متابعة لما انتهيناه في الجولة الثانية من الموضوع (3 )
الفكرة الصائبة تنقذ امة من الهلاك وتؤسس لمستقبل مشرق، فكرة السودان الجديد هي كان محاولة ذكية من الحركة الشعبية لدخول السودان من البوابة الامامية بمشاركة معظم القوى السياسية في شكل تحالف وطني يعبر عن امال وتطلعات الشعب السوداني بصدق وأمانة ولا شك أن الراحل دكتور جون قرنق كان يشعر بخطورة مشروع السودان الجديد على بعض القوى السياسية السودانية والتي تبنت مشروع التعريب والاقصاء لبناء دولة الجلابة والدليل على ذلك الطريقة التي تم بها إفشال اتفاقية السلام قرنق والميرغني على يد تحالف الجبهة الاسلامية وحزب الامة باستخدام العسكر وحصول الطامة الكبرى إنقلاب عسكري باسم الانقاذ بمدلول أنقاذ المشروع العروبي الاسلامي وكذلك كان دكتور قرنق في ذات الوقت غير واثق تماما بان كل القوى السياسية والنخب السودانية تحبذ الاتفاق حول السودان الجديد ولأن بناة المشروع الوهمي غير قابلين للتنازل عما في يدهم من قوة وسلطة ولن يوافقوا على مشاركة اي كان فيه ولأن مشروع السودان الجديد له تداعيات تقضي تماما على سيطرة الفكر العنصري العروبي وإنهاء المخطط الممنهج لإقصاء العناصر الافريقية عن المشاركة في إدارة حكم السودان في تقاسم السلطة والنقوذ وكل مطلوبات الحياة التعايشية المستقرة . نعم قيادات الحركة الشعبية كانوا يدركون ابعاد تلك المحاذير والمبنية على مخاوف هولا الوهم العروبي الساعي إلى احتلال السودان من قبل هولا المستعربين ودعاة العنصرية أي تحويل السودان دولة عربية ارضا وشعبا وطبعا لم يحصل هولا إلى تفويض في لتغيير هوية السودان الافريقية إلى عربية من اي جهة وأهله موجودون ما يزالوا عائشين على ارضه بل مصرين على الاستمرار لتنفيذ المشروع الاحتلالي العنصري ومن افرازت ذلك اندلاع الحرب الابادية للتصفية العرقية التي نشهدها في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور لذلك كان طرح الحركة الشعبية عند الجنوبيين يتخذ وجهتين لحل مشكلة الجنوب وتحرير شعبه من المعناة بشتى اشكالها وكاثنية افريقية. الوجهة الاولي : كان ذلك المشروع القومي اطروحة السودان الجديد ليبرهن للناس مدى حرص الحركة الشعبية على وحدة السودان ارضا وشعبا وتماسكه ومدى تمسك الحركة الشعبية بالوطنية السودانية بدون مزايدة في ذلك إلى أي جهة بعينها بصرف النظر عن معينات الثورة الضرورية وادبياتها في علاقات المصالح الاستراتيجية فكان طرح الحركة صريح وواضح لكل سوداني حر يريد ان يكون ضمن هذا السودان الجديد. المشروع نجح بنسبة مئة في مئة في استقطاب غالية الشعب السوداني واصبح له قاعدة جماهيرية عريضة تهدد وجود النظام وتشهد بذلك الساحة الخضراء يوم دخول قرنق إلى الخرطوم . الوجهة الثانية : كانت هي خيار تقرير المصير لشعب جنوب السودان الذي صاحب عمليات التفاوض بين الجنوبيين والحكومات المركزية لغرض التوصل للسلام منذ بدايات الحرب بين الجنوب والشمال ولعل اول محاولة للجنوبيين في المطالبة بحقوقهم من الشماليين الذين احتلوا البلد منذ 1955م لقد بدات في 16 مارس عام 1965 م ذلك الاجتماع الذي اداره مدير جامعة الخرطوم آنذاك بروفسير النذير دفع الله ومنذ ذلك الوقت كانت تتعثر عمليات السلام بسبب تعند النخبة الحاكمة في الشمال طمعا في الاستيلاء على الجنوب برمته . اكثر فترة تمتع فيها السودان بسلام هي فترة حكومة المشير الراحل جعقر نميري لأنه رجل وطني واستطاع بقوة شخصيته وصفاته المتميزة أن يجمد مشروع التمدد العنصري العروبي لمدة عشرة سنوات على الاقل عن طريق اتفاقية السلام التي وقعت بينه وقائد التمرد جوزيف لاقو زعيم حركة تحرير السودان أنجانجا ( الثعبان السام ) في 3 مارس 1973م في ادس ابابا التي بموجبها استمتع السودان بسلام شامل ولكن بعد ذلك يعرف الناس من هم سوسة السودان والشياطين الذين انفلتوا من الاغلال وزادوا نار الحرب الثانية . بمهارة وكفاءات كوادر الحركة الشعبية استطاعت أن تصحب الحركة الشعبية كل تاريخ التزاعات بين الجنوب والشمال واستفادت من ذلك في تكوين فكرة واضحة جأت في اطروحتها السودان الجديد كخيار اخير وفرصة للسودانيين لو ارادو ان يكون لهم وطن جامع ووضعت في اعبتارها أن هذا المشروع للذين يريدون للسودان خيرا وحدة سلام استقرار وتنمية وتطور وفي نفس الوقت الخيار الثاني الذي يمثل الوجهة الثانية لمشرعها هو تقرير المصير قطار العودة من الشمال إلى الجنوب المحطة الاخير لنضال شعب الجنوب والحصول على دولتهم كما حدث لأنهم اصبحوا على قناعة بان الشماليين والنخب العنصرية خططوا وأسسوا دولة لا تقبل التعدد فيها فعليهم اي الجنوبيين الاستغناء عن جزء من وطنهم الكبير والتسليم للآمر الواقع فكان لهم دولة جنوب السودان . أنفصال الجنوب السوداني عن الشمال صناعة عنصرية بامتياز قادها النخب وبعض العناصر العنصرية تم فيها مؤامرات كثيرة ضد الشعب السوداني لخلق دولة بمزاج عربي خالص ولكنها لم تنجح على حسب وجهة نظر خاصة وقد يشاركني الكثيرين من اهل السودان لأن الشمال السوداني لم يصبح بعد انفصال الجنوب عنه عربيا بل ظل كما هو بدغمسته والوان طيفه التي يحيطها الاسود والرمادي إلى درجات البني ولن يصبح عربيا مهما فعلوا لأن الجذور ليست سطحية كي يتم تجريفها بمياه الفيضان انما هي عميقة بعق الانسان على أرضه فظل وسيظل السودان دولة افريقة كيكة من الشكولاته النقية مزينة بالبندق والفستق واطيب المكسرات من كل لون وطعم .
هذا الانفصال بين شطري القطر ليس فيه هوة كبيرة بين الشعبين سيظل الشعبين واحد لأن الشعب الجنوبي جزء اصيل في الدولة السودانية والدماء السودانية كلها مختلطة تجري في شراينه سواء ان كانت عن طريق التصاهر او عن طريق العوامل الكثير التي حدثت عبر تاريخ السودان والشماليين ليسوا نقياء من الدماء الافريقية فهي التي تجري في عروقهم مهما تنكروا لذلك وتنكر عقولهم ما تظهره الشواهد ودم السوداني اوضح من الشمس في كبد السماء . عندما اصبحت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير تجتذب الكثير من الشعب السوداني في ثورتها التي اصبحت تتصاعد اختلت ميازين نظام المؤتمر الوطني وادرك النظام أن وجود قوة عسكرية وفكرية موازية لنظامه لهو أمر خطير ويجب تداركه وسعى النظام سعيه بالسيناريوهات التي يعرفها الجميع واتى باتفاقية السلام الشامل في نيفاشا 2005 م لإزالة الخطر وامتصاص المعارضة التي كانت تتزعمها الحركة وتحاصر بها النظام كقوة عسكرية مدربة وهي مرحلة مهمة من تاريخ السودان كان النظام فيها قاب قوسين او ادني ان تتوقف برامجه بل وأن يسقط نظامه بالكامل. قدم النظام تنازلاته واستعان بالاطراف الخارجية المعروفة التي ادخلت اصابعها في شئون السودان وصاتت فيه فصنعوا من ذلك السلام صفقة سياسية شارك فيها مجموعة من الدول وعلى رأسهم امريكا وهي انفصال الجنوب كدولة مستقلة مقابل بقاء النظام في الحكم وحمايته والتعامل معه بنظام الجزرة والعصا هذه الصفقة لم تتم بسهول لقد اعتراها الكثير من المصاعب والعثرات وهناك اسرار كثيرة لا نعرفها وقد تظهر لنا فيما بعد كيف قتل نائب الرئيس البشير دكتور جون قرنق عند عودته من كمبالا ومن يقف وراء مقتله إذا علمنا أن هناك انقسامات لقد بدأت داخل صفوف الحركة الشعبية بعد دخولها الخرطوم وزادت بعد رحيل قرنق مما جعل بعض اعضائها مغادرة العمل السياسي ولقد كان الشعب السوداني بحسه الوطني يعلم ان دكتور جون كان رجلا وحدويا بينما هناك فيصل داخل الحركة انفصاليا وقد نتعرف يوما لماذا انسحب مرشح الحركة السيد ياسر سعيد عرمان 31 مارس 2010 من الانتخابات الرئاسية التي جرت وتم تنصيب البشير مرة اخرى بعد ان كان فوز الحركة الشعبية في هذه الفترة للرئاسة اكثر ترجيحا . من هناك ظهر ان هناك امر ما جرى تحت الطاولة لوئد ثورة الشعب التي جأت عبر بوابة الحركة الشعبية لتغيير النظام الحاكم عبر بوابة السلام الشامل ومن هذا المنعطف الخطير ظل مشروع السودان الجديد في رحم امه يتعاطى سموم النظام عن طريق الممارسات التي يقوم بها النظام التلكؤ في تنفيذ بنود الاتفاقية وعمل النظام على تفكيك منظومة الحركة الشعبية كقيادات للحركة ولا ندري كم هي المليارات التي تم ضخها في قنوات الحركة الشعبية ايام تواجدهم في الخرطوم حتى اصبح بعض قياداتها مليونيرات بين ليلة وضحاها ولكن من المؤكد هناك عمليات افساد وفساد تمت للخطوط الامامية للحركة ادت إلى وفاة مشروع السودان الجديد وتم اجهاضه مبكرا قبل انتها شهور الولادة ( مدة الاتفاقية ) . مقاتلي شعب النوبة بكافة اثنياتهم بقيادة الراحل يوسف كوه مكي شاركوا في الثورة الجنوبية الجيش الشعبي لتحرير السودان ضد الظلم والاضطهاد والاقصاء حارب كشريك اصيل في النضال واصبحوا طرف ثالث في المعادلة السياسية والثورية ولقد ساهم مقاتلي شعب الجبال النوبة الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان مساهمة فعالة في تحقيق اهداف الجنوبيين ولعل هناك ثمة مفاهمات تمت حول استحدام ملفات القضية النوبية في المفاوضات من جانب الطرفين الحكومة والحركة الشعبية للحصول على نقاط قوة وصولا إلى ابرام اتفاقية السلام الشامل لآن الثقل الجنوبي حضورا في المفاوضات من كوادر جنوبية كان يطغى على وجود ابناء النوبة والنيل الازرق بالمقارنة . هناك عوامل ادت إلى ضعف النوبة الدفع بقضيتهم مناصفة بقضية جنوب السودان اهمها خروج بعض الكوادر المؤهلة من ابناء النوبة من الحركة الشعبية لأسباب خلافات بينهم وقادة الحركة ثم العامل الثاني اعتبر مدراء العملية السلمية النوبة ليس طرف اصيل فيما يجري بين الشماليين والجنوبيين وهذا اكبر خطأ تاريخي يتحمله ابناء النوبة قبل مدراء العملية السلمية لآن النوبة وحتى على قلة عددهم في قيادة الحركة الشعبية فشلوا في الترويج لقضيتهم التي من اجلها حملوا السلام لو كانوا اقوياء سياسيا لكان الوضع افضل من الآن . هناك مستفيدين من صفقة اتفاقية السلام الشامل وهناك من خرج منها صفر اليدين المستفيد الاول هو نظام المؤتمر الوطني عندما تمت اتفاقية نيفاشا العام 2005 م استفاد النظام في الخرطوم بحصوله على الشرعية وبقائه في السلطة مدة اطول وحصوله على حماية دولية من رعاة عملية السلام على الرغم من صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على الرئيس عمر البشير بتهمة حربه ضد الانسانية في دافور وصفقة السلام كانت فرصة ذهبية لنظام المؤتمر الوطني للتمادي في تنفيذ برامجه في حرب ابادة ضد شعوب الهامش واستفاد النظام ايضا من الماعونات ومتطلبات تنفيذ برنامج السلام في تجهيز جيشه لمواجهة المرحلة القادمة بعد الفترة الانتقالية ولقد كان فصل الجنوب جزء من برنامج الاحتلال لآن النظام فشل في بلع السودان كاملا فاضطر للتخلص من الجنوب ليسهل عليه بلع ما تبقى من سودان يحسبه لقمة سهلة الهضم ( راجعوا بيانات عمر البشير اثناء الانتخابات الولائية لجنوب كردفان /جبال النوبة و بعد انفصال الجنوب ) حيث أن نية النظام العدوانية ضد شعب جبال النوبة وابناء الهامش مبيتة . المستفيد الثاني من صفقة اتفاقية السلام الشامل هم الجنوبيون الذين اجبروا على ذلك بعد فقد ربان السفينة دكتور جون قرنق وبعد ان تنازل مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان في الانتخابات الرئاسية لصالح عمر البشير لرئاسة السودان وبهذا الفهم المحبط للأمال نستطيع ان نستشف يوجد في قيادات الحركة الشعبية من حطم امال السودانيين الكثر الذين كان يتطلعون لتنفيذ مشروع السودان الجديد واجهض الامل الوحيد في ان يستطيع شرفاء السودان تحريره من براثن الجهل والتخلف والعنصرية والعنهجية وبدلا من أن يستفيد السودان كله استفاد الجوبيون واخذوا حقهم . السؤال المحير لماذا رشحت الحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان لخوض الانتخابات الرئاسية ولديها كوادر اوفر حظا سيقول قائل ان المسئلة دينية ونقول ماذا لو كان قرنق هو من يحضر تلك الانتخابات المباعة سلفة ؟ ولا نعرف في هذه النقطة لمصلحة من تنازل ياسر سعيد عرمان عن المنافسة على كرسي الرئاسة السودانية على الرغم من ضمانه لذلك هل هو من أجل ابن عمه المجرم عمر البشير بذهاب الجنوبين وتقسيم السودان ؟ ام هناك قسمة طيزى سرت على القضية برمتها فقال الرجل انا مالي ومال حكم السودان ؟ . لعل المؤامرة على السوداني كبيرة جدا ولها ابعاد اقليمية ودولية مقتضاها بقاء عمر البشير في السلطة مقابل انفصال الجنوب وهذه بالتاكيد ليست رغبة مفكر مشروع السودان الجديد دكتور جون قرنق . واما الطرف الثالث مقاتلي شعب جبال النوبة والنيل الازرق حاربوا جنبا إلى جنب مع رفاقهم الجنوبيين واستشهدوا على كافة الجبهات ولكنهم خرجوا من المولد بلا حمص لا طالوا بلح الشام ولا عنب اليمن وهم الطرف الخاسر في هذه القسمة الطيزى عنوة وكان امرا مقصودا والنظام الاحتلالي خطط جيدا كما ذكرنا فهو ينظر إلى ابعاد خطواته وينتظر اين يضع قدميه ثم يختار الزمن متى بنقض على فريسته . في عام 2011 م صوت الجنوبيين لصالح الانفصال عن دولة شمال السودان واسسوا دولتهم التي اعتبرها البعض منهم حلم قد تحقق بينما البعض الاخر احس بمرارة الفراق لكنهم اجبروا على ذلك وقبلوا بالانفصال كرها نتيجة لما كان يمارسوا الشماليين ضدهم من ممارسات سيئة دفعتهم دفعا نحو الانفصال وفي كل الاحوال حقق الجنوبيين دولتهم وفي نفس الوقت تخلص الشماليين من عبء ثقيل كان يجثم على صدورهم إذا ان بقاء الجنوب كقوة اصبحت تتعاظم عسكريا كانت تهدد بنسف المشروع العنصري والعربي كليا خصوصا إذا ما خاض قرنق الانتخابات واصبح رئيسا للسودان وهذا كان المرجح . انفصال الجنوب كان رحمة للشماليين اصحاب المشروع العنصري الاقصائي ونقمة على الجنوبيين الذين ضاعت امالهم في دولة تكاد تنهار في كل يوم وكارثة على ابناء الهامش من الاثنيات الافريقية في اطراف السودان الشمالي الفور والنوبة وابناء النيل الازرق والتي فقدت داعمه الاساسي في ثورتها ضد الظلم حيث تركز حكومة الخرطوم بقيادة المؤتمر الوطني جهودها وتسخر طاقاتها للتخلص منهم كعنصر غير مرغوب فيه على ارض السودان . الطريقة التي احكمت بها حكومة المؤتمر الوطني قبضتها على رقبة المعارضة السودانية افشلت كل المحاولات الجادة لإسقاط نظامها ولا سيمة أن هناك اعداد كبيرة من قيادات الاحزاب يفضلون عدم مصالحة الحركات المسلحة بل ويتعاطفون مع نظام الكيزان في الاستمرار في تنفيذ برنامجه الحرب الابادية لشعوب الهامش طمعا في حصول الدولة الصفوية العربية بل ان بعضهم لا يرغب في التغيير انما يرغب في الحصول على منصب قيادي او وزاري يعيش عليه من هنا تحلتف معاير التعامل مع قضايا النزاع السوداني . المجموعات المسلحة كحركات ثورية تناضل من اجل حقوق شعوبها حملت السلاح للدفاع عن نفسها على اراضيها وحماية اهلها وحماية اعراضها التي سلط عليها نظام المؤتمر الوطني جنوده من المرتزقة وتجار الدين لإغتصابها ولقد نجحت هذه الحركات بشكل كبير في تحجيم قوات الحكومة إلا في مناطق معينة . من هذا المنطلق الاختلافي في الرؤى والتوجهات الثورية والمصالح بين الاقضاب السودانية في كيفية اسقاط النظام او تغييره بسقوط سلس كما يقول البعض أو إسقاطه بانتفاضة جماهيرية في كل لا يمكن أن يتنازل النظام عن مشروعه قيد انملة ولا يقبل باي حل يعطل مشروعه العروبي والدليل ( مخرجات الحوار الوطني ) وفي هذه الحال لا يمكن ان نتوقع توافق فاعل بين المجموعات المسلحة كحركات ثورية والتنظيمات السياسية السودانية المعارضة للنظام تؤدي إلى إزال النظام وهناك امثلة كثيرة فاشلة ماثلة في ساحة التحالفات واخرها نداء السودان، كما أن الحركات المسلحة كحركات ثورية اصبحت نفسها تعاني من تصدعات مريبة وخلافات بين قياداتها اربكت ما تحالفت عليه باسم الجبهة الثورية التي كانت أن تمثل العامود الفقري للثورة السودانية وكان المؤمل منها تحرير السودان من عصابة الكيزان . بالنسبة للحركة الشعبية شمال بعد انفصال الجنوب وذهاب معظم مفكري الحركة الشعبية إلى دولتهم الوليدة ظلت الحركة الشعبية شمال تعاني من عدم ابتكار افكار ثورية جديدة تزكي الوهج الثوري ولا استطاعت أن تخلق مبادرات وحلول لمسيرها الثوري الذي اصبح مختلفا عما مضى بعد ان سقط شعار مشروع السودان الجديد وبعد انفصال الجنوب بالنسبة للمشروع الكلي المتمثل في إعادة بناء السودان فلا اعتقد كان ممكن أن ينجح بالصورة التي تم التسويق له في الاوساط السياسية المناوئة لنظام الخرطوم لذلك لا حظنا تردد قيادة الحركة الشعبية شمال في بياناتها المتضاربة بين المطالبة بتقرير مصير أو الحكم الذاتي المنطقتين النيل الازرق وجبال النوبة وبين اسقاط النظام تارةً وكانت هذه كلها غير مقبولة عمليا من جانب قيادات بعض الاحزاب السياسية وخصوصا الاحزاب الكبيرة على رأسهم حزب الامة بقيادة الصادق المهدي لذلك فشلت الحركة الشعبية شمال في الترويج حتى مشروع السودان الجديد الذي هو حجر الزاوية لحل معضلة السودان وإلا لماذا بقي النظام حتى الآن يتمدد فيما تآكلت المعارضة بشقيها العسكرية والمدنية وإذا سلمنا جدلا أن السياسة هي فن الممكن المفروض للحركة الشعبية شمال التمسك بحق تقرير المصير لشعب المنطقتين اسوةً بالجنوب وليس الحكم الذاتي ولا حظنا ايضا حتى الحكم الذاتي لقد اختفي لفظه من خطب قيادات الحركة الشعبية خصوصا بعد عملية خارطة الطريق مما يعني سيواجه شعب المنطقين مصر مجهول . وهذه جملة مضاعفات سالبة ادت إلى ضعف حركة المقاومة الثورية ضد النظام الحاكم داخليا وخارجيا فان الشقين العسكري والمدني لقد تركوا الثائرين من الشعب السوداني ضد النظام في الشارع لوحدهم يواجهون الرصاص والمعتقلات والسجون وبهذا تتحمل الحركات المسلحة كحركات ثورية والتنظيمات السياسية جميعها متعاطفة مع النظام اوغيرها جزء كبير من معاناة الشعب السوداني في كافة ارجائه. التاريخ يثبت أن جميع الدكتاتوريات والحكومت التسلطية زائل مهما طال امده ومهما تجبر لابد زائل ونح كسودانيين صناع الثورات ولدينا تجاربنا التي نموت فيها لتحية بعدنا اجيال منعمة ولكنا كشعب سوداني ظللنا نناضل ونحقق انتصارات ثوراتنا بدماء شهداءنا ويسرقها منا الاخرين لينعم هم بها ويتركوا الشعب السوداني في البؤس والشقاء . منذ اكثر من نصف قرن بعد استقلال السودان من الاستعمار الانجليزي 1956م إذا راجعنا هذا التاريخ نجد ان السودان يتقهقر إلى الوراء ولم نتقدم ابدا أما آن الاوان الخروج من هذه الحالة المذرية لوطن يحتضر ؟؟ الآن علينا اخذ واحد من طريقين اما اسقاط هذا النظام العنصري إلى مزبلة التاريخ وتحقيق دولة المواطنة لكل السودانيين والحفاظ على ما تبقى من سودان وهذا يتطلب منا العودة إلى وطنيتنا كسودانيين متحالفين لهدف واحد الا وهو تحرير السودان من الطغمة الحاكمة وكما علينا الاستفادة من مشاريع السودان الوحدوية لبناء دولة متماسكة حرة ينعم فيها كل سوداني بحقوقه بعدالة كاملة أوناخذ طريق تفكيك هذا السودان اقليم اقليم ولاية ولاية ومديرية مديرية وبعدين حارة حارة وقبيلة قبيلة وعلى كل مجموعة تعمل سور حولها فهل يمكن بعد النفكيك تنتهي الحروب والفتن ؟؟؟ من يحلم انه سيعيش في نعيم دولة يحكمها الكيزان بعد تقسيمها فهو واهم . نظام المؤتمر الوطني هو الذي ارسى قواعد تقسيم السودان إلى عشائر وقبائل ليسهل عليه تنفيذ برنامجه الاحتلالي فهو نجح في ذلك لكنه فشل في الاحتفاظ وسيطرة على الدولة لأن كل المقسم يحمل سلاح وغير خاضع لسلطات النظام والرحوب الأهلية قايمة واخذت طابع القبلية في كثير من المواقع ناهيك عن الحروبات الجغرافية التي على الابواب بين ملاك الاراضي الاصليين والسكان الجدد التي تعمد النظام باحضارهم وتسكينهم على اراضي مواطنين تم تهجيرهم باسباب الحروب على بلدانهم في النيل الازرق وجبال النوبة ودارفور مما يعنى وطن يحترق اهله وارضها لمصلحة اخرين قد يؤتى بهم أو هم على الابواب منتظرين إشارة الدخول بعد اكمال علمية الاحتلال . وأخيرا لا مستحيل تحت السمش إذا تصافت النفوس وهمت العزائم ولكن هذا النظام لا سبيل لأقتلاعه إلا بقوة وإرادة الشعب على االحركات الثورية المسلحة ان تتحمل مسئولياتها الوطنية وترك مسرحيات المفاوضات الهزلية الغير مجدية مع نظام الكيزان المحتال وينتهي هذا العبث للحفاظ على حياة الشعب الصابر وان تعيد الحركات المسلحة صفوفها كقوة يرجى منها تحرير وطن وكذلك بنفس القدر تقع المسئولية على التنظيمات السياسية عليها التخلي من ايتاع سلوك النظام العنصرية وانتهاج السلوك القويم لبناء وطن يعيش فيه كل ابنائنا بسلام واستقرار هذا حلم كل سوداني . نواصل محمود جودات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة