|
نضال الشعب النوبي
|
عبدالغني بريش/ الولايات المتحدة الأمريكية
الشعوب التي ناضلت طويلا من أجل حريتها واستقلالها لا تنسى أولئك الذين قضوا في المنافي وهم يحملون هموم الوطن فالمنفى لن يكن وطنا بل محطة ، ولان النفس لا تدري بأي أرض تموت فقد أصبحت الغربة قبورهم والمنفى شاهدا على نضالهم المريرة الذي ختموا به نضالهم .
لم تنسى النوبة نضال أبنائها في الحركة الشعبية لتحرير السودان طوال العشرين عام الماضي فعندما توفي المناضل القائد/ يوسف كوة في لندن أقيمت له صلوات في كل أنحاء العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وهولندا وكينيا والقاهرة ألخ نقل جثمانه إلى كينيا وحضر العزاء منظمات دولية نشطة في حقوق الإنسان وشخصيات مؤثرة وذلك تقديرا لنضاله الطويل والتضحيات الشخصية التى قدمها من أجل قضية النوبة التى كانت الأنظمة العربية قد حاصرتها وأكلتها أكلاً .
دفن القائد يوسف في الأراضي المحررة في جبال النوبة ولم تنساه الشعب النوبي وهو الذي كان في مقدمة صفوفه يهتف بالحرية والديمقراطية إن القائد كان واحداً من أعظم أبناء الشعب النوبي لكن موته لم يكن يؤثر في القضية بشئ فقد خلفه المناضل/ عبدالعزير آدم الحلو وهكذا استمرت القضية كما كانت في عهد كوة - ورغم أن النظام في الوقت الذي كان العالم يعزي الفقيد كان يحتفل إبتهاجاً بوفاته إعتقاداً منه
بنهاية قضية النوبة إلا أن هذا الإبتهاج سرعان ما تبخر عندما توالت الإنتصارات على الاعداء في جبهة الجبال وقد أجبرت النوبة الحكومة التراجع عن تصريحات سابقة لها بأنها تسيطر على جبهة الجبال وما كان وقف إطلاق النار أو ما سميت بإتفاقية جبال النوبة في عام 2002م إلا نتيجة منطقية للضغوطات والهزائم التي تعرضت لها النظام في الخرطوم من قبل القوات النوبية في جبهة القتال وأن محاولة النظام تفريق النوبة إلى خوارج وشيعة لم تفلح رغم أنه فعلاً إستطاع شطر الحزب القومي إلى أكثر من عشرة جناح وإتحاد عام جبال النوبة إلى إتحادات قبلية حاول النظام إبراز ورقة أخرى للتفريق بين النوبة وهي أن السيد الحلو ليس نوباويا وما لم يكن يعرفه النظام هو أن النوبة قد تجاوزت هذه المرحلة قبل وقت طويل وسماح النوبة للقبائل غير النوبية بالإستقرار في المنطقة كالبقارة مثلاً كان أقوى دليل على أن لدى النوبة نظرة إنسانية وهذه النظرة تطابقت لاحقاً مع كل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، على النظام العودة قليلاً إلى الوراء وقراءة التاريخ النوبي الذي مزقه وأحرقه (العروبيون) لم يكن النوبة همج وعدائين بل كانوا دائماً متسامحين حتى مع (بدون المنطقة) كالبقارة لم يكن هناك حروبات عدائية وقبلية في منطقة جبال النوبة رغم أن عدد القبائل النوبية تزيد على الخمسين قبيلة إلا أنها لم تشهد قط أي نزاعات قبلية كالتي بين المسيرية والمسيرية مثلاً كان النوبة دائماً متحدين لمحاربة الأعداء وقد رأينا كيف حارب المك "عجبنا" والمك "علي الميرواي" والمك "تلوشي" ومكوك مناطق نوبية عديدة الإستعمار والمتعاونين معه من تجار الرقيق .
نيفاشــا:
رغم أن البرتكول الخاص بالجبال النوبة لم يرقى إلى مستوى طموحات الشعب النوبي الذي ناضل طويلاً من أجل الحرية والديمقراطية والإستقلال إلا أنه من غير الصواب رفضه من أساسه صحيح هناك غموض وإبهام يشوب هذا البرتكول إلا أن قبوله لا يعني نهاية القضية بل ستستمر القوات النوبية تحافظ على الوعود التي قطعتها على نفسها لتحرير الأراضي النوبية من البربرية والهمجية واللصوص الذين تسللوا إلى المنظقة منذ وقت طويل .
أن الالاف من أبناء النوبة في كل أنحاء العالم اليوم يأهلون أنفسهم سياسيا وإداريا للعودة إلى أرض الوطن التي أجبروا على مغادرتها بحجة أنهم متمردين أو موالين للحركة الشعبية لتحرير السودان لكن هذه الخطوة في الواقع (Turn the Corner)
هناك الآن الآلاف من أبناء النوبة الذين تلقوا تعليماً جيداً بعد أن إصبحت الغربة مصيرهم المحتوم وأصبحت المدارس السودانية لا تخرج سوى القادرين على النطق بكلمة الله أكبر والجامعات التي لا تخرج إلا شبه أميين يصطفون في صفوص طويلة لتنفيذ الأوامر العسكرية والفتاوى الباطلة بإسم الجهاد على أهلنا في الجبال والجنوب ودارفور , النوبة مؤهلين تماماً ولم يعد المنطق القديم بعدم أهليه النوبة غير ذات جدوى
أصبحت قضية النوبة معروفة من الأمم المتحدة وعشرات المنظمات الدولية ولا يفهم في القوانين الدولية شئ كل من يعتقد أن توقيع هذا البرتكول وقبوله من قبل النوبة نهاية لقضيتهم والنوبة وحدهم لهم القدرة على إنهاء قضيتهم بالطريقة التي يرونها ، إن إصرار النظام على تسمية جبال النوبة بجنوب كردفان حماقة عروبية معتادة فإذا لم يعرف النظام فكلمة كردفان هي نوبية 100% بمعنى (الأرض غير الغنية) سنوضح في مقال قادم .
ان تمسك النظام بالقشور لا يزيد النوبة إلا قوة وإتحاد والروابط النوبية المختلفة في كل أنحاء العالم تعمل بجد وإجتهاد لصالح القضية النوبية التي لا مساومة عليها .
أن المتحجرات السياسية والثقافية والإجتماعية في بنية المجتمع السوداني بلغت من قوة التأثير إلى حد إرعاب أصحاب دعوات التنوير ذاتهم ، حيث يعانون من فيض التسرب الكامن في نفوسهم حيث الإزدواجية في أقصاها تمارس عليها سلطتها ولعل الأزمة تكمن في هذا المؤشر الحرج ومن أين يبدأ التغيير فيما تترسخ معالم القوى الإجتماعية التقليدية وتفرض المزيد من سطوتها على واقع الحياة ، أن البرتكول الخاص بجبال النوبة فتح الباب لكل شعوب السودان للتخلص من هاجس الخوف وإعلان الثورة على تلك القوى الإحتماعية والسياسية التقليدية لأن العالم بات لا يتحملها وما يحدث في دارفور الأن خطوة عظيمة نحو تصحيح الأخطاء والقضاء على ثقافة أهل الصحراء التي أصبحت مرضاً يعاني منه العالم أجمع ، ليس هناك مايجعل شعوب السودان ينتظر أكثر من هذا فالأنظمة السودانية مستعدة أن تتاجر بجثث السودانيين بعد أن مارست تجارة الرقيق بفظاعة .
|
|
|
|
|
|