أنا شخصياً من المؤيدين كُلياً لكل إتجاه رسمي أوشعبي نحو الإستفادة من الإمكانيات التي توفرها علاقاتنا مع الدول الأجنبية لرفع مستوى القطاعات التنموية بجملتها في البلاد ، أقول هذا وأنا أستمع وأقرأ في كثير من المصادر عن إستحواز (نظرية المؤامرة والضحية) في ما أبدته دولة قطر من إستعداد نحو تطوير وتأهيل سبل الإستفادة من آثارنا التاريخية العريقة وكذلك المساهمة في الترويج لها عالمياً في عقول وإنطباعات معظم الذين كتبوا عن ذلك ، ونظرية المؤامرة التي هي عبارة عن مرض نفسي يعاني منه الكثيرين تجاه كل الإرتباطات التعاونية مع الخارج والدول الأجنبية نتاجاً لإعتقادهم أن كل مشروع فيه إيادي أجنبية يجب أن يكون مخططاً إستخباراتياً أومحاولة خفية للإضرار بالبلاد والعباد ، أولئك هم الذين يعانون من عقدة قبول الآخر حتى ولو كان وطنياً ومشاركاً لهم في الهم والإنتماء والمصلحة ، وبذلك تصبح كل التجارب الناجحة والباذخة التي خبرناها في هذه البلاد والتي تأسست على تعاون مشترك بين السودان ودول أجنبية صديقة ، هي وبحسب مخاوفهم الواهمة لا تصلح للإعتداد ولا الإستدلال على نجاحات وإشراقات وفوائد ماثلة ومحسوسة ، وللحقيقة فإن حكومتنا بإعتبارها شمولية ومُعبِّرة عن حكم الحزب الواحد وآحادية النظرة الآيدلوجية وإحتكارية القرار السياسي والإداري قد جعلت بعض (المغبونين) من الواقفين في صفوف المعارضة الصاخبة أوالرصينة يتوجسون من كل إهتمام (مفاجيء) بقطاع من القطاعات يحتوي على ثروات ما تزال بكراً وواعدة كما هو حال قطاع الآثار في السودان ، خصوصاً إذا ما كان هذا الإهتمام مرتبطاً بالتعاون مع دولة عربية كقطر لم يسبق لها أن تناولت مثل هكذا مشاريع إستراتيجية في مسودة علاقاتها الممتدة مع السودان منذ أمدٍ ليس بالقصير ، غير أن زيارة الشيخة موزا قرينة أمير دولة قطرالأخيرة فيها ما يجعلنا نرتاح خارج دائرة القلق الذي أضرمه أصحاب نظرية المؤامرة والضحية ، كونها أي الشيخة موزا ذات علاقة تخصصية بموضوع الآثار والسياحة فهي من المهتمات منذ وقت بعيد بقطاع الآثار والبحوث الحضارية والتاريخية وتضطلع بالكثير من المناصب الإدارية في الكثير من الجمعيات والهيئات ذات العلاقة بإنقاذ الآثار التاريخية على المستوى العالمي والإقليمي وهي أيضاً من النافذين في هيئة اليونسكو والأسسكو وبعض الفرعيات والتنظيمات التابعة للأمم المتحدة ذات العلاقة بالموضوع ، أقول نعم أن أشباح الفساد والصفقات المنتنة قد عمت أرجاء البلاد بفعل غياب المحاسبة والتقصي وأحياناً الإعفاء من دفع ثمن الأخطاء بِراً و إعتداداً بالإنتماء السياسي والفكري وأحياناً الأُسري والقَبلي ، لكن علينا أن لا نجعل من ذلك (غولاً) جاثماً ودائم البقاء في مخيلتنا كل ما تراءات لنا إمكانيات النماء بالتعاون مع الأصدقاء والحادبين من دول أجنبية وشقيقة جُل هدفها المساهمة في الحفاظ على آثارنا كإرث حضاري إنساني يهم العالم أجمع ، هذه بارقة أمل أرجو ألا يوئدها المتوجسون ، فلربما فتح الله علينا بهذ التعاون والإهتمام القطري أملاً في تشييد بنية تحتية سياحية تقودنا إلى الإستفادة المعنوية والمادية من آثارنا التاريخية التي لم تُستغل منذ الإستقلال وإلى الآن ، مع العلم أن السياحة الآثارية تمثل في بعض الدول المورد الأساسي والثروة القومية الأولى والوحيدة ، دعونا نجرِّب وأجركم على الله .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة