|
نورس عروسا في الجنة! هاشم كرار
|
نورس عروسا في الجنة! هاشم كرار
.. نعم، يا أم نورس النعيمي، هذا الجاهل زف ابنتك، إلى الجنة!
التقرير الذي بثته وكالة الأنباء الفرنسية، لا يملؤك بالعبرات والدموع فقط، وإنما يملؤك بالإشفاق على مصير قاتل نورس، وأمها تقبل رأسه، وهي تقول له من بين غصتين: «لقد حملت ذنبها، لكنك زففت ابنتي عروسا إلى الجنة»!
لا. لم يكن ينظرُ إلى عينيها، ولو كان قد حاول لما استطاع. كيف يمكن لقاتل أن ينظر في عيني أم قتيلته، وفي عينيها نهنهة بكاء، وكل أحزان الدنيا والعالمين؟
وضعت أم نورس يدا مرتعشة على كتف القاتل، وهي تقول له بصوت راعش: «انت يا ولدي جاهل، أمي، لا تكتب ولا تقرأ، وابنتي.. ابنتي يا ولدي تتحدث لغتين"!
لم أكن هو. لو كنته لكنتُ قد تمنيتُ لو ابتلعتني الأرض ابتلاعا، في تلك اللحظة!
( 2 )
نورس، صبية، صحفية، في قناة الموصل، هاجمها ثلاثة مسلحون، قريبا من بيت عائلتها، ثقب القاتلُ قلبها برصاصة. وفي اللحظة التي كانت تصارع فيه الموت، بكل رهافة صبية من مواليد 1994، كان أحد رفيقي القاتل يحاول انتزاع حقيبتها، تضرجت الحقيبة بالدم، وتضرجت الكتب، و... خارت من نورس آخر.. آخر الأنفاس!
( 3 )
«المدخل إلى حقوق الإنسان» هذا هو عنوانُ أحد الكتب التي كانت في حقيبة نورس. رفعته الأم، وقد تخثر فيه الدم: "هذا الكتاب استعارته بنيتي الحلوة من صديقتها قبل أيام.. لا، لن أمسح عنه الدم.. إنه دم ابنتي"!
هكذا، هو الجهل، يلطخ بالدم «حقوق الإنسان» وأغلى هذه الحقوق، حقه في أن يحيا!
مسكين ذلك القاتل، لو كان كان يعرف كيف يقرأ، لكان قد أدرك- وهو يحاول انتزاع الحقيبة- أن نورس، تقرأ في " حقوق الإنسان" لا لتدافع عن حقها هى في أن تحيا، فحسب، وإنما لتدافع عنه هو- عن حياته- وتدافع عن حياة كل إنسان، وعن الحياة إجمالا- في معناها الإنساني الجميل والمسالم والمنضبط!
( 4 )
سيف وليد حسينة المولى..
انسوا هذا الاسم سريعا جدا. أشطبوه من ذاكرتكم. إنه اسم القاتل، وبروزوا اسم القتيلة، الصبية الصحفية نورس النعيمي، وعلقوه- العمر كله- على أجمل حائط في قلوبكم!
|
|

|
|
|
|