هناك مثل مصري يقول " اللي يحضّر العفريت يطلعلو " وبعد أن تحول مجرد الحديث حول الدعوة إلى العصيان المدني إلى عفريت يقلق منام قادة الإنقاذ وكبرائهم فيجب أن يدرك هؤلاء القادة الذين يكيلون السباب والشتائم لشعبهم لمجرد اتباعهم وسائل سلمية للتعبير عن مواقفهم المعارضة للنظام أن أعمالهم وأفعالهم هي التي أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية وهي التي صنعت وهيأت الأسباب للعصيان المدني الذي تتزايد احتمالات نجاحه في كل محاولة حتى يبلغ يوما مداه الذي يطيح بالنظام تماما في الوقت الذي تتكامل فيه شروط ذلك النجاح وهو وقت ليس ببعيد .
بالأمس ذهل المراقبون للشأن السوداني إقليميا ودوليا لسماعهم رد فعل الرئيس السوداني عمر البشير في كسلا إزاء الدعوة للعصيان المدني يوم 19 ديسمبر القادم وهو يكشف عبر عبارات التحدي والاتهام بالعمالة والدولار والتخوين لشعبه والتهديد للمواطنين بمواجهتهم في الشوارع يكشف عن أزمة حقيقية يعيشها النظام دون أن تلوح لها حلول في الأفق . فالصين الحليف الاستراتيجي للنظام رفضت تمويل المشاريع التنموية التي سبق وأن وقعت عليها وتراجعت إلى الخلف وطالما تغنى النظام بالصين التي حولها إلى قبلة اقتصادية تعوضه عن الحصار الاقتصادي المضروب حوله من المجتمع الدولي والذي دفع السودان ثمنا غاليا له من حاضره ومستقبله . غير أن المثير أن حالة الهستيريا الي عبرت عنها لغة التهديد والوعيد وتحريض المواطنين للخروج إلى الشارع لسحلهم بدل الاختباء خلف الكي بورد كانت مثار دهشة المراقبين وتعليقاتهم حيث بدأ المعارضون للنظام أكثر رقيا ووطنية من النظام الذي يحكمهم لأنهم آثروا حقن الدماء والحفاظ على أمن بلادهم السياسي وممارسة حقهم في التعبير بطرق مدنية ودستورية بالاعتكاف في منازلهم أي كانت نسبة ذلك الاعتكاف علما بأن معظم العاملين حاليا في مؤسسات الدولة إما موالون لها أو متعايشون معها ولا يوجد من بينهم معارضون أو ناشطون معلومون وإلا تم إقصاءهم . تواصل محاولات العصيان المدني وتواصل محاولات التعبير المبتكرة والحضارية للنظام ولطبيعته القمعية تعزل كل عناصر القوة المباشرة التي يعتمد عليها في القمع والقتل وسفك الدماء وتكشف سلوكه أمام العالم . كما أن مجرد الإعلان عن عصيان التاسع عشر من ديسمبر وما حققه من ردود فعل عنيفة عبرت عن حالة الهلع التي اتسم بها النظام وأركانه قد حققت للعصيان أهداف باكرة . فيكفي أن العالم باسره قد اتضح له الآن أكذوبة الحوار الوطني ومخرجاته من خلال تصاعد الإجراءات الاستثنائية وسلوك النظام ضد معارضيه فضلا عن الاعتقالات والملاحقات والاتهامات بالعمالة والخيانة وهي لغة ممعنة في الشمولية تؤكد أن كل حديث عن حوار أو مخرجات حوار إن هو إلا أكذوبة . ويكفي أن مجرد الحديث عن العصيان الوطني الذي تقوده طلائع الشباب عامة وشباب الأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني ومن ليس له حزب وطلائع الوطنيين وشرائح المجتمع المختلفة والمواطنون المغلوبون على أمرهم يشكل هزيمة نوعية للنظام ووعيا وطنيا لم تقوى آلة إعلام النظام بكل انتشارها على تغبيشه كما يشكل هزيمة نفسية لقادة النظام وهي ماعبرت عنه عباراتهم واتهاماتهم وحالة الخوف والهلع من سلاح الكيبورد الذي أبطل مفعول كل أسلحة القهر وسفك دماء الأبرياء.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة