبطلين جاءوا وفي أذهانهم صورة الذين تطاولت مبانيهم واصبحت لهم أرصدة مليارية في البنوك قدوتهم بعض ممن ينتمون إلي الحزب الذي فتح لهم الباب واسعا للإنضمام للحوار ، وأطلق العنان لأوهامهم المريضة بأنهم بإمكانهم أن يصبحوا مثل بعض من شاهدوا صعودهم بسرعة الصاروخ ، وأن يصبحوا من أصحاب المليارات بين عشية وضحاها . ومن أين كل ذلك ؟ بالطبع من لقمة ودواء المواطن ، وعلى حساب الشعب الغلبان الكادح ، والمضحك أن بعضهم من أصحاب الطموحات الكبيرة إحتج وثارت ثائرته عندما تجاوزه المنصب ، وأما أصحاب الطموحات الصغيرة فرضوا بالتعويض المادي مما يؤكد أنهم كانوا يبحثون عن المغانم والمناصب فقط ، وأمثال هؤلاء بالطبع لن يرُجى منهم خير ، فإذا كانوا فعلا يريدون أن يساهموا في معالجة أزمة البلد فهذه المساهمة يمكن أن تتم بطرق كثيرة ، ومادام قبلوا مبدأ العمل مع المؤتمر الوطني ، فهناك مجالات كثيرة للعمل مع المؤتمر الوطني خارج دائرة المناصب إذا كانوا حادبين على مصلحة الوطن كما يقولون ، وكنا قد تسآلنا منذ الوهلة الأولى هل الحوار لإيجاد مخرج للأزمة أم لتوزيع المناصب ؟ وهاهي الإجابة تأتي لتؤكد حقيقة مؤلمة وهي أن المقصد كان البحث عن إصلاح الحال والذات وفي ستين داهية حال البلد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة