|
هل سيكون ملتقى- ام جرس- آلية للتفاوض وبديلاً عن منبر الدوحة والآليات الافريقية الاخرى؟ محمد علي كلي
|
هل سيكون ملتقى- ام جرس- آلية للتفاوض وبديلاً عن منبر الدوحة والآليات الافريقية الاخرى؟ محمد علي كلياني/ باريس منذ بديات مؤتمر- ام جرس- في تشاد، فقد بدأت الشكوك تزداد حول جديته في ايجاد منطق لحل الازمة في دارفور بطريقة فعالة، لان المؤتمر اقتصر على فئة عرقية بعينها في الاقليم، وهذا مما يزيد الشكوك حوله اكثر واكثر، وخاصة من قبل الاطراف الداخلية والخارجية اللاعبة في الازمة- المهتمين والمراقبين والمانحين-، فداخلياً، نجد ان اهل دارفور يرون ان المتلقى همشهم كالهشيم الذي تذوره الرياح، وشكل نوعاً من القفز فوق الحقائق والواقع الدارفوري وبكل تجلياته، - حادثة صالة قاعة الصداقة من قبل السيد/عرجة- وأكدت مقرراته عدم رضى وارتياح واضح للكل من هذه الخطوة، رغم اصرار الرئيس ادريس دبي ومن خلفه للاقدام عليها بانفراد متخطين في ذلك كل المبادرات الاقليمة والدولية في ايجاد التسوية المناسبة للقضية التي يجتمع حولها كل اهل دارفور للسلام، فضلاً عن ان بعض الاصوات المعارضة للملتقى بدات تعلو حتى وسط الحرطات المسلحة ذاتها، وتنذر بانقسام هائل، وهو امر يهدد بتفتيتها على اساس عرقي، وهذا مما يزيد من الطين بلة في كيان الحركات المنقسمة في الاصل، ويعيد الامر كله للمربع الاول، - رغم نفي رئيس الالية الوزير بشارة دوسة لذلك-،.. وخارجياً، ينظر المانحون والداعمون للقضية بكثير من الشك والريبة لتلك الخطوة والتي يرونها قد اخذت بالفعل واقعاً على الارض عكس لما توقعوه في الحل، خاصة، وقد زاد من شكوكهم اللقاء الاهلي الذي أُجري بين الحركات المسلحة وقيادات اهلية من دارفور في اديس ابابا مؤخراً بصفة احادية، وقد زاد من تلك الريبة اكثر، هو زيارة دبي الى الخرطوم والتي حدد فيها مجرى الملتقى وحيثياته المستقبلية، وفي حديث له بقاعة الصداقة المثار للجدل، وصف دبي اهل دارفور- بالعيال المخربون-، ورغم ان حكومة السودان تريد الحل معهم باي ثمن، مع أي مجموعة، او جماعات دارفورية في الوقت الراهن، نعم، فقد طال الصراع ووصل القمة، ثم بدا العد التنازلي فيه في متلقى -ام جرس- بتشاد، واديس والخرطوم مؤخراً،- اذا كانت النظرة للحل تاتي احادية الطرف وجدية-،!، فلابأس بذلك، اذا جاء الحل بناءاً ومثمراً ينهي النزاع في هذا الاقليم المضطرب، في تصريحات دبي حول الامر قال:(نحن مستعدون للوساطة اذا وافقت الحركات، وندعوها للحضور الى انجمينا لمناقشة القضية وايجاد السبل الممكنة للسلام)!، رغم تمترس الحركات المعنية وخشيتها بان لاتثمر مبادرة دبي في ذلك أمراً وقعاً، واضعة في الاعتبار، اذا فشل الامر فانها قد تفقد اطراف داخلية وخارجية مهمة- منتسبيها من القبائل الاخرى والدعم الخارجي لها-، وستظهر امام الهيئات الاقليمية والدولية بوجه اخر ومختلف، وهو ما يجري حالياً بدقة وتقييم،- فقدان اهتمام العالم والحلفاء على الارض-، فان تلك الخطوة ان حدثت، فانها قد تنسف بمجمل المبادرات وتعيدها الى مربع الصفر مجدداً، ليس من اجل اذكاء الصراع ودعمه، ولكن ربما التخلى عن القضية ذاتها ونهائاً، وتصويرها بانها مسالة ذات طابع عرقي بحت، قد لايتطلب عناء الجهود السابقة اقليمياً ودولياً، ولازال العالم يراقب ما يحدث في ملتقى - ام جرس- ليحقق دبي ما فشلت فيه من مبادرات اقليمية ودولية متعددة- وتلك معجزة-، وفي هذه الايام ان المجتمع الدولي ذاته يرى انجمينا قد تلعب دوراً خارج النص، اما بسبب الهروب من الواقع الماثل امامها داخلياً وخارجياً، او انها تريد الهاء اهل دارفور والسودان بمبادرة لاتستطيع الايفاء بمستحقاتها السياسية في السلام المنشود، اذن، كيف يمكن لانجمينا التوفيق بين كل هذه الاطراف- اهل دارفور والمعنيين بالقضية داخلياً وخارجياً في -ام جرس- الاتحاد الافريقي، الامم المتحدة وقطر الداعم الرئيسي لاتفاقية الدوحة الاخيرة؟.. نعرض بعضاً من الاسباب قد تكون مهمة لانجاح او فشل ملتقى ام جرس:- 1. لايزال الرئيس دبي ينظر الى دارفور بنفس النظرة القديمة، وكانه وصياً عليها اقليمياً، وبحسابات ضيقة، على اعتبار انه من قبيلة الزغاوة يمكنه ليً يد اهله لقبول راية صواباً او خطأً،- وهذا امر محل نقاش- 2. ان الخبرة التشادية في فض النازعات الاقليمية لاتسعف انجمينا بأن يلعب هذا الدور النبيل بعد فشلها عدة مرات في أبشي وانجمين1،2، وكما تنقصها الامكانات الكافية السياسية والمادية اللازمة لتحقيق ذلك، والتي تحول دون تحقيق السلام والذي يطمح اليه دبي بكل ثمن وبرؤية الخاصة. 3. ينظر الوسيط ديبي الى القضية من زاويتين متناقضين, وهما:- الزاوية القبلية باعتبار ان الزغاوة المجموعة العرقية التي ينتمي اليها، هي طرف رئيسي في الصراع الدائر، وان له الحق في تاطيرها وكبحها سياسياً، وهذا خطأ سياسي يتنافيى ويتناسى فيه دبي حق الاخرين من اهل دارفور هناك،.- تلك كانت من قبل تجربة لنتيجة قاسية دفع فيها دبي ثمنا باهظاً ولايتعلم من الماضي... اما الزاوية الثانية: فهي ان الوضع الامني في اقليم المجاور لتشاد يرى فيه دبي انه سينعكس سلباً على الاراضي التشادية اذا لم يحقق شيئاً ملموساً تجاه السودان, ولذا قال بالامس القريب(يجب البحث عن السلام بدلاً من تهريب السلاح بين البلدين)،- بما ان مسألة تهريب السلاح والاتجار به بين البلدين هي اقدم من نظام دبي في المنطقة. 4. يبدو ان الصراع في دارفور بكل تعقيداته، فقد تجاوزته الاطر السياسة الاقليمية والدولية في دبلوماسية تشاد التقليدية تجاه دارفور، وحتى العيال المخربون كبروا كما وصف احد الكتاب، وبلغ الامر مرحلة دخل فيه لاعبون جدد تريد فض النزاع برؤاها هي، -التدخل العسكري الدولي في دارفور-. 5. لم يكن بمقدور الوساطة التشادية الجديدة ان تنجح في –ام جرس- نظراً لتضارب مصالح القوى الاقليمية والدولية وسعيها الدؤب لإيجاد موطئ قدم لها في المنطقة, وبخاصة اثبتت الدراسات الجيواستراتيجية عن وجود احتياطيات معدنية مهولة من اليورانيوم والبترول في دارفور, وهي كفيلة بتجدد اشعال صراع دولي خفي من جديد، ويصبح ديبي نفسه فيها جزءاً من اللعبة، و ليس لاعباً اساسياً، - دبي لم يتعلم من اخطائه السياسية السابقة في توتر العلاقة بسبب عدم مقدرته في الحل بين الطرفين للاسباب اعلاها-. 6. اذا فشل دبي في مبادرة -ام جرس- فانه بالمنطق السياسي، سيكون للسودان راياً اخراً في القضية وبرمتها تجاه انجمينا، وان تفويض البشير له للمرة الثانية دليلاً على ان السودان قد لايكرر المسألة البتة مع دبي في امر دارفور مجدداً واختباراً عسيراً له سياسياً، لان الامور تغيرت كثيراً على الارض في دارفور والاقليم المجاور لها- افريقيا الوسطى وليبيا-.. 7. ان داعمي قضية دارفور ليس بمقدورهم التدخل مجدداً في الامر طالما دبي تجاوزهم في قضية يؤمنون بها عقداً من الزمان، وقدموا لها الدعم السياسي والمادي اللازميين، وفتحوا لها ابواباً من المنابر الاقليمية والدولية ترعى القضية. 8. ان السودان لن يضيره شيئاً فتح أي باب يتعلق بالحوار والتفاوض بشأن دارفور ثانية عبر تشاد، أو غيرها، وإحياء المفاوضات بينها وحركات دارفور جماعة وفرادا، وتلك فرصة جيدة ومناسبة فتحتها انجمينا للخرطوم بعد امد طويل من الجمود. 9. ان الجبهة الثورية المتحالفة مع حركات دارفور تكون اكثر من حائرة ومصدومة سياسياً تجاه الامر كله- وثيقة كاودا-، ومعها الكثير من الحائرين من كيانات الاحزاب السياسية السودانية التي طالما راهنت سياسياً على حركات دارفور للضغط على الخرطوم للازعان لشروطها الداخلية- وفق وثيقة الفجر الجديد-، ومزق دبي كل الوراق في يدها دفعة واحدة.، ولا يجد الكل تفسيراً سياسياً لعزل دبي منها قيادات دارفور المتمردة بهدف-ام جرس-. إلا عبر عبارة واحدة قال الفريق مالك عقار خلال زيارته باريس:(نتمنى ان يكون حديث الرئيس ادريس دبي زلة لسان)!!، ولكن اليوم ان الامر اوضح من الشمس في كبد السماء اكثر من زلة اللسان..! اخيراً، واخشى ما اخشاه، ان دبي وفي تلك المبادرة، ومن معه من قيادات اهلية دارفورية، يريدون من خلال- ام جرس- كسب الوقت لالهاء الخرطوم، وتخفيف الضغوط السياسية والامنية التي تواجهها انجمينا جراء المحنة التي تعيشها حاليا على الصعيد الداخلي والخارجي على حساب اهل دارفور، وتصبح مبادرتهم مجرد انوعاً من الانقاذ السياسي لنظام دبي ريثما تستقر الاحوال في المنطقة. – وتلك ايضاً لعبة مفهومة-. سخر وقلل من شانها المجتمع الدولي-.
|
|
|
|
|
|