|
هل شاهدتكم مسرحية النائب الاول ؟؟
|
عرف عن النائب الاول لرئيس الجمهورية الصمت االتام طوال سنوات سيطرته علي أمور الحكم في السودان ، وفي السابق تجد نادرا ما تجده يدلي بتصريح واذا فعل ذلك نراه يحاول الحفاظ علي توازن خطابه السياسي ، حيث لم تسجل عليه هنات المشير البشير والذي يدفعه حماسه العسكري الي الخروج عن لغة اللباقة الدبلوماسية ، ولكن من خلال متابعتي للمؤتمر الذي عقده النائب الاول اليوم والذي تحدث فيه عن محاولة تخريبية ثانيه تحيكها كوادر المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي اكتشفت أن هذا الرجل كان محقا في صمته خلال طوال سنوات صمته ، ومؤتمرات صحفية مثل هذا عادة يعقدها وزير الداخلية أو مدير الامن العام ، لأن الامر يتعلق بوجود أسلحة مخبأة ومخطط اجرامي وغيرها من حيثيات العمل الجنائي ، وبالنسبة للرئيس ونائبه بحكم المنصب القومي يجب الا يكونوا قضاة وجلادين في نفس الوقت ، وكان يجب ترك هذا الامر اذا صح الي القضاء وذلك لضمان نزاهة المحاكمات ، ولكن الان علي عثمان قد اثبت هذا الجرم ونطق بالحكم وذلك بحكم موقعه كنائب لرئيس الجمهورية ، وأنا لا أبرئ ساحة الترابي عن القيام بهذا النوع من الاعمال ، ولقد عرف عن الجبهة الاسلامية سواء يقيادة الترابي أو علي عثمان بأنها تعمل بأسلوب الغاية تبرر الوسيلة ويمكن لها أن تمارس كل ما هو غير اخلاقي في سبيل تحقيق ما تصبو اليه من أهداف ، وهذا المأزق الذي يعيشه السودان الان هو أحد افرازات هذا التفكير ، واذا صدق ما يقوله نائب الرئيس عن وجود عملية تخريبية بهذا الحجم فستكون هذه بداية النهاية لسودان مستقر وأمن و أن عهد المليشيات وأمراء الحرب قد بدأ ، ويكون السودان بذلك في طريق الاتجاه الواحد الي الافغننة أو الصوملة ، ولقد اختار علي عثمان ان يكون نجم هذا المؤتمر الصحفي لانه لا يثق في لسان الاجهزة الامنية في شرح رؤيته الخاصة لهذا النزاع ، وذلك لأن الصراع بدأ يأخذ بعدا شخصيا بينه وبين الترابي ولا أحد قادر علي الدخول في هذا السجال مع الترابي سوي علي عثمان ، أنه صراع علي الزعامة والنفوذ ، ان كلاهما يعرف الاخر حق المعرفة وكل منهم يحاول ان يسبق الاخر في خطوات لعبة الشطرنج السياسي ، التلميذ علي عثمان أغترف خبرته من معين الشيخ المسجون ، تعلم منه كل فنون السحر والدهاء والمكر ، ويعرف علي عثمان جيدا عناد الترابي وتفاؤله ونبؤاته حول قيام الثورات وسقوط الطغاة ، والان يحتاط علي عثمان ويقطع الطريق علي الترابي بايداعه السجن ، ولكن هذا لن يحل بين الشيخ واتباعه المخلصين ، وكثيرا ما كان الترابي يقول أن عصا السجن لا تخيفه وانه لن يخرج من معتقله علي شروط الطاعة والاستسلام ، وعلي الرغم من تجاوزه السبعين لا زال الترابي صامدا وعازما علي اكمال بناء مشروعه الحضاري ، وكثيرا ما يخرج الترابي من سجنه وهو اقوي من الاول وهو الذي يقول لا أحد تعلم من السجن مثلي ، ولذلك حاول الاستاذ علي عثمان أن يجاريه في هذه اللعبة وأن يلاحقه حتي وهو في المعتقل ، ولذلك كانت مسرحية المحاولة التخريبية ، وللعلم أن شيخ الترابي أستاذ في هذا النوع من المسرحيات أليس هو الذي كان سجين الانقاذ في بداية عهدها بينما كان في الحقيقة هو المحرك الفعلي للانقاذ ، من هذه المدرسة تخرج الترابي ، ومن هذه المدرسة استقي أستاذنا علي عثمان فكره السياسي ، ومكان المسرح هو السودان الكبير ، والجمهور هم الشعب السوداني المغلوب علي أمره والذي ابتلي بمشاهدة هذه المسرحية طوال كل السنوات الماضية ، وفي الوقت الذي يحاط به السودان بأخطار الحصار نجد الساسة عندنا لا زالوا يتسلون بلعبة العسكر والحرامية ، كنت أود لو أدار الترابي وتلميذه علي عثمان حربهما علي طريقة بوش وكيري ، لعبة في الملأ وبفرص متساوية ، حيث لا يتخفي مسؤول وراء منبر حكومي ويكيل للاخر الاتهامات والشتائم ، الشئ الجديد في هذا المؤتمر ان السيد النائب الاول أتخذ منهجا قرضاويا حول أزمة دارفور ورأي أنها من صنع الصهيونية العالمية ، و سخر النائب الاول من قصة الحصار وفرض العقوبات واعتبر أن هذه الخطوة قد فشلت تماما وذلك لأن شخصا مثل علي عثمان لا يخوف بالعصا ، وهناك تقليد سياسي جديد يمارس الان في العالم وهو مطاردة الخصوم في الخارج ، ومارس هذا الاسلوب حتي الان كل من الرئيس بوش ضد القاعدة وشارون ضد حماس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد الانفصاليين الشيشان ، والان يلحق بهم الاستاذ علي عثمان والذي توعد بأن يطارد كل الجناة في الخارج و خص من بينهم د.علي الحاج ، هذا المؤتمر حسب ما أري هو محاولة لاثبات الوجود فقط وأن الغرض منه اعلان حالة الطوارئ لصد أئ محاولة انقلابية محتملة ضد نظام الحكم ، وايضا لرفع الحالة النفسية لكودار للمؤتمر الوطني الحاكم والتي ساءت كثيرا بسبب الصراع الدائر في دارفور ، فمثل هذه المسرحية تجعلهم يحسون بالامان وتشعرهم أن سلطة النظام لا زالت قوية وتضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه بالانقلاب علي الحكم ، والان هل هناك محاولة تخريبية أم لا ؟؟؟ هل الترابي متورط بتأييدها ودعمها ماديا ومعنويا كما يقول النائب الاول ؟؟؟ الاجابة : نعم للترابي سجل جنائي وسوابق ولكن المتهم برئ حتي تثبت ادانته والامر الان بيد القضاء ولا تعليق لدينا أكثر من ذلك
انتهي
سارة عيسي
السودان- أمدرمان- الثورة
|
|
|
|
|
|