|
نحو منهج جامع للفكر الديني في سبيل اليوتوبيا بقلم عبد المؤمن إبراهيم أحمد
|
الإنسان عبر تاريخه الطويل معتمداً على وعي الصحو من اجل الإرتقاء بتقنياته في مواجهة شروط البيئة قد وسع بإستمرار مساحة الصحو في وعيه على حساب مساحة الغيب إلى الدرجة التي جعلت من العالم التجريبي الظاهري المجال الوحيد لما هو أصيل وحقيقي ودفعت بوعي الغيب ومحتوياته إلى اعماق منسية في النفس الإنسانية الأمر الذي كان يعمل بإستمرار على تكريس إستقلال الذات الفردية حتى وصل الإنسان الحديث إلى اقصى درجات الفردية والعزلة التي تقطعه عن بقية الأفراد وعن الطبيعة. تسعى هذه المقالات البحثية إلى إقامة توازن دقيق بين وعي صحو الإنسان ووعي غيبه (بعض لاوعيه) ... طغيان وعي الغيب يقف حجر عثرة امام التعامل المباشر مع الطبيعة، اما طغيان وعي الصحو فيدفع الأفراد إلى هوة البؤس النفسي والروحي. ولعل من اهم منجزات علوم الطبيعة والنفس انها فتحت عيوننا على تكامل شطري الوعي وضرورتهما لبعضهما البعض (فراس السواح – دين الإنسان 390). في عالم الأديان لابد لكل دين من ان يبحث في اطراف وجوده الافقي في علاقته بالأديان الأخرى ليكتشف ابعاد جديدة في المعرفة الدينية ويبحث في الأقاصي الرأسية ليكتشف ابعاد جديدة للوجود الالهي. وعليه يكون لزاماً على الفكر السليم ان يسعى للجمع المنطقي الممكن بين شتات الآرء الفلسفية لأنها كذلك تمثل اقاصي الوعي الانساني فالفلسفة تبحث دائماً في اطراف الوعي البشري وتترك ما علم من الوجود بالضرورة للعلوم في الطبيعيات وللايمان في الروحانيات. لذلك تناقش هذه المقالات المسألة الدينية والمسألة الفلسفية والمسألة العلمية (العلوم الطبيعية). في هذه المقالات البحثية نضع الخطوط العريضة والبدايات لما أسميناه النسيج الجامع الذي يلف كل نشاط روحي للجنس البشري. هذه الخطوط العريضة نرجو ان تفتح الباب للمزيد من البحث والتقصي في هذا الموضوع في كل ثقافات العالم وأديانه من أجل تحقيق المزيد من التعارف بين بني البشر والمزيد من كسر الحواجز التاريخية حيناً والشكوك حيناً آخر والتي ظلت هي السمة الغالبة للعلاقة بين الأديان، خصوصاً بين الأديان الإبراهيمية. ونحن نبحث في هذا الأمر وجدنا أن الموضوع أكبر من أن يتولاه باحث أو دارس واحد فهو يحتاج لمؤسسات اكاديمية ترسي قواعده ولربما وجدت هذه المؤسسات ولكن عملها لم يرى النور بسبب بقائها كأعمال في مجال الأكاديميات وعملنا هذا نقوم به ليس فقط بغرض البحث والتقصي الأكاديمي فقط وإنما في الأساس يقوم على قناعة ذاتية على حقيقية وحدة الفكر الإنساني في أصوله بما في ذلك الفكر الديني. وهو عمل نخرج به الدين من الصندقة العقائدية والخندقة الطقسية، حيث كل دين محبوس في فهمه لعقائده وفي طقوسه. هذا الحبس هو الآخر له دواعي ضرورية تحتاج لفهم. إنتبه الكثير من الباحثين في علم الأديان إلى وجود قاعدة عامة ومنهجية معينة تظهر وتغيب تلتقي فيها كل الأديان. أورد المؤرخ ول. ديورانت في موسوعته "قصة الحضارة" جملة من شواهد التوافق ما بين الأديان السماوية مستقاة من مصادرها الحيوية (موسوعة الأديان 159). وهنا لا بد أن أذكر وأشيد بكتاب الباحثة الكورية د. يونغ أون كيم والتي كتبت كتاب أسمته أديان العالم (World Religions) وكتاب نصوص العالم المقدسة(World Scriptures and the teachings of Sun Myung Moon) الذي نشرته فيدرالية السلام العالمي (UPF)، وكتابات الأستاذ محمود محمد طه وآخرين لا يتسع المجال لذكرهم. والتي أفدت منها كثيراً في وضوح الصورة لإرساء قواعد هذه المقالات البحثية المهمة.
تأمُلات مكتبة بقلم كمال الهدي
|
|
|
|
|
|