|
هل ننتظر الجولة الثامنة من المفاوضات؟ بقلم بارود صندل رجب
|
المفاوضات والتي أنهارت في أديس أبابا وعلي أثرها أعلن الوسيط رفع المفاوضات إلي أجل غير مسمي ريثماُ يلتقط الأطراف الأنفاس ويدرسون المقترحات التي دفعت بها الوساطة هكذا في كل جولة في مفاوضات عبثية ... ربما تعاود المفاوضات قريباً لتراوح مكانها لا تتقدم ولاتتأخر , فهذه المفاوضات لا تقولها عبثية فقط ولكنها لا تحل المشكلة لتبياين روي الأطراف ولعدم رغبتها في حل جذري بجانب التدخلات الأجنبية السافرة وهذه التدخلات لا تصب في صالح البلاد ولا حتى في صالح الأطراف فاللاعبون الأجانب لديهم مصالحهم وأجنداتهم الخاصة وتحقيقاً لهذه المصالح يستطيعون التأثير علي الأطراف بشتى الطرق لتعطيل المفاوضات أو إفشالها أو تطويلهما والخاسر الأكبر في ظل هذه التقاطعات هو المواطن السوداني المغلوب علي أمره وبالدرجة الأولي مواطني المنطقتين النيل الأزرق وجبال النوبة وفي تقديرنا أن هذه المفاوضات لا جدوى منها البتة وبالتالي من الأصوب البحث عن طريق آخر نطوي به مشكلاتنا بعيداً عن التدخلات السالبة للقوي الأجنبية القريبة والبعيدة .... ولعل الأطراف يدركون أن الطريق الآخر هو أما الحرب وأما الحوار الداخلي لا ثالث لهما ، فالأول قد جرب لسنين متطاولة ولم يحقق غير الخراب والدمار والتشريد والأحقاد والغبن الشديد وتمزيق أوصال البلاد وفتق النسيج الاجتماعي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان الحروبات لا تحسم الأشكال وأنها غالبا ما تنتهي إلي الحوار والسلام فالعاقل من اتجه إلي تقصير مدة الحرب وبالمحصلة فأن الحوار هو الطريق الأوحد لحلحلة مشاكلنا مهما كانت شائكة ومعقدة ، ولكن أي حوار هو الكفيل بذلك، نحسب ان الحكومة سوف تنتظر الجولة القادمة لتعيد الكرة مرات ومرات بلا جدوي , مع أن بيدها كروت لو استخدمتها بطريقة حكيمة وشفافة لسحب البساط من تحت حاملي السلاح من أبناء السودان وكذلك من تحت الوسطاء والسماسرة وأول هذه الكروت وقف شامل لأطلاق النار , أي أن تقدم الحكومة علي وقف شامل لإطلاق النار في كل المواقع من طرف واحد وان يسمح بفتح ممرات آمنة لإغاثة المنكوبين بدون قيد أو شرط , ثم تشرع في الدفع بعملية الحوار بأسرع ما يمكن وان تفتح الأبواب لكل من يرغب في اللحاق بالحوار الداخلي أن يلج فيه بدون شروط مسبقة وان تقدم ضمانات موضوعية وعملية لا تجعل أي مجال لحاملي السلاح الا الاسراع بالحضور إلي الداخل، وأن تستجيب لمطالب القوي الممانعة المتعلقة بتهيئة المناخ للحوار مثل إلغاء القوانين المقيدة للحريات ( لا أدري لماذا تخشي الحكومة من فتح أبواب الحرية علي مصارعها ), وإطلاق سراح كافة المعتقلين والموقوفين علي ذمة قضايا سياسية الخ .. هذه الإجراءات وهي ليست تنازلات بمفهومها التقليدي بل مجرد محفزات فقط وبطبيعة الحال هي أفضل من الجرجرة إلي الخارج والتقاطعات مع الأجندة الأجنبية , قد يقول قائل أن الحكومة قد استجابت للحوار الداخلي والذي إنطلق فعلاً وقطع شوطاً لا باس به ، صحيح ذلك ولكن هذا الحوار صاحبه بطئ شديد لا مبرر له , ومنذ انطلاقه جرت مياه كثيرة تحت جسره .... اعتقالات طالت حتي طالبات الجامعات من دارفور , وبذات الأسلوب القديم ، و إيقاف الصحف والتضييق عليها وهلمجرا..... لم يتغير شئ من منطق النظام وأسلوبه منذ انطلاق الحوار ذات الممارسات ذات اللغة ذات الأساليب مما ألقي بظلال من الشك حول جدية هذا الحوار.... الانتخابات والتي تجري الأعداد لها علي قدم وساق واصرار الحكومة علي إنفاذها كأستحقاق دستوري لا يجوز تجاوزه , وكل القوي السياسية المحاورة والممانعة تقول علي لسان واحد لا للانتخابات ورغماً عن ذلك فأن الحكومة ماضية في إجرائها حتي المواطن العادي ما عاد يكترث لهذه الأنتخابات ولا يثق في نزاهتها أصلا في ظل الظروف التي تعايشها البلاد وواضح ذلك من ضعف التسجيل لهذه الانتخابات , أضف إلي ما ذكرناه فأن أقدام الحكومة علي تعديلات دستورية تمنحها مزيد من السلطات للهيمنة مع أفراغ الحكم الفدرالي من مضمونها .... كل هذه التحركات تلقي بظلال كثيف من الشك والظن في أن هذا الحوار مجرد تكتيك من تكتيكات هذا النظام لتجاوز كثير من المعضلات التي تواجهها ... مما يدفع كثيرين للتريث في الأقدام علي هذا الحوار الداخلي وأن تمترس القوي الممانعة من الدخول في هذا الحوار مرده بالدرجة الأولي الي عدم الثقة في جدية النظام في هذا الحوار وقد علمته التجارب السابقة والحصيف لا يلدغ من الجحر مرتين !! وبالتالي فأن حاملي السلاح أولي بالممانعة.... نخلص إلي أن الكرة في مرمي الحكومة فهل تستطيع الإقدام إلي إجراءات أكثر جرأة تدفع بالحوار الداخلي إلي الأمام وتجبر الممانعين الداخلين بالاستجابة الفورية لمطالبهم المشروعة للدخول فيه , وان تقفل باب الإسراع بالانتخابات بل إيقاف الإجراءات تماماً .....اما الدستور الانتقالي فلا أظن أنه سوف يقف حجر عثرة في طريق الوفاق الوطني .... الطريق واضح وسهل إذا وضعنا جميعاً مصالحنا الذاتية والحزبية والجهوية جانباً وألتفتنا للمصلحة العامة للبلاد والعباد وإذا وضعنا الحكمة موضوعها وتوكلنا علي الله ... هذا أسهل وأفضل من الجري وراء سراب الخارج .... تجربتنا نحن السودانيون في التفاوض والالتزام بالعهود والمواثيق والاتفاقيات مريرة وبائسة فكل الاتفاقيات التي وقعت من لدن جبيوتي ومروراً بالقاهرة وأبوجا والدوحة وتشاد وبلاد الواق الواق فشلت بسبب سوء نيتنا وعدم التزامنا بما نوقع وهذه ظاهرة سيئة لا يأتيها مسلم يلتزم بابسط قواعد الإسلام ناهيك عن إدعاء الإصطفاء والتقوي
|
|
|
|
|
|