|
نهضة الامم لا تتحقق بالتمني و الهتاف حسين الزبير
|
الاستاذ الطاهر ساتي الصحفي النابه اقرأ له باستمرار، و هذه الصفة ليست من عندي، بل اطلقها عليه احد افذاذ الصحافة في السودان ، الاستاذ صديق محيسي. في مقال له بعنوان (تمت الناقصة)عرفت ان احد الوزراء ، وقف متحدثا باسم السودان في مؤتمر علمي و دولي ، "مؤتمر جمعية مهندسي الكهرباء و الالكترونيات" ، و قال: "يجب اعتماد اللغة العربية كلغة اولي في اجراء البحوث العلمية!!!" و هي و الله حكمة و حكاية تذهل افكار حضور ذاك المؤتمر! و تضاف لحكمة اخري لوزير انقاذي آخر، قال في بداية عهد الانقاذ ان دراسة الجدوي بدعة غربية لا نستخدمها في دولتنا الاسلامية ، لان كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار. و يزيد السيد الوزير حجة لتعضيد هذا ال (assertion) فيقول "الامم لا تحقق نهضتها الا عبر الاعتزاز بلغتها و الانعتاق من التبعية للآخرين". ليت وزيرنا يدرك كلفة الانعتاق من التبعية، و هي ليست كلفة مادية ، و الا كان في امكان اهل الانقاذ الانعتاق بالدفع الكاش ، و الاحتفال بالمناسبة تكبيرا و تهليلا. الا ان الانعتاق من التبعية تستوجب استقرارا و امنا و قوة اقتصادية توفر النماء و الخدمات الاساسية للمواطن.
السؤال سيدي الوزير هو: كيف اصبحت اللغة الانجليزية لغة العلوم و التجارة و التكنولوجيا في العالم؟ بجهد و مثابرة في استخدام الاساليب العلمية في البحوث لتطوير العلوم التي ابتدعها المسلمون في يوم من الايام. و "البتملاين " في البحوث العلمية هو التجريب و الدقة و الامانة، و التجريب العلمي في البحوث يحتاج صبرا ووقتا و مالا، لا اظنه متاحا لمن كان في عجلة لادراك نصيبه في الدنيا عملا بالآية: و لا تنس نصيبك من الدنيا.
اهل اللغة الانجليزية في مصادرهم العلمية المتاحة في المكتبات العامة و في المصادر الالكترونية ، يقرون بتقدم المسلمين عليهم في العلوم و البحوث في القرن الرابع الهجري، فانظر ماذا يقول المستشرق آدم متز في كتابه (الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري): "أن أوروبا وقتها لم يكن بها أكثرمن عدد محدود من المكتبات التابعة للأديرة. ولا يعرف التاريخ أمة اهتمت باقتناء الكتب والاعتزاز بها كما فعل المسلمون في عصور نهضتهم وازدهارهم. فقد كان في كل بيت مكتبة. وكانت الأسر الغنية تتباهي بما لديها من مخطوطات نادرة وثمينة. وكان بعض التجار يسافرون إلى أقصى بقاع الأرض لكي يحصلوا على نسخة من مخطوط نادر أو حديث. وكان الخلفاء والأثرياء يدفعون بسخاء من أجل أي مخطوط جديد." يا تري كم مكتبة عامة في عاصمتنا القومية؟ و سؤال آخر اصعب: كم عدد الجامعات التي ليست بها مكتبة؟! و هل يقتني اثرياء الانقاذ الكتب و المخطوطات الثمينة؟ ربما و لكني اعتقد ان الاولوية عندهم في اقتناء البرادو و الفلة و الشقة و المزرعة، ثم اقتناء الزوجات حسب القدرة المادية. حلمنا بريادة العالم في البحوث و العلوم ، حلم بعيد المنال دونه ان تعمل الامم الاسلامية و العربية لفترة قد تفوق القرن ، بخطة علمية و بتعاون بين الشعوب ، و بصبر و امانة و شفافية. هل يا تري الدول العربية مؤهلة لتحقيق مثل هذا الهدف، و تمثلها حكوماتها؟ لكننا في السودان لسنا في وضع نشارك فيه في خطة ريادة العالم في البحوث و العلوم، لان اولوياتنا ان نستعيد ما فقدناه في العقود الثلاثة الاخيرة في مجالات التربية و التعليم شاملا التعليم الاساسي و الجامعي. نحن في حاجة الي خطة طموحة يتفرغ لها علماء مخلصون لدراسة مشاكل التعليم كلها و وضع الخطط اللازمة لانقاذ التعليم من الحالة التي وصلت اليها ، و تطهير التعليم الجامعي من الآفات التي اضرت ببرامجها و بالتالي بخريجيها. صدق رسولنا و معلمنا الذي قال: بارك الله في امرئ عرف قدر نفسه. رب بصرنا بعيوبنا ، و اعنا علي امر ديننا و دنيانا، و علي انقاذ وطننا من التمزق و الانهيار.
و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.
|
|
|
|
|
|