|
هل تسبب فيروس مرض هولندة في محنة الجنوب ؟ ثروت قاسم
|
Facebook.com/tharwat.gasim [email protected]
1- الموقف الحالي ؟
اليوم السبت 11 يناير 2014 ، وصلت أم ضبيبينة محادثات أديس ابابا إلى طريق مسدود. رفض الرئيس سلفاكير إطلاق سراح المعتقلين التسعة ، إلا بشروط لم تقبلها المعارضة . وبالتالي لم يتم الإتفاق على وقف العدائيات ووقف إطلاق النار .
ولا يزال الموقف عجاجياًً على الأرض . بلغ عدد الموتى منذ تفجر الأزمة قبل 27 يوماً اكثر من 10 الف قتيل ، وعدد النازحين واللاجئين أكثر من 200 الف نازح ولاجئ . وضع النازحين واللاجئين الصحي والإجتماعي في معسكرات قوات حفظ السلام الأممية مأساوي ؛ ويموت المئات كل يوم ، نتيجة لشرب المياه الملوثة . شبح وباء الكوليرا يخيم على المشهد ، ومعه شبح الحرب الأهلية ، وتفكك الدولة .
تدعى قوات الرئيس سلفاكير إنها بصدد الإستيلاء على بانتيو ، عاصمة ولاية الوحدة ، وتقول قوات الدكتور ريك مشار إنها تنتظر الضو الأخضر من قيادتها السياسية لدخول جوبا والقبض على الرئيس سلفاكير . والحقيقة غائبة في إجازة مرضية ؟ أختزلت السيدة ليندا توماس غرينفيلد مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الافريقية، وهي العالمة بالأمور وبدبيب النمل في دولة جنوب السودان ، الموقف الحالي في الجنوب ، ، وأكدت أمام مجلس الشيوخ الأميركي:
( اليوم ( تقصد الخميس 9 ديسمبر 2014 ) وبشكل مأساوي، تواجه أحدث دولة في العالم ، ومن دون شك إحدى الديموقراطيات الأضعف ، مخاطر التفكك) .
هكذا ضربة لازب ... مخاطر التفكك .
يُولي الرئيس اوباما أهمية قصوى لحل أزمة الجنوب ، لدرجة إنه كان يتلقى تنويراً يوميا من الدكتورة سوزان رايس وهو في أجازة الكريسماس في هاواى . كتب السفير برنستون ليمان مقالة في النيويورك تايمز( الأربعاء 8 يناير ) يطلب فيها تدخلاً أمريكياً قوياً في حلحلة أزمة الجنوب ، تفادياً للصوملة وحرب الكل ضد الكل .
2- العيد التاسع ؟
صادف يوم الخميس 9 يناير العيد التاسع للتوقيع على إتفاقية السلام الشامل ، والعيد الثالث لإستفتاء الجنوب . ولم يحتفل أحد في جوبا بالعيد التاسع لإتفاقية السلام ، فقد أصبح الكل مهوساً بالبقاء حياً ليوم آخر .
في يناير 2005 ، بعد التوقيع على إتفاقية السلام الشامل ، بارك السيد الإمام الإتفاقية ، وتنبأ بأنها وصفة لإستيلاد عكس المقصود منها . قال إنها سوف تجلب الحرب بين دولتي السودان بدلاً من السلم . ورأينا ما حدث في هجليج في أبريل 2012 بين دولتي السودان .
قال إنها سوف تستولد الإنفصال بدلاً من الوحدة ، لأسباب فصلها حينذاك ، اهمها قسمة البترول التي تحفز الجنوب على الإنفصال للإستئثار بكل بترول الجنوب ، بدلاً من نصفه . وقال أنها تشجع على الحروب الأهلية داخل السودان وداخل دولة جنوب السودان ، ولا تشجع على التحول الديمقراطي في دولتي السودان . وصدق حدسه بالنسبة لدولتي السودان ، حيث غابت الديمقراطية . وبغيابها تفجر الوضع في دولة جنوب السودان في يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 !
الأزمة الحالية في الجنوب منتوج من منتوجات إتفاقية السلام الشامل . فقد أغفلت الإتفاقية التركيز على بناء مؤسسات الدولة ، وأجهزة الرقابة والمراجعة وفصل السلطات ، فكانت النتيجة أن دولة جنوب السودان صارت عايرة سياسياً ، وأداها تدفق البترول سوطين ؟ كان بترول الجنوب وما صاحبه من فساد تشيب له الولدان ، من الأسباب الرئيسية لأزمة الجنوب . لعنة البترول أدت لمفاصلة يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 في الجنوب .
قال السيد الإمام كل ذلك وأكثر من ذلك في عام 2005 وكرره مراراً فيما بعد ، وسجله في كتيب مرقوم .
هاجم الرئيس سلفاكير وقتها السيد الإمام ، وإتهمه بالعمل لتقويض الإتفاقية وتخذيلها .
هل يتذكر الآن الرئيس سلفاكير كلام السيد الإمام عن مآلات الإتفاقية الذي قال به ووثقه في عام 2005 ، رغم إن آفة حارتنا النسيان ؟
لا ... لن يتذكره ، تماماً كما لم تتذكر العرب كلام السيد الإمام مع صدام حسين وهو يشتبك معه في بغداد في عام 1987 ، والحرب العراقية – الإيرانية على أشدها ، وصدام معبود العرب والمسلمين وقتها ، يتبختر كالطاؤوس ، ضدالمجوس في إيران ؟
نعم ... آفة حارتنا النسيان ، وإلا لما بخس الرئيس سلفاكير والرئيس البشير السيد الأمام أشياءه في تقييمه لإتفاقية السلام الشامل ، كما بخس العرب السيد الإمام أشياءه في زمن غابر ؟
3- مرض هولندة ؟
نورنا السيد الإمام في زمن غابر بمرض هولندة ، وهو المرض الذي يصيب الإقتصاد الوطني بالكساح نتيجة توفر الموارد الطبيعية ، وأهمها النفط . في عام 1959 أكتشفت هولندة كميات هائلة من الغاز الطبيعي ، وبدات في تصديره والإعتماد عليه في إقتصادها على حساب القطاعات الصناعية والزراعية الأخرى ، مما أدى لتدهور مريع في إقتصادها .
وصارت هذه الظاهرة تُعرف بمرض او لعنة أو متلازمة هولندة .
أصابت لعنة هولندة دولة جنوب السودان بطريقة أكثر كارثية .
أدارت الفوائض النفطية المفاجئة رؤوس الساسة المتنفذين في دولة جنوب السودان، فحدثت إختلاسات وسرقات للمال العام بأرقام فلكية .
نأخذ كمثال السيد دينق الور الذي إختلس مبلغ 8 مليون دولار لشراء خزائن وهمية ، وعند إفتضاح أمره ، ارجع المبلغ المختلس إلى خزينة الدولة ، ولم تتم محاكمته ؟ قطعاً سوف يكنكش السيد دينق الور في السلطة ، ليحاول مرة أخرى ، وحتى لا يترك كنز البترول الهامل لغيره من الذئاب ... فيما يُسمى بمرض هولندة ؟ في يناير 2005 ، كان الثائر باقان أموم يملك فقط على شروى نقير . وفي ديسمبر 2013 ، كان المليونير باقان أموم يملك على منزلين فخمين ، واحد في حي النزهة والثاني في الحاج يوسف في الخرطوم ، وفيلا في كمبالا ، وأخرى في نيروبي ، بالإضافة إلى منزل فخم في جوبا . كما سجل سيادته شركة التلفون المحمول في جوبا بأسمه بدلاً من حكومة الجنوب ، في صفقة مع رجال أعمال من حزب الله في لبنان . ولم يتجرأ أحد في الجنوب على سؤاله من أين لك هذا يا باقان أموم ؟ قطعاً سوف يكنكش السيد باقان أموم في السلطة ليحلب بترول الجنوب لمصلحته الشخصية ... فيما يسمى بلعنة هولندة . في يوم الخميس 21 يونيو 2012 ارسل الرئيس سلفاكير خطاباً ل 75 من الوزراء والمتنفذين السياسيين السابقين والحاليين ، يطالبهم فيه بأرجاع 4 بليون دولار ( الكترابة ؟؟ ) تم إختلاسها من الخزينة العامة من موارد البترول . لم يُحرك أي منهم ساكناً ، وعمل كل واحد منهم أضان الحامل طرشة ، وتبعهم الرئيس سلفاكير ولم يتخذ أي أجراءات جنائية ضد أي منهم ، حفاظاً على التوازنات القبلية .
سوف يكنكش هؤلاء واولئك في السلطة ، حتى يكرروا العملية من بترول الجنوب السائب ...فيما يُعرف بمتلازمة هولندة .
وهناك قصة 2 بليون دولار تم إختلاسها مقابل توريد ذرة وهمية للمجاعة في الجنوب في عام 2012 ؟ وتتوالى المثلات في مرض هولندة الذي أصاب دولة الجنوب .
عندما شعر المختلسون وخاطفو اللقمة من أفواه الجوعي بأحكام سيطرة الرئيس سلفاكير على المال العام ، تمردوا عليه ، فكان أن عزلهم في يوليو 2013 .
بعدها بدأت لعنة هولندة في الدوران ، ولا تزال مدورة بعد أن حصدت أكثر من 10 الف قتيل ، وأكثر من 200 الف لاجئ ونازح .
حذر السيد الأمام من مرض هولندة في الجنوب أكثر من مرة ، ونصح أخوانه بمنعرج اللوى ، فلم يستبينوا النصح حتى وقعت الواقعة التي ليس لوقعتها كاذبة في يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 ! هذه كلها حقائق ماثلة للعيان وموثقة في كتاب مرقوم ، لكل من القى السمع وهو شهيد . أصبر نفسك ، يا هذا ، مع السيد الإمام ، ولا تعدو عيناك عنه ، حتي لا تصيبك لعنة هولندة في مقتل ؟ وكفى بنا ناصحين !
4 - الرئيس موسفيني ؟
الرئيس موسفيني خاتيهو قرض مع الدكتور ريك مشار . يتهمه بكبائر الأمور ، ومنها :
+ المتمرد اليوغندي يوسف كوني ، قائد جيش الرب شوكة حوت في حلق الرئيس موسفيني منذ عقود . يختبئ كوني وجنده في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية . أخطرت إدارة اوباما الرئيس موسفيني بموقع تواجد كوني وجنده . أرسل الرئيس موسفيني تجريدة للقبض على كوني ، وتدمير قواته . هرب كوني وقواته قبل ساعات من وصول قوات موسفيني .
يتهم الرئيس موسفيني الدكتور ريك مشار ( وكان وقتها نائب الرئيس ) بأنه أخطر كوني بقدوم قوات موسفيني للقبض عليه ، مما مكن كوني وقواته من الهرب . إلتقطت وكالة المخابرات الأمريكية مكالمة هاتفية أجراها الدكتور ريك مشار مع كوني بتلفون الثريا ، قبل ساعات من وصول قوات موسفيني للقبض على كوني . وغمتها الرئيس موسفيني للدكتور ريك مشار . وجاء اليوم الذي أعاد فيه الرئيس موسفيني الأسانسير للدكتور ريك مشار .
دقة بدقة ، والبادي أظلم .
+ التهمة الثانية هي إتهام الرئيس موسفيني الدكتور ريك مشار بالتواطؤ مع حكومة الخرطوم ، التي لا يكن لها الرئيس موسفيني كثيراً من الود ؟
يخشى الرئيس موسفيني إعادة تأهيل الدكتور ريك مشار ، وعودته للسلطة ، ثم تواطؤه مع حكومة الخرطوم ضد مصالح يوغندة الحيوية . ومن ثم إصرار الرئيس موسفيني علي هزيمة الدكتور ريك مشار والقبض عليه ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى وإعدامه .
حلف الرئيس موسفيني بمواقع النجوم بأنه سوف يقبض على الدكتور ريك مشار طال الزمن أم قصر ؟ السؤال هو متى ؟ وليس هل ؟ والسؤال الثاني المصيري هو : هل تدخل الخرطوم بالطول في بانتيو بعد أن دخلت كمبالا بالعرض في جوبا ؟ إنتظروا ؛ إنا معكم منتظرون !
ولكن هل تسمع واشنطون تصرخ :
كلو شئ إلا المندوكورو ! الجن الأحمر إلا الجلابي القبيح !
|
|
|
|
|
|