في تلك الليلة كان الحبيب بورقيبة يقلب دفتر الذكريات مع رفاقه ويحدثهم بإسهاب عن تفاصيل الحرب الصليبية..فيما كان الوزير الأول زين العابدين بن علي والحبيب عمار قائد الحرس الوطني يضعون التفاصيل الأخيرة لانقلابهم الذي سيحدث بعيد سويعات.. تمكن بن علي من جمع توقيعات سبعة أطباء بعضهم لم ير الرئيس بورقيبة منذ سنوات ..الشهادة الطبية تفيد أن الشيخوخة جعلت الرئيس بورقيبة غير قادر على أداء مهامه..عبر السماعة الطبية تمكن بن علي من الوصول للسلطة في نوفمبر١٩٨٧. أمس نشرت الصحف أن وفد كرام الاتحاديين الزائر لمدينة لندن فشل في الالتقاء بمولانا الميرغني..الوفد الذي يتزعمه رجل الأعمال طه علي البشير ، انتظر على أبواب الزعيم لبضعة أيام..وحسب التفاصيل التي حملتها آخر لحظة : إن وفداً مكون من حسن مساعد مدير مكتب مولانا ، وعبدالله المحجوب ابن الزعيم أبلغ الوفد عن عدم إمكانية الوصول إلى مولانا الميرغني ، ولو من باب الاطمئنان على صحته. قبيل أيام زار الأمير أحمد سعد عمر ،القيادي الاتحادي المقرب من مولانا لندن في زيارة خاطفة..بعدها وبشكل مفاجيء تخلف الشاب إبراهيم أحمد الميرغني من مرافقة وفد لندن ،وفضل البقاء في بلجيكا حتى لا يتعرض للحرج..من ناحية أخرى انسحب تاج السر الميرغني من مجموعة أم دوم المناوئة لابن عمه وصهره الحسن الميرغني ..هذا التطور ربما يعني أن الأسرة الميرغنية ، قررت أن تتجاوز خلافاتها وتقف من وراء الحسن الميرغني ، الذي بات الزعيم الممسك بالأمور في الحزب الكبير. السؤال المهم أين يقف مولانا الميرغني من هذه التطورات..خلال زيارتي الأخيرة إلى لندن حاولت تتبع أخبار مولانا الميرغني ..بل وسطت بعض المقربين من دوائر الحزب الاتحادي في ترتيب مقابلة صحفية مع مولانا..كل رموز الحزب أكدوا أن آخر عهدهم بمولانا كان في صلاة عيد الأضحى الفائت.. من ذلك التاريخ لم يشاهد أحدهم الميرغني ولو في صلاة الجمعة ..إلا أن الجميع أجمع على أن مولانا مازال يمسك ببعض الخيوط المهمة في الحزب ..بل بعضهم أكد أن مولانا بغيابه وحبس نفسه في شقة صغيرة يريد أن يضمن انتقال سلس للخلافة داخل بيته الصغير..هذا يعني أن مولانا مسؤول بشكل كامل عن سوء التعامل مع قيادات اتحادية ذات كسب بوزن طه علي البشير ورفاقه..بل كان بإمكان حراس مولانا أن يسمحوا للضيوف بإلقاء نظرة على (أبوهاشم) ثم الانصراف. في تقديري ..أن سيناريو إحراج وفد طه علي البشير تم الإعداد له بمكر.. في البداية تم الإيحاء بأن محمد نجل مولانا سييسر سبل التواصل مع والده في لندن ..ولكن في ظروف غامضة اختفى الميرغني الصغير ..زيارة الوفد كانت معلومة وكان بالإمكان إخبارهم بصعوبة مقابلة الميرغني ، قبل مغادرة الخرطوم.. أغلب الظن أن الحسن الميرغني أراد إذلال القادة المناؤيين لقيادته ، ووضعهم في مقام من لا يستطيع إلقاء تحية الصباح على زعيم الحزب دعك من المشاركة في تفاصيل إدارة الحزب في الحاضر أو المستقبل. بصراحة..الإهانة التي تعرض لها وفد لندن ، تؤكد أن الحزب الاتحادي مازال مختطفا بين يدي أسرة الميرغني..من هنا على جميع الشرفاء في الحزب الاتحادي أن يتوقعوا أن يوم إذلالهم قادم لا محالة..هذا حزب يدار بالاشارة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة