|
هل ضعفت أمريكا أكثر مع أوباما؟/مصعب الحسن
|
لابد أن هذا السؤال هو سهل الإجابة لدى الجمهوريين، فهم يعزون كل المشاكل التي تسبب بها بوش لأوباما في عناد غريب، أوباما تسلم إدارة أمريكا منذand#1634;and#1632;and#1632;and#1641;، كثير من الإحصاءات الإقتصادية المستقلة توضح تحسن الأداء منذ تلك الفترة، مؤشر الإستهلاك نسب التوظيف الدين العام، وهذا جزء مما وعد به، من وعوده أيضاً تقليل أعداد الجنود الأمريكيين بالخارج، وهو ما يعمل عليه حاليا، إذا مع تحسن الإقتصاد وتقليل الصرف على الحروب(وهو ما أدى لضعف الإقتصاد مع عوامل أخرى) هل عادت أمريكا قوية كما كانت؟ مع سطحية هذا السؤال فإن كثيراً من الأمريكان سيستعجلون إجابته، لكن تشابه تسرعهم ليس دليلا على إتفاقهم، أمريكا منقسمة جداً الآن ،بدا الإنقسام واضحا لدى فوز بوش بفترته الثانية، وأستمر حتى وصلت الحكومة لمرحلة إعلان الإفلاس مرتين في إدارة أوباما،جذور الإنقسام تتعمق في داخل المجتمع الأمريكي، وينعكس ذلك على صورة الحكومة الأمريكية والرئيس أوباما أيضاً ، بسبب الإنقسام الداخلي لم يتمكن الرئيس من المحافظة على مصداقيته أمام الشعب السوري الذي وعده أوباما بالتدخل في حالات معينة وفشل في ذلك، العسكر في مصر أجبروا أمريكا أن تنظر لمصالحها المباشرة وأن تتجرد من مبادئها عند التعامل معهم، روسيا سددت الضربة تلو الأخرى ومازالت تستعرض عضلاتها، الصين لم تبدأ بعد ضغوطها في إستمرار لسياستها الناعمة، لكنها بالتأكيد تحضر لشيء ما ، ربما إرتبط بتوسع النفوذ الصيني في أفريقيا أو بضغوطات منظمة التجارة العالمية أو بنسبتها المخصصة لإنبعاثات الكربون، الأكيد هو أن الضربة قادمة، إذا كيف وصلت أمريكا لهذا المستوى من الإنقسام داخليا والضعف دوليا في حين أن الإقتصاد في تحسن وهي لا زالت القوة العسكرية الأولى؟؟ عودة إلى الوراء، عندما كانت أمريكا تعتبر لكثير من أبناء العالم الثالث ثقافة وليست دولة، ثقافة ساعدت في نشرها أفلام هوليوود، حيث تظهر الناس في أمريكا يكرهون الكذب والظلم ويحاربونهما، في أمريكا حيث يكون إجتهادك و ذكائك فقط هما مقياس نجاحك، في أمريكا حيث تسود قيم الديموقراطية والإنسانية متوجة ما وصلت إليه الحضارة البشرية،خرجت أمريكا بعد حربين عالميتين كقوة ثقافية وإقتصادية وعسكرية،وكانت مبادئها تحكم العالم،لكن في الوقت الذي كانت فيه حركات الحقوق المدنية تسير في أرجاء واشنطن العاصمة، وقبل ذلك بقليل كانت نظرية الأمن القومي قد بدأت تسيطر على عقول ساستها، الحقيقة هي أن هؤلاء الساسة لم يخترعوها بل أدركو حقيقة تحول أمريكا لإمبراطورية وأن الأمبراطوريات العظمى منذ الأسكندر لابد لها من التعاطي مع العالم من خلال هذه النظرية، نظرية الأمن القومي هي نظرية فضفاضة جداً لكن يمكن تلخيصها بأن أي حدث داخلي أو خارجي قد يؤثر في وقت من الأوقات على عمل وكفاءة وإستمرارية النظام يجب التعامل معه بجدية، من هذا الوصف المبسط يظهر كيف يمكن لهذه النظرية أن تتحول لأداة خطرة إذا كانت السلطة في الأيدي الخاطئة، فهي تحول المسؤول إلى شخص مطلق السلطات، داخليا أدى هذا إلى المكارثية وصولا إلى قانون محاربة الإرهاب والمراقبة الحكومية، خارجيا القائمة تطول جداً لكنها تتنوع مابين تغيير الحكومات في أمريكا الجنوبية ودعم الدكتاتوريات والأنظمة غير الديموقراطية في الشرق الأوسط إلى خوض حروب مع دول لا يعرف معظم الأمريكان موقعها على الخريطة أو الخطر الذي تمثله،هذه النظرية تستمد قوتها من الخوف، الخوف هو ما يحكم أمريكا اليوم، والخوف يقودها في إتجاهات مختلفة مؤديا لحالة التمزق المذكورة سابقا، مابين دعاوي الإنغلاق والإنعزال وبين دعاوي التدخل العسكري في مناطق مختلفة من العالم، مابين نظرة الأمريكين لأنفسهم بإعجاب على أنهم شعب خليط من جميع شعوب العالم، وبين نظرات الشك والتوجس التي يتبادلها الجيران الآن، عظمة أمريكا في نظر الكثيرين كانت تكمن في عظمة المبادىء والأفكار التي إحتواها الدستور الأمريكي، بنجامين فرانكلين قالها من قبل أن من يضحي بحريته من أجل إحساس مؤقت بالأمن فهو لا يستحق لا الحرية ولا الأمن، سياسة الخوف أدت بأمريكا أن تفقد مميزاتها الأخلاقية لقيادة العالم، وأدت بها لأن تتجاهل إحتياجات مواطنيها الأساسية من علاج وتعليم لتركز على أعداء في الخارج والداخل ،أعداء كانت في كثير من الأحوال هي من تصنعهم، في الوقت الذي لازالت هذه المبادئ تعيش في قلوب وعقول كثير من الأمريكان وفي جامعاتهم ومنظماتهم المدنية وبعض وسائل الإعلام، لكن السعي الحكومي والإعلامي اليميني لتحقيق الأمن المرجو يدوس على كل المكتسبات الدستورية، نعم يميني لأن أمريكا اليوم أصبحت يمينية بإستحقاق، فكما قال بيل ماهر"somewhere in the last 20yrs, the left moved to the center,and the right moved to a mental institution " على الأمريكان أن يعودوا إلى دستورهم وإلى المبادئ التي بني عليها هذا الدستور، وأن يسألوا أنفسهم بكل صراحة هل هذه أمريكا التي أرادها الأباء المؤسسون؟ هل يمكنهم تغيير شيء ما بدون أن يشعروا بالخيانة؟
مصعب الحسن
|
|
|
|
|
|