|
نقطة نظام ..!! عفوا صحافيو السودان .. لم ينجح أحد.. بقلم – طارق عثمان
|
نقطة نظام ..!! عفوا صحافيو السودان .. لم ينجح أحد.. بقلم – طارق عثمان مر أسبوع علي الاحتجاجات التي اعقبت قرارات الحكومة برفع الدعم عن المحروقات والتي راح ضحيتها 34 قتيلا بحسب رواية الحكومة واكثر من مائة بحسب رواية المعارضة في كل من الخرطوم ومدني، ونحن معشر اهل الاعلام والصحافة أقمنا الدنيا ولم نقعدها علي قتل هؤلاء الذين نتمني ان يتقبلهم الله القبول الطيب ويلهم اهاليهم الصبر الجميل .. ولكن ألم تحدثنا ضمائرنا بان هناك أودية وخيران من ذات الدماء السودانية أريقت وجرزح لا تزال تنزف في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق، لماذا لم تحرك فينا تلك الدماء مشاعر الظلم والاضطهاد من قبل حكومة المؤتمر الوطني..؟، فما أزهق من ارواح بريئة في دارفور يفوق 350 الف روح وما ازهق بجبال النوبة لا يعلم به الا الله... فما لنا نكيل بمكيالين وساكتين وصحفنا منعت من تناول اخبار القتل في دارفور ولم يضرب احد من الصحفيين، ولم نسمع بان هناك صحيفة قررت التوقف عن الصدور تضامنا مع اهل القري التي احرقت بدارفور والثكالي في جبال النوبة ،.. فمن قتل في الخرطوم قتل بدم بارد، ومن قتل في كتم ونرتتي والطينة قتل بدم (حار) مالنا كيف نحكم الأمور .. لماذا لم نعلن تضامنا واضرابنا عن العمل طيلة سنوات القتل التي يتعرض لها ابناء تلك المناطق أليسوا بسودانيين ام انهم من طينة اخري غير تلك التي خلقنا منها نحن، لماذا لم نصرخ كهذه ونحن نري الطائرات المقاتلة وهي تقصف نساء واطفال عزل وهم يحتمون بصخور الجبال وترسل عليهم حمم الموت ..؟ وهل نعلم عدد المعتقلين دون جريرة اوذنب اقترفوه من ابناء تلك المناطق ...؟ .. ظللنا صامتين والالاف يقتلون كل ليلة وضحاها ولم نثور ولم نضرب بل متفانيين للغاية في صحف نعلم علم اليقين من هم ناشريها ومالكيها... عفوا زملائي في مهنة الحقيقة من يحاول الاجابة علي الاسئلة اعلاه يكتشف باننا قد فشلنا في الامتحان ..رجاءا فلنبحث عن مهنة اخري لان الوطنية لا تتجزأ وكذا الانسانية فالدم السوداني هو الدم السوداني سواء كان في بري او شعيرية .. إليكم أحبتي حفظكم الله هذه القصة الواقعية لسيدة دارفورية فقدت الزوج والاب والاخ والابن، جميعهم قتلوا بدم بارد او باي دم كان ولكنهم في النهاية قتلوا تحت هذه السماء التي تظلل السودان، والمئات بل قل الالاف مثلها.. هذه قصة طويلة "ما عايزة أتذكر تلك الأيام وما تجيب لي سيرة الحرب في دارفور" بهذا أجابتني "حواء" المنحدرة من إقليم دارفور غرب السودان عندما طلبت منها أن تروي لي كيفية وصولها إلى العاصمة الخرطوم بعد اشتعال الحرب في منطقتها وحرق قريتها.. السابع والعشرون من يونيو من العام 2004 ليس كسائر الأيام عند حواء، بل تاريخ اسود تحفظه عن ظهر قلب، تقول حواء إنها خرجت من منطقتها وادي صالح بوسط دارفور في العام 2004 ومعها مجموعة من نساء المنطقة وكان بصحبتها طفلاها هرباً من سعير الحرب التي حولت حياتهم إلى جحيم، ولا تدري حواء ورفيقاتها إلى أين الوجهة بعد أن أظلمت الدنيا في عيونهن، تضيف: "تخلف زوجي بالقرية حتى يستطيع إخراج ما لديهم من "بهائم"، غير أنه لم يستطع ذلك، وتم قتله ومعه ثلاثون رجلاً بعد ان أطلق عليهم المسلحون النار"، وكان ذلك اليوم هو التاريخ الذي لا تستطيع نسيانه، وتضيف حواء: "مات أبو عيالي وترك لي طفلين"، وتشير إلى أنها وصلت إلى مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور حاليا وفيها فقدت أحد طفليها بسبب المرض، ومنها هجرت الإقليم واتجهت بصحبة طفلها الأكبر إلى مدينة كنانة وسط السودان لتقيم مع أحد أقاربها عدة شهور وتكمل رحلتها إلى العاصمة الخرطوم، حيث مكثت بحي "مايو" جنوب الخرطوم، ولكن العاصمة استقبلتها بطلبات المعيشة الصعبة، فاضطرت حواء إلى البحث عن عمل لإعالة ابنها اليتيم، وتسرد حواء قائلة: "أنا أمية لا أقرأ ولا أكتب.. لو كنت متعلمة لاشتغلت في المنظمات.. الحياة هنا في الخرطوم صعبة لذلك فكرت في البحث عن عمل حتي أربي ولدي"، وتضيف: "وأخيراً والحمد لله اشتغلت ست شاي"؛ أي بائعة شاي في إحدى عمارات الخرطوم، "والحمد لله الحال مستور". فليضع كل منا نفسه في مكان الاخ الشقيق او الزوج او الاب لهذه السيدة، فكيف تكون مشاعره حينها ... ؟، اذا كنا فعلا نحترم مهنتنا النبيلة لماذا سكتنا ولم نضرب لماذا لماذا .
مع الاحترام
|
|
|
|
|
|