الشعار الثوري الذي رفعته الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة دكتور جون قرنق دمبيور يتعارض مع مشروع النخبة المهوسة بالدين الاسلامي والعروبية من العنصريين في الشمال ومشروع السودان الجديد هو بمثابة الحل والعلاج النهائي لمشكلة السودان كدولة في طور البناء على حسب فكر صانع الفكرة دكتور جون قرنق وهذا الشعار لم ياتي من فراغ بل هو عصارة خبرة وفكر في المشكلة السودانية وتجارب النضال الطويل المدني والمسلح حيث ابرمت عدد من الاتفاقيات التي سرعان ما إنهارت بسبب عدم التزام الحكومة المركزية وعدم قانونية الدولة نفسها لأن ليس فيها دستور دائم متفق عليه من قبل كافة الشعب يثبت الاتفاقيات او يحقق العدالة للمواطنين ويضمن حقوقهم المدنية. رؤية الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتجرير السودان بمشروع السودان الجديد هو نداء حقيقي لتحرير السودان من الاحتلال العروبي الاسلامي والتسلطي الاثني والجهوي وتحرير السودان من العقول المريضة التي لا تعرف معنى للوطنية ولا تعترف بوجود الاخر فيه مشروع السودان الجديد يظل الخيار الافضل والصائب في اعادة هيكلة الدولة السودانية وبنائها على اسس الديمقراطية العدالة والمساواة والحرية على النحو الذي يصلح أن يعيش فيها كل مكوناتها الاثننية والثقافية في تعايش سلمي مستقر وأمن مستدام إلا انه كمشروع قومي اطلقته الحركة الشعبية لقد اصطدم مع مشروع الاحتلال العروبي الاسلامي وغير مفاهيم العنصريين والاقصائيين من القوى السياسية المحتلة للسودان في الشمال والتي اعتبرت نفسها لقد بدأت في بناء دولة السودان على طريقتها التي تريد والقائمة على الهوية العربية بثقافة واحدة وباستخدام الدين الاسلامي لتحقيق المشروع العنصري في دولتهم ولا تحتاج لتعديلات فيها من اي كائن كان . طبعا نعتبر هذه القوى المحتلة او ابناء النخبة في الوسط والشمال السوداني هم من ورثوا إدارة شئون البلاد من القوى الاستعمارية بعد خروجها من البلاد عام 1956م ولكنهم لم يحافظوا على ذلك الارث كما كان يعمل به المستعمر الذي كان اكثر عدل وتوازن في ادارة البلاد من حيث التنمية وغيره بل عمدت القوى المحتلة إلى الانغلاق على نفسها وادخلت نفسها في مطبخ سري للتعامل مع بنات افكارها المريضة وظنت خطاً انها تستطيع الاستئثار بالدولة بالسودانية الوليدة والعمل على احتلالها وتغيير هويتها في غفلة من آهلها البعيدين عن مركز النفوذ والقرار في الخرطوم ولكنها لم تنجح حتى الآن . نعقتد أن هذه القوى السياسية اخطاوا التقدير وعلى الرغم من ان ثورات الاعتراض على الطريقة والنهج العنصري الاقصائي المتبع في إدارة الدولة السودانية بدات مبكرا من قبل الجنوبيين وفي مواقع اخري من جبال النوبة ودارفور إلا ان القوى المحتلة او السياسية في الشمال لم تتراجع لتصحيح المسار على الرغم من ايمانهم بان ما يقومون به سرقة واحتلال لوطن يعيش فيه مكونات كثيرة من العناصر السودانية من حقها أن تشارك في بنائه ولكن ظلت فكرة الاحتلال مسيطرة عليهم إلى يومنا هذا . ولإستمرار هذه المؤامرة المحاكة ضد السودان كدولة وشعبه من قبل المستعربين ضد الاثنية الافريقية النوبة والفور والجنوبيين وجنوب النيل الازرق وكل الهامش بما فيهم الشعوب الاصيلة من النوبيين في الشمال الدناقلة والمحس الذي يقع عليهم نفس الظلم وغيرهم، فانه وعلى طول السنين الماضية وبعد خروج الاستعمار كان الشعب السوداني يعيش خدعة كبيرة إذ كان ينتفض ويقوم بثورات ضد الظلم ويقدم التضحيات في الدفاع عن الوطن وينتخب زعماء الاحزاب بحسن نية فيما ان الوطن كان مسروقا تحتله مجموعة من العقول المريضة وتعمل على تدميره كما يحدث الآن. وانت في ميدان المعركة إذا لم تحترم ذكاء عدؤك لن تنتصر عليه. في قرابة الربع قرن من الزمان استخدمت عصابة المؤتمر الوطني خبرائها وكوادرها المدربة للتعامل مع التيار الوطني في امتصاص الانفعالات الثورية والمعارضة لنظام الحكم او التي تبحث عن فرصة في الحكم من المجموعات التي تسمي نفسها معارضة ويمكن ان نصنفها إلى ثلاث شعب . الشعبة الاولى : وهي تؤام النظام وتحمل نفس الجينات الوراثية من فكر النظام ولها نفس الخصائص المخالب والانياب والتعطش للدماء لأنها في الاصل هي جزء لا يتجزاء منه وتشترك في نفس البرنامج مع النظام ومعظم اعضائها اما كانوا من الحكومة اومدفعون من قبل الحكومة للعمل كتروس لتحريك ماكينة المعارضة وجمع تفعالاتها والتعامل معها بطريقة امتصاص التورم والتنويم والتخدير باساليب المواربة والمماحكة وتظل هذه المجموعة في حالة الرفض المبطن لإظهار المعارضة بشكلها الذي يوحي للناس انها تعارض الحكومة وهي مجموعة الشيخ دكتور حسن الترابي مهندس ثورة الانقاذ الوطني في انقلابها العسكري 30 يونيو 1989م وهو صاحب مشروع التوجه الحضاري ويلحق بيه نسيبه السيد الصادق المهدي زعيم العنصرية وقائدة مشروع المدافعة عن العروبة في السودان وقائد حملة اكبر تطهير عرقي يحدث في تاريخ السودان ضد العنصر الافريقي يبدأ من مذبحة الضعين ويتنامى حتى الآن ويعمل على ازالته من على ارض السودان مقابل تحقيق دولة العروبة اولا وبعدين الاسلام الصادق المهدي والتربي وجهان لعملة واحدة وثالثهم البشير فهم متفقين مهما كانت خلافاتهم لا يتوقف تنفيذ المشروع الحضاري بكل مراحله المعلنة والسرية . هذه الشعبة الاولى تتفرع إلى ثلاثة فروع ناخذها بالترتيب اولا الشخصيتين الرئيسيين في معادلة الرقم الثلاثي الصعب هما السيد الصادق المهدي ودكتور حسن الترابي سخرا كل امكانياتهما الفكرية والمعنوية وعملا بجدارة لتثبيت اركان النظام وحمايته من الانهيار وعملاء على وجود هالة ضبابية قاتمة حول النظام اعمت بصيرة كل الناس العاديين عن حقيقة الكوكب الذي يدور داخلها وكان لكل منهما دوره الوظيفي انجزه بمهارة فائقة حتى مراحل الوثبة والحوار الوطني انتهاءاً بخارطة الطريق . الفرع الاول : حزب الأمة بزعامة السيد الصادق المهدي الرجل الذي خان الشعب السوداني بعد انتخابه لصبح رئيسا للسودان قام بتسليم السلطة للكيزان في لعبة العسكر وحرامية في 30 يونيو 1989م بقيادة عمر البشير، هذا العسكري يثار اللغط حوله بانه لا يفهم شيء في السياسة ولا حتى في العسكرية ولقد تم استخدامه من قبل الاخوان باعتبار بوابه يدخل من خلالها الجماعات الاسلامية لحكم السودان وهو وحظه ولكنه سلك واقصى كل خصومه فيما بعد عندما ذاق حلاوة السلطة والنفوذ . الصادق المهدي هو الشخص الذي يمسك بملف العنصرية والتسويق لها في الدول المجاورة واعتقد أن القاهرة ظلت محطته الرئيسية التي يتردد إليها للتسويق والترويج بين السفارات والممثليات االقنصلية للدول العربية عن ان العرب مستهدفون في السودان من قبل الافارقة وان العرب في الخطر ويتعرضون للقتل من قبل الافارقة فلابد للدول العربية ان تدعم نظام المؤتمر الوطني للبقاء دفاعا عن العروبة ويروج لهم بأن السودان دولة عربية اوجدها اجداده متفاخرا بالثورة المهدية كما يروج بأن والافارقة فيه اقلية ويستطيع طردهم أم ابادتهم منها حتى لا يقفوا مشروع التعريب والتوسع العربي ألى داخل افريقية. الصادق المهدي هو اكثر المعارضين لقيام أي ثورة ضد هذا النظام ولقد ظل عبر كل مناوراته الداعية إلى ما يسمى بالجهاد المدني وغيرها من الشعارات الفضفاضة لأجهاض الثورات الشعبية التي كانت تناهض الظلم والطغيان وظل الصادق يتحدث إلى جماهيرالشعب السوداني لمنعهم من المظاهرات ومحاولة اسقاط النظام ذلك لأنه أي الصادق المهدي يعتبر هذا هو نظامه وما كان يعجز هو في تحقيقه عندما انتخب رئيسا لقد تحقق بواسطة هذا النظام الدموي التخريبي. الفرع الثاني : حزب المؤتمر الشعبي بزعامة الشيخ حسن عبد الله الترابي المنشق عن المؤتمر الوطني في عام 1999م على خلفية اعلان البشير حالة الطواري في البلاد لمدة ثلاثة شهور وحل البرلمان السوداني لمنعه من تعديل الدستور للحد من صلاحيات الرئيس هذا ما اوجد اختلاف في وجهات النظر بين اطراف السلطة في تنفيذ برنامج الانقلاب العسكري المسمى بثوارة الانقاذ وطفح على السطح نزاعات بين تلامذة الشيخ الترابي ومن هنا بدأ الصراع على السلطة مع تلامذته في حزب المؤتمر الوطني الامر الذي جعل الشيخ الدكتور حسن الترابي ينشق من حزب المؤتمر الوطني ليؤسس حزبا جديد باسم المؤتمر الشعبي في تلك الظروف المفصلية لنظام المؤتمر الوطني وفي فترة اتسعت فيها رقعة الحرب في دارفور وجنوب السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق والذي كان يدير نظام المؤتمر الوطني اكبر حملة تطهيرعرقي في دارفور وجبال النوبة . كذلك من دوعي انشقاق الشيخ الترابي عن المؤتمر الوطني الهروب من المسألة واتهام حيث كان ذلك النشاط المحموم لمنظمات الامم المتحدة في دارفور ولجان تحقيقات عن جرائم حرب وظهور بوادر توجيه تهم للنظام لقيامه بارتكاب جرائم فظيعة ضد المواطنين في دارفور حيث تم ذلك لاحقا في 4 مارس 2009م عندما اصدرت المحكمة الجنائية الدولية امرا بالقبض على الرئيس عمر حسن أحمد البشير بتهمة ارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ولأن الشيخ الترابي كان هو مهندس الثورة الوهمية والراعي الرسمي لها كان حريصا على ألا يزج باسمه ضمن قائمة المتهمين في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية في دارفور ولا ندري مدي ضلوعه في تلك الجرائم على الرغم من انه هو الشخص الذي هندس ثورة الاتقاذ ومشاريعها الاقصائية من ضمنها مشروع التمكين الذي عمل فيه النظام على تصفية الكوادر الوطنية من كافة اجهزة الدولة مع التركيز على القوات المسلحة واحلالها بكوادر تابعة للنظام بصيغته الاسلامية المشوهة وهو من اهم منفذي برامج النظام في الخرطوم . الشيخ الترابي لفهمه التركيبة الذهنية لغالب المجتمعات السودانية فهو مؤسس جبهة الميثاق الاسلامية عام 1964 م حيث استخدمها في السياسة السودانية منذ ذلك الوقت حتى الانقلاب العسكري ثورة 25 مايو 1969م ثم قام المشير جعفر نمير بإعتقاله وابعد خطورته على النظام وبعد ان مضي سبعة سنوات في الحبس تمت مصالحة بين حكومة مايو والحركة الاسلامية تم بموجبها اطلاق سراح الشيخ حسن الترابي ليجد فرصته بتقويض نظام مايو بالتغلغل في اركانه حيث اكتشف النميري خطورته بعد فوات الآوان حيث حدثت الثورة الشعبية التي اطاحت بالحكومة والرئيس نميري كان في زيارة خارج السودان تحديدا الولايات المتحدة الامريكية وذلك في 6 ابريل 1985م انقلاب عسكري ابيض انتهى بتكوين حكومة مؤقتة لمدة لسنة مشتركة بين العسكر عبد الرحمن سوار الذهب والمدنيين الجزولي دفع الله . بهذه الخلفية البسيطة نستدرك ان الشيخ حسن الترابي واتباعه كان يبحثون طول الوقت عن طريقة تمكنهم كمجموعة لها فكر معين لحكم السودان او حكومة يمكن من خلالها تمرير اجندتهم السياسية ورؤيتهم التي تمسك بها الشيخ الترابي طيلة حياته الله يرحمه فلقد تم ذلك بجدارة بعد تاسيس حزبه ( الجبهة الاسلامية القومية ) في 1986م وهو كمؤسس لهذه المنظومة الحكمية ( نظام الانقاذ ) استطاع أن يستخدم جميع اجهزة الدولة السودانية واستطاع من خلالها تمرير مشورعات الجبهة الاسلامية القومية من خلال مفاصل الدولة حيث أنه كان يعلم تعطش غالبية السودانيين للتدين لذلك استطاع استغلال هذه الخاصية لإعلاء لغة الجهاد ومحاربة الاخرين بها . نواصل محمود جودات
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة