ما يظهر على كل حال أن حزب الجبهة، قد تمت السيطرة عليه، وأن ريش صقوره قد نُتِف، لكن بعد حوالي ربع قرن من التمكين، خلق الحزب دولة عميقة ملتحية، سوف تكون عصية على أي إصلاح حقيقي أو مظهري، هذه الدولة الملتحية، لا تنزعج ممن يجلس على الكرسي، وإن كان الجالس عليه هو الفريق بكري حسن صالح، ولا تتأسى على من يغادره، وإن كان (المُتَشتِّت) هو علي عثمان محمد طه، فالدولة العميقة بعد كل ما جرى، تستطيع أن تملأ قاشها! و بعيداً عن التأطير بسؤال: هل غادر الشُّعراء، أم أنهم يوزعون الأدوار فيما بينهم، فإن المشروع ــ مشروع الدولة ــ قد سقطت فكرته، لكن مبانيه محروسة بحرسٍ شديد، وبقبضة أمنية تؤجل اضمحلال الغذاء الأيدلوجي الذي كانت تتسقّى منه، هذا الوضع يشبه ــ بالبلدي كِدا ــ أشبه بالحلّة المكوِدبة، التي تحتاج نظافتها إلى أن تغطيسها في الماء كذا يوم، ثم تأتي الجهات ذات الصِّلة، بعمل “اسكراتش” كامل عليها بألياف ومُطهِرات، أو كما قال أحد الفقهاء: أن يُغسل إناءها سبع مرات، إحداهًنَّ بالتراب! كثير من عضوية الحركة الإسلامية تقر بفشل مشروع دولتهم، إن في المنشية أو من تلقاء القصر، لكن بعض تلك العضوية يحلم بإعادة إنتاج الأزمة.. لأن من بين انعكاسات بقائهم طوال هذا الوقت في سدة الحكم، أن ثمة أحزاب تشكلت من جرثومة الأذى، وبعض قوى المعارضة لها قيادات تؤيد العصبة في الباطن، وآخرون يؤيدونها في العلن، وبعضهم يتقاسم معها الهموم والرغبات، بالعداء للعقل والكراهية للفكر، و بالهرولة نحو قهر الجماهير من خلال المقدسات.. هذا إلى جانب قوى أخرى ضعيفة، لها رؤية ربما، لكن صوتها مبحوح، فمن هُم هؤلاء؟ الصراع في هذه المرحلة يجري أواره حول كيان الدولة، بين الجيش كمؤسسة يسيطر عليها موالون، وحزب الجبهة الذي أشرنا إلى أفول بعض تعابيره وبعض فنون تصاويره... إن آلت مقاليد الأمرتماماً للجيش كمؤسسة فإن الجبهة قد توثر الاختباء.. ومنذ الآن، (الجماعة مشكورين) خففوا ظلّهم، حتى لا يُحرجوا السيد بكري في مساعيه الحميدة... لقد كانوا وما زالوا صادقين في قولهم: (ح نسلمها عيسى)، ولتخفيف العبء على القيادة تغيرت نبرتهم، وقالوا: إنهم دعاة التداول السلمي والحوار و الإصلاح، وغازي صلاح الدين... أما الشعب.. إن سألتم عن رأي الشعب، فإن مما يسره اختفاء الأشخاص الذين آذوه، لكن المعارضة لا تجد ثقة ولا ترحاب، وهي على هذا الحال... هناك شبه خنوع للكثيرين من قياداتها، يكاد يذهب بهم إلى المغارات والخلوات... ومع هذا الضعف الذي لا مثيل له تشع في الأفق رحابة تغييرات إقليمية ودولية، كان من الممكن اقتناصها، لولا أن الإسلاميين ــ من عسكر وحركة ــ يعودون إلى الواجهة، كحكام، وكمعارضة ليبرالية! من خطل القول قولك: إن الجيش شيء، والحركة شيء آخر، وإن رئيس الوزراء وصديقه رئيس الجمهورية، يمثلان المؤسسة العسكرية فقط دون غيرها.. لا لا لا..! ديل (الشغلانة) كلها..! وعلى الله قصد السبيل..! assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة